تركيا: تأجيل اجتماع برلماني وسط جدل حول زيارة أوجلان

حبس صحافي بارز بتهمة «تهديد إردوغان»

لجنة وضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام بالبرلمان التركي (حساب البرلمان في إكس)
لجنة وضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام بالبرلمان التركي (حساب البرلمان في إكس)
TT

تركيا: تأجيل اجتماع برلماني وسط جدل حول زيارة أوجلان

لجنة وضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام بالبرلمان التركي (حساب البرلمان في إكس)
لجنة وضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام بالبرلمان التركي (حساب البرلمان في إكس)

قرَّر البرلمان التركي تأجيل اجتماع للجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام في تركيا لعرض نتائج الزيارة التي قام بها وفدها لزعيم الحزب السجين عبد الله أوجلان.

جاء ذلك وسط انتقادات من عدد من الأحزاب المعارضة للحكومة بسبب عدم اتخاذ خطوات جادة في إطار «عملية تركيا خالية من الإرهاب»، التي يسميها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

وتأجل اجتماع اللجنة البرلمانية، الذي كان مقرراً عقده الأربعاء، للاستماع إلى إحاطة من وفد اللجنة الذي زار أوجلان في سجن إيمرالي، الاثنين الماضي.

وقال نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وهو أحد 3 أعضاء شاركوا في الوفد مع كل من نائب رئيس حزب «الحركة القومية» فتي يلديز، ونائبة رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» غولتسان كليتش كوتشيغيت، إنه تقرر أن تقدم الأحزاب آراءها ومقترحاتها إلى اللجنة، يوم الجمعة، قبل رفع التقرير النهائي إلى رئاسة البرلمان.

في الوقت ذاته، تقدم حزب «العمال التركي» بطلب إلى رئاسة اللجنة لنشر محضر اجتماع وفدها مع أوجلان في سجن إيمرالي، الواقع في جنوب بحر مرمرة في غرب تركيا.

انتقادات للحكومة

ووجهت أحزاب مشاركة في اللجنة انتقادات لتباطؤ الحكومة في اتخاذ الخطوات القانونية اللازمة. وأكد رئيس حزب «المستقبل» المعارض رئيس الوزراء الأسبق، أحمد داود أوغلو، أهمية اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة في إطار العملية.

أحمد داود أوغلو (حساب حزب المستقبل في إكس)

وقال داواد أوغلو، الذي رفض حزبه مع حزبي «الديمقراطية والتقدم» و«السعادة» إرسال نوابهم للقاء أوجلان: «لا أعتقد أن أحداً يعترض على استماع اللجنة إلى أوجلان. على الأقل، أبدى جميع أعضائها تقريباً رأياً إيجابياً. مع ذلك، فإن الإجراءات مهمة، وإدارة الإجراءات مهمة، وإدارة العملية مهمة، ومنع الأزمات أمر بالغ الأهمية».

وكانت الأحزاب الثلاثة، طالبت مع أحزاب أخرى باللجنة، وفي مقدمتها حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، بإجراء اتصال مع أوجلان عبر دائرة مغلقة بدلاً من الذهاب إليه.

رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» علي باباجان (حساب الحزب في إكس)

وانتقد رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، موقف الحكومة لعدم اتخاذ خطوات جادة في إطار العملية التي تهدف إلى حل المشكلة الكردية. ودعا، خلال اجتماع لحزبه لتقييم العملية، الحكومة إلى «الصدق»، قائلاً إنه «لا يمكن للرئيس إردوغان أن يدير العملية من خلال إلقاء العبء على اللجنة البرلمانية، وبعقلية الأفضل لي والأسوأ لشريكي».

في السياق، أظهرت نتائج استطلاع للرأي حول «الوضع السياسي في تركيا» لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أجرته شركة «آريا» دعم 60.2 في المائة من الأتراك لعملية السلام، مقابل رفض 35.4 في المائة لها، في حين بلغت نسبة غير المهتمين بها 4.4 في المائة.

حبس صحافي

على صعيد آخر، قضت محكمة في إسطنبول بحبس الصحافي البارز، فاتح ألطايلي، 4 سنوات وشهرين لإدانته بتهمة تهديد الرئيس إردوغان، وقررت استمرار حبسه.

وأودع ألطايلي سجن سيليفري، في غرب إسطنبول، في 22 يونيو (حزيران)، بعد يومين من تعليقه عبر قناته في «يوتيوب» على استطلاع رأي أشار إلى أن غالبية الأتراك يعارضون أن يصبح إردوغان رئيساً مدى الحياة. وقال في المنشور إن «الكثير من سلاطين الإمبراطورية العثمانية انتهى بهم الأمر إما بالاغتيال أو القتل خنقاً أو يرجح أنهم انتحروا عندما لم تكن الأمة تحبهم أو تريدهم».

وقررت السلطات لاحقاً إغلاق القناة، بعدما استمر ألطايلي لفترة وجيزة في بث رسائل من سجنه عبر محاميه.

ويتابعه على حسابه في «إكس» نحو 3 ملايين شخص، بينما اجتذبت قناته على «يوتيوب» نحو 1.7 مليون.

الصحافي التركي فاتح ألطايلي (من حسابه في إكس)

وقدم ألطايلي مرافعة أمام المحكمة التي عقدت جلستها في إحدى قاعات مؤسسة مرمرة العقابية (سجن سيليفري)، بدأها بقوله: «أهلاً بكم في سيليفري»، مضيفاً: «هناك نحو 4 أو 5 آلاف شرطي يعملون في إدارة حماية الرئيس، طلبتُ من أصدقائي الصحافيين التحقق مما إذا كان جدول أعمال الرئيس قد تغير بعد ما قلت في برنامجي، أرسلوا لي الجدول عبر محاميّ، ولم يكن هناك أي تغيير على الإطلاق، لا يوجد ما يخشاه الرئيس أو يفسره على أنه تهديد في تصريحاتي، ليس لديّ مثل هذا التأثير، أنا مجرد مواطن يقف أمامكم، الرئيس ليس شخصاً يخاف، ولن يخشى مثالاً تاريخياً، أعتقد أن هذا ظلم لي وللرئيس».

وتابع: «أرى أنه من غير الضروري أن أقف هنا في حين أنه لا ينبغي توجيه أي تهمة لي على الإطلاق. من الواضح أنه لم تكن هناك نية للتهديد، أطلب تبرئتي».


مقالات ذات صلة

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

شؤون إقليمية أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

وجّه زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان رسالة دعم جديدة لعملية السلام بتركيا في الوقت الذي تستمر فيه الاتصالات والمناقشات حولها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جانب من لقاء الشرع مع الوفد التركي (سانا) play-circle

الشرع يبحث مع وفد تركي التطورات الإقليمية

استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم (الاثنين) وفدا تركيا ضم وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة إبراهيم كالن.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

تقديرات «المفوضية» أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية سحب حزب «العمال الكردستاني» في 26 أكتوبر الماضي 25 من مقاتليه من الأراضي التركية إلى شمال العراق بإطار عملية السلام مع تركيا (رويترز)

تركيا: تجاذب حول قانون أوجلان للسلام والاعتراف بـ«المشكلة الكردية»

فجّرت المطالب الكردية بشأن «عملية «السلام» في تركيا التي تمر عبر حل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته تجاذباً على الساحة السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية السلطات التركية فرضت طوقاً أمنياً في موقع سقوط المسيرة الروسية في كوجا إيلي في شمال غربي البلاد في 19 ديسمبر (أ.ف.ب) play-circle

تركيا: سنفعل ما يلزم لحماية المنشآت الاستراتيجية بالبحر الأسود دون استشارة أحد

أعلنت تركيا اتخاذ تدابير لحماية المنشآت ذات الأهمية الاستراتيجية في البحر الأسود دون التشاور مع أحد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

TT

نتنياهو: نعلم بالتدريبات الإيرانية الأخيرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدسفي القدس (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، ‌إن تل أبيب على ​علم ‌بأن إيران تجري «تدريبات» في الآونة الأخيرة.

وأضاف نتنياهو، وفقاً لوكالة «رويترز»، ‌أن ‍أنشطة طهران النووية ستخضع للنقاش مع الرئيس الأميركي دونالد ​ترمب خلال زيارته في وقت لاحق من هذا الشهر.

و أضاف نتنياهو في بيان مشترك مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس «نحن نراقب الوضع ونتخذ الاستعدادات اللازمة. أود أن أوضح لإيران أن أي عمل ضد إسرائيل سيقابل برد قاس للغاية»، بحسب صحيفة«يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني (واي نت).

ولم يدل نتنياهو بمزيد من المعلومات عن إشارته إلى التدريبات الإيرانية.

تأتي تصريحات نتنياهو في سياق تصاعد التحذيرات الأميركية – الإسرائيلية من عودة إيران إلى إعادة بناء قدراتها الصاروخية والنووية، بعد الحرب التي اندلعت بين الطرفين في يونيو (حزيران) الماضي.

ويتزايد القلق في إسرائيل، من أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة قد لا تكون مجرد تدريبات اعتيادية، بل جزءاً من جهود أوسع لإعادة بناء الترسانة الباليستية التي تضررت خلال الحرب.

ونقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين أمس، أن هامش تحمل المخاطر بات أقل من السابق، في ظل تجربة الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من حرب متعددة الجبهات.

ورغم أن التقديرات الاستخباراتية لا تشير إلى هجوم إيراني وشيك، فإن المخاوف تتركز على احتمال سوء تقدير متبادل قد يقود إلى مواجهة غير مقصودة.

وتقول تقديرات أمنية غربية إن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية حساسة خلال تلك الحرب لم تُنه التهديد بالكامل، بل دفعت طهران، وفق هذه التقديرات، إلى السعي لإعادة ترميم قدراتها بأساليب أكثر تحصيناً.

وقال قائد الجيش الإيراني، أمير حاتمي أن القوات المسلحة تراقب «بدقة» تحركات خصومها، وستتعامل «بحزم» مع أي أعمال عدائية.

تباينت وسائل إعلام رسمية في إيران بشأن تقارير عن بدء اختبار صاروخي في عدة محافظات من البلاد، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويتواصل الخلاف مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن مشاهدات ميدانية وتقارير واردة من مواطنين وقوع اختبار صاروخي في نقاط مختلفة من إيران.

وفي وقت لاحق، نفى حساب التلفزيون الرسمي في بيان مقتضب على «تلغرام» إجراء أي مناورات صاروخية.


نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو: إسرائيل وافقت على تعزيز التعاون الدفاعي مع اليونان وقبرص

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

​قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن إسرائيل وافقت على ‌تعزيز ‌التعاون الأمني ​​مع ‌اليونان ⁠وقبرص.

وجاءت ​تعليقات ‌نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ⁠ميتسوتاكيس والرئيس القبرصي ‌نيكوس ‍خريستودوليديس في ‍القدس.

وقال نتنياهو أيضاً ‍إن الدول الثلاث تعتزم المضي قدماً ​في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند ⁠والشرق الأوسط وأوروبا، وهو مبادرة لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط بحراً وبراً.


مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

TT

مخاوف أميركية - إسرائيلية من إعادة بناء القدرات الإيرانية

صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام
صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة «إكس» من محادثاته مع السيناتور ليندسي غراهام

تتصاعد التحذيرات الأميركية والإسرائيلية من عودة إيران إلى بناء قدراتها الصاروخية والنووية، في وقت تشير فيه تقديرات أمنية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية خلال حرب يونيو (حزيران) لم تنه التهديد بالكامل.

وبينما تؤكد واشنطن أن طهران «لم تستوعب الرسالة كاملة» بعد قصف منشأة فوردو، تتحدث تل أبيب عن نافذة زمنية تضيق، وخيارات عسكرية تعود إلى الطاولة، وسط مخاوف من سوء تقدير قد يقود إلى مواجهة جديدة غير مقصودة.

وقال السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، إن إيران «لم تستوعب الرسالة كاملة» عقب القصف الأميركي لمنشأتها النووية بواسطة قاذفات الشبح «بي 2» خلال الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في يونيو، وذلك وسط تقارير تشير إلى محاولات طهران إعادة ترميم قدراتها النووية والصاروخية.

وأضاف هاكابي، في مقابلة أُجريت على هامش مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، أنه «لا يعتقد أن إيران أخذت الرئيس الأميركي دونالد ترمب على محمل الجد إلى أن جاءت الليلة التي توجهت فيها قاذفات الشبح إلى فوردو»، وفق ما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية.

ورداً على سؤال بشأن التقارير المتداولة حول مساعي طهران لإعادة ترميم المنشأة، قال: «آمل أنهم فهموا الرسالة، لكن يبدو أنهم لم يفهموها كاملة؛ لأنهم يحاولون إعادة تشكيل الموقع وإيجاد طرق جديدة لتعميق التحصينات وجعلها أكثر أمناً».

حركة المرور أمام جدارية دعائية تصور رأساً حربياً لصاروخ إيراني يحمل شعاراً بالفارسية يقول: «سقط الصاروخ بين العفاریت» في أحد شوارع طهران يوليو الماضي (إ.ب.أ)

وتعرب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن قلق متزايد إزاء تقدم برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، متهمين طهران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما مع وقوع إسرائيل ضمن مدى هذه الصواريخ.

وحسب شبكة «إن بي سي» الأميركية، يتخوف مسؤولون أميركيون بصورة متزايدة من توسع البرنامج الصاروخي الإيراني، ونقلت الشبكة عن مصادر لم تسمّها، السبت، أن مسؤولين يستعدون لإطلاع الرئيس الأميركي على «الخيارات المتاحة» للتعامل مع هذا التهديد، بما في ذلك سيناريوهات عسكرية محتملة.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في 29 ديسمبر (كانون الأول) في ميامي، حيث يعتزم، وفق مصادر إسرائيلية، بحث مساعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية، إضافة إلى احتمال توجيه ضربة أخرى لإيران في عام 2026. وكانت قناة «إن بي سي نيوز» قد كشفت سابقاً عن نية نتنياهو عرض هذا الملف على ترمب، في إطار ما تصفه إسرائيل بأنه تهديد آخذ في التصاعد.

وعند سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تمنح الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي جديد على إيران في حال رأت إسرائيل أن ذلك ضروري، أجاب هاكابي: «كل ما يمكنني فعله هو التذكير بما قاله الرئيس ترمب مراراً، وهو أن إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم أبداً، ولن تمتلك سلاحاً نووياً». وأضاف أن استئناف إيران لقدراتها في مجال الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي لا يشكل تهديداً لإسرائيل والولايات المتحدة فحسب، بل «يمثل تهديداً حقيقياً لأوروبا بأكملها»، متابعاً بنبرة حادة أن الأوروبيين «إن لم يفهموا ذلك، فهم أكثر غباءً مما أعتقد أحياناً»، مع الإشارة إلى أن أوروبا أعادت تفعيل عقوبات «سناب باك» ضد إيران.

واشنطن على الخط

وفي السياق ذاته، قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه «يؤيد شن هجوم على إيران»، محذّراً من أن مساعي طهران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن برنامجها النووي.

وجاءت تصريحات غراهام خلال زيارة يجريها حالياً إلى إسرائيل، التقى خلالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين كباراً في الجيش الإسرائيلي، من بينهم رئيس شعبة العمليات ووزير الأمن يسرائيل كاتس. وقال غراهام في مقابلة مع محطة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية إن إيران «تحاول استعادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم»، معتبراً أن ذلك، إلى جانب تطوير الصواريخ الباليستية، يمثل «تهديداً حقيقياً لإسرائيل».

وأضاف السيناتور الجمهوري أن «أي شيء يضعف إسرائيل يضعف الولايات المتحدة أيضاً»، داعياً إلى استهداف القدرات الصاروخية الإيرانية في أي ضربة مقبلة. وفي مقابلة منفصلة مع صحيفة «جيروزاليم بوست»، قال غراهام إن الصواريخ الباليستية الإيرانية قد «تغرق القبة الحديدية»، مؤكداً أنه «لا يمكن السماح لإيران بإنتاجها». وأوضح أنه لا يؤيد غزواً أميركياً لإيران، لكنه يدعم «توجيه ضربة عسكرية» في حال ظهرت مؤشرات على استئناف البرنامج النووي أو برنامج الصواريخ.

قلق إسرائيلي متصاعد

بالتوازي، أفاد تقرير لموقع «أكسيوس» بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أن التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تثير قلقاً متزايداً، رغم أن المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا تظهر حتى الآن سوى تحركات قوات داخل إيران.

أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية تتصدى للصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب (أ.ب)

وأشار التقرير إلى أن هامش تحمل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى بكثير مما كان عليه في السابق، بعد تداعيات هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ونقل «أكسيوس» عن مصدر إسرائيلي قوله إن «احتمالات الهجوم الإيراني تقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد لتحمّل المخاطرة والاكتفاء بالقول إنها مجرد مناورة». في المقابل، أكد مصدر أميركي أن الاستخبارات الأميركية لا تملك حالياً مؤشرات على هجوم إيراني وشيك.

ونبّهت مصادر إسرائيلية وأميركية إلى أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة، إذا اعتقد كل طرف أن الآخر يستعد للهجوم وسعى إلى استباقه. وفي هذا السياق، أجرى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق أول إيال زامير، اتصالاً مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أبلغه خلاله بقلق إسرائيل من المناورة الصاروخية التي بدأها «الحرس الثوري».

وأشار زامير إلى أن تحركات الصواريخ الإيرانية وخطوات تشغيلية أخرى قد تكون غطاءً لهجوم مفاجئ، داعياً إلى تنسيق دفاعي وثيق بين القوات الأميركية والإسرائيلية.

تلميحات بحرب جديدة

وترافق القلق الاستخباراتي مع تصعيد في الخطاب العلني. وحذر زامير، خلال مراسم تسليم مهام رئيس مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، من أن الجيش سيضرب أعداء إسرائيل «حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة على حد سواء»، في تلميح واضح إلى احتمال استهداف إيران مجدداً.

وقال زامير إن «في صميم أطول وأعقد حرب في تاريخ إسرائيل تقف الحملة ضد إيران»، معتبراً أن طهران هي التي «مولت وسلّحت حلقة الخنق حول إسرائيل»، في إشارة إلى الحرب متعددة الجبهات التي اندلعت منذ أكتوبر 2023.

تهديد مُلح

وترى الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بزخم متسارع مقارنة بفترة ما بعد حرب الأيام الاثني عشر في يونيو. وتشير تقديرات إسرائيلية إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 صاروخ قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400 كانت بحوزتها.

وتؤكد المصادر أن طهران بدأت بالفعل خطوات لإعادة بناء قواتها الصاروخية، لكنها لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الحرب. ولا ترى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ولا جهاز «الموساد» أن وتيرة هذه الخطوات تفرض تحركاً عسكرياً عاجلاً خلال الشهرين أو الثلاثة المقبلة، إلا أنها قد تتحول إلى مسألة أكثر إلحاحاً لاحقاً هذا العام.

طفل يجلس فوق رأس حربي لصاروخ باليستي في المعرض الدائم التابع لـ«الحرس الثوري» بضواحي طهران نوفمبر الماضي (أ.ب)

وفي هذا الإطار، يتركز القلق الإسرائيلي بشكل متزايد على الصواريخ الباليستية بوصفها تهديداً أكثر إلحاحاً من البرنامج النووي نفسه، رغم وصف إسرائيل العلني للنووي الإيراني بأنه تهديد وجودي؛ إذ يرى مسؤولون إسرائيليون أن الصواريخ تمثل الخطر الفوري الأكبر، خصوصاً بعد التجربة الأخيرة التي لم تتمكن فيها الدفاعات الإسرائيلية من اعتراض جميع الهجمات.