ترامب يطمح إلى تنشيط الاقتصاد من خلال البنية التحتية

صندوق النقد والاحتياطي الفيدرالي يرحبان رغم شكوك الخبراء

الكوارث التي شهدتها السكك الحديدية في هوبوكن بيَّنت أن النفقات المخصصة للبنى التحتية تراجعت في الولايات المتحدة نسبيًا منذ 1959 وهذا ما يحاول ترامب إصلاحه (أ.ب)
الكوارث التي شهدتها السكك الحديدية في هوبوكن بيَّنت أن النفقات المخصصة للبنى التحتية تراجعت في الولايات المتحدة نسبيًا منذ 1959 وهذا ما يحاول ترامب إصلاحه (أ.ب)
TT

ترامب يطمح إلى تنشيط الاقتصاد من خلال البنية التحتية

الكوارث التي شهدتها السكك الحديدية في هوبوكن بيَّنت أن النفقات المخصصة للبنى التحتية تراجعت في الولايات المتحدة نسبيًا منذ 1959 وهذا ما يحاول ترامب إصلاحه (أ.ب)
الكوارث التي شهدتها السكك الحديدية في هوبوكن بيَّنت أن النفقات المخصصة للبنى التحتية تراجعت في الولايات المتحدة نسبيًا منذ 1959 وهذا ما يحاول ترامب إصلاحه (أ.ب)

حرص ترامب مساء 8 نوفمبر (تشرين الثاني) على التطرق إلى خطة الاستثمار في البنى التحتية بقوله: «سنعيد بناء طرقاتنا وأنفاقنا ومطاراتنا ومدارسنا ومستشفياتنا» في معرض شرحه لسياسة المشروعات الكبرى، والدور الذي يمكن أن تقوم به الدولة في خطاب غير مألوف بالنسبة لجمهوري. إلا أن أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، ممن على شاكلة الرئيس المنتخب، يشككون في خططه الاقتصادية والنجاحات التي رسمها لنفسه والمواعيد التي قطعها على نفسه، في إيجاد فرص العمل لبناء الطبقة العاملة.
ولا يبدو المستثمر المالي الأميركي الشهير بيل غروس مقتنعا بالسياسات الاقتصادية للرئيس الجمهوري المنتخب ترامب. ويقول إن الرئيس المنتخب قد تعهد بتوفير الوظائف وجعل أميركا دولة عظمى مجددا، لكن خططه تصب في الواقع لصالح أصحاب رؤوس الأموال وليس لصالح العمال الذين ستظل أوضاعهم على ما هي عليه.
وأشار فريقه الناشئ إلى أنه سيتم استثمار 550 مليار دولار لتحفيز «النمو الأميركي الكئيب وتجديد البنى التحتية التي ظلت مهملة أكثر مما يجب». وهي نقطة ليست موضع خلاف في الولايات المتحدة، حيث تعاني الطرقات من الازدحام، وشبكة السكك الحديدية قديمة، ونظام توزيع المياه متهالك.
إلا أن بيل غروس المعروف بلقب «ملك السندات» بسبب نجاحه في الأسواق المالية، قدم صورة قاتمة لفترة رئاسة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. وقال غروس، مدير مؤسسة «جانوس كابيتال» للاستثمار المالي، في تقريره الشهري، إن فترة رئاسة ترامب «ستكون أربع سنوات قصيرة، لكنها ستكون ضارة بالنسبة للناخبين الأميركيين العاطلين وأصحاب الأجور المنخفضة».
كان غروس قد ذكر في أعقاب إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أجريت الأسبوع الماضي، إنه يقف «مذهولا وفي حيرة مما فعله الناخبون الأميركيون بأنفسهم».
في الوقت نفسه لم يكن غروس واثقا في هيلاري كلينتون، منافسة ترامب في الانتخابات، حيث لم يصوت لأي منهما.
لكن تحظى خطة الاستثمار في البنى التحتية التي وعد بها ترامب بالتأييد رغم ضبابيتها، وهي من مقترحاته القليلة التي رحب بها صندوق النقد الدولي والاحتياطي الفيدرالي وحتى الديمقراطيون.
وسلطت الكوارث التي شهدتها السكك الحديدية في فيلادلفيا وهوبوكن على سبيل المثال، وفضيحة تلوث المياه في فلنت والأعطال المتكررة في مترو الأنفاق في واشنطن، الضوء على حقيقة أن النفقات المخصصة للبنى التحتية تراجعت نسبيا منذ 1959 إلى 2.4 في المائة بدلا من 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، وفق مكتب دراسات الكونغرس.
وقال إد مورتيمر، من لوبي رجال الأعمال في غرفة التجارة الأميركية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك احتياجات صارخة. لقد عملنا على تأجيل أعمال الصيانة لفترة أطول من اللازم»، موضحا أن اكتظاظ شبكة الطرق يعيق التبادل التجاري ويعقد حياة الموظفين. وتؤكد جمعية المهندسين الأميركيين المدنيين أن البنى التحتية المتهالكة ستتسبب بخسارة 3400 دولار في السنة لكل عائلة حتى عام 2025. وتقدر الجمعية الاستثمارات اللازمة في المجال بـ3600 مليار دولار حتى سنة 2020.
وليس قطاع الطيران بمنأى عن ذلك، فقد أكد ترامب خلال الحملة الانتخابية أن حالة المطارات الأميركية تضع الولايات المتحدة في مستوى «بلدان العالم الثالث».
سعت إدارة باراك أوباما على مدى سنوات من أجل الحصول على موافقة على خطط تحديث النقل العام، ولكنها كانت تصطدم بمعارضة الجمهوريين في الكونغرس ولا سيما مع اقتراب الانتخابات.
وقد يؤدي تداول السلطة إلى تغيير الوضع ويمهد لصرف الأموال، الأمر الذي يثير ارتياحا لدى المؤسسات التي تدعو إلى تنشيط الاقتصاد بعد فترة من سياسة التقتير المالي. ووصف صندوق النقد الدولي والبعض في الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خطة ترامب بأنها «ضرورية» و«مفيدة». وقالت النائبة الديمقراطية النافذة نانسي بيلوزي، إنها مستعدة للعمل مع إدارة ترامب حول هذا الملف. حتى أنها لقيت استحسان بعض جمعيات أصحاب العمل الحساسة تقليديا إزاء الإنفاق العام.
وقال نائب رئيس اتحاد «بيزنس راوند تايبل» لرجال الأعمال، مات سونسين: «هذه هي المجالات التي يكون فيها الاستثمار الحكومي سديدا. هذه هي النفقات التي تعود بالنفع على الاقتصاد وتغطي كلفتها على المدى البعيد».
ولكن لا تزال هناك أسئلة على ترامب الإجابة عنها، وهي كيف سيوفر التمويل لمثل هذه المشروعات الكبرى؟ وتتراوح الإجابات بين إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص، وفرض ضرائب على أرباح الشركات متعددة الجنسية الموظفة في الخارج.
ومن الحلول الأخرى الشائكة سياسيا، فرض رسوم مرور على الطرق أو زيادة الضريبة الفيدرالية على الوقود، والتي لم يتم تقييمها منذ 1993.
ولكن مسألة واحدة أكيدة، وهي أن مشاركة الدولة الفيدرالية لن تكون مجرد مشاركة رمزية، وهو أمر قد يثير حفيظة بعض الجمهوريين ويزيد الأعباء على كاهل الخزينة العامة المهددة أصلا بسبب التخفيضات الكبيرة في الضرائب، التي وعد بها ترامب خلال حملته.
وقال مارك زندي، كبير اقتصاديي «موديز أناليتكس» لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا أردت خفض الضرائب وزيادة النفقات العسكرية وعلى البنى التحتية بصورة كبيرة، ستتبخر فوائد هذه الخطة بسرعة، وسيكون لها تأثير سلبي على المدى البعيد».
وسيكون اختيار المشروعات أساسيا كذلك، إذ ينبغي الإقلاع عن السياسة المعهودة القائمة على تمويل بنى تحتية لإرضاء حلفاء سياسيين راغبين في شق طريق جديد، أو بناء جسر في دائرتهم.
وقال كليفورد ونستون، من معهد «بروكنغز» لوكالة الصحافة الفرنسية: «في الوقت الحالي، من الصعب إقرار قانون لا يمنح اعتمادات عامة يستفيد الجميع منها، سواء كان الأمر مبررا أم لا. علينا أن نكون متيقظين بشأن كلفة ومنافع المشروعات، بدلا من القول إننا نريد زيادة الإنفاق».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.