مصادر أمنية لـ {الشرق الأوسط}: قوات من أميركا وإنجلترا وروسيا وصلت إلى ليبيا

مستشار رئيس البرلمان الليبي: النواب المؤيدون لحكومة السراج أقل من النصاب الدستوري

رجال إطفاء يحاولون إخماد النيران التي اندلعت بعد استهداف أربعة خزانات نفط في راس لانوف أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال إطفاء يحاولون إخماد النيران التي اندلعت بعد استهداف أربعة خزانات نفط في راس لانوف أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مصادر أمنية لـ {الشرق الأوسط}: قوات من أميركا وإنجلترا وروسيا وصلت إلى ليبيا

رجال إطفاء يحاولون إخماد النيران التي اندلعت بعد استهداف أربعة خزانات نفط في راس لانوف أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال إطفاء يحاولون إخماد النيران التي اندلعت بعد استهداف أربعة خزانات نفط في راس لانوف أول من أمس (أ.ف.ب)

في وقت كشفت فيه مصادر أمنية ليبية عن وصول عشرات العسكريين الأميركيين والإنجليز والروس، إلى داخل البلاد، بما فيها مناطق تقع في غرب طرابلس، قال مستشار رئيس برلمان ليبيا عيسى عبد المجيد، لـ«الشرق الأوسط»، إنه توجد ضغوط دولية كبيرة لتمكين الحكومة التي اقترحتها الأمم المتحدة في حوار الصخيرات قبل شهر، برئاسة فايز السراج، لكنه أكد أن أكثر من ثلث النواب وقعوا على عريضة برفض الحكومة في حال تقدمت لنيل الثقة من البرلمان خلال الأيام المقبلة، وهو ما يعني أن «النواب المؤيدين لحكومة السراج أقل من النصاب الدستوري».
ولم يخفِ عبد المجيد ضبابية الموقف الذي تمر به بلاده في ظل هجمات من تنظيم داعش وعدم وضوح الرؤية أمام بعض القادة العسكريين في الجيش الوطني الليبي الذي يقوده الفريق أول خليفة حفتر. وقال إن الأوضاع، بشكل عام، سيئة، والضحية الشعب الليبي، مشيرا إلى أن المستشار عقيلة صالح، رئيس البرلمان، يفضل أن يكون الحوار والتوافق ليبيا - ليبيا، وأن تواصله مع المؤتمر الوطني (البرلمان السابق) في طرابلس، ما زال مستمرا.. «نحن لا نتعامل مع السراج كرئيس حكومة، إلا بعد أن يكسب الثقة من البرلمان»، و«هذا الشرط، لن يتحقق، لعدم وجود النصاب الدستوري حتى الآن».
ووفقًا لمصادر أمنية ليبية، فقد وصلت إلى البلاد طلائع من قوات أميركية وإنجليزية وروسية، قوامها عشرات من الجنود والضباط، وهبطت القسم الأكبر منها في قاعدة جمال عبد الناصر العسكرية الواقعة إلى الجنوب من بلدة طبرق التي يعقد فيها البرلمان جلساته، فيما دخلت مجموعة أميركية صغيرة في غرب طرابلس. وبينما قال شهود عيان في القاعدة الجوية إن عدد مَن وصولوا طيلة الأسابيع الثلاثة الأخيرة، بلغ نحو 500، أوضح مسؤول عسكري ليبي طلب عدم ذكر اسمه أن عدد هؤلاء لا يتعدى بضعة عشرات، و«جاءوا في مهام استطلاعية ولتقديم استشارات للجيش الوطني»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى ظهور مجموعة أقل من عسكريين أميركيين في منطقة تقع في غرب العاصمة.
وأضاف أن قياديًا متشددًا يدعى محمد المدهوني، يدير ميليشيا من بلدة صبراتة التي يسيطر عليها المتطرفون، التقى مع عنصر من الاستخبارات الأميركية وبحث الطرفان موضوعات تتعلق بـ«ترتيبات أمنية مستقبلية» في العاصمة. وقال المصدر إن عنصر الاستخبارات الأميركي معروف لدى عدة أجهزة أمنية عربية بأنه معني بشؤون منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وكان من بين المبعوثين لمتابعة المفاوضات حول قضية سد النهضة بين كل من السودان وإثيوبيا ومصر. ورفض المصدر ذكر اسم العنصر الاستخباراتي، لكنه أضاف موضحًا أن الرجل يعمل ضمن فريق أميركي انطلاقًا من موقعين؛ الأول في منطقة بدر غرب طرابلس، والثاني في منطقة جنزور، داخل نطاق العاصمة، وأن المقابلة التي جرت بينه وبين المدهوني، كانت في منطقة عين زارة التي تهيمن عليها ميليشيات المدهوني نفسه.
وتسعى الدول الغربية وعدد من دول الجوار الليبي إلى الإسراع في تنصيب حكومة السراج التي جرى اقتراح مجلسها الرئاسي من قبل الأمم المتحدة، الشهر الماضي، وسط مصاعب كبيرة على الأرض، إذ تنتشر في البلاد التي تعمها الفوضى عشرات الميليشيات المسلحة التي تعمل كجيوش صغيرة منفصلة، وتمتلك قدرات على التمويل المالي والحشد العسكري والعمل الاستخباراتي المحلي والعابر للحدود أيضًا. وتواجه الحكومة المقترحة رفضًا من غالبية الجماعات السياسية والعسكرية في شرق البلاد وغربها.
وقال مصدر عسكري في شرق البلاد لـ«الشرق الأوسط» إن الجنود الذين وصلوا إلى قاعدة جمال عبد الناصر، قد يلتحق بهم مجموعة من الجنود الفرنسيين خلال الأيام المقبلة، وإن الهدف هو مساعدة السلطات الليبية الشرعية على مواجهة خطر «داعش» من خلال أعمال التدريب وجمع المعلومات، لكنه أوضح أن مركز قيادة الجيش الذي يقوده الفريق أول حفتر، ويتخذ من المنطقة الشرقية مركزًا لغرفة عملياته، ليست له علاقة بأي نشاط أميركي في غرب طرابلس، مشيرًا إلى أن الجيش يصنف المدهوني باعتباره من قيادات المتطرفين.
ومنذ التحقيقات التي باشرها ضباط في «إف بي آي»، عقب تفجير القنصلية الأميركية في بنغازي في سبتمبر (أيلول) 2012، اعتقلت القوات الأميركية مطلوبين اثنين على الأقل، بعمليات خاطفة عبر الإنزال الجوي في طرابلس وبنغازي. كما وجهت ضربات لمواقع «داعش» وتنظيم القاعدة في كل من درنة على البحر المتوسط وفي صحراء جنوب إجدابيا. ولم تظهر تفاصيل عن وجود لنشاط للأميركيين على الأرض في داخل ليبيا، إلا في مطلع الشهر الماضي، وبشكل محدود، وذلك من خلال عملية إنزال فاشلة لعشرين عميلاً أميركيًا جرت في مهبط طائرات في قاعدة الوطية في غرب طرابلس. واضطر هؤلاء للمغادرة من حيث أتوا بعد تدخل كتيبة أبو بكر الصديق التي يقودها العقيد العجمي العتيري، وتعمل بالتنسيق مع الجيش الوطني. وهذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها النقاب عن نشاط لعسكريين أميركيين في منطقة شرق البلاد وفي غرب طرابلس، إضافة إلى العسكريين الإنجليز والروس.
ومن جانبه عبَّر عبد المجيد عن استيائه من الحالة التي وصلت إليها البلاد، خصوصًا «إصرار المجتمع الدولي على فرض حكومة السراج على الليبيين». وقال: «الهدف من حكومة السراج هو رغبة المجتمع الدولي في فك الأموال الليبية المجمدة في الخارج، والاستفادة منها»، مشيرا إلى أن هذا الأموال تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
وينظر بعض الليبيين إلى الهجمات الأخيرة التي قام بها تنظيم داعش ضد المنشآت النفطية في شرق ليبيا، على أنها جزء من الضغوط التي تمارس ضد الليبيين من أجل التعجيل بتمكين حكومة السراج. كما ظهرت تفسيرات مماثلة عقب قيام المجلس البلدي في مدينة البيضاء، التي تعقد فيها جلسات الحكومة الحالية برئاسة عبد الله الثاني، بطرد الحكومة من المدينة.
وقال عبد المجيد إن ما قام به تنظيم داعش في الأيام الماضية «يأتي للضغط على الليبيين من أجل إنجاح حكومة السراج، أولا.. وثانيًا للضغط على القوات التي تحمي المنشآت النفطية». وأضاف أن «الأمر الأكيد هو الضغط على الليبيين والإيحاء لهم بأن مواجهة داعش تأتي من الدول الأجنبية، لكن الكل هنا يدرك أن دخول القوات الأجنبية سيؤدي إلى احتلال تلك القوات لحقول البترول. الشعب الليبي يعي هذه المؤامرات الغربية».
وتابع مستشار رئيس البرلمان الليبي أن «البرلمان يتعامل مع السراج كنائب فيه، وليس كرئيس للحكومة، حتى الآن. لا بد أن يأتي السراج لمجلس النواب، ويحصل على ثقة المجلس. وبعد تصويت البرلمان عليه، يقوم بتشكيل حكومته. حتى الآن هو يقوم من الخارج بعقد لقاءات وزيارات للدول ولقاء مع مسؤولين أجانب بصفته رئيس حكومة. هذا ليس من حقه».
وعن فرص حصول حكومة السراج على ثقة البرلمان قال عبد المجيد: «الآن، يوجد أكثر من 60 نائبًا وقعوا ضد هذه الحكومة، أي بعدم إعطاء الثقة لها. لكي يكسب الثقة لا بد أن يصوت له 120 نائبًا بالموافقة، على الأقل، بينما لو وقع 50 ضد الحكومة فلن تكسب الثقة»، مشيرًا إلى أن موقف رئيس البرلمان «مع الحوار، ولكنه ضد حكومة الوصاية».
وعن تفسيره لما قام به المجلس البلدي في البيضاء من طرد لحكومة الثني من المدينة، قال: «أنا مندهش من هذا الأمر، ولا أعرف كيف يحدث، لأن الثني رئيس وزراء ومنصبه أعلى من باقي المناصب المحلية. هو رئيس وزراء ومسؤول عن الحكم المحلي. ولا أعتقد أن سكان البيضاء أو أهل البيضاء لديهم عداء مع حكومة الثني». وأعرب عن اعتقاده في أن يكون ما قام به المجلس البلدي في البيضاء جزء من الضغط على الليبيين من أجل تمكين حكومة السراج وجعلها كأمر واقع.
وعما إذا كان الجيش في المنطقة الشرقية قد تأثر بالإعلان عن حكومة السراج، قال إن المنطقة الشرقية هي الأساس في ليبيا. «إذا لم تؤيد هذه المنطقة حكومة السراج فإن نجاحها سيكون مستحيلاً، لأن تاريخ ليبيا يقول إن كل تغيير سياسي يتم انطلاقًا من المنطقة الشرقية»، مشيرًا إلى أن الإطاحة بنظام القذافي تمت من المنطقة الشرقية.. «القذافي تولى السلطة في ليبيا عام 1969 انطلاقًا من المنطقة الشرقية أيضًا، عن طريق بنغازي. تأسيس ليبيا وجيش ليبيا بعد الاستقلال في بداية خمسينات القرن الماضي كان من بنغازي». وقال إن الفريق أول حفتر يصر على أن المؤسسة العسكرية لن تتدخل في السياسة. لكن حكومة السراج المقترحة «تمثل خطرًا على الجيش.. وحفتر في موقف محرج».



الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «الخروج السلس والعاجل للانتقالي»

لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
TT

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «الخروج السلس والعاجل للانتقالي»

لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

على وقع الإجراءات الأحادية لقوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» في المحافظات الشرقية لليمن، جاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية، الخميس، ليُشكل نقطة ارتكاز حاسمة في مسار احتواء التصعيد، وتثبيت مرجعية الدولة اليمنية، وحماية مركزها القانوني؛ حيث حدّد مسار التهدئة بانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة وتسليم المواقع لقوات «درع الوطن».

البيان السعودي، الذي حظي بترحيب من رئيس «مجلس القيادة الرئاسي» الدكتور رشاد العليمي والحكومة اليمنية، وضع إطاراً عملياً لمعالجة الأزمة، مستنداً إلى الشراكة مع الإمارات في «تحالف دعم الشرعية»، وإلى مرجعيات اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة، مع تأكيده أن أي معالجة لـ«القضية الجنوبية» لا يمكن أن تتم خارج الحل السياسي الشامل، أو عبر فرض أمر واقع بالقوة.

أكدت السعودية في بيانها دعمها الكامل لرئيس «مجلس القيادة الرئاسي» وأعضاء المجلس والحكومة اليمنية، لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في اليمن، مشددة على أن التحركات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة تمت بشكل أحادي ودون موافقة «مجلس القيادة الرئاسي» أو التنسيق مع قيادة التحالف، الأمر الذي أدّى إلى تصعيد غير مبرر أضر بمصالح الشعب اليمني، وبالقضية الجنوبية نفسها، وبجهود التحالف العربي.

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» خلال حشد في مدينة عدن (رويترز)

وأوضحت وزارة الخارجية السعودية أن المملكة آثرت خلال الفترة الماضية التركيز على وحدة الصف، وبذل كل الجهود للتوصل إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع في المحافظتين، في إطار حرصها على تجنيب اليمن مزيداً من التوترات التي قد تنعكس سلباً على مسار السلام الهش.

وفي هذا السياق، كشفت الرياض عن تحرك عملي لاحتواء الموقف، من خلال العمل المشترك مع الإمارات، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية؛ حيث جرى إرسال فريق عسكري مشترك سعودي-إماراتي إلى عدن، لوضع الترتيبات اللازمة مع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، بما يضمن عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف.

وشدّد البيان على أن الجهود متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، مع التعويل على تغليب المصلحة العامة، ومبادرة المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد والخروج السلس والعاجل من حضرموت والمهرة، بما يحفظ السلم المجتمعي، ويمنع الانزلاق نحو مسارات غير محسوبة.

ترحيب رئاسي وحكومي

وجدد العليمي في تدوينة على منصة «إكس» تقديره العالي للموقف الأخوي للسعودية، قيادةً وحكومةً وشعباً، إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، مشيداً بجهودها الصادقة لخفض التصعيد في المحافظات الشرقية، وحماية المركز القانوني للدولة.

وأكّد العليمي التزام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بالشراكة الوثيقة مع السعودية على مختلف المستويات، والعمل المشترك لتوحيد الصف الوطني، بما يُحقق تطلعات اليمنيين في استعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام.

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي» في اليمن يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

من جانبها، رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان السعودي، وعدّته موقفاً واضحاً ومسؤولاً إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مثمنة الدور القيادي الذي تضطلع به المملكة، بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعم مسار التهدئة ومعالجة الأوضاع بروح الشراكة والمسؤولية.

وأكدت الحكومة اليمنية أن استقرار حضرموت والمهرة، وسلامة نسيجهما الاجتماعي، يُمثلان أولوية وطنية قصوى، محذرة من أن أي تحركات أمنية أو عسكرية خارج الأطر الدستورية والمؤسسية، ودون تنسيق مع مجلس القيادة والحكومة والسلطات المحلية، تشكل عامل توتير مرفوضاً، وتحمّل البلاد أعباء إضافية في ظرف بالغ الحساسية.

إجماع حزبي

في موازاة المواقف الرسمية، أصدرت الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية بياناً مشتركاً استنكرت فيه الخطوات التصعيدية الخطيرة، سواء من قبل «المجلس الانتقالي الجنوبي» أو من بعض الوزراء والمحافظين الذين أعلنوا تأييدهم للإجراءات الأحادية، عادّة ذلك خروجاً صريحاً على الشرعية الدستورية، وإعلان نقل السلطة، ومرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها وطنياً ودولياً.

وأكدت الأحزاب أن فرض مشروع سياسي بالقوة، وتقويض سلطة الدولة، يُمثل نكوصاً خطيراً عن الوفاق الوطني، وضرباً لأسس الشراكة، وإضعافاً مباشراً لوحدة القرار السيادي، ويمنح جماعة الحوثي فرصاً إضافية لإطالة أمد الحرب وتعقيد مسار السلام.

قوات تابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» في منطقة جبلية بمحافظة أبين (رويترز)

وأشادت الأحزاب بالموقف السعودي الداعم للشرعية الدستورية ووحدة اليمن أرضاً وإنساناً، وبجهود المملكة لمنع الفوضى في المحافظات الشرقية، كما رحّبت ببيان مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى خفض التصعيد، وبموقف الاتحاد الأوروبي الداعم لوحدة اليمن وسيادته.

على المستوى الحزبي الفردي، أكّد حزب «المؤتمر الشعبي العام» -جناح الخارج- أن المرحلة الراهنة شديدة الحساسية، وتتطلب اصطفافاً وطنياً حقيقياً، محذّراً من أن أي خطوات انفرادية لفرض أمر واقع لا تخدم قضية الجنوب ولا معركة استعادة الدولة، بل تصب في مصلحة الانقلاب الحوثي، وتُهدد الأمن القومي العربي.

ودعا جناح الحزب في الخارج جميع الأطراف إلى التراجع عن الإجراءات الأحادية، وتغليب الحوار، ولمّ الشمل، وتوحيد الجهود لمواجهة العدو المشترك، مع تأكيد أن القضايا الوطنية لا تُحل بالقوة أو الإكراه، بل بالحوار والتوافق.

الحوثيون المدعومون من إيران يتربصون بالحكومة الشرعية والمناطق المحررة (إ.ب.أ)

بدوره، شدد «الحزب الاشتراكي اليمني» على تمسكه بوحدة الحكومة واتفاق الرياض، ورفضه أي إجراءات تقوض التوافق الوطني، محذّراً من أن الزج بالحكومة في حالة الاستقطاب السياسي سيقود إلى العجز والشلل، وينعكس سلباً على حياة المواطنين ومعيشتهم.

وأكد الحزب أن حكومة الشراكة الوطنية تُمثل المنجز الأبرز لاتفاق الرياض، وأن الحفاظ على وحدتها شرط أساسي لمواجهة التمرد الحوثي ومشروعات التفكيك، داعياً إلى إنهاء الاحتقان داخل مؤسسات الدولة، واستعادة وحدة القرار السياسي والعسكري.

ويجمع سياسيون يمنيون على أن الرسالة السعودية حملت توازناً دقيقاً بين دعم الشرعية، واحترام خصوصية القضية الجنوبية، والتحذير من الانزلاق نحو مسارات قد تعصف بالسلم المجتمعي، وتبدد ما تبقى من فرص السلام، في وقت لا تزال فيه البلاد تخوض معركة وجودية ضد الجماعة الحوثية والتنظيمات المتخاصمة معها.


العاصمة الصومالية تشهد انتخابات في خطوة أولى نحو استعادة حق الاقتراع العام

عضوان من حزب العدالة والوحدة خلال حملة انتخابية في مقديشو (إ.ب.أ)
عضوان من حزب العدالة والوحدة خلال حملة انتخابية في مقديشو (إ.ب.أ)
TT

العاصمة الصومالية تشهد انتخابات في خطوة أولى نحو استعادة حق الاقتراع العام

عضوان من حزب العدالة والوحدة خلال حملة انتخابية في مقديشو (إ.ب.أ)
عضوان من حزب العدالة والوحدة خلال حملة انتخابية في مقديشو (إ.ب.أ)

يصوت سكان العاصمة الصومالية ​مقديشو اليوم الخميس في انتخابات بلدية تهدف إلى تمهيد الطريق لأول انتخابات وطنية مباشرة في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا منذ أكثر من نصف قرن.

وباستثناء انتخابات منطقة بونتلاند شبه المستقلة ومنطقة أرض الصومال الانفصالية، أجرى الصومال آخر انتخابات مباشرة في عام 1969، قبل أشهر من سيطرة الجنرال محمد سياد بري على السلطة في انقلاب. وبعد سنوات من الحرب الأهلية التي أعقبت ‌سقوط بري ‌عام 1991، تم تبني طريقة الانتخابات غير ‌المباشرة ⁠عام ​2004. ‌وكان الهدف هو تعزيز التوافق بين القبائل المتنافسة في مواجهة حركةٍ مسلحة، على الرغم من أن بعض الصوماليين يرون أن السياسيين يفضلون الانتخابات غير المباشرة لأنها تتيح فرصا للفساد.

وبموجب هذا النظام، ينتخب ممثلون للقبائل أعضاء البرلمان، الذين يختارون بعد ذلك الرئيس. ويتولى الرئيس بدوره مسؤولية تعيين رئيس بلدية مقديشو. ويُنظر لانتخابات مقديشو، المدينة التي ⁠يبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة ملايين نسمة والتي تحسنت الأوضاع الأمنية بها خلال السنوات القليلة ‌الماضية على الرغم من استمرار وقوع ‍هجمات يشنها مسلحو «حركة الشباب» ‍المرتبطة بتنظيم القاعدة، على أنها بمثابة اختبار قبل إجراء انتخابات ‍مباشرة على المستوى الوطني.

وقال عبد الشكور أبيب حير عضو لجنة الانتخابات الوطنية إن حوالي 1605 مرشحين سيتنافسون اليوم الخميس على 390 مقعدا بالمجالس المحلية بمقديشو. وسيختار هؤلاء الأعضاء بعد ذلك رئيسا للبلدية. وذكر حير لرويترز «هذا يظهر أن الصومال يقف على قدميه ويمضي قدما... وبعد الانتخابات المحلية، يمكن وسيتم إجراء الانتخابات في جميع ⁠أنحاء البلاد».

وأعاد قانون صدر عام 2024 حق الاقتراع العام قبل الانتخابات الاتحادية المتوقعة العام المقبل. ومع ذلك، توصل الرئيس حسن شيخ محمود في أغسطس آب إلى اتفاق مع بعض قادة المعارضة ينص على أنه بينما سيتم انتخاب النواب مباشرة في عام 2026، سيظل البرلمان هو من يختار الرئيس.

وتقول أحزاب معارضة إن الانتقال سريعا لتطبيق نظام انتخابي جديد من شأنه أن يعزز فرص إعادة انتخاب محمود. ويتساءلون كذلك عما إذا كانت البلاد آمنة بما يكفي لإجراء انتخابات شاملة نظرا لسيطرة حركة الشباب على مساحات شاسعة من المناطق ‌الريفية فضلا عن أنها تشن غارات بشكل متكرر على مناطق سكانية رئيسية.


احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم، الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة بالضفة الغربية المحتلّة، بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة التي حرمت مسقط رأس السيد المسيح، حسب المعتقد المسيحي، من الاحتفال.

لكن هذا العام، بدت المدينة الواقعة في جنوب الضفة الغربية أكثر حيوية، بعد اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث يواجه مئات الآلاف برد الشتاء القارس بعد أن تركتهم الحرب في خيام مهترئة ومنازل مدمرة.

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم (أ.ب)

وفي الفاتيكان، من المقرر أن يترأس البابا لاوون الرابع عشر قداس عيد الميلاد الأول له عند الساعة 20:30 بتوقيت غرينتش في كاتدرائية القديس بطرس، بعدما دعا إلى «24 ساعة من السلام في العالم أجمع».

وانتخب الحبر الأعظم الأميركي من قبل مجمع الكرادلة، في مايو (أيار)، عقب وفاة البابا فرنسيس، وهو يتميّز بأسلوب أكثر هدوءاً من سلفه، لكنه سار على خطاه في قضايا أساسية، مثل الهجرة والعدالة الاجتماعية.

«أمل»

في بيت لحم، طغت على الأجواء أصوات الطبول ومزامير القِرَب التي تعزف ألحان تراتيل ميلادية شهيرة، بينما توجّه المسيحيون، صغاراً وكباراً، نحو وسط المدينة حيث ساحة المهد.

وقالت ميلاغروس إنسطاس (17 عاماً) التي ترتدي الزي الأصفر والأزرق لكشافة الساليزيان في بيت لحم «اليوم مليء بالفرح، لأننا (من قبل) لم نكن قادرين على الاحتفال بسبب الحرب».

وعلى غرار سائر دول الشرق الأوسط، يشكّل المسيحيون أقلية في الأراضي المقدسة، إذ لا يزيد عددهم على 185 ألفاً في إسرائيل، و47 ألفاً في الأراضي الفلسطينية.

وشارك مئات الأشخاص في المسيرة التي جابت شارع النجمة الضيق المفضي إلى كنيسة المهد والساحة المؤدية لها.

وتجمّع حشد غفير في ساحة المهد، فيما أطلّ عدد قليل من المتفرجين من شرفات مبنى البلدية لمتابعة الاحتفالات.

وفي وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء.

ويعود بناء الكنيسة إلى القرن الرابع، وقد بُنيت فوق مغارة يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح وُلد فيها قبل أكثر من ألفي عام.

وقالت كاتياب عمايا (18 عاماً)، وهي من أعضاء الكشافة أيضاً، إن عودة الاحتفالات تمثّل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة.

وأضافت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا يمنحنا أملاً بأن المسيحيين ما زالوا هنا يحتفلون، وأننا ما زلنا نحافظ على التقاليد».

في وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء (أ.ف.ب)

«إخوتنا وأخواتنا في غزة»

خلال الحرب المدمرة التي دارت في قطاع غزة، عمدت بلدية بيت لحم المنظمة للاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد إلى تخفيف مظاهر الاحتفال، فاقتصرت على المراسم الدينية.

وقالت عمايا: «هذه الاحتفالات هي بمثابة أمل لشعبنا في غزة... بأنهم سيحتفلون يوماً ما ويعيشون الحياة من جديد».

وقبل ساعات ظهر الأربعاء، وصل بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، إلى بيت لحم، استعداداً لترؤس قداس منتصف الليل التقليدي في كنيسة المهد.

وقال لدى وصوله إلى كنيسة المهد أمام المئات من المحتشدين: «أُوصِل لكم التحيات والصلوات من إخوتنا وأخواتنا في غزة».

وكان بيتسابالا زار غزة المدمّرة من الحرب في عطلة نهاية الأسبوع، وترأس قداس عيد الميلاد في رعية العائلة المقدسة بمدينة غزة الأحد.

بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا وسط الحشود (أ.ب)

وأُبرم اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» برعاية أميركية وقطرية ومصرية وتركية، ودخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن السكان ما زالوا يواجهون حياة صعبة وبائسة بعد فقدان منازلهم وأحبتهم.

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بخرق الاتفاق.

«مكان مميّز جداً»

يأمل سكان بيت لحم أن تسهم عودة احتفالات عيد الميلاد في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح.

ويعتمد اقتصاد مدينة بيت لحم، على وجه الخصوص، على السياحة.

وتسببت الحرب في غزة بعزوف السياح عن المجيء خلال الحرب إلا أعداد قليلة جداً، كما تسببت الحرب بارتفاع معدلات البطالة.

لكن الزوار المسيحيين بدأوا، في الأشهر الأخيرة، بالعودة تدريجياً إلى المدينة المقدسة.

يأمل سكان بيت لحم أن تسهم عودة احتفالات عيد الميلاد في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح (أ.ف.ب)

وقال جورج حنا، من بلدة بيت جالا المجاورة «بيت لحم مكان مميّز جداً، نريد أن تصل رسالتنا إلى العالم كله، وهذه هي الطريقة الوحيدة».

وخلص إلى القول: «نأمل أن نتمكن من الاحتفال، وأن يكون الأطفال سعداء، هذا هو العيد بالنسبة لنا».