توماس إردبرينك
في حفلة من حفلات طهران كانت الكحوليات بطبيعة الحال من الأشياء المعتادة. هي ليست من الحفلات المدنية الصاخبة.. جلس الناس حول المائدة يتحدثون ويحتسون الشراب. وبعد فترة من الوقت أجرى أحدهم مكالمة هاتفية وبعد بضع دقائق رن جرس الباب ودخل رجل عادي في منتصف العمر. كان الرجل يعمل سريعا، حيث فتح حقيبته ووضع المنتجات التي بداخلها على الطاولة، وكانت عبارة عن مجموعة متنوعة من الماريغوانا المنتجة محليا، التي تتفاوت في درجات القوة مع أسماء مختلفة مثل رويال كوين، ودي إن إيه، ونيرفانا...
بعد أسبوعين فقط عقب رفع العقوبات، وما صاحبها على نطاق واسع من توقعات بهرج ومرج نتيجة اندفاع الأموال والخبرات الغربية إلى إيران، فإن مستوى الانفتاح الإيراني الحالي يبدو محجما، وهو ما بدأ في الظهور مع سعي القيادات المحافظة في إيران للحد من مستوى التأثيرات الغربية في داخل البلاد. وخلف العناوين الصحافية الكبيرة التي تعلن عن العقود التجارية الجديدة مع الشركات الأوروبية، بات من الواضح وبشكل متزايد أن الصفقات التي أبرمت بالفعل، وحتى الآن، كانت مع التكتلات الاقتصادية الإيرانية المدعومة من الحكومة.
اعتبرت حفنة الثيوقراطية الشيعية الإيرانية، إعدام الإرهابي نمر النمر عملاً استفزازيًا متعمدًا من قبل السعودية، لتنفض الغبار عن قواعد اللعبة الخبيثة التي تمارسها طهران في المنطقة، مما أطلق العنان للأعمال المتطرفة في الشوارع الإيرانية. ففي غضون ساعات من تنفيذ حكم القضاء السعودي، بدأت المواقع القومية الإيرانية في الدعوة إلى التجمهر أمام مبنى السفارة السعودية في طهران ومبنى القنصلية السعودية كذلك في مدينة مشهد الإيرانية الشرقية.
وجه نائب بارز في البرلمان الإيراني اتهامات جديدة ضد مراسل «واشنطن بوست» في طهران جيسون رضائيان، الذي أدين هذا الشهر بالتجسس، وأكد أنه تآمر مع شخصيات مثيرة للفتن. وفي مقابلة مع وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية، سعى النائب جواد كريمي قدوسي أيضًا إلى تصوير السيد رضائيان على أنه جاسوس شائن استغل أوراق اعتماده كصحافي لكي يحتال من أجل التحصل على معلومات ذات قيمة كبيرة لأعداء الحكومة الإيرانية. وتركز سيل التهم التي وجهها السيد كريمي قدوسي، وهو عضو في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، على أن السيد رضائيان نقل بانتظام المعلومات إلى كل من وزارة الخارجية الأميركية وأذرع رسمي
هناك صراع جديد بدأ يظهر في إيران، وفيه يشرع كبار القادة في التعامل مع الولايات المتحدة بعد إبرام الاتفاق النووي مع عدوهم الأكبر. كان المرشد الأعلى علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني، يقدمان أطروحات متباينة بشكل صارخ حول مستقبل إيران ما بعد الاتفاق؛ مما يعكس حالة الانقسام الحاد للغاية في الداخل الإيراني حيال «الشيطان الأكبر». وبهذا الصدد، قال خامنئي في مطلع هذا الشهر: «لقد أعلنا أننا لن نتفاوض مع الأميركيين حول أي مسألة غير المسألة النووية»، متحدثًا إلى مجموعة من الطلاب المتشددين.
رغم وجه المهرج الباسم، ورمز الشيطان المحب لوجبات اللحوم والشطائر والبطاطا المقلية، لم تكن هناك حشود غاضبة ترفع قبضاتها في الهواء، وتهتف لاعنة «الشيطان الأكبر»، و«الموت لأميركا»، كما لم تتخلل رائحة الأعلام الأميركية المحترقة ذلك الحي من أحياء العاصمة طهران. بل كانت هناك روائح «البرغر» اللذيذ الذي يقوم بإعداده الشاب الإيراني المراهق جاهان، ذو الوجه المبتهج.
شكل بسط السجاد الفارسي الفخم في مكاتب آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، في قلب طهران، يوم الثلاثاء الماضي، دلالة على استقبال ضيوف ذوي شأن رفيع. وبدأ أفراد في المؤسسة الإيرانية، وسياسيون، ورجال دين، وقادة عسكريون إيرانيون، في التوافد واحدًا تلو الآخر، وتبادلوا تحيات فاترة تعد من سمات العلاقة بين خصوم عتيدين. وجلسوا على السجاد المفروش وانتظروا بقلق، حيث كانوا يدركون أنهم على أعتاب أسبوع حاسم من المفاوضات النووية مع القوى الغربية العظمى، ولا يستطيعون التكهن بما في جعبة خامنئي. ظهرت الأضواء الحمراء في كاميرات التلفزيون الرسمي، وبدأ المرشد يتحدث.
بعد اجتماع ثنائي بين وزيري خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، وإيران، محمد جواد ظريف، في فيينا أمس، أعلن عن تمديد المهلة المتفق عليها للتوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني التي كانت قد حددت منذ العام الماضي بالانتهاء يوم غد الثلاثاء 30 يونيو (حزيران) الحالي. وكان من اللافت أن مسؤولا أميركيا في فيينا أعلن تأجيل موعد التوصل إلى إبرام الاتفاق النووي من دون تحديد يوم محدد، ليصبح التأجيل مفتوحا.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة