عبد الرحمن شلقم
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إن الحرب في أوكرانيا ستكون طويلة. هذا يعني أن تكتيك الحرب سيتغير بقوة، وسيكون التوسيع الأفقي لها يتجاوز حدود أوكرانيا. دول البلطيق رفعت وتيرة تخوفها. في دول مثل لاتفيا وليتوانيا، تُوجد كثافة سكانية أقلية من أصول روسية. ترتفع الهواجس من تحركات سرية وعلنية لصالح روسيا. في ألمانيا أعلنت الحكومة حملة دهم واسعة ضد حركة «مواطني الرايخ» المضادة للحكومة، والتي تهدف إلى تغيير النظام بالقوة، واتهمت وزيرة الداخلية الألمانية الحركة بـ«التواصل مع السلطات الروسية»، لكنها نفت ذلك.
جنرال السياسة وحاخام الحرب. بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، الذي فكّ شفرات السياسة والحرب ولوّن صفحات أوراق السلام بالبارود والدم. حقق تحالفه انتصاراً في الجولة الانتخابية الخامسة التي شهدتها إسرائيل خلال أربع سنوات. كل تلك الجولات كانت من أجله وبه. هناك من سقط على الحلبة بعد خسارته بضربة قاضية، ومن خرج مهزوماً بالنقط. أحزاب تاريخية مثل العمل ومرتز هوت. هذا الرجل الذي ينادونه بيبي، مقاتل في كيان ولدته أحشاء الدين والتاريخ والحروب والأساطير. صار هو المعمل السياسي الذي تجمعت فيه كل تلك المكونات.
الحرب الأوروبية التي هزّت رؤوس الناس وبطونهم، أطلقت عواصف الترقب، بل الخوف من حدوث بركان لا يمكن التكهن بمدى عنفه. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يمضي في مشروعه الحربي ولا يلوي على شيء. تداخلت صور القتلى والجرحى والأسرى والنازحين واللاجئين، مع المباني والطرق المدمرة. دخلت الحرب بيوت الناس في كل قارات العالم، عبر صور تجسد حجم الهول التراجيدي لهذه الحرب، التي أصبحت فيها الصور التلفزيونية، جنوداً وآلات مضافة إلى القوات المقاتلة. سيدة عجوز أوكرانية تبكي وتقول: لقد مات زوجي وابنتي، ولم يعد لي أحد، وكل ما أريده، أن أموت وألحق بهما.
الثامن من شهر سبتمبر (أيلول) لهذا العام، يوم كتب فيه الشعب المغربي على أوراق الاقتراع في الانتخابات التشريعية، عنواناً بارزاً لمرحلة جديدة من عمره السياسي. زلزال هزَّ به المواطنُ المغربي بنية الأحزاب السياسية التي تنافست في الانتخابات، وأعاد تشكيل القوى الحزبية بإرادته الفريدة. «حزب العدالة والتنمية» ذو الخلفية الإسلامية الذي قاد الحكومة على مدى سنوات عشر، دفعه الناخبون إلى قاع القاع. فبعد أن حصد الأغلبية في الانتخابات البرلمانية السابقة، وحصل على مائة وخمسة وعشرين مقعداً هوى في هذه الانتخابات إلى ثلاثة عشر مقعداً، وأصبح ترتيبه الثامن بين الأحزاب، أي في آخر القائمة.
لم تعد روما تلك المدينة المفعمة بالحياة... المدينة التي لا تصمتُ فيها الأغاني؛ من دور الأوبرا، والمطاعم الكبيرة والصغيرة التي تتعدَّدُ وتتنوَّعُ؛ من المسماة «الطاولة الساخنة»، ومطاعم الأسماك، وقطع اللحم المشوي الكبيرة... «الفيورنتينا»، ومتاجر الألبسة، وأنواع الأحذية، والعطور... كل ذلك غائب اليوم عن روما مدينة الحياة والجمال. أصدر جوزيبي كونتي، رئيس الوزراء، قراراً بإغلاق كل إيطاليا لمواجهة الحرب الصامتة التي شنَّها فيروس العصر؛ «كورونا»، على الدنيا، ودفعت إيطاليا فيها مئات الضحايا. أُقفلت جميع المحال باستثناء الصيدليات وأسواق المواد الغذائية. امتلأت المستشفيات بالمصابين بالفيروس.
ما هذا؟! روما مدينة الحياة التي لا تصمتُ فيها الأغاني التي تنبعثُ من دور الأوبرا، والمطاعم الكبيرة والصغيرة التي تتعدَّدُ وتتنوَّعُ، من المسماة بالطاولة الساخنة، ومطاعم الأسماك، وقطع اللحم المشوي الكبيرة، «الفيورنتينا»، والحانات التي تعجّ بالشباب. متاجر الألبسة وأنواع الأحذية والعطور. الشوارع التي تعجُّ بالبشر، والحدائق الزاهية بلون الحيوية يطوف بها الرجال والنساء، منهم مَن يركض ومَن يجلس مع الحميم يتبادلون الهمس. كل ذلك غائب اليوم عن روما مدينة الحياة والحركة والجمال.
التاريخ والجغرافيا والمصالح السياسية والأمنية والاقتصادية، مرتكزات ثابتة في العمل السياسي. قدر البلاد الليبية أن تكون الجغرافيا هي الورقة التي يُكتب عليها مسارها الاجتماعي والسياسي عبر التاريخ. اليوم تعاني ليبيا من صراع داخلي متعدد الألوان. صراع على السلطة والمال في غياب مستمر لتشخيص طبيعة الأزمة. تعددت الوصفات السياسية للحل دون تحديد دقيق. الحال اليوم كمن يعاني من مرض العينين وينقل إلى طبيب عظام أو طبيب أنف وحنجرة. ومما ضاعف معاناة المريض تعدد الأطباء الخطأ. طبيعة الصراع فوق الأرض الليبية لها خصوصية ذاتية. هل يمكن أن نصنف ما يجري من صراع في ليبيا على أنه حرب أهلية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة