في إطار التعامل بين السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم والصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وقعت الدولتان بضع اتفاقيات في مجال الطاقة، خلال الأسبوع الماضي، وحرصت المملكة خلالها تأكيد استعدادها لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة من بكين، خاصة وأن الصين ما زالت «محركًا» رئيسيًا للنمو العالمي.
واتفاقيات المملكة مع الصين، تأتي بعد زيادة نفوذ بكين في الأسواق المالية وتأثيرها المباشر على حركة التجارة العالمية، وهو ما يعزي لجوء الدولتين إلى التعاون فيما بينهما، خاصة مع مجال الطاقة التي تعتبر المحرك الرئيسي لجميع القطاعات الاقتصادية الأخرى، وتميز السعودية في هذا المجال.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ أمس السبت أمام كبار رجال الأعمال عشية قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو بشرق البلاد: «الصين واثقة في قدرتها على الحفاظ على النمو عند سرعة من متوسطة إلى سريعة لتوفير الكثير من الفرص للتنمية في العالم». وأضاف شي أن الصين «يجب أن تواصل مسارها من التنمية وإجراء الإصلاحات الضرورية التي تجعل القطاعات الاقتصادية التي تعاني من التضخم أكثر تنافسية ووضع المزيد من التأكيد على العلم والابتكار».
تأتي تصريحات الرئيس الصيني بعد يوم واحد من تصريحات سعودية تؤكد استعداد الرياض للطلب المتزايد على الطاقة من الصين، إذ نقلت وكالة الأنباء السعودية يوم الجمعة عن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قوله إن السعودية «على استعداد لتلبية الطلب المتنامي على الطاقة في الصين خلال العقود القادمة».
وأضاف قائلا: «الشركات السعودية وفي مقدمتها أرامكو السعودية وسابك على استعداد للاستثمار في جميع مناطق الصين بالشراكة مع الشركات الصينية»، مشيرا إلى قطاعي الطاقة والكيماويات على وجه الخصوص.
وقالت الوكالة إن الفالح أدلى بتعليقاته أثناء اجتماعات مع مسؤولين كبار بصناعة الطاقة الصينية. وقام الوزير السعودي بزيارة رسمية إلى الصين الأسبوع الماضي تم خلالها توقيع بضع اتفاقيات في مجال الطاقة.
وقالت الوكالة إن أرامكو السعودية وقعت أيضا اتفاقية شراكة استراتيجية مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي إن بي سي): «تفتح فصلا جديدا في علاقات التعاون السعودية الصينية في مجال الطاقة».
وأضافت أنه بموجب الاتفاقية اتفق الطرفان على «التعاون في استثمارات قطاع التكرير والمعالجة والتسويق وتطوير المشروعات.. بما في ذلك امتلاك أرامكو السعودية لحصص في أعمال التكرير والبيع بالتجزئة العائدة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية».
وتثير تصريحات الفالح حفيظة المتعاملين في أسواق النفط، بالإضافة إلى بعض الدول الأعضاء في منظمة أوبك، خشية زيادة إنتاج المملكة لمستوى قياسي من الخام في سوق هي متخمة أساسًا بالمعروض، إلا أن الفالح أكد أن السعودية أكبر مصدر للخام في العالم لا تستهدف رقمًا محددًا لإنتاج النفط الذي يتحدد بناء على احتياجات العملاء.
وقال الفالح أثناء زيارته للصين يوم الأربعاء: «نحن في المملكة العربية السعودية ليس لدينا رقم مستهدف محدد. إنتاج المملكة العربية السعودية هو تجاوب مع طلب العملاء سواء كانوا خارج المملكة - الدوليين - أو داخل المملكة»، مضيفًا: «المملكة ستكون سياستها الإنتاجية بقدر كبير من المسؤولية».
وأضاف: «على الرغم من انخفاض الأسعار وتباطؤ الاقتصاد نوعا ما إلا أن الطلب على البترول بشكل عام لا يقلقني وأرى فيه استدامة واستمرارية». وأضاف أن الطلب في الصين ما زال «صحيًا جدًا».
وبدأت السعودية زيادة الإنتاج في يونيو (حزيران) لتلبية الزيادة الموسمية في الطلب المحلي فضلا عن ارتفاع متطلبات التصدير. وأنتجت السعودية 10.67 مليون برميل يوميًا في يوليو (تموز) وهو أعلى مستوى للإنتاج في تاريخ المملكة. وقال الفالح لـ«رويترز» الأسبوع الماضي إن الإنتاج في أغسطس (آب) ظل قرب هذا المستوى لكنه لم يذكر رقما محددا.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية للسعودية 12.5 مليون برميل يوميا، الأمر الذي يمنحها القدرة على زيادة إنتاجها في حالة حدوث أي تعطل للإمدادات العالمية.
وطمأن الفالح المتعاملين في أسواق النفط، بأنه لا يتوقع الوصول إلى هذا المستوى إلا إذا حدث تعطل غير متوقع في الإمدادات، موضحًا «السوق الآن مشبعة بالمخزون الفائض عن المستوي المعتاد عليه ولا نرى في المدى القريب حاجة إلى أن تصل المملكة إلى حد إنتاجها أو طاقتها القصوى».
وعلى صعيد متصل، أظهرت بيانات من شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة يوم الجمعة أن عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة ارتفع للأسبوع التاسع في عشرة أسابيع لكن وتيرة الزيادة تباطأت مع بقاء أسعار الخام دون مستوى 50 دولارًا للبرميل.
وأضافت الشركة في تقريرها الأسبوعي أن عدد منصات الحفر النفطية الأميركية قيد التشغيل ارتفع بمقدار منصة واحدة ليصل إلى 407 في الأسبوع المنتهي في الثاني من سبتمبر (أيلول) مقارنة مع 662 منصة قبل عام.
وظل عدد منصات الحفر بلا تغيير الأسبوع الماضي. وقبل ذلك صعد لثمانية أسابيع متتالية مسجلا زيادة بلغت 76 منصة منذ الأسبوع المنتهي في أول يوليو (تموز) وهي أكبر سلسلة زيادات في عدد الحفارات النفطية منذ أبريل (نيسان) 2014. وعدد الحفارات النفطية هو أحد بضعة مؤشرات لمستقبل إنتاج النفط والغاز.
وارتفعت أسعار النفط 3 في المائة في تعاملات جلسة يوم الجمعة، لكنها أغلقت على ارتفاع نسبته 2.57 في المائة، مع تعرض الدولار لضغوط من تقرير أضعف من المتوقع لنمو الوظائف الأميركية في أغسطس (آب) وهو ما دفع أسعار السلع الأولية للارتفاع لكن العقود الآجلة للخام تتجه لإنهاء الأسبوع على خسائر كبيرة بسبب مخاوف تخمة المعروض.
وتراجع نمو الوظائف الأميركية بما يفوق التوقعات بعد شهرين متتاليين من ارتفاعات قوية وزيادة معتدلة في الأجور وهو ما يلقي شكوكًا بشأن ما إذا كانت لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سترفع أسعار الفائدة في اجتماعها المقرر في 20-21 سبتمبر.
السعودية تستعد لمرحلة ما بعد «تباطؤ النمو» العالمي
وقعت مع الصين عددًا من الاتفاقيات في مجال الطاقة
السعودية تستعد لمرحلة ما بعد «تباطؤ النمو» العالمي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة