حيدر المحسن
ثقافة وفنون نساء دميمات ألهمن كثيراً من الكتاب والشعراء عبر التاريخ

نساء دميمات ألهمن كثيراً من الكتاب والشعراء عبر التاريخ

الكلام عن القبح ليس سوى طريقة مختلفة للكلام عن الجمال، ويتبادل لدى الناس بين الأزمان والأمصار الجمالُ والقبحُ الدورَ والمكان والمعنى، ويتساءل المرء في النهاية: ما هو الجمال، وكيف يكون القبح؟ عن المؤرخ هريودوتس، أنه شاهد في مصر القديمة تصويراً لنفرتيتي بملامح قبيحة، وغير جذابة، لأن «قباحة الصورة مؤشرٌ على القوة الكامنة»، والمفهوم من المعنى أن الملكة كانت قبيحة الصورة، لكنها بأنوثة طاغية. وفي النشيد التاسع عشر من المطهر يحلم دانتي حلماً، ويرى فيما يرى النائم «امرأة عيية، حولاء، وقدماها فحجاوان، بتراء اليدين، شاحبة السحنة».

حيدر المحسن
ثقافة وفنون كل قصص الحرب حقيقية... فالخيال محدود وسط الجحيم

كل قصص الحرب حقيقية... فالخيال محدود وسط الجحيم

الجنود في الحروب جندي واحد. كانت الأم تودع ابنها في محطة القطار. قالت له: «اكتب لنا كثيراً. إننا نعلق رسائلك في صدر الغرفة. دفعت له سلة ملأى بالطعام، وحين التفتت إلى الجندي الجالس عند النافذة المجاورة، صاحت: يا إلهي، إنك تشبه ابني تماماً.

حيدر المحسن
ثقافة وفنون «حصان بابل»... يحرس الجندي الغافي في أرض المعركة

«حصان بابل»... يحرس الجندي الغافي في أرض المعركة

ينظر إلى تاريخ الحضارة إلى حد كبير على أنه تاريخ للأسلحة. وفي تمثال أسد بابل صورة وافية للقوة التي تحطم كل شيء يعترضها. إنها قدرة الملك الطاغية التي لا يقف في طريقها عدو، لا مبالاة كاملة بالآخر الذي هو الغريم، وإذا تخيلنا أن الأسد يحرس بوابة المدينة المقدسة في بابل بلغتنا الرسالة التي يبعثها الملك إلى الآخرين. اللون الأسود ونوع الحجر المستعمل أعطى العمل صفة القداسة. في لوحته التي أطلق عليها اسم «الحصان والفارس» يحاول عامر العبيدي إدراك العالم بعيني فنان يبتعد آلاف السنوات عن النحات البابلي، وبفهم لمعنى الفن يختلف بالطبع.

حيدر المحسن
ثقافة وفنون لويز غليك... التطوير الذكي للحواس

لويز غليك... التطوير الذكي للحواس

«لا أعتقد أن الإكثار من المعلومات يصنع دائماً قصيدة ثرية. ما يجذبني هو المضمر، الذي لا يُقال، الإيحاء، الصمت المتعمد البليغ؛ ما لا يُقال في القصيدة يضمر قوة أكبر». بهذه الكلمات البسيطة تشرح الشاعرة لويز غليك (نوبل - 2020) نوع الشعر الذي تفضّله، وهي تعرّف في الوقت نفسه القصيدة الحديثة التي تعنى بتعميق الشعر أكثر من تجديده، وهذا صار نوعاً من هوس العصر لا يبرأ شاعر منه. ورغم أن التجديد أصبح يجري في دم الشاعر دون أن يدري، فإن ما يطمح له الآن هو الحفر العميق، والأعمق. لا يمكن لأحد حتى الشاعر نفسه الإلمام بكلّ ما في الشعر العظيم من معنى.

حيدر المحسن
يوميات الشرق مشهد من مسرحية «نورس البحر» لتشيخوف بإخراج الكندي بيتر هنتون 2014

زهور ليليّة

كاكاو، وحساء الشعير مع كثير من الزبدة والشاي بالفراولة، هذه الخلطة الغريبة من الطعام كان الأديب الروسي تشيخوف يحارب بها مرض السلّ، وصفها له الطبيب الألماني. في يومه الأخير كان يعاني من جفاف فظيع في لسانه، وكان يحسّ به كأنه قطعة من الجلد، وطلب من زوجته محلول ملح البرثوليت لمداواته، لكنها أرسلت في طلب الطبيب لأن تشيخوف بدأ يهذي. نحن في شهر يوليو (تموز) من عام 1904، في مستشفى بادينفيلير بألمانيا وتشيخوف يتحدث عن بحّارة مجهولين وعن مواعيد سكك الحديد. أدرك الطبيب أن أجل الكاتب العظيم حان، لأن حقنة الكافور لم تأت بأي نتيجة.

حيدر المحسن
ثقافة وفنون شهادات «جندي مكلف طبيب» من قلب المعارك

شهادات «جندي مكلف طبيب» من قلب المعارك

أول توقيع عرفته وأحببته كان توقيع أمي الثانية، خالتي «جميلة»؛ الحرف الأول من اسمها يلتفّ مثل موجة تنمو باطّراد، وتتكسر، ثم تتشظّى، وتنتهي. كانت تعمل مديرة مدرسة، لا أدقّ من حرصها، وتنظيمها، وإمعانها في ترتيب الوثائق والشهادات وقوائم الرواتب، وغير ذلك مما كانت تحمله معها إلى البيت، تنجزه في ليالي الشتاء الطويلة في غرفتها، أو في غرفة المعيشة حيث تلتمّ العائلة، وحيث كان الطفل الصغير يرقبها، ويحبّ كل ما تقوم به، ويجرّب بسبابة يده، من أثر الانفعال، أن يرسم اسمه مثل موجة تنمو باطّراد، وتتكسر على الشاطئ.

ثقافة وفنون حكاية المعماري صلاحي مع الشاه

حكاية المعماري صلاحي مع الشاه

أحبّ الأشياء إلى قلب الشاه سيفي صيد الطرائد. في ذلك اليوم اصطاد ثلاثين أيلاً أسمر، ووجّه دعوة إلى سفراء التتر والروس والهند. كان النهار دافئاً، وبهاء الشمس فوق العادة، والبلاط يزدهى بأثاثه الثمين ومباهجه المتنوعة، وكل شيء يدلّ على النظام الصارم في القصر، وزهور الناردين بألوانها الثلاثة تتنفس الصمت عند النوافذ. الكلب هنري، الذي ربّاه الشاه وأطلق عليه هذا الاسم نكاية بملك الإفرنج، استقبل الضيوف مع الشاه، وكان يتشمم ثيابهم، ولما اطمأن إلى مكانة جميع المدعوين المهيبة، تعكّك تحت النافذة، ونام. توقع السفير الروسي تناول الطعام بالأيدي، لكنه فوجئ بوجود السكاكين وشوَك الطعام.

حيدر المحسن
يوميات الشرق نامق سلطان يرسم خريطة الموصل... بالشعر

نامق سلطان يرسم خريطة الموصل... بالشعر

قبل أن يصدر نامق سلطان مجموعته الشعرية «مثل غيمة بيضاء» لم يكن اسمه ذائعاً في الوسط الثقافي، الرجل الموصلي الستيني العمر، والذي يحمل شهادة مرموقة في الهندسة، ويعمل أستاذا في الجامعة، إلا أنه يعيش في عزلة عن محيطه: بيني وبين العالم بابٌ مسدودٌ لا أدخلُ ولا أخرجُ ولا آبهُ بما يحدث خلف الباب. هو شاعر غائب تماماً عن الصحافة والمنتديات والأوساط الأدبية، لكن ذاته حاضرة في شعره، وبصورة حميمية، إلى درجة نظنّ أنه يكتب سيرة ذاتية له يتتبعها القارئ في صفحات الكتاب.

حيدر المحسن (دمشق)