ارتفاع استخدام الماريغوانا في إيران.. والحكومة تتغافل

تنتشر بسرعة وسط الطلاب وفي الحفلات والمنازل بمنتهى الحرية كما لو كانوا في مدينة بولدر بولاية كولورادو أو في أمستردام

جلسة علاج جماعي بمركز غوردن الطبي شمال طهران في مايو الماضي («نيويورك تايمز»)
جلسة علاج جماعي بمركز غوردن الطبي شمال طهران في مايو الماضي («نيويورك تايمز»)
TT

ارتفاع استخدام الماريغوانا في إيران.. والحكومة تتغافل

جلسة علاج جماعي بمركز غوردن الطبي شمال طهران في مايو الماضي («نيويورك تايمز»)
جلسة علاج جماعي بمركز غوردن الطبي شمال طهران في مايو الماضي («نيويورك تايمز»)

في حفلة من حفلات طهران كانت الكحوليات بطبيعة الحال من الأشياء المعتادة.
هي ليست من الحفلات المدنية الصاخبة.. جلس الناس حول المائدة يتحدثون ويحتسون الشراب. وبعد فترة من الوقت أجرى أحدهم مكالمة هاتفية وبعد بضع دقائق رن جرس الباب ودخل رجل عادي في منتصف العمر.
كان الرجل يعمل سريعا، حيث فتح حقيبته ووضع المنتجات التي بداخلها على الطاولة، وكانت عبارة عن مجموعة متنوعة من الماريغوانا المنتجة محليا، التي تتفاوت في درجات القوة مع أسماء مختلفة مثل رويال كوين، ودي إن إيه، ونيرفانا... وأثناء ذلك لم يتوقف هاتفه الشخصي عن الرنين، وفي حين أن الآداب الإيرانية تقتضي أن يسمح بوقت كاف لرواد الحفلة في اختيار ما يشاءون، كان يتابع ساعته خلسة من وقت لآخر، فلقد كانت لديه كثير من الأماكن الأخرى التي سوف يزورها في تلك الليلة.
تشتهر إيران بقواعد السلوك العام الصارمة للغاية التي تفرضها أجهزة المخابرات، كما أنها خاضت حربا طويلة ومؤلمة مع تهريب الهيروين والأفيون، مع سقوط كثير من رجال الأمن صرعى بالآلاف عبر العقدين الماضيين في المعارك المختلفة مع عصابات التهريب الأفغانية.
ولكن الحكومة نفسها التي تعدم المئات من تجار ومروجي المخدرات في كل عام، وتشن الحملات الأمنية الدورية على الكحوليات، تبدو غافلة بشكل غريب عن زيادة شعبية الماريغوانا في البلاد.
افتتحت الحكومة 150 مركزا لعلاج إدمان الكحوليات في عام 2015، وتخوض وزارة الصحة الإيرانية حربا ضروسا لمكافحة المخدرات مثل الهيروين وخلافه. ولكن قانون العقوبات، ليس فيه ما يشير إلى مخدر الماريغوانا، كما أن الشرطة المحلية لا توليها كبير اهتمام. وفي حين توجد عقوبة مشددة لاستهلاك الكحوليات، فإن كثيرا من الناس يمرون منها بمجرد سداد غرامة مالية، وليست هناك أحكام بالسجن أو غيره على الأشخاص الذين يُقبض عليهم وبحوزتهم كميات متواضعة من المخدرات.
نتيجة لذلك، ارتفع استخدام الماريغوانا بصورة كبيرة. ويمكن العثور على «غول»، أو الزهرة، وهو الاسم الذي تشتهر به الماريغوانا في إيران، في كل مكان داخل وحول العاصمة.
تخرج رائحة الماريغوانا البغيضة من نوافذ المطاعم في منتجعات التزلج الجليدي في منطقة ديزين وشيمشاك. وفي أشهر الشتاء، يمكن رؤية صغار المتزلجين من الشباب يلفون سجائر الماريغوانا أثناء ركوبهم للمصاعد الهوائية أعلى الجبل.
ويمكن الكشف عن رائحة المخدر الشهير في الأماكن العامة من العاصمة طهران. يقول طابا فارجاك (27 عاما) الذي يعمل مصمما للرقصات «عندما تتمشى عبر إحدى الحدائق في طهران، يمكن أن تشم رائحة الماريغوانا، حتى في الشوارع والميادين أيضا. حتى أنني شممت تلك الرائحة النفاذة في أحد المقاهي ذات مرة».
وفي عنابر السكن لطلاب الجامعة، يستخدم الطلاب ذلك المخدر في الاسترخاء والتركيز، وأثناء الحفلات في المنازل الخاصة حيث يتم تمرير السجائر المحشوة بها بين الموجودين بمنتهى الحرية كما لو كانوا في مدينة بولدر بولاية كولورادو أو في أمستردام. ويمكن استدعاء المروجين بمكالمة هاتفية واحدة، وهم كثيرون مثل أولئك الذين يبيعون الأسطوانات الرقمية الممنوعة أو المشروبات الكحولية.
لا تحتفظ الحكومة الإيرانية بإحصائيات رسمية حول استخدام الماريغوانا. ولكن الأدلة العامة والأفراد الخارجين من مراكز إعادة التأهيل يدلون بقصص تفيد أن تدخين المخدرات من الأشياء ذائعة الانتشار في المدن الإيرانية. ويقول حسين كاتبائي، مدير إحدى عيادات التأهيل المعروفة باسم «معسكر الأردن»، إن عدد المرضى الخاضعين للعلاج من تعاطي الماريغوانا قد تضاعف أربع مرات خلال السنوات الخمس الماضية.
والسيد كاتبائي، وهو سائق سابق للشاحنات، وغيره من خبراء الإدمان، يقولون إن الشباب الإيراني غالبا ما يقعون فريسة سهلة لتلك الحلقة المفرغة من تعاطي المخدرات. وفي ظل معدلات البطالة المرتفعة وأسعار المنازل الباهظة بجنون، يضطر كثير من الشباب إلى العيش في منزل الأبوين، حيث يلجأون إلى حياة العزلة والاكتئاب التي يرغبون في الفرار منها بتعاطي الماريغوانا.
وعلى الصعيد الدولي، يُنظر إلى الماريغوانا في أغلب الأحيان بأنها ليست من المخدرات المسببة للإدمان. ولكن من يستخدمونها يصبحون في كثير من الأحيان أكثر اعتمادا عليها. ووفقا للمعهد الوطني لتعاطي المخدرات في الولايات المتحدة، فإن المراهقين الذين يتعاطون الماريغوانا أكثر عرضة أربع إلى سبع مرات لمواجهة الاضطرابات الناجمة عن التعاطي من البالغين. وفي الحالات الشديدة، كما يقول المعهد الأميركي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإدمان.
ويشير الخبراء الإيرانيون أن نسبة متزايدة من الماريغوانا المنتجة محليا داخل البلاد تختلط بمواد مخدرة أخرى. كذلك، فإن أغلب البذور يجري تهريبها إلى داخل البلاد من أمستردام، وكثير منها يجري تعزيزه وراثيا لإنتاج مزيد من القوة والتأثير.
ومع ارتفاع تعاطي الماريغوانا، تغير المرضى في عيادة السيد كاتبائي تماما. حيث يقول يوسف نجفي، وهو مدمن سابق للمخدرات ويعمل مستشارا حاليا في العيادة: «إنهم من عائلات تنتمي للطبقة الوسطى، وبعضهم من الأثرياء. إنهم يشعرون ألا قيمة أو فائدة لهم. ويعيشون في منازلهم التي تربوا فيها. ومستقبلهم من المجهولات الكبرى بالنسبة لهم. قبل بضعة أعوام كان يأتينا مريض أو اثنان. وهم يعتقدون أنها مادة غير مؤذية، ولكن أولئك الذين يستخدمونها يصابون بإحباط واكتئاب شديد ويصابون بمرض الذهان العقلي في نهاية المطاف».
يعرف الإيرانيون الأكبر سنا، سواء كانوا من المسؤولين في الصحة أو من الآباء، كثيرا عن مخدر الماريغوانا أو عن آثاره، كما يقول السيد نجفي. وليست هناك جهود حكومية لإعلام الناس بمخاطر وآثار تعاطي الماريغوانا. وفي عام 2013، صرح الرئيس الحالي للشرطة الإيرانية، علي مؤيدي، لوسائل الإعلام الحكومية بأنه لا وجود لمخدر الماريغوانا في إيران.
ولكن خلال إحدى جلسات المشاورة في معسكر التأهيل المذكور، كان مخدر الماريغوانا على رأس قائمة المواد المخدرة التي يتعاطاها المرضى خارج المعسكر. ويقول السيد نجفي عن ذلك «هنا في إيران على الأقل، تعتبر الماريغوانا من المواد المخدرة الشهيرة».
يحظى المخدر بإثارة لكونه من المواد المحرمة قانونيا، كما يقول، كما أنه يقلل من أهمية استخدام المواد المخدرة الخطيرة الأخرى. ومخدر الميثادون متاح بصورة مجانية هنا، وكثير من الماريغوانا في السوق يجري غمسها في الميثادون، مما يجعل من تأثير سجائر الماريغوانا أعمق وأكبر.
يميل الشباب الإيراني إلى اتخاذ موقف مختلف، وليس من المستغرب أن كثيرين منهم يعتبرون الماريغوانا عقارا مخدرا جديدا تماما عليهم من بين عالم كبير من الملذات الممنوعة بحكم القانون. ورغم ذلك، فإن الاختلاف عن المواد المخدرة الأخرى التي قد يتعاطونها يكمن في أن سجائر الماريغوانا يمكن تدخينها طوال اليوم.
في الساعة 11 صباحا، يشعل الشاب عبدي البالغ من العمر 25 عاما سيجارته من الماريغوانا، وهي أولى سجائره في ذلك اليوم، وهو يتذكر ألقاب أصدقائه الذين اعتاد تدخين الماريغوانا معهم. فهناك «دوغ - بوللز» الذي يشتري المخدر، و«سامي ديترويت» الذي عاش لفترة في الولايات المتحدة، وآخرون، وكلهم أبناء 17 عاما.
ويقول عبدي إنهم بدأوا جميعا في تدخين الماريغوانا سويا، ثم انتقلوا إلى تجربة المخدرات الأقوى. ثم انطلق في خطبة لاذعة وطويلة ومعقدة عن تأثير «إنستغرام» على الشباب الإيراني، وعدم المساواة في طهران، وضرورة نسيان كل شيء عن طريق المخدرات.
لقد فقد والده كل شيء في صفقة تجارية خاسرة، فقد منزله، ووظيفته، وزوجته، كما يقول الشاب الصغير. وهو يعيش الآن برفقة والده وشقيقه في مكتب الوالد. وهو يعمل في بيع مخدر الماريغوانا لقاء 7 دولارات للغرام، مما يوفر له الشيء القليل من الدخل الشهري. وهو يشعر بملل وإحباط كبيرين مثل كثيرين أمثاله، فهم بلا عمل وبلا مستقبل. والمخدرات، كما يقول، تمنحهم بعضا من الراحة المؤقتة.
يقول السيد كاتبائي مدير معسكر الأردن للتأهيل، إنه يعلم مقدار الإصرار والعزم لدى المدمنين، بعدما جرب بنفسه جميع أنواع المواد المخدرة عبر العشرين سنة الماضية. ولكنه شفي تماما الآن، ويقول إنه يدير مركزا صارما للتأهيل، وهو يتابع مرضاه عبر شاشة تلفزيونية كبيرة موصلة بشبكة مراقبة داخلية حيث تراقب الكاميرات ما يحدث في مختلف أركان العيادة.
يقول السيد كاتبائي إنه يرغب في الحصول على الخبرات والتمويل من الأمم المتحدة: «إنها مشكلة خطيرة للغاية، إنها موجودة في كل مكان».
ويشكل شهر رمضان مشكلة من نوع خاص، بالنظر إلى تأثير الماريغوانا الواضح على الشهية. حيث يقول أخبر كوهبائي (57 عاما) وهو من تجار البيض بالجملة: «إنني مسلم ملتزم بالعبادات وأحافظ على صيام شهر رمضان. ولكنني خائف على أبنائي غير المتزوجين أن يقعوا فريسة لتعاطي الماريغوانا».
وفي جلسة المشورة في العيادة، همس أحد المرضى خلال المقابلة بأنه بخير. وهو يتململ بيديه في عصبية، ويبدو أنه لا يعرف أين يضعها. ولقد اعترض بأنه ليس من المدمنين، وقال إنه لا يعتقد أنها كانت مشكلة كبيرة أنه أحب تدخين الماريغوانا طوال اليوم، وفي كل يوم. وفي خلفية الغرفة، كان السيد كاتبائي يهز رأسه، وكأن الحديث لا يروق له، وقال إن «علاجه سوف يستغرق وقتا».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ{الشرق الأوسط}



تركيا تتوقع اتفاقاً قريباً بين دمشق و«قسد» لإتمام الاندماج

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)
TT

تركيا تتوقع اتفاقاً قريباً بين دمشق و«قسد» لإتمام الاندماج

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)

قالت تركيا إنها تتوقع أن تتوصل الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تشكل «وحدات حماية الشعب» (الكردية) عمادها الأساسي، إلى اتفاق بشأن حل «قسد» واندماجها في الجيش السوري.

في الوقت ذاته، دعت الرئيسة المشاركة لدائرة الشؤون الخارجية في الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد، تركيا إلى الحوار من أجل السلام.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة الـ23، السبت، إن سوريا دولة مهمة جداً بالنسبة لتركيا، عادّاً أن سياسات إسرائيل «المزعزعة للاستقرار في سوريا» تشكل العقبة الرئيسية أمام جهود إعادة الوحدة في البلاد.

فيدان خلال المشاركة في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة الـ23 يوم 6 ديسمبر (الخارجية التركية)

وأضاف أن بلاده اعتمدت سياسة «الباب المفتوح» منذ بداية الأزمة في سوريا، ونتيجةً لذلك، فر ملايين السوريين من الحرب و«وصلوا إلى حدودنا»، مشيراً إلى أن هذه السياسة خدمت أغراضاً إنسانية رغم تكلفتها العالية محلياً.

وشدد فيدان على ضرورة التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار في سوريا، مضيفاً: «لقد تعلمنا دروساً بالغة الأهمية في هذه العملية، ومن خلال التوسط في حل مشاكل منطقتنا، خففنا بالفعل من معاناة الناس، لا سيما بالنسبة لأزمة اللاجئين».

الاتفاق بين دمشق و«قسد»

وقال: «علينا إعطاء الأولوية للقضايا الأمنية الرئيسية للحكومة السورية، ويجب مراعاة وجهة نظر تركيا بشأن هذه القضايا، لقد عبّرنا بوضوح عن مطالبنا، كما عبّرت حكومة دمشق بوضوح عن توقعاتها».

وأضاف فيدان أنه يمكن أن تتوصل الحكومة السورية و«قسد» إلى اتفاقات فيما بينهما، على الرغم من محاولات الأخيرة الالتفاف على اتفاق الاندماج في الجيش السوري الموقع في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي.

الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري بدمشق في 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

وأشار إلى أن تركيا ليست لديها مشكلة مع أكراد سوريا، وتؤيد أن تشعر جميع المكونات السورية بالأمان والحرية، وتؤكد على ذلك في اتصالاتها المستمرة مع الحكومة السورية.

واستدرك فيدان: «ومع ذلك، فيما يتعلق بـ(حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب / قسد)، نعلم أن بعض العناصر تلعب دوراً في الصراع، لذلك نطالب بالخروج الفوري للعناصر الأجنبية من سوريا، وستكون هذه بداية جيدة، يجب إزالة جميع العناصر التي تُعارض مصالح تركيا وأمنها».

وتابع: «ستجرى المزيد من المناقشات التقنية في دمشق. عملية دمج الوحدات المتبقية في الجيش السوري جارية. يجب أن تتم هذه العملية بحسن نية. نتوقع دمجاً فعلياً وليس مجرد دمج شكلي غير واقعي».

وعن العملية الجارية لحل حزب العمال الكردستاني ونزع أسلحته، التي تؤكد تركيا أنها تشمل جميع امتداداته، بما فيها «وحدات حماية الشعب / قسد»، قال فيدان: «خلال فترة عملي في جهاز المخابرات التركي أجرينا محادثات مع حزب العمال الكردستاني، لكنه انسحب منها، نحن لا نعلم ما إذا كان أوجلان (زعيم حزب العمال الكردستاني السجين في تركيا عبد الله أوجلان) سيلعب دوراً، بخاصة فيما يتعلق بسوريا، أو ما إذا كان سينظر إلى هذا الدور كوسيلة ضغط».

الإدارة الذاتية والحوار مع تركيا

في السياق ذاته، دعت الرئيس المشارك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد، تركيا، إلى الحوار من أجل السلام وعدم التوقف عند مسألة نزع السلاح فقط.

إلهام أحمد خلال مداخلة عبر «زووم» في مؤتمر «السلام والمجتمع الديمقراطي» في إسطنبول في 6 ديسمبر (حزب الديمقراطية المساواة للشعوب - إكس)

وقالت إلهام أحمد، في مشاركة عبر تقنية «زووم» السبت في المؤتمر الدولي حول «السلام والمجتمع الديمقراطي» الذي ينظمه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» (المؤيد للأكراد) في إسطنبول على مدى يومين لمناقشة عملية السلام مع الأكراد في تركيا، إنهم (في الإدارة الذاتية) يأملون رؤية المسؤولين الأتراك في شمال وشرق سوريا، وأن تتاح لهم أيضاً الفرصة ليكونوا في تركيا، من أجل بحث السلام.

وأشارت إلى أنها منعت من الوجود في مؤتمر إسطنبول بسبب «ذهنية عدم التقبل»، في إشارة إلى إعلان الحكومة التركية رفضها استقبالها أو قائد «قسد» مظلوم عبدي، قبل التخلي عن السلاح والاندماج في مؤسسات الدولة السورية، عادّة أن «الأهم من مناقشة ترك السلاح في هذا الوقت هو مناقشة السلام».

ولفتت إلى أن الاستقرار في سوريا هو استقرار لتركيا أيضاً، وأن بناء دولة ديمقراطية ذات دستور يحمي حقوق جميع المكونات سيعزز الأمن في البلدين، وأن عملية السلام في تركيا انعكست بشكل مباشر على شمال وشرق سوريا، حيث توقفت الهجمات وبرزت إمكانية فتح قنوات الحوار مع الدولة التركية لحل القضايا عبر التفاهم.

وأضافت أن تركيا قادرة، بما لها من دور محوري في سوريا وعلاقات مع الحكومة في دمشق وقنوات تواصل مع الإدارة الذاتية، على تقليل الأصوات الداعية للحرب والصراع في سوريا.

تصور «أوجلان» للسلام

ووجه أوجلان رسالة إلى المؤتمر، قرأها ويسي أكطاش الذي أمضى 10 سنوات معه في سجن إيمرالي في غرب تركيا، أكد فيها أن «الوقت قد حان للسير نحو التحرر الديمقراطي على أساس اشتراكية المجتمع الديمقراطي».

الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد خلال كلمته الافتتاحية لمؤتمر «السلام والمجتمع الديمقراطي» في إسطنبول في 6 ديسمبر (حساب الحزب في إكس)

وبدوره، قال الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تونجر باكيرهان في كلمته الافتتاحية للمؤتمر، إن هناك عملية جارية وإن تحرير الأكراد وإرساء الديمقراطية في تركيا أمران مهمان، وهذه العملية ستجلب السلام إلى تركيا والشرق الأوسط على حد سواء.

وقالت الرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغولاري، إن دعوة أوجلان للسلام والمجتمع الديمقراطي هي دعوة بالغة الأهمية، لا سيما في ظل تصاعد الاستغلال والحرب، وتُعد خطوة مهمة للمنطقة بأسرها، ويجب أن نناضل من أجل ضمان تحقيق سلام دائم في تركيا والمنطقة.

وأضافت أوغولاري أن الحل الذي طرحه أوجلان يقوم على 3 ركائز لـ«عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، هي: مجتمع ديمقراطي، وسلام، وتكامل ديمقراطي».


مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

وتناولت المحادثات «التعاون الثنائي بين مصر و(الوكالة) في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية دعماً لجهود التنمية الوطنية، لا سيما مشروع المحطة (النووية) بالضبعة، الذي يعد نموذجاً للتعاون والتنسيق بين مصر و(الوكالة)».

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة.

ومحطة «الضبعة» النووية، هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون المشترك لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وتضم المحطة 4 مفاعلات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، بواقع 1200 ميغاواط لكل مفاعل، حسب وزارة الكهرباء المصرية.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أعرب عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع غروسي، الذي جرى مساء الجمعة، عن «دعم مصر الكامل للدور المهم الذي تضطلع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار نظام التحقق بموجب معاهدة منع الانتشار النووي ونظامها الأساسي»، مؤكداً أن «مصر تولي أهمية كبيرة للحفاظ على مبدأ عالمية المعاهدة، ومنع الانتشار النووي، ومصداقية المعاهدة بوصفها ركيزة أساسية لنظام منع الانتشار النووي»، معرباً عن «التطلع لمواصلة التنسيق والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال التوقيع على «اتفاق القاهرة» في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وتناول الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية المصري والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الملف «النووي الإيراني»، حيث أكد الوزير عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وبناء الثقة وتهيئة الظروف اللازمة لاستمرار التعاون القائم، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي الإيراني، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

وأعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نهاية نوفمبر الماضي، انتهاء «اتفاق القاهرة» رسمياً، عقب تبني مجلس محافظي «الوكالة الذرية»، قراراً يطالب طهران بأن تبلغ الهيئة التابعة للأمم المتحدة (دون تأخير) بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي.

وكان عراقجي وغروسي قد وقَّعا، في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، في القاهرة، اتفاقاً لاستئناف التعاون بين الجانبين، بما يشمل إعادة إطلاق عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية.


وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
TT

وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل، السبت، التي تستمر حتى الأحد، إلى تعزيز العلاقة «الخاصة» بين البلدين، رغم تحفظات برلين الأخيرة بشأن الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة والعنف في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعد زيارة قصيرة لمدة ساعتين إلى العقبة في الأردن؛ حيث سيلتقي بالملك عبد الله الثاني، سيقضي ميرتس أمسية ويوماً في القدس؛ إذ من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد.

ويُعد هذا حدثاً بارزاً في ظل العزلة الدولية التي يعانيها نتنياهو منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عامين.

ورغم الحرب وتداعياتها، أكد سيباستيان هيل، المتحدث باسم المستشار، الجمعة، أن «العلاقات الألمانية الإسرائيلية سليمة ووثيقة ومبنية على الثقة».

وتدعم ألمانيا إسرائيل بشدة، وتُبرر ذلك بمسؤوليتها التاريخية عن محرقة اليهود. ومن المقرر أن يزور فريدريش ميرتس الأحد مؤسسة «ياد فاشيم» التذكارية التي تخلّد ذكرى الضحايا اليهود لألمانيا النازية.

ورغم ذلك، شدّدت برلين في الأشهر الأخيرة من نبرتها تجاه إسرائيل، مع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل كبير.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أحدث المستشار الألماني عاصفة سياسية، عندما قرر فرض حظر جزئي على صادرات الأسلحة من بلاده إلى إسرائيل، ردّاً على تكثيف الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.

«تباعد خطابي»

أتاحت الهدنة في قطاع غزة لألمانيا رفع العقوبات بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأكّد المتحدث باسم ميرتس أن «الأهمية الخاصة» للعلاقات بين ألمانيا وإسرائيل «لا تمنع إمكانية انتقاد جوانب معينة» من سياسة بنيامين نتنياهو.

ومن المتوقع أن يبحث المستشار ورئيس الوزراء صباح الأحد الجهود المبذولة للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد نحو شهرين من دخوله حيّز التنفيذ.

يظل هذا الاتفاق غير مستقر، مع تبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بانتهاكه بشكل شبه يومي، وهو ما يُثير التساؤلات حول استكمال تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة.

الجمعة، أدان سيباستيان هيل مجدداً «الزيادة الهائلة في عنف المستوطنين»، وكرر دعوته للحكومة الإسرائيلية «لوقف بناء المستوطنات».

وأثار إعلان حظر الأسلحة في أغسطس (آب) رداً قوياً من جانب حكومة نتنياهو، التي اتهمت حليفها التقليدي بـ«مكافأة إرهاب (حماس)».

وقد «احتدم النقاش» عندما أبلغ ميرتس رئيس الوزراء الإسرائيلي بقراره عبر الهاتف، وفق ما أكد المستشار لقناة «إيه آر دي».

لكن جيل شوحط، مدير مكتب تل أبيب لمؤسسة «روزا لوكسمبورغ» المرتبطة بحزب اليسار الراديكالي الألماني «دي لينكه»، رأى في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن ذلك ليس أكثر من «تباعد خطابي» بين الزعيمين.

وقد أظهر تشغيل الجيش الألماني، الأربعاء، القسم الأول من منظومة الدرع الصاروخية «آرو» (حيتس)، التي نُشرت لأول مرة خارج إسرائيل، مدى اعتماد ألمانيا على الدولة العبرية لضمان أمنها على المدى البعيد.

وقد سلّطت برلين الضوء مؤخراً أيضاً على المساعدة التي قدمتها لها إسرائيل لتحسين دفاعاتها ضد الطائرات المسيّرة.

«انتظارات عالية»

على صعيد آخر، قوبل قرار إشراك إسرائيل في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) المقبلة، الذي اتخذ الخميس، بترحيب حار في ألمانيا، في حين قاد دولاً أخرى لإعلان مقاطعة المسابقة.

ويرى شوحط أن زيارة المستشار الألماني لبنيامين نتنياهو، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، تُشكل «بادرة سلبية للتطبيع في وضع لا ينبغي التطبيع معه».

وكان فريدريش ميرتس قد أكد مباشرة بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية نهاية فبراير (شباط)، أن نتنياهو يمكنه زيارة ألمانيا، رغم مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

لكن المستشارية عادت وأكدت مؤخراً أن هذا «ليس موضوعاً للنقاش في الوقت الراهن».

ويرى مايكل ريميل، مدير مكتب القدس لمؤسسة «كونراد أديناور» المرتبطة بالحزب «الديمقراطي المسيحي» الذي يتزعمه ميرتس، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن نتنياهو لديه الآن «انتظارات عالية»، ويأمل في «إشارة دعم مستمرة» من برلين.

من ناحية أخرى، تبدو نداءات برلين في الأشهر الأخيرة غير فعّالة مقارنة مع «النفوذ الأكبر» لترمب، الذي أظهر أنه الوحيد القادر على دفع إسرائيل نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ريميل.