عاطف عبد اللطيف
أحدث فيروس «كورونا» شللا شبه كامل في معظم قطاعات الاقتصاد الأميركي الذي بدا يعاني بشدة من آثار الوباء. أحد أبرز مظاهر الدمار الذي سببه الفيروس، كان تسريح عشرات الملايين من العمال الأميركيين في غضون أسابيع قليلة، ووضع الكثير من الشركات في أسوأ ضائقة مالية منذ عقود، فضلا عن إجبار عدد متزايد من الشركات على إغلاق أبوابها إلى الأبد. وكان إعلان شركة «جي كرو غروب»، من أكبر متاجر الملابس الجاهزة بالولايات المتحدة، عن إفلاسها، ظهر أمس الاثنين، بمثابة أحدث حلقة في مسلسل الخسائر المتتالية التي لحقت بقطاع الأعمال الأميركي.
أعلنت وزارة العمل الأميركية أن سوق العمل فقدت حولي 3.8 مليون وظيفة في الأسبوع الماضي، المنتهي في 25 أبريل (نيسان)، ليبلغ بذلك العدد الإجمالي لعدد العمال الذين تم تسريحهم بسبب جائحة كورونا حوالي 30.3 مليون عامل، خلال الأسابيع الستة الماضية فقط.
أعلنت وزارة التجارة الأميركية أن اقتصاد الولايات المتحدة انخفض بمعدل سنوي نسبته 4.8 في المائة، خلال الربع الأول من العام الحالي، الذي انتهي في مارس (آذار) الماضي. وأوضحت أن التراجع في الناتج المحلي الإجمالي، إجمالي إنتاج البلاد من السلع والخدمات، كان مدفوعاً بهبوط الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل 70 في المائة من النشاط الاقتصادي الأميركي، حيث هبط إنفاق المستهلكين بمعدل سنوي بلغ 7.6 في المائة خلال الفترة نفسها، وهو أكبر انخفاض له منذ عام 1980. وأظهر تقرير وزارة التجارة النشاط الاقتصادي خلال الربع الأول، الذي كشفت عنه، أمس، أن الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي هو أكبر انخفاض له منذ الأزمة ال
حذر كبير المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، كيفين هاسيت، من أن الخسائر الحقيقية للاقتصاد الأميركي، بسبب وباء كورونا، لم تظهر بعد، متوقعاً أن تصل نسبة التراجع في الناتج المحلي الإجمالي إلى سالب 30 في المائة، خلال الربع الثاني.
بينما يتوقع وزير الخزانة الأميركي تعافياً سريعاً لاقتصاد بلاده خلال شهور الصيف، قال مستشار اقتصادي للبيت الأبيض، إن توقف النشاط الاقتصادي الأميركي بسبب جائحة فيروس كورونا «صدمة ذات أبعاد تاريخية»، من المرجح أن ترفع نسبة البطالة في البلاد إلى 16 في المائة أو أعلى في الشهر الحالي، وتتطلب المزيد من التحفيز لضمان تعاف قوي. وقال كيفين هاسيت، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لبرنامج هذا الأسبوع بشبكة «إيه بي سي»، «الوضع خطير حقاً». وتابع «هذه أكبر صدمة سلبية شهدها اقتصادنا على الإطلاق على ما أعتقد.
قال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إن الولايات المتحدة مستعدة لإنفاق أي مبالغ لتحفيز الاقتصاد وإعادته إلى سابق عهده قبل كورونا، لافتا إلى أن انخفاض أسعار الفائدة الفيدرالية يساعد في زيادة قدرة الحكومة على الاقتراض بتكلفة أقل. وقال منوتشين في مقابلة مع شبكة «فوكس بيزنس» أول من أمس: «علينا أن ننفق ما تتطلبه الحاجة لمواجهة فيروس كورونا. هذه حرب وعلينا أن ننتصر في هذه الحرب، ونحتاج إلى إنفاق ما يلزم للفوز بالحرب». وأشار إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يولي اهتماما خاصا بعجز الموازنة ومستويات الدين الفيدرالي، الذي من المتوقع أن يصل إلى مستويات غير مسبوقة بنهاية العام الجاري.
خلال ستة أسابيع فقط، تضاعف عجز الموازنة الأميركية أربع مرات لهذا العام، ليصل إلى ما يقرب من أربعة تريليونات دولار، وهي أعلى نسبة زيادة في تاريخ الولايات المتحدة، أخذا في الاعتبار المدة القصيرة التي استغرقها العجز. فمنذ أن أطل فيروس كورونا برأسه على الاقتصاد الأميركي، مطلع الشهر الماضي، بدأت الحكومة الفيدرالية تضخ تريليونات الدولارات لتحفيز الاقتصاد الذي بات يعاني من أسوأ ركود منذ الكساد العظيم 1929. وفي أحدث تقرير لها، توقعت لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة في الكونغرس، أنه بحلول عام 2023 سيتجاوز الدين الأميركي مستويات ما بعد الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945.
بدأت شركات الطيران الأميركية في تلقي الحزمة الأولى من المساعدات الفيدرالية لمعالجة خسائرها الفادحة التي تسبب فيها وباء كورونا. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أول من أمس، أنها صرفت 2.9 مليار دولار في شكل مساعدات أولية لشركات الطيران حتى تتمكن من تخطي الأزمة والعودة مرة أخرى إلى العمل بعد فتح الاقتصاد المتوقع بداية مايو (أيار) المقبل. وأوضحت الوزارة، في بيان أمس، أن حزمة المساعدات تتضمن 25 مليار دولار في شكل منح لتغطية تكاليف الرواتب والأجور للعاملين بالقطاع، مشيرة إلى أنها بدأت في صرف المساعدات بالفعل إلى 54 شركة طيران صغيرة، و2 من شركات الطيران الكبرى.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة