عبد الرحمن مقلد
مثلما يحدث للبشر، لم تسلم الكتب من حروب إبادة على مدار التاريخ، فها هو باول جوزف غوبلز، وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر، صاحب العبارة الشهيرة «كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي»، يخاطب مجموعة من شبانه الموالين للنظام وهم يحرقون آلاف الكتب على مرأى ومسمع من الجميع، في طقس احتفالي حماسي فرضته النازية الألمانية، ضمن ما فرضت من إبادة وتطهير عرقي، قائلاً «لقد أبْلَيْتُم أيها الطلاب بلاءً حسناً في هذه الليلة بإلقاء آثار الماضي هذه في قلب النيران... الماضي يرقد هنا في قلب النيران...
وهو يتتبع المسيرة الرائعة لشاعر تشيلي العظيم بابلو نيرودا في كتابه «شعراء عالميون»، يخلص الناقد المصري الراحل رجاء النقاش من قراءة تعريفات نيرودا عن الشعر إلى أن «الشعر سيف ومنديل»، وذلك «حتى يمكن لهذا الشعر أن يجفِّف العَرَق بعد الجهد والآلام الكثيرة، وأن يكون سلاحاً في معركة الخبز».
لم ترتبط مدينة باسم شاعر كما ارتبطت مدينة الإسكندرية المصرية بالشاعر اليوناني قسطنطين كفافيس، حتى لم يعد يُذكر أحدهما في الأدبيات إلا مرتبطاً بالآخر. ولا يأتي هذا الارتباط بين كفافيس والإسكندرية فقط كونه وُلد فيها ومات بها، لكن علاقة أعمق ربطت بينهما، جعلت روح هذه المدينة «الكوزموبوليتانية»، بمزيجها البلدي - الهليني، المتعدد الجنسيات، وطابعها المتوسطي يسري في قصائده. وكما وصف كفافيس، الإسكندرية، بالمدينة «المُعَلِّمَة»، فالإسكندرية هي الأخرى لاحقته، ولم تتركه يفلت منها، كما يقول في قصيدته الشهيرة «المدينة»: «قلت: سأذهب إلى أرض ثانية - وبحر آخر - إلى مدينة أخرى - تكون أفضل من تلك المدينة -...
شكلت القرية المصرية بأجوائها وخرافتها الشعبية وأحلامها وناسها الكادحين البسطاء شغفا أصيلا في منظومة السرد القصصي والروائي لدى الكثير من الكتاب المصريين، فاهتموا برصد التحولات الاجتماعية والتغيرات التي تطرأ على الريف المصري، باعتبارها صدى لما يحدث في مرآة الوطن. فمن توفيق الحكيم في «يوميات نائب في الأرياف» إلى يوسف إدريس في «الحرام» مروراً بكتابات مؤثرة ومهمة لأجيال الستينات والسبعينات لكتاب مثل محمد البساطي وخيري شلبي وصولا للتسعينات وصولا للوقت الحاضر، كما في رواية «داير الناحية» للكاتب والصحافي المصري، محمد البرغوثي، الصادرة حديثا عن دار سما للنشر. تدور أحداث الرواية في عامي 2015 و2016.
يبدو أن الصفحات و«الغروبات» و«الهاشتاغات» والمجموعات «الفيسبوكية» الشبابية حلت محل المؤسسات الحكومية والمكتبات العامة ومكتبات المدارس في التشجيع على القراءة والمطالعة، بعدما ابتعد الشباب عن الوسائل التقليدية، مفضلين الانحياز لمبادرات شبابية مبتكرة تقدم لهم فعل القراءة كفعل مغرٍ مفتوح على مدار الساعة وبالمجان، وبإمكانيات سهلة وبسيطة، الأمر الذي يدحض مقولة أن «القراءة أصبحت موضة قديمة». يظهر هذا من عدد المتابعين أو المشاركين في «أندية القراءة الشبابية» الإلكترونية، أو «منتديات الكتاب» التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتجاوز أعداد أعضاء هذه الصفحات أو «الغروبات» في أحيان كثيرة الآلاف،
بعد نحو 22 عاماً من وفاته، يعود الشاعر بلند الحيدري إلى حلبة المواجهة الشعرية التي اعتراها كثير من الغبار والنسيان، فلطالما احتدم الجدل حول من له سبق الريادة في كتابة قصيدة الشعر الحر من بين شعراء الجيل الأول للحداثة العربية في كل من مصر والعراق ولبنان.
أكثر من 500 عمل فني نادر وفريد لفنانين عالميين تملكها الدولة المصرية، لكنها حبيسة مخازن وزارة الثقافة المصرية ومتاحفها المغلقة.
لعل اليوم العالمي للشعر الذي يصادف غداً يذكّرنا بواقع قائم منذ سنوات طويلة جداً، ونعني به إشكالية تلقي الشعر الحديث، المتجسدة في المسافة بين القصيدة العربية التي قطعت شوطاً كبيراً من التطور، وبين الجمهور. هذه المسافة، في رأي قسم من الشعراء والنقاد، يجب أن تردمها المؤسسات الثقافية والتعليمية، لكنها كما يرون قصّرت تقصيراً كبيراً في هذا المجال.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة