لوحات ومنحوتات لـغوغان ورودان ورينوار وديلاكروا ومونيه رهينة متاحف مغلقة

ثروة فنية لدى مصر تعاني من الإهمال

«لوحة زهرة الخشخاش» لفان غوخ التي ما زالت مسروقة
«لوحة زهرة الخشخاش» لفان غوخ التي ما زالت مسروقة
TT

لوحات ومنحوتات لـغوغان ورودان ورينوار وديلاكروا ومونيه رهينة متاحف مغلقة

«لوحة زهرة الخشخاش» لفان غوخ التي ما زالت مسروقة
«لوحة زهرة الخشخاش» لفان غوخ التي ما زالت مسروقة

أكثر من 500 عمل فني نادر وفريد لفنانين عالميين تملكها الدولة المصرية، لكنها حبيسة مخازن وزارة الثقافة المصرية ومتاحفها المغلقة. ومن بينها أعمال نحتية للفرنسي أوغست رودان، ولوحات شهيرة مهمة لأكبر فناني العالم، ومن بينهم بول غوغان وأوجست رينوار وأوجين ديلاكروا وغوستاف كوربيه وكلود مونيه وإدغار ديجا وهنري تلوز لوتريك ودوميه وإنجرز وميلي ومورو ولاتور ودياز وسانتير.
ولم يشفع للوحة مثل «الحياة والموت» الشهيرة لبول غوغان، بما تحمل من مفارقة حادة بين المرأة التي تنبض بالحياة والأخرى الزرقاء الباهتة الباكية، أو «ذات ربطة العنق» لرينوار، برقتها التي تخطف العين، كونهما من أيقونات القرن التاسع، لتبقيا بعيداً عن الأعين (إلا فيما ندر) بمتحف محمد محمود خليل المغلق من عام 2010، بحجة إعادة تطويره، عقب سرقة لوحة «زهرة الخشخاش» لفان غوخ. والحال نفسه كان مصير منحوتة شهيرة مثل «بلزاك»، وغيرها من منحوتات رودان، ولوحات أخرى لكبار رواد التشكيل في العالم، القابعة بمتحف محمد محمود خليل ومتحف الجزيرة بالقاهرة، المغلقين للتجديد من سنوات.
ومن بين أشهر هذه الأعمال الفنية لوحات «الرجل والغليون» و«صورة شخصية للفنان» ولوحة «عارية» لكوربيه، ولوحة «الزينة» و«وجه الفنان» لديجا، و«سالومي في الحديقة» لمورو، و«المسيح بعد الصلب» و«نمر نائم» و«أسد يلتهم حصاناً» لديلاكروا، و«نبات مائي» و«كوبري على ممر مائي» لمونيه، و«الغسالات» و«لعبة الكريكيت في بدفور» لكميل بيسارو، و«زهور الداليا» لرينوار، و«أطفال يخافون الكلب» لديكامب، و«السامري الصالح» لريبوت، و«المستحمة» لتريون، و«الببغاء» لستيفنز، وغيرها من أعمال خالدة تحمل توقيع فنانين مؤثرين في حركة الفن العالمين، بالأخص خلال القرن التاسع عشر.
لكن ما قصة هذه اللوحات، وكيف وصلت إلى مصر، ولماذا آلت إلى هذا المآل؟ تبدأ القصة من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1994، في قلب العاصمة الفرنسية باريس، حين كان عشاق الفنون والشغوفون بها في العالم كله على موعد مع ما يمكن تسميته باكتشاف كنز هائل مجهول قادم من العاصمة المصرية القاهرة. هذا الكنز كان 116 لوحة وتمثالاً فريداً لأهم فناني القرن التاسع عشر، احتواها معرضٌ أقيم بمتحف أورسي (محطة القطارات التي تقع على الضفة الغربية لنهر السين، التي أصبحت أحد أهم المتاحف في العالم).
ولم يكن هذا المعرض الذي حمل عنوان: «القاهرة في باريس... أعمال منسية من القرن التاسع عشر» كغيره، فالحدث الذي حمل بوستره لوحة غوغان «الحياة والموت»، وتم بالتعاون بين وزارتي الثقافة في مصر والحكومة الفرنسية، واستمر من 3 أكتوبر حتى أول يناير (كانون الثاني) 1995، سرعان ما جذب الأنظار، وأحدث دوياً هائلاً، وحاز متابعات كثيرة، وأصبح حديث الصحافة الفنية في العاصمة الفرنسية، بما يليق بمعرض يضم 116 لوحة نادرة تعرض لأول مرة في باريس منذ اقتنائها، وتحمل توقيعات أهم فناني القرن التاسع عشر، الذين يزداد الشغف بأعمالهم يوماً بعد يوم، ويقصد متاحفهم ويرى لوحاتهم الملايين.
ووثق الفنان الناقد التشكيلي حسن عثمان لمعرض «الأورسي» في كتابه الأرشيفي التوثيقي، الصادر بعنوان «القاهرة في باريس... أعمال منسية من القرن التاسع عشر»، عن الهيئة العامة للكتاب، عام 1994. ووفق ما جمعه حسن عثمان من متابعات صحافية وبيانات صدرت عن هذا المعرض ضمنها كتابه التوثيقي، يتضح أن هذه الأعمال، التي قدرت قيمتها التأمينية آنذاك بمليار ومائتين وواحد وثلاثين مليون جنيه لدى عرضها في باريس، نبهت الأوساط الفنية والثقافية المصرية لما تحويه متاحف القاهرة من كنوز وأعمال نادرة تجذب أنظار عاشقي الفنون، وطالبوا بضرورة عرضها في مصر العرض اللائق، بل وتشدد البعض في رفضه سفر هذه الأعمال إلى باريس من الأصل، خشية تعرضها للتبديل أو التقليد لتعود لمصر النسخ المقلدة، وهو ما لم يحدث بالطبع، بل حدث العكس، فلوحة «زهرة الخشاش» لفان غوخ، التي تنازلت باريس عن استعارتها، بعدما قدر ثمنها التأميني بخمسين مليون دولار، هي التي سرقت، فيما عادت باقي اللوحات والتماثيل غير منقوصة، بل بصورة أبهى، حيث تم ترميم اللوحات التي تحتاج لذلك، وفق جهود مصرية فرنسية مشتركة.
وسرعان ما انتهت الضجة التي أثارتها الأوساط المصرية آنذاك، وذهبت مطالبهم أدراج الرياح، وخفتت الأصوات المتحدثة عن امتلاك مصر كنزاً فنياً لا يقدر بثمن، والمنادية بضرورة العرض الجيد لهذه الأعمال الفنية التي عادت إلى القاهرة من باريس، لتدخل في حقب متتالية من النسيان.
أما كيف استقرت هذه الأعمال النادرة الفريدة في القاهرة؟ كما يوثق كتابُ حسن عثمان، يعود تاريخ ذلك للنصف الأول من القرن العشرين، خلال الحقبة الملكية، والفضل في أغلبه لرئيس مجلس الشيوخ المصري رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة محمد محمود خليل (1877 - 1953)، الذي اقتنى أغلب هذه اللوحات، ما استلزم منه سنوات طوالاً قضاها دائراً في صالات ومزادات الفنون في كبرى العواصم الأوروبية، وعلى رأسها باريس، مقتنياً هذه اللوحات النادرة، ليحول منزله المطل على النيل إلى متحف يضم 304 لوحات وأعمال نحتية، بينها المجموعة الفريدة لأوغست رودان.
وبعد وفاة محمد محمود خليل، آلت هذه الأعمال إلى زوجته أميلين هكتور، التي نفذت وصية زوجها بأن يؤول منزله (المتحف)، بما فيه من مقتنيات، إلى الدولة المصرية كمنفعة عامة، بحيث تتاح هذه اللوحات لعاشقي الفنون، وهو ما لم يتحقق فيما عدا فترات زمنية قليلة، إذ راوح المتحف بين الفتح والإغلاق، كما نجا من محاولة الرئيس الأسبق محمد أنور السادات ضمه إلى منزله المجاور، بعد نقل ما فيه عام 1972 إلى قصر البرنس عمرو في المنيل، وعادت المقتنيات مرة أخرى في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، بعد تطوير المتحف على يد الفنان أحمد نوار، رئيس قطاع الفنون التشكيلة الأسبق، وأعيد افتتاحه بحضور الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
واستمر المتحف مفتوحاً حتى وقع الحادث المؤسف في عام 2010، بسرقة لوحة «زهرة الخشاش» لفان جوخ، التي لم تظهر حتى الآن. وعليه، تم غلق المتحف على ما فيه من مقتنيات، وأودع الراحل الفنان محسن شعلان، رئيس قطاع الفنون التشكيلية آنذاك، السجن. ومن يومها حتى الآن، لم يعد افتتاح المتحف بحجة عدم انتهاء أعمال تطويره وتأمينه التأمين الكافي، وإن كانت قد عرضت بعض لوحات متحف محمود خليل خلال العام الفائت في قصر عائشة فهمي (مجمع الفنون)، ضمن معرض بعنوان «كنوز متاحفنا»، لكن أغلب مقتنياته بقيت حبيسة جدران المتحف المطل على نيل الجيزة.
ومتحف الجزيرة هو الآخر، ومخازنه التي تحفظ عدداً كبيراً من هذه الأعمال النادرة، بينها لوحات لديلاكروا وكوربيه ومانيه، لم يكن أفضل حالاً من متحف محمود خليل، فالمتحف الذي خصص ليضم مقتنيات عدد من باشاوات الحقبة الملكية، ومقتنيات جمعية محبي الفنون الجميلة، المعروضة آنذاك في سراي متحف الفن الحديث، الذي أسسته رائدة النسوية العربية هدى شعراوي، إلى جانب الأعمال التي تمت مصادرتها في الحقبة الناصرية، مغلقٌ من سنوات طويلة على ما فيه من أعمال، يقال إن بعضها يتعرض للتلف بسبب سوء التخزين.
وكما يكشف الفنان أحمد نوار، الرئيس الأسبق لقطاع الفنون التشكيلية المسؤول (سابقاً) عن المتاحف الفنية في مصر، فإن متحف الجزيرة الذي يضم أكثر من 4 آلاف عمل فني لمدارس متنوعة، ما بين أوروبية وإسلامية وقبطية، بدأ العمل في تطويره خلال فترة ترؤسه القطاع في التسعينات، وتم الانتهاء من تطوير سقفه وعزله لضمان عدم تسرب المياه حفاظاً على ما به من مقتنيات، وتم الانتهاء من جميع الأعمال الإنشائية والدور الأرضي المخصص للمخزن المتحفي، بوسائل حديثة وأمن إلكتروني، وتم إنشاء مركز خاص للترميم، وتم تخزين جميع المقتنيات الخاصة بالمتحف بعد ترميمها وصيانتها تمهيداً لاستكمال الشركة المنفذة أعمال الترميم وافتتاح المتحف.
وأشار نوار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه بعدما ترك قطاع الفنون التشكيلة، توقف العمل بالمتحف، ولم يستكمل المشروع، مرجعاً ذلك لعدم تخصيص ميزانية من قبل الدولة تكفي كل مرحلة، بالإضافة لكثرة تغيير رؤساء القطاع.
ونوه المسؤول الأسبق عن المتاحف الفنية إلى أن عدم توفير الدولة الميزانية المطلوبة أدى إلى ارتفاع تكلفة تنفيذ المراحل الأخيرة، موضحاً أن تكلفة المشروع كانت في أوائل التسعينات نحو عشرين مليوناً، والآن تتخطى مئات الملايين في ضوء متغيرات العملة.
بدوره، أكد الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المسؤول الحالي عن المتاحف الفنية، أن أعمال تطوير المتحفين جارية تمهيداً لإعادة افتتاحهما. ورفض رئيس قطاع الفنون التشكيلية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، تحديد موعد معين لافتتاح متحف محمود خليل، وكذلك متحف الجزيرة، مشدداً على أن العمل مستمر من قبل المقاولين المسؤولين عن أعمال الصيانة والتأمين.وحدد سرور عدداً من العقبات التي حالت دون افتتاح المتحفين في المواعيد التي حددت لذلك سابقاً، ومن بينها طبيعة عمل المقاولين، وأزمات مثل تعويم الجنيه التي ضاعفت تكاليف الأعمال، لكنه أكد سلامة الأعمال الفنية، سواء في متحف الجزيرة أو محمود خليل، وعدم إصابتها بأي تلف نتيجة التخزين، حيث يراعى توفير الظروف المناسبة لذلك.



شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».


«سنجل ماذر فاذر»... كوميديا عائلية عن التعايش بعد الانفصال

شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)
شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)
TT

«سنجل ماذر فاذر»... كوميديا عائلية عن التعايش بعد الانفصال

شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)
شريف سلامة وهنادي مهنا في لقطة من مسلسل «سنجل ماذر فاذر» (إم بي سي)

بعد 8 سنوات من الزواج، يقرر كل من «شريف» -الذي يقوم بدوره شريف سلامة- و«سلمى» -تقوم بدورها ريهام عبد الغفور- الانفصال، أملاً في فرصة ثانية لبدء حياة جديدة، مع حرص كل منهما على أن يعيش طفلهما الوحيد (مالك) في أجواء هادئة لا تتأثر بانفصالهما.

لكن «شريف» تتملكه الغيرة مع أول محاولة من «سلمى» للارتباط برجل آخر، ضمن أحداث مسلسل «سنجل ماذر فاذر»، الذي انطلق عرضه 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عبر منصة «شاهد»، وقناة «إم بي سي مصر»، ليواكب أجواء أعياد رأس السنة، الذي تدور أحداثه في إطار كوميدي رومانسي.

المسلسل قصة وإخراج تامر نادي، وتأليف وسيناريو وحوار نجلاء الحديني، ويُشارك في بطولته محمد كيلاني، وطارق صبري، وحنان سليمان، وليلى عز العرب، وإسماعيل فرغلي، وإنجي وجدان، ومن إنتاج صادق الصباح.

وفي طياته تعمل «سلمى» منسقة لحفلات الأفراح، فيما يتحول شريف، المؤلف المغمور، ليعمل مديراً لأعمال فنانة شابة تُدعى «نينا» (هنادي مهنا)، ويواجه صعوبات بين طموحه المهني واستقراره العاطفي، في حين تواجه «نينا» أزمة مع زوجها الذي يقوم بدوره محمد الكيلاني، وتسعى لإثارة غيرته، ما يفاقم من أزمتهما الزوجية، فتطلب الطلاق وتحصل عليه فوراً.

شهدت الحلقات الأولى من المسلسل تصاعد الخلاف بين «سلمى» و«شريف» واتخاذهما قرار الانفصال، فيما يتأثر طفلهما «مالك» (آسر أحمد) بذلك، ويتمنى عودتهما كما كانا من قبل، فيلجأ إلى «شات جي بي تي» ليسأله كيف يمكن لوالديه أن يعيشا معه مثل سابق عهدهما.

ريهام عبد الغفور في دور كوميدي بالمسلسل (إم بي سي)

وتُطل الفنانة ريهام عبد الغفور بشكل مغاير في مواقف كوميدية بعيداً عما دأبت على تقديمه من قضايا اجتماعية جادة في السنوات الأخيرة، وقالت، عبر بيان صحافي، إنها أعجبت بشخصية «سلمى» منذ بداية التحضير؛ لأنها تطرح مشكلات اجتماعية بسيطة وبها جوانب كوميدية، وكانت هي بعيدة عن تقديم هذه النوعية من الأدوار منذ سنوات.

وأكّدت أن «المرأة المطلقة تعيش حالة من الارتباك لفترة بعد طلاقها، وتنتابها مشاعر متباينة»، لافتة إلى «أن الدراما لها شقان؛ الأول ترفيهي يهدف إلى إمتاع المشاهد، والثاني فكري يحفّزه على التفكير».

في حين قال الفنان شريف سلامة إن مسلسل «سنجل ماذر فاذر» يعتمد على مناقشة الفكرة في إطار «لايت كوميدي»، وعبر هذا القالب يطرح قضايا مهمة تحدث يومياً في المجتمع، مشيراً إلى أن المشاهد يجد حكايته على الشاشة، وحتماً سيتأثر بما يراه من أفكار حتى لو بصورة غير مباشرة، وأشار إلى أنه بصفته ممثلاً يقدم مختلف الأدوار، ويُحاول أن يقدم جزءاً من روحه في كل عمل.

فيما أوضحت الكاتبة نجلاء الحديني أن «المسلسل يطرح موضوعاً اجتماعياً، ولكن في قالب مختلف يعتمد على كوميديا الموقف والأحداث غير المتوقعة»، وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الجانب الاجتماعي أساسي في الموضوع الذي ينطلق من فكرة الطلاق، وكيف يبحث كل طرف عن فرصة جديدة في حياته، في الوقت الذي لا تزال رواسب العلاقة القديمة تطل برأسها من وقت لآخر، فهل سيظل مشدوداً لحياته السابقة أم يستطيع تجاوزها وينخرط في علاقة جديدة؛ حيث تُسيطر على كل منهما فكرة الخوف والقلق وعدم الثقة بزواج جديد».

وتلفت نجلاء إلى أنه بعد الطلاق قد تتحول بعض العلاقات الفاشلة إلى علاقات مثالية، ويتوقف ذلك على الطرفين؛ فكلما تمّ الطلاق بشكل ودي، ظلت العلاقة بينهما جيدة، وكذلك علاقتهما بالأبناء إن وُجدوا، انطلاقاً من حرصهما على ألا يؤثر الانفصال سلباً على الأطفال. في المقابل، هناك أطراف أخرى تفتقر إلى الحكمة، إذ تسيطر عليها الأنانية والعناد.

واختارت المؤلفة سرداً مختلفاً لطرح القضية، عبر مشاهد قبل بداية كل حلقة تروي كيف بدأت علاقتهما، وكيف استمرت، ولماذا فشلت، وتُشير إلى أن مشاهد ما قبل تتر بداية كل حلقة تروي تاريخ علاقتهما، وتنعكس بشكل ما على موضوع الحلقة ذاتها.

المسلسل يدور في إطار اجتماعي كوميدي (إم بي سي)

وعَدّت المؤلفة نجلاء الحديني تقديمها لعمل ينتمي لـ«اللايت كوميدي» تحدياً بالنسبة لها، وفق ما تقول: «كنت أتمنى أن أجرب هذا الشكل الدرامي، الذي يهتم أيضاً بالقضايا الاجتماعية؛ لأن هذا الجانب قريب من الناس، نظراً لأن الدراما التلفزيونية تدخل البيوت بلا استئذان».

وترى الناقدة الفنية المصرية، ماجدة خير الله، أن مسلسل «سنجل ماذر فاذر» جاءت حلقاته الأولى طريفة وسريعة، لتلقي الضوء على الأزمة المحتدمة بين الزوجين، وكل منهما يعمل في مجال يتعامل فيه مع مختلف الجنسيات، بالإضافة إلى أن كلاً منهما لا تزال لديه مشاعر تجاه الآخر.

وتُضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «التناول الدرامي للعمل اتسم بإيقاع سريع، وتخللته علاقات يغلب عليها الشدّ والجذب والعناد، في أحداث حافلة بالتفاصيل الدرامية»، مشيرة إلى «أن أهالي الزوجين ينشدون لهما الاستقرار الذي لا يتحقق».

وتلفت ماجدة إلى «تفوق عنصر التمثيل في المسلسل وبشكل خاص لدى أبطاله شريف وريهام وهنادي، وأن ريهام عبد الغفور تترك انطباعاً مختلفاً عن أدوارها السابقة، وهنادي مهنا في دور جديد للنجمة المدللة العنيدة التي قد تترك التصوير لأي سبب تافه وتعاند زوجها طوال الوقت، وقد بدت طبيعية للغاية في أدائها للشخصية، وهذا من صميم رؤية المخرج تامر نادي، الذي وضع أبطاله في حالات مختلفة، كما احتفظ بإيقاع مناسب لأحداث المسلسل».


رحيل مؤسف لصوت فلسطين السينمائي محمد بكري

محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)
محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)
TT

رحيل مؤسف لصوت فلسطين السينمائي محمد بكري

محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)
محمد بكري تلقى سابقاً جائزة في «مهرجان دبي السينمائي» 2017 (أ.ف.ب)

لم ينطق الممثل والمخرج محمد بكري بكلمة واحدة قبل الدقيقة الـ12 في الفيلم الأول له على الشاشة «هانا ك» (Hanna k).

قال الممثل، الذي رحل عن دنيانا في 24 من الشهر الحالي: «شكراً» لجندي إسرائيلي أوصله إلى جسر اللنبي لكي يعود إلى الأردن من حيث جاء. لكن سليم بكري (اسمه في ذلك الفيلم الذي أخرجه كوستا-غافراس سنة 1983)، كان نوى البقاء في فلسطين لأن منزل عائلته هناك، ويريد العودة إليه ويرى أن ذلك من حقه.

في مشاهد لاحقة نراه يتجوّل في ركام البيت، ولاحقاً تشاركه الرأي المحامية هانا (جيل كلايبورغ) مشاعره وستدافع عنه ضد قوانين إسرائيلية مجحفة.

«هانا ك»

محمد بكري كما بدا في فيلمه الأول «هانا ك» (K‪.‬G‪.‬ برودكشنز)

المشهد الأول لمحمد بكري من هذا الفيلم الذي لم ينل حظّه من العرض في تلك الفترة (وحسب مراجع اختفى من الذكر تماماً لأنه عُدّ مؤيداً لفلسطين) يصوّر محمد بكري وهو مختبئ في بئر.

حين اكتشاف موقعه يرمي له بعض أفراد الجيش الإسرائيلي حبلاً يتعلّق به لإخراجه. بعد ذلك هو في سيارة عسكرية تضم مناضلين فلسطينيين أُلقي القبض عليهم في تلك القرية. المشهد الأخّاذ في هذا الفصل من الأحداث هو عندما يأتي الأمر بنسف منزل أحد المقبوض عليهم (كما اعتاد الجيش الإسرائيلي في مثل هذه الحالات). يتردد جندي في تنفيذ الأمر (نُشاهد أسفه في لقطة قريبة) فينهره الضابط: «ماذا تنتظر؟». يضغط الجندي على آلة التفجير فيتهاوى البيت بكل تاريخه.

المشهد هو تمهيد لموضوع يبحث أيضاً في حق الفلسطينيين في أرضهم والمبدأ الذي مارسه الاحتلال سنة 1948 وحتى اليوم من تهجير قتل وتدمير.

هذا كان الفيلم الأول للممثل بكري الذي وُلد سنة 1953. طلّة نادرة حينها لفلسطيني على شاشات العالم. ليس «هانا ك» خالياً من أسباب الضعف. كاتب السيناريو اليساري الإيطالي فرانكو سوليناس (أحد أشهر أعماله كان «معركة الجزائر» في 1966)، والمخرج غافراس لم يرغبا في التقدم خطوة أخرى صوب الإقرار بحق الفلسطيني العائد في أرضه. اكتفيا بالتمهيد والتلميح. فضّلا العوم على الموضوع بدلاً من تحليله وتبنيه. يكتفي الفيلم بخلق الحكاية ويبني عليها سلسلة من العلاقات العاطفية (بين سليم والمحامية وبينها وبين المدّعي العام غبريال بيرن). رغم هذا التمييع اعتبر الفيلم، من قِبل النقاد في ذلك الحين وتعرّض لإحجام آخرين الكتابة عنه.

حيفا وما بعد

في أحد أحاديثنا، بعد سنوات عدّة من تحقيقه، ذكر بكري أن الفيلم كان بداية جيدة على صعيدين: «مهما كان فإن الفيلم كان أول عمل غربي حول القضية الفلسطينية من وجهة مؤيدة ولو بحدود، وبصرف النظر إلى أي حد نجح الفيلم في تسليط الضوء عليها. كذلك كان أول اختبار لي أمام الكاميرا وحدث أنه كان فيلماً من مخرج (زد) وعُرف بتناوله موضوعات حسّاسة».

مواجهة: محمد بكري وابنه صالح في «واجب» (بيرميدز فيلمز)

عن طريقة تعامل غافراس معه قال: «كان متفهماً ومسانداً. اختِرت للدور من بين عدد قليل من المرشّحين، وكنت أدرك أنها فرصة كبيرة لي لأني دائماً ما كنت أتخيل نفسي ممثلاً رغم صعوبة تحقيق ذلك».

وجه محمد بكري، في ذلك الفيلم كما في سواه، من النوع القادر على التعبير بملامحه فقط. عيناه حزينتان، ونظراته فاحصة، وحواره محدد.

لفت محمد بكري الاهتمام سريعاً فظهر في أدوار مختلفة في أفلام إسرائيلية من بينها دور رئيسي في فيلم لأموش غيتاي بعنوان «إيستر» سنة 1986. في العام التالي عاد إلى الناصية العالمية في فيلم «الموت قبل العار» (Death Before Dishonor) الذي لم يكن دوراً موازياً لفيلم بكري الأول، لكنه كان دفعاً جديداً لمسيرته. استمر بكري في مسيرته ما بين الأعمال المحلية والعالمية لسنوات عدّة، قبل أن يشارك في بطولة فيلم فلسطيني الإنتاج بعنوان «حيفا» لرشيد مشهراوي سنة 1996.

بعد عامين، قرّر بكري خوض تجربته الأولى في الإخراج من خلال فيلم وثائقي بعنوان «1984».

وفي حديث لاحق، قال بكري: «أردت في هذا الفيلم توثيق ما حدث لجيل النكبة عام 1948 عبر شخصيات عايشت ذلك العام الذي شهد ولادة إسرائيل على الأرض الفلسطينية».

مزج بكري في هذا الفيلم شهادات 5 معمّرين تناوبوا على سرد ذكرياتهم عن ذلك العام مع نصوص شعرية لمحمود درويش.

جنين في البال

بعد 5 سنوات من فيلمه الثاني مخرجاً، قدم بكري فيلم «جنين... جنين»، الذي تناول الهجوم العسكري على مخيمات النازحين في مدينة جنين. ولم يكتفِ بعرض شهادات فلسطينيين فقط، بل وثّق أيضاً شهادات جنود إسرائيليين اعترفوا بمشاركتهم في تلك المجازر.

نال الفيلم جائزة «مهرجان قرطاج الذهبية» بوصفه أفضل فيلم تسجيلي، بالإضافة إلى جائزة موازية من «مهرجان الإسماعيلية» أيضاً. كما حظي بعروض عالمية في مهرجانات «ثيسالونيكي» (اليونان)، «ڤيرا» (فنلندا)، و«مهرجان الفيلم التسجيلي» (آيسلندا) إلى جانب عروض أخرى.

لكن الفيلم أدّى إلى إحالة مخرجه إلى المحكمة الإسرائيلية مرتين، وصدر حكم بمنع عرضه في كلتا المرتين. وجاءت التهمة من استخدامه شهادات جنود إسرائيليين نفوا لاحقاً معرفتهم بموضوع الفيلم، بل ونفى بعضهم أن يكون قد قال ما نُسب إليه حرفياً.

شكل فيلم «جنين... جنين» تحدياً كبيراً لبكري، لكنه عاد إلى الموضوع نفسه في فيلم آخر بعنوان «جَنين... جِنين» عام 2024، حيث وثّق فيه المزيد من شهادات الناجين من المذبحة.

في البداية، يعرض المخرج مشاهد من فيلمه السابق مصحوبة بتعليق بصوته يقدّم خلفية عما حدث قبل 31 سنة. بعد ذلك، ينطلق لمقابلة بعض الأشخاص الذين التقاهم وسجل أحاديثهم في الفيلم الأول. هذه المرة يتجنّب بكري مقابلة إسرائيليين؛ إذ لا يرغب في خوض مرافعات أو دعاوى جديدة، ويعتمد فقط على الصوت الفلسطيني لوصف العملية العسكرية الجديدة والأحداث الفاصلة تلك السنوات.

الفيلم مُنفّذ برويّة ومن دون تحديّات. يكفيه أنه مستمد من الواقع ومؤثر على صعيد أحداث لقضية تشهد هذه الأيام حرباً مستمرّة ومجازر عدة. أحد العناوين الفرعية للفيلم هو «ما قبل غزة» وهو عنوان مستخدم للإيحاء بأن الاعتداءات لا تتوقف حتى تبدأ من جديد.

محمد وأولاده

من فيلم «جنين... جنين» لمحمد بكري (أراب فيلم دستربيوشن)

ما بين «جنين» الأول والثاني ظهر بكري ممثلاً في فيلمين مهمّين هما «عيد ميلاد ليلى» لرشيد مشهراوي (2008) و«زنديق» لميشيل خليفي (2008).

في سنة 2017 مثّل هو وابنه صالح بكري فيلماً جيداً لآن ماري جاسر هو «واجب»: قصّة أب وابنه يختلفان في نظرتهما السياسية حول الوضع الفلسطيني خلال مناسبة عرس عائلي. وحالياً يُعرض له «اللي باقي منك» لشيرين دعيبس حول ذكريات أم عن فلسطين 1948 وما بعد.

خلال العامين الماضيين استمر التواصل بيننا أكثر مما كان عليه سابقاً. تبادلنا التحيات وأرسل عدداً من اللايكات لأفلام أخرجها أو اشترك بها.

خلف محمد بكري 3 أولاد امتهنوا التمثيل هم صالح وزياد وآدم. كل منهم يبني حالياً اسمه في سينمات الشرق والغرب على خطى والدهم محمد بكري الذي كان الصوت الفلسطيني في السينما ولعقود طويلة والموقف الوطني الذي مارسه بإيمان بمستقبل أفضل.