عرفت شيكاغو في ديسمبر (كانون الأول) الحالي بضعة أيام لم يسقط فيها أي قتيل بالأسلحة النارية، وقد تصدرت هذه الهدنة النادرة الصحف في هذه المدينة الأميركية التي تخطت نيويورك ولوس أنجليس، من حيث عدد جرائم القتل في 2016.
ومع وقوع أكثر من 750 جريمة قتل، مقابل 600 كحصيلة إجمالية لنيويورك ولوس أنجليس، المدينتين الأكثر تعدادًا سكانيًا في الولايات المتحدة، تكون شيكاغو قد عرفت أسوأ عام منذ نحو عقدين، في وقت يصعب إيجاد حلول لاحتواء انتشار الأسلحة النارية.
وازدادت عمليات إطلاق النار التي تتركز في الأحياء الفقيرة، حيث تعيش غالبية من أصحاب البشرة السمراء والمنحدرين من أميركا اللاتينية، بنحو 50 في المائة، لتصل إلى 3500 حادث خلال الأشهر الـ12 الأخيرة.
وفي مواجهة هذه المشكلة، تعتزم شرطة شيكاغو، بدعم من رئيس البلدية الديمقراطي رام إيمانويل، توظيف نحو ألف عنصر إضافي خلال العامين المقبلين.
وتصطدم قوات الأمن في الوقت الحاضر بمشاعر ريبة لدى قسم من السكان، فضلاً عن الخوف من أعمال انتقامية، مما يعيق تحقيقاتها. ونتيجة لذلك، لم تتمكن سوى من تسوية ثلث قضايا القتل خلال عام 2016.
وما أجج التوتر صور جثة الفتى الأسود لاكان ماكدونالد الذي قتل بـ16 رصاصة أطلقها عليه شرطي أبيض، في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014.
وأدت الصدمة التي أثارتها هذه القضية إلى إقالة قائد الشرطة في ديسمبر2015، وقد حل محله إيدي جونسون، وفتح تحقيق فدرالي بحق قوات الأمن، قد يكون لنتائجه تأثير في المستقبل على ممارسات الشرطة.
وعمدت الشرطة في الوقت نفسه إلى تبديل طريقة القيام بعمليات التفتيش للمارة، ففرضت على عناصرها ملء عدد أكبر من الاستمارات من أجل ذلك.
ونتيجة لذلك، تراجع نشاط الشرطيين، فيما تزايدت أعمال العنف، وهو ما أكدته مجموعة من الشرطيين في مقابلة في سياق برنامج «60 دقيقة» التلفزيوني المقرر بثه كاملاً غدًا (الأحد).
وقال براين وارنر، الشرطي السابق الذي أصبح مستشارًا لدى الشرطة، إن «الدوريات المشددة التي كنا نبحث خلالها عن أشخاص يرتكبون مخالفات لم تعد شائعة كما في السابق».
ومن الحلول التي يجري درسها استهداف مجموعة من نحو 1400 شخص هم بحسب الشرطة خلف القسم الأكبر من أعمال العنف.
من جهة أخرى، طرح نص قانون يناقشه البرلمان المحلي في يناير (كانون الثاني)، من أجل تشديد عقوبات السجن على أصحاب السوابق في الجرائم التي تستخدم فيها أسلحة نارية.
وقال إيدي جونسون، في نوفمبر (تشرين الثاني): «مشكلتنا الكبرى في شيكاغو هي الأسلحة النارية، والثقافة التي تسمح للجانحين بارتكاب جريمة تلو الجريمة».
غير أن فرضية تشديد عقوبات السجن لا تحظى بالإجماع، ولا سيما لدى المنظمات غير الحكومية التي تنشط في مكافحة العنف.
وقال مؤسس جمعية «كيور فايلنس» (معالجة العنف)، غاري سلاتكين: «ألا يقضي الناس الآن وقتًا كافيًا خلف القضبان؟ ألا نستدعي الشرطة بقدر ما يمكن؟ ينبغي النظر إلى المشكلة من زاوية مختلفة».
ويرى سلاتكين الذي تقوم جمعيته بتدريب عناصر عصابات على تقديم النصح للشبان، أنه ينبغي التعاطي مع مشكلة العنف على أنها مسألة متعلقة بالصحة العامة.
وأوضح: «يجب فعلاً معالجتها بصورة عاجلة على أنها آفة»، مبديًا أسفه لتقلص التمويل لجمعيته والكثير من المنظمات غير الحكومية فيما تزداد أعمال العنف.
وقائد الشرطة إيدي جونسون موافق على هذا الرأي، وهو يعتبر أن «تسوية مشكلة العنف في شيكاغو لا يمكن أن تكون شأن الشرطة وحدها».
ومن الاحتمالات المطروحة الاقتداء بما جرى في مدن أخرى من الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، زار في نهاية ديسمبر زملاءه في نيويورك، وأكد لصحيفة «شيكاغو صن تايمز» أنه سيختبر بعض وسائلهم العام المقبل.
شيكاغو الأعنف بأميركا في 2016
وقع بها أكثر من 750 جريمة قتل
شيكاغو الأعنف بأميركا في 2016
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة