فاضل السلطاني
توفي مساء أول من أمس (الثلاثاء) الروائي الأميركي بول أوستر عن 77 عاماً في نيويورك، التي ارتبط كثير من أعماله باسمها ومن بينها سلسلته الشهيرة
اكتسب أوستر شعوراً مأساوياً بالحياة، ومن هنا أيضاً يمكن أن نطلق عليه «الضمير المأساوي للمجتمع الأميركي»، كما عبّر عن ذلك في أعماله، التي تجاوزت الثلاثين عملاً.
قبل مائة سنة، في فبراير (شباط) من عام 1922، غامرت مكتبة «شكسبير آند كومباني» في العاصمة الفرنسية، بطبع رواية «يوليسيس» لجيمس جويس، كاملة، للمرة الأولى، بعدما رفضها كل الناشرين في بريطانيا وآيرلندا. وكان الفضل في ذلك لصاحبة المكتبة سيلفيا بيتش (1882- 1962)، هذه المرأة الطليعية الشجاعة التي هاجرت من أميركا إلى باريس، وأسست المكتبة عام 1919، وكان من أصدقائها مجموعة من أشهر كُتاب وكاتبات القرن العشرين: أرنست هيمنغواي، وأزرا باوند، وتي إس إليوت، وغيرترود ستاين، ومينا لوي. ومن الكتاب الفرنسيين: أندريه جيد، وبول فاليري.
أصبح الشاعر البريطاني ديفيد كونستنتاين، رسمياً، الفائز الواحد والخمسين بـ«ميدالية الملكة الذهبية للشعر»، التي تضم قائمتها أسماء شعرية كبيرة في بريطانيا وفي دول الكومنولث، مثل ديريك والكوت، الفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1992، وستيفي سميث، وجون بنجامين، ودبليو. إتش. أودن، وكاتلين رين، وتيد هيوز، وأر.أس. توماس، وفيليب لاركن، ودوغلاس دن، وجيليان كلارك، ودون باترسون، والشاعر الأسترالي لي موراي، الذي كان قد رشحه آنذاك شاعر البلاط البريطاني الراحل تيد هيوز.
تتشكل في منعطفات حاسمة في التاريخ، وفي ظروف اجتماعية وثقافية معينة، أجيال شعرية وفنية يمكن أن نسميها بـ«الأجيال الذهبية»، التي تقلب ما قبلها، وتشكل ما يأتي بعدها من أجيال في عملية انقلابية حقيقية. وهي تسمى بـ«الأجيال» تجاوزاً، فهي ليست محصورة ضمن فترة زمنية محددة، كما أنها ليست مجرد مجموعة ضمت أسماء محددة، أو مدرسة تدعو لأساليب أو أشكال معينة تتزامن مع أساليب أخرى، وهي كذلك ليست اتجاهاً جمالياً يتزامن مع اتجاهات مغايرة. حصل هذا، مثلاً، في إسبانيا في 1927، مع المجموعة التي سميت بـ«مجموعة 27»، التي ضمت شعراء مثل خورخي غيين، بيدرو ساليناس، رافائيل ألبرتي، فيديريكو غارثيا لوركا، وبيثنتي أليكساندره
الشعر ليس لغزاً. وإذا كان كذلك، فإنه سينتمي إلى أي حقل آخر... حقل كيميائي أو فيزيائي أو رياضي، ولكن بالتأكيد ليس إلى حقل الشعر. لكن الشعر، في الوقت نفسه، لا يخلو من معادلاته الداخلية الخاصة، الني لا تحتاج إلى جهد كبير من القارئ لقراءة شفراتها... إنها تتطلب فقط نوعاً من «الكرم الذاتي» من قبلنا نحن القراء، أي أن يدخل القارئ إلى عالم القصيدة بوجداننا وعقولنا، وأن «نمنح» أنفسنا لهذا العالم، حتى نصبح جزءاً منه، أو فنقل أصدقاء له. وبتحقيق ذلك، ستتحول عملية القراءة، كلما توغلنا أكثر في النص، إلى عملية داخلية، وليس خارجية تتم من خلال العينين فقط.
تنتج العزلة دائماً بعض أسئلتها المريرة عن أنفسنا والآخرين، وعن العالم الذي بدأت تضيق المسافة بينه وبيننا، فيبدو وكأنه فارغ تقريباً. نحن هنا وهو هناك. تزورنا أشباحه فقط. تحوم في غرفنا، ثم تختفي حتى قبل أن نتعرف على شيء من ملامحها. ولكن هل كنا حقاً نرى ذلك العالم قبل أن نغلق أبوابنا علينا؟ هل كنا يوماً في داخله، نسمع صوته، ويتغلغل في نسيجنا ضوؤه السابح في الميادين والساحات والشوارع، المتراقص بين الفضاء والأرض؟ لم نكن نرى.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة