محافظ السويداء يدعو «مشايخها وأهل الوقار فيها» إلى ردع العابثين «بأمنها واستقرارها»

اغتيال آخر يطال ناشطاً انتقد ممارسات المجموعات الخارجة عن القانون

الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر الذي قتل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر الذي قتل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
TT

محافظ السويداء يدعو «مشايخها وأهل الوقار فيها» إلى ردع العابثين «بأمنها واستقرارها»

الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر الذي قتل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر الذي قتل الأحد إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)

دعا محافظ السويداء، مصطفى البكور، «المشايخ وأهل الرأي والوقار» في المحافظة ذات الأغلبية الدرزية، إلى «رفع كلمة الحق، وصيانة دماء المواطنين وكرامتهم، وردع كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار محافظتنا».

ووصف مصدر محلي في مدينة السويداء، الدعوة بأنها «صادقة»، لكنه رأى أنها لن تلقى صدىً «ما لم تكن مدعومة بقرار أو تحرك خارجي، يزيح الشيخ حكمت الهجري من المشهد».

التصريح الذي أصدره محافظ السويداء مصطفى البكور

وتأتي دعوة بكور في وقت يتزايد فيه تدهور الوضع الأمني بشكل كبير في مناطق نفوذ الهجري التي تحولت إلى ساحة اغتيالات وتصفيات للشخصيات المناهضة له، وفي ظل تفاقم تردي الوضع المعيشي للأهالي، خصوصاً في ظلّ موجات البرد التي تتعرض لها المحافظة مع حلول فصل الشتاء باكراً، وارتفاع نسبة البطالة فيها.

وقال محافظ السويداء، في بيانه: «أيها المشايخ الكرام وأهل الرأي والوقار في محافظة السويداء: نستشعر جميعاً الواقع المؤلم الذي آلت إليه أوضاع المحافظة، فدماء الأبرياء تُزهق بسبب كلمة أو موقف، وأموال الناس تُنهب بلا رادع، وفصائل خارجة على القانون تضيّق على المواطنين وتتعمد استفزاز مؤسساتنا الأمنية بقصف حواجز الأمن العام وإطلاق النار، مما يزرع الرعب في قلوب الأبرياء».

وتساءل البكور في البيان الذي نشرته المحافظة في قناتها على منصة «تلغرام»: «إلى متى سيستمر هذا الحال؟ وأين صوت الحكمة الذي يردع الظالم؟ وأين اليد الحانية التي تمسح دمعة المظلوم وتعيد الأمن إلى النفوس؟».

وختم البيان بالقول: «إننا نرى في هذه المسؤولية واجباً مقدساً أمام الله والتاريخ، فواجبنا جميعاً رفع كلمة الحق، وصيانة دماء المواطنين وكرامتهم، وردع كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار محافظتنا».

متداولة على مواقع التواصل لرفع صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الشيخ حكمت الهجري من قبل الموالين في السويداء

كانت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية أعلنت، الاثنين، مقتل الشاعر والناشط أنور فوزات الشاعر، مساء الأحد، إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل مسلح مجهول أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي.

ونقلت الوكالة عن مصادر محلية أن «مجموعات خارجة عن القانون تسمى (الحرس الوطني)، تتبع لحكمت الهجري، تقف وراء عملية الاغتيال بسبب مواقف الشاعر الناقدة لتلك الميليشيات وممارساتها»، بينما أوضحت مصادر طبية أن الشاعر «وصل إلى المشفى الوطني في مدينة السويداء مفارقاً الحياة بعد إصابته بثلاث طلقات نارية، إحداها في الرأس».

ولفتت الوكالة إلى أن آخر منشور للشاعر على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمّن انتقادات للمجموعات الخارجة عن القانون، حيث وصفها بأنها «ذيل» تركه النظام البائد في السويداء.

عائلة الشاعر أدانت الجريمة بأشد العبارات، وقالت في بيان لها: «إن عملية القتل الغادرة تتنافى مع القيم الدينية والإنسانية والأعراف الوطنية، وتشكل استهدافاً لأمن المجتمع ووحدته». وأكدت العائلة امتلاكها «خيوطاً أولية حول ملابسات الحادثة».

واتهم مدير أمن مدينة السويداء، سليمان عبد الباقي، عبر حسابه في «فيسبوك»، «الميليشيا التي يديرها حكمت الهجري» بالوقوف وراء عملية اغتيال الشاعر، معتبراً أن مقتله جاء على خلفية مواقفه الناقدة لتلك المجموعات.

سوريون يرفعون لافتات في «ساحة الكرامة» المركزية بمدينة السويداء جنوب سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وجاءت عملية اغتيال الشاعر بعد نحو أسبوعين من مقتل الشيخين رائد المتني وماهر فلحوط تحت التعذيب، عقب اعتقالهما من قبل «الحرس الوطني»، في ظل حالة من الفلتان الأمني تشهدها مناطق سيطرة الهجري و«الحرس الوطني»، وهو ما دفع الأهالي، وفق «سانا»، للمطالبة بعودة مؤسسات الدولة الشرعية لحماية المواطنين وحصر السلاح وإنهاء الفوضى.

في الأثناء، وصف مصدر في مدينة السويداء لديه اتصالات مع فصائل منضوية في «الحرس الوطني»، دعوة محافظ السويداء بأنها «صادقة وتليق للعقل»، لكن المدعوين بحسب المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه حرصاً على سلامته الأمنية، «يقعون بين مطرقة عصابات الهجري وسندان الحكومة (السورية) المؤقتة التي خذلت التيار الوطني العقلاني في السويداء». ولذلك فإن هذه الدعوة من وجهة نظره، «لن تلقى صدىً ما لم تكن مدعومة بقرار أو تحرك خارجي يزيح الهجري من المشهد».

ووصف المصدر، الوضع الأمني في مناطق سيطرة الهجري و«الحرس الوطني» والمجموعات المسلحة الأخرى الموالية له بأنه «مزرٍ». وقال: «هناك خوف وقلق لدى عامة الناس، حيث لا قانون ولا قضاء ولا ضابطة عدلية حقيقية، فقط هناك شكليات تبرر الواقع».

تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات السويداء في يوليو الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)

ولفت إلى أن «الأصوات المعارضة لـ(الهجري) لا تجرؤ على الكلام، خاصة أن إسكاتها هو الشغل الشاغل لأصحاب المشروع (الانفصالي)، حيث يبدأ العقاب بالتحريض والتشويه عبر فريق الدعاية المضللة لينتهي بالتصفية عبر قاتلين مأجورين، وربما يكون القتل أهون من عقاب القتل الذي يسبقه الإهانة والتعذيب، كما حصل مع الشيخ رائد المتني».

ويعيش الأهالي في مناطق سيطرة الهجري و«الحرس الوطني» أوضاعاً معيشية سيئة للغاية، خصوصاً مع موجات البرد والأمطار التي تتعرض لها المحافظة، وتزايد ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير، وعدم وصول رواتب الموظفين بسبب البيروقراطية المفروضة من السلطة»، وذلك وفق المصدر الذي أشار إلى أن الموظف الذي «يريد الحصول راتبه عليه الذهاب إلى دمشق».


مقالات ذات صلة

بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق

المشرق العربي 
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)

بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق

بين شوارع تنبض بالحياة في المدن الرئيسية وأرياف هشّة وفقيرة، ودمار كثيف يعم المناطق السورية، تواجه الدولة الناشئة في دمشق تحديات هائلة ناجمة عن تعقيدات العهد.

بيسان الشيخ (دمشق)
العالم العربي من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف قوات الأمن بالشمال.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص سوريون يحتفلون في الساحات العامة بسقوط نظام الأسد 8 ديسمبر 2025 (الشرق الأوسط)

خاص معارك الظل في سوريا... محاربة «داعش» وإعادة بناء الدولة

بين واجهة احتفالية مصقولة وعمق اجتماعي منهك وتحديات أمنية هائلة تواجه سوريا سؤالاً مفتوحاً حول قدرة الدولة الناشئة على التحول من حالة فصائلية إلى مفهوم الدولة.

بيسان الشيخ (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال خطاب أمام المؤتمر السنوي لسفراء تركيا بالخارج (الرئاسة التركية)

فيدان وبرّاك بحثا دمج «قسد» بالجيش السوري... وإردوغان حذر من انتهاكات إسرائيل

بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك المستجدات الخاصة بسوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (وزارة الداخلية)

دمشق: متابعة أمنية مكثفة للوضع في تدمر بعد هجوم «داعش»

وزير الداخلية يناقش «التوصيات الرامية إلى تعزيز كفاءة الوحدات الأمنية، ومعالجة أي ثغرات في الأداء».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي
TT

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

أكَّدت مصادرُ في حركة «حماس» أنَّ الحركة تسعى إلى عقد جولة تفاوضية غير مباشرة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء بشأن الوضع في قطاع غزة، وتطورات الانتقال للمرحلة الثانية بما يضمن إمكانية أن تنفذ هذه المرحلة بسلاسة.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنَّ هناك سعياً لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة بحضور وفد من إسرائيل، وأيضاً من الجانب الأميركي، بما يدعم إمكانية الضغط الأميركي على الجانب الإسرائيلي؛ بهدف المضي في تنفيذ الخطة الأميركية لتحقيق الاستقرار.

ويبدو أنَّ «حماس» تُعوّل على تغيير تفكير الإدارة الأميركية، بشأن سلاحها، من خلال البحث عن مقترحات حول إمكانية تجميد السلاح، أو تسليمه لجهة يتم الاتفاق عليها.

وينبع هذا التعويل من ‏استراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي تصنف الشرق الأوسط منطقة شراكة، بما يشير إلى أنَّ أميركا تحت حكم الرئيس دونالد ترمب، منفتحة على أنَّ أعداءها يمكن أن تكون لديهم الفرصة في حال أثبتوا قدرتهم على أن يصبحوا شركاء نافذين لها بالمنطقة، وأنه لا يهمها من يحكم، إنما يهمها الشراكة المجدية فقط.


بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
TT

بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)

بين شوارع تنبض بالحياة في المدن الرئيسية وأرياف هشّة وفقيرة، ودمار كثيف يعم المناطق السورية، تواجه الدولة الناشئة في دمشق تحديات هائلة ناجمة عن تعقيدات العهد السابق.

فخلف الصورة البراقة للأحياء التي شهدت احتفالات بسقوط نظام الأسد على مدى أيام، تُدار معركة أخرى أقل صخباً وأكثر تعقيداً حيث «يشكل (داعش) والمهاجرون (المقاتلون الأجانب) التحدي الأبرز»، بحسب مصدر أمني.

ولكن في مقابل من يرى في «داعش» والتطرف عموماً «عقدة تقنية» يمكن حلها بمقاربة أمنية، هناك من يعتبر أن «المشكلة الفعلية تكمن في رسم خطط لاستيعاب كتلة بشرية هائلة نشأت خارج أي سياق اجتماعي طبيعي لسنوات عدّة، وبلا منظومة تعليمية أو أسرية أو أي شكل ناظم للحياة».

إنه تحدي إعمار المناطق المدمّرة وإيجاد مصادر رزق، خصوصاً في الأرياف، ولا سيما إدلب، حيث تتشابك الهوّيات السياسية والاجتماعية مع إرث الفصائل المتشددة، ما يجعل المنطقة أرضاً خصبة لصراعات محتملة.

وفي حين تقدم تجربة «الصحوات العراقية» نموذجاً محتملاً لسوريا، بتحويل المتضررين من التطرف إلى رافعات سياسية وأمنية، يبقى العبور من العسكرة إلى السياسة ومن الفصائلية إلى الدولة، المهمة الأصعب أمام سوريا الجديدة.


العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
TT

العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)

قرر زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر، الثلاثاء، تجميد «سرايا السلام» وغلق مقراتها في محافظتي البصرة وواسط لمدة 6 أشهر.

وقال الصدر في تدوينة له على منصة «إكس»: «تقرر تجميد (سرايا السلام) وغلق المقرات في كل من البصرة والكوت لمدة ستة أشهر لحين النظر في وضع حل للخروق والإساءة المتكررة لسمعة المجاهدين في (سرايا السلام) ولو كان من طرف ثالث».

وأضاف أن «سمعتهم أهم عندي من وجودهم، فسلامي لكل المجاهدين والمنضبطين والواعين للخروق ولمحاولات الفتنة والإساءة من الفاسدين وأضرابهم».