تباطؤ نمو ثروات الصناديق السيادية حول العالم

الصناديق الخليجية تتماسك وتتوسع رغم أزمة أسعار النفط

سحبت صناديق الثروة السيادية 37.8 مليار دولار من استثماراتها في أسواق الأسهم والسندات العالمية في 2016 بسبب التقشف (رويترز)
سحبت صناديق الثروة السيادية 37.8 مليار دولار من استثماراتها في أسواق الأسهم والسندات العالمية في 2016 بسبب التقشف (رويترز)
TT

تباطؤ نمو ثروات الصناديق السيادية حول العالم

سحبت صناديق الثروة السيادية 37.8 مليار دولار من استثماراتها في أسواق الأسهم والسندات العالمية في 2016 بسبب التقشف (رويترز)
سحبت صناديق الثروة السيادية 37.8 مليار دولار من استثماراتها في أسواق الأسهم والسندات العالمية في 2016 بسبب التقشف (رويترز)

أظهر تقرير لمؤسسة بريكن للبحوث أن أصول صناديق الثروة السيادية العالمية سجلت نموا طفيفا للغاية لتبلغ 6.59 تريليون دولار في عام حتى مارس (آذار) 2017 لعوامل من بينها ضعف الأسواق وهبوط أسعار النفط وتغير سياسات الحكومات.
واستقرت قيمة الأصول تحت الإدارة في العامين الماضيين، حيث لم يزد النمو على ثلاثة في المائة في 2015 وواحد في المائة في 2016 حينما بلغ إجمالي الأصول 6.51 تريليون دولار.
جاء ذلك على النقيض مع الأعوام السابقة حينما نمت أصول الصناديق السيادية 17 في المائة بين ديسمبر (كانون الأول) 2011 والشهر نفسه من 2012 وسجلت نموا بنحو 16 في المائة في 2013 حسبما ذكرته بريكن في تقرير أمس الخميس.
وقالت سيلينا ساي التي أعدت التقرير «الأوضاع غير المواتية المتعلقة بالاقتصادات الكلية وهبوط أسعار النفط والتغير في السياسات المحلية والاقتصادية لحكومات الصناديق، ساهمت جميعها في هذا التراجع».
وخفضت بعض الصناديق الإنفاق مع قيام حكوماتها باستخدامها لسد عجز الميزانيات. وتدور أسعار النفط حاليا حول 56 دولارا للبرميل منخفضة كثيرا عن مستوى 115 دولارا الذي لامسته في يونيو (حزيران) 2015.
وفي مؤشر جديد على التقشف، سحبت صناديق الثروة السيادية 37.8 مليار دولار من استثماراتها في أسواق الأسهم والسندات العالمية في 2016 بحسب بيانات منفصلة من «إي. فيسمنت» للبحوث.
وقالت بريكن إنه رغم ذلك نمت الصناديق المدعومة بالنفط والغاز بنحو 60 مليار دولار في الاثني عشر شهرا حتى مارس 2017 وهو ما يشير إلى تجاوز ذروة التخارجات.
وواصل القطاع النمو مع قيام أبوظبي بإطلاق صندوق بأصول قيمتها 125 مليار دولار من خلال دمج مبادلة للتنمية مع شركة الاستثمارات البترولية الدولية (آيبيك)، ودُشنت أيضا صناديق أصغر مثل صندوق الثروة السيادي التركي.
وتصدر صندوق «جي آي سي» السنغافوري الذي تبلغ قيمته 344 مليار دولار المستثمرين السياديين في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2017 بإبرامه اثنتين من أكبر الاستثمارات في الربع الأول.
وشاركت صناديق الثروة ومعاشات التقاعد الحكومية في صفقات بقيمة إجمالية بلغت تسعة مليارات دولار في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ومارس.
وتحالف «جي آي سي» مع شركة هيلمان آند فريدمان للاستثمار المباشر في إبرام اتفاق بقيمة 1.9 مليار دولار لشراء 75 في المائة في بنك أولفاندز الإسباني واشترك مع مجموعة باراماونت للاستحواذ على مبنى «60 وول ستريت» في وسط مانهاتن مقابل 1.04 مليار دولار. والبرج الذي يضم 47 طابقا هو مقر دويتشه بنك في الولايات المتحدة.
ويحصل صندوق «جي آي سي» على التمويل من فوائض الموازنة الحكومية الناتجة عن التجارة لا السلع الأولية لذا كان أقل تقيدا في العامين الأخيرين بالمقارنة مع الصناديق المناظرة التي تعتمد على عوائد النفط والتي تأثرات بانخفاض الأسعار.
وانخفض إجمالي قيمة الصفقات البالغ تسعة مليارات دولار في الربع الأول 64 في المائة مقارنة مع الربع الأخير من 2016 إذ دعمت صفقات في قطاعي البنية التحتية والعقارات أقل من حيث العدد لكن أضخم من حيث القيمة إجمالي القيمة في الربع السابق.
لكن عدد الصفقات ظل دون تغير يذكر عند 33 مقارنة مع 34 في الربع الرابع من 2016.
وفيما يخص المنطقة العربية فقد توسع صندوق الاستثمارات العامة السعودي عالميا، وكان آخر التوسعات تأسيس شركة في الأردن.
ففي نهاية مارس الماضي قال صندوق الاستثمارات العامة، أكبر صناديق الثروة السيادية في السعودية، إنه يعكف على توسيع وجوده العالمي بإنشاء شركة استثمار تستهدف مشاريع العقارات والطاقة والسياحة والبنية التحتية في الأردن.
وتأسس صندوق الاستثمارات العامة السعودي عام 1971 لتمويل مشروعات التنمية داخل المملكة، ويعمل إلى حد كبير كشركة قابضة لحصص الحكومة في الشركات السعودية.
لكن بموجب الإصلاحات الاقتصادية السعودية التي جرى تدشينها العام الماضي يتوسع الصندوق في الخارج، إذ ضخ استثمارات في شركة «أوبر» الأميركية لتأجير السيارات وصندوق عالمي للتكنولوجيا كما يدرس استثمارات أخرى من بينها شركة أغذية كويتية وشركات مالية ألمانية.
وقال صندوق الاستثمارات العامة إنه يملك 90 في المائة من شركة الاستثمار الجديدة بينما يحوز النسبة المتبقية 15 بنكا أردنيا من بينها البنك العربي والبنك الإسلامي الأردني.
وأضاف أن رأسمال الشركة سيبلغ في البداية عشرة ملايين دولار وقد يرتفع في المدى الطويل لما يصل إلى ثلاثة مليارات دولار.
وقال ياسر الرميان مدير صندوق الاستثمارات العامة: «جهودنا تتضمن تطوير محفظة ذات تنوع جغرافي أكبر وتستوعب المخاطر في مختلف القطاعات وتتنوع فيها مصادر الدخل».
وكشف صندوق الاستثمارات العامة عن مشروعه الأردني مع زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للأردن، وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إن شركات سعودية وأردنية بالقطاع الخاص وقعت 12 اتفاقا للتعاون في أنشطة الأعمال.
وكان مسؤولون سعوديون قالوا العام الماضي إنهم يهدفون إلى توسيع صندوق الاستثمارات العامة في نهاية المطاف من 160 مليار دولار إلى نحو تريليوني دولار مما يجعله أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم.
من ناحية أخرى، أعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني الاثنين في نهاية مارس أيضا أن بلاده ستستثمر 5 مليارات جنيه إسترليني في بريطانيا على مدى خمس سنوات خصوصا في البنية التحتية والخدمات.
ويشكل الإعلان الذي صدر في لندن بمناسبة اليوم الأول من «منتدى قطر والمملكة المتحدة للأعمال والاستثمار» خبرا سارا لبريطانيا في الوقت الذي تستعد فيه لبدء مفاوضات لا تزال نتائجها غامضة حول خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس الوزراء القطري خلال هذا المنتدى: «على مدى السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة، ستوظف قطر 5 مليارات جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني من خلال صناديق استثمارات مختلفة والجهات المعنية في قطر، وهو ما سيشكل إضافة إلى استثماراتها الأخرى الناجحة في بريطانيا».
وستركز الاستثمارات على قطاعات الطاقة والبنية التحتية والعقارات والخدمات، بحسب ما أعلن الشيخ عبد الله عقب حضوره المنتدى الذي يشارك فيه أكثر من 400 من قادة الأعمال البريطانيين والقطريين وكبار السياسيين.
واستثمرت قطر أكثر من 40 مليار جنيه في بريطانيا في السنوات الأخيرة، أشهرها الاستثمار في العقارات وأشهرها برج «شارد» وقسم كبير من حي الأعمال في كناري وارف بلندن بالإضافة إلى متاجر هارودز الفاخرة، كما اشترت قطر القرية الأولمبية عقب أولمبياد لندن 2012، كما تعتزم تحويل السفارة الأميركية الحالية في لندن إلى فندق فاخر بعد انتقال السفارة إلى موقع جديد.
وقال عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار، إن التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي لن يحول دون القيام باستثمارات مستقبلية في بريطانيا، وصرح في المنتدى: «هناك ضغوط من مجلس إدارة الجهاز للتنويع من حيث الجغرافيا وفئات الأصول، ولكننا لا نزال نبحث عن فرص حتى بعد البريكست».
وأعلن عن خطط لفتح مكتب في وادي السيلكون في الولايات المتحدة في إطار المساعي لتنويع الاقتصاد القطري وتغيير اعتماده على قطاع النفط وتحوله إلى قطاعات أكثر استدامة مثل المعرفة والاقتصاد، مشيراً إلى أن الجهاز سيفتح مكتبا في سان فرانسيسكو في مستهل العام المقبل.
ورغم صمود صناديق الدول الغنية السيادية، فإن وكالة «رويترز» نشرت تقريرا يوضح أن الصناديق السيادية لن تبقى حكرا على الدول الغنية المصدرة للنفط أو تلك التي تتمتع بفائض تجاري، حيث بدأ إنشاء سلالة جديدة لم تكن متوقعة من الصناديق في دول تعاني من عجز كبير وديون ضخمة.
حيث تعكف رومانيا والهند وبنغلاديش إلى جانب تركيا على تدشين صناديق سيادية لكن لأسباب تختلف كثيرا عن المألوف وبآليات مختلفة تماما.
وجرت العادة أن تستخدم الدول الغنية صناديق الثروة السيادية لاستثمار فوائضها البالغة مليارات الدولارات في الخارج لمنع حدوث تضخم في الداخل وتنويع مصادر الدخل وجمع مدخرات تحسباً لليوم الذي تنفد فيه عوائد السلع الأولية.
وفي تناقض صارخ فإن الدول التي تدشن الصناديق الجديدة، وهي مثقلة بعجز كبير في ميزان المعاملات الحالية أو ديون خارجية، تستخدمها كأداة لتحريك اقتصادها في مواجهة تباطؤ عالمي وانخفاض حجم التجارة، وبدلا من ضخ الأموال في الخارج، فإن الخطة هي جذب التمويل من الخارج واستثماره في الداخل لتحفيز النمو.



السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

سطرت السعودية التاريخ، بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم، وهي تركز على تعظيم الأثر والقيمة على المنظومة بشكل عام، وذلك بعد مرور 20 عاماً على هذه المعاهدة التي لم تر النور إلا من عاصمة المملكة.

جاء ذلك مع ختام أعمال مؤتمر الرياض الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم، في حدث لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمن تعقد فيها المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» مؤتمراً دبلوماسياً خارج جنيف، وهو الأول الذي يُقام في السعودية والشرق الأوسط، ليمثل المرحلة الأخيرة للمفاوضات الخاصة باعتماد معاهدة هذا القانون، التي تستهدف تبسيط إجراءات حماية التصاميم، من خلال توحيد المتطلبات.

وشهد الحدث، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاشات وحوارات مكثفة بين البلدان الأعضاء من أجل الوصول إلى معاهدة تلتزم فيها الدول الأعضاء بالمتطلبات الأساسية لتسجيل التصاميم، وأثرها الإيجابي على المصممين، لتصبح هناك إجراءات موحدة تُطبَّق على جميع الدول.

العائد الاقتصادي

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، خلال المؤتمر الصحافي مع ختام هذا الحدث، اليوم الجمعة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للملكية الفكرية، عبد العزيز السويلم، إنه من خلال الدراسات يوجد هناك نسب عالية جداً للشباب والفتيات في إبداع التصميم بالمملكة، وستكون ذات أثر اقتصادي بمجرد أن يكون المنتج قابلاً للحماية، ومن ثم للبيع والشراء.

وأكد الرئيس التنفيذي أن اختيار اسم «معاهدة الرياض» يعكس المكانة التي تحتلها المملكة بوصفها جسراً للتواصل بين الثقافات، ومركزاً لدعم المبادرات العالمية، كما أن اعتماد المعاهدة يُعد إنجازاً تاريخياً يعكس تعاون ومساهمة البلاد في الإطار الدولي للملكية الفكرية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بين الدول الأعضاء.

ووفق السويلم، هذه المعاهدة ستسهم في وضع أسس قانونية مهمة تحقق الفائدة للمصممين، وتدعم الابتكار والإبداع على مستوى العالم.

وتعكس «معاهدة الرياض» رؤية المملكة في تعزيز التعاون الدولي بمجال الإبداع ودورها القيادي في صياغة مستقبل مستدام للمصممين والمبتكرين؛ وقد استكملت المفاوضات في الوصول إلى اتفاق دولي للمعاهدة.

توحيد الإجراءات

وتُعد نقلة نوعية في مجال توحيد إجراءات إيداع التصاميم، لتسجيلها على مستوى دول العالم، وتوفير بيئة قانونية تدعم الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات.

هذا الإنجاز يرسخ مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية لدعم المبادرات المبتكرة، ويعكس التزامها بتوفير بيئة مشجِّعة للإبداع تحمي حقوق المصممين وتسهم في ازدهار الصناعات الإبداعية على مستوى العالم.

وكانت الهيئة السعودية للملكية الفكرية قد استضافت، في الرياض، أعمال المؤتمر الدبلوماسي المعنيّ بإبرام واعتماد معاهدة بشأن قانون التصاميم، خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بمشاركة الدول الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بحضور رفيع المستوى من أصحاب القرار.