الحسين المعطاوي
طرح المجتمع إشكالات متعددة، حول أصوله وأسباب نشأته، وتم التعامل مع هذه الإشكالات على مر التاريخ، بطرق متباينة، من التحليلات الدينية والأسطورية للخلق، التي حاولت إرجاع المجتمع إلى آلهة وآباء مؤسسين وشخصيات خيالية، بعثت المجتمع، وعملت على التحكم فيه، أو تهديمه بصفته عقابا للبشر على سوء أفعالهم. وهو ما نجده في معتقدات الشعوب والفكر التقليدي إلى يومنا هذا، مرورا بالتحليل الفلسفي ذي الطابع التأملي، الذي حاول النظر إلى المجتمع بشكل أكثر واقعية.
استرعاني موضوع الهوية مند زمن بعيد. وحاولت أن أكتب فيه بطريقة تحليلية بسيطة وهادفة، بحيث تكون الرسالة واضحة، في موضوع متشعب تحدث عنه الفلاسفة الوجوديون والمثاليون على حد سواء. وتدرجت في الكتابات حول الموضوع، عند نخبة من المفكرين والباحثين من الشرق والغرب، من حسن حنفي، إلى أدونيس، مرورًا بطه عبد الرحمن، وصولا إلى أمارثيا صن وبول ريكور.
عندما تحاول أن تتعرف على ما يحيط بك، تجد نفسك محشورا في عالم تتعدد أشياؤه وتتنوع، إلى حد تغرق وسطه، فلا تخرج منه وتعود إلى نفسك إلا بصعوبة بالغة، لتكتشف أن ما يحيط بك مألوف وعادي، إلى حد لا تطرح معه السؤال عنه. فالشمس والقمر والنجوم، نعتقد أننا نمتلكها. وكذلك مآثر مدينتنا، وأبواق سياراتها، وسكانها، هي جزء منا.
الديمقراطية، ذلك المفهوم المغري والمثير الذي انطلق من أثينا القديمة، ليغزو، منذ مطلع العصر الحديث إلى وقتنا الحالي، كل بقاع الأرض، محاطا بهالة فكرية وآلة إعلامية شديدة الضخامة، تكاد تجعله مفهوما مقدسا منزها عن النقص، حامل لآمال وطموحات وتطلعات الشعوب التي أنهكها الاستبداد ودمرتها الحروب. هذا المفهوم أصبح، في نظر الفرويديين، مشحونا بالعواطف التي قد يكون غير قادر على تحملها.
هم نجوم السينما، إنهم حقل إبداعي تخيلي يهمون الفلسفة على أكثر من صعيد. فهم يملكون القدرة على حمل الإنسان على التفكير والاندهاش. ويهبوننا بفضل خلقهم وابتكارهم، صورا جديدة للحياة، وفرصة تجديد فهمنا لذاتنا وللعالم من حولنا. إنهم يخترقون حياتنا ويصوغون تفكيرنا، بوعي أو من دون وعي منا. أخبارهم تغزو كل وسائل الإعلام، وتأثيرهم لا حدود له. لكن الفيلسوف لن ينظر إليهم نظرة الإنسان العادي. بل سينظر إليهم بشقاء الفلسفة، شقاء يهدف إلى إحراج هؤلاء النجوم، ما دامت الفلسفة تهتم بالفكر وليس بالترفيه. وهذا ما تبين من خلال فحص التمثيل المجازي الأفلاطوني، الذي يلزمنا بالخروج من الكهف مهما كان الثمن.
ليس غريبا أن ينخرط الفيلسوف في الدفاع عن قضايا الشعوب العادلة، كما أنه ليس غريبا أن يجعل الفيلسوف من أولوياته قضايا المجتمع ومحاربة العنف والظلم، على الرغم مما يمكن أن يواجه به من إقصاء وتنكيل جراء مواقفه تلك. فالفلسفة لم تكن غريبة عن واقعها، وليس الفيلسوف بذلك الكائن الذي يعيش في عوالمه المثالية بعيدا عن المجتمع وقضاياه.
بمنهجه الأركيولوجي القائم على البحث والحفر في الأرشيفات يذكر فوكو في كتابه «المراقبة والعقاب»، الذي لدينا ترجمة له بالعربية من طرف: د. علي مقلد، ومراجعة د.
في الوقت الذي كان فيه الإنسان الغربي يمضي بخطى ثابتة نحو بناء وجوده داخل العالم، وتثبيث دعائمه، انطلاقا من الدعوات التي وجهها فلاسفة العصر الحديث، الذين جعلوا الإنسان مركز هذا الوجود، ودفعوا به إلى أن يحيا بعيدا عن كل حجر أو وصاية، كان الإنسان العربي يعيش عصور انحطاطه، بعدما فقد البوصلة التي كان يبني بها العلم والمعرفة في مرحلة معينة من تاريخه..
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة