تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً خلال اجتماع مغلق، اليوم الخميس، يطالب إيران بأن تبلغ الهيئة التابعة للأمم المتحدة «دون تأخير» بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف.
وقالت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في بيان موجه إلى مجلس المحافظين: «رسالتنا واضحة: يجب على إيران حل قضايا الضمانات دون تأخير. ويجب عليها تقديم تعاون عملي من خلال إتاحة الوصول وتقديم الإجابات وإعادة المراقبة لتمكين الوكالة من أداء عملها والمساعدة في بناء الثقة».
ذكر دبلوماسيون حضروا الاجتماع في فيينا أن القرار جرى اعتماده بعد تصويت 19 دولة لصالحه واعتراض ثلاث وامتناع 12 عن التصويت. والدول التي عارضت القرار هي روسيا والصين والنيجر.
وجاء في نص مشروع القرار الذي قدم لمجلس المحافظين، المكون من 35 دولة: «يتعين على إيران... أن تزود الوكالة دون تأخير بمعلومات دقيقة عن المواد النووية والمنشآت النووية الخاضعة للضمانات في إيران، وأن تمنحها كل ما تحتاج إليه للتحقق من هذه المعلومات»، حسب «رويترز».
والغرض من القرار في المقام الأول تجديد تفويض «الوكالة الذرية» وتعديله للإبلاغ عن جوانب البرنامج النووي الإيراني، لكنه نص أيضاً على أن إيران يجب أن تقدم الإجابات لـ«الوكالة الذرية»، بسرعة وتتيح لها الوصول إلى ما تريده بعد مرور خمسة أشهر على الهجمات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة.
وحذرت إيران قبل أن تقدم الولايات المتحدة ودول الترويكا الأوروبية الثلاث هذا القرار من أنه «سيؤثر سلباً» على تعاونها مع الوكالة إذا جرى إقراره. وتقول طهران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط.
وقدّم الرباعي الغربي مشروع القرار لمجلس محافظي «الوكالة الذرية» الأربعاء، ويطالب طهران بـ«التعاون الكامل» مع الأمم المتحدة.
Today’s @iaeaorg Board of Governors resolution clarifies the IAEA’s reporting mandate, ensuring regular reports on Iran’s compliance with reinstated UN Security Council Resolutions. https://t.co/5Sqi76AmVW @UKMissionVienna @usunvie@GermanyUNVienna@FranceONUVienne@FCDOGovUK
— Corinne Kitsell (@corinnekitsell) November 20, 2025
وقالت الدول الأربع في البيان إن القرار «لا يخلق التزامات جديدة على إيران؛ بل يعيد الوضوح ويوفر تفويضاً محدداً للوكالة في إعداد تقاريرها، ويُعيدها إلى نمط الإبلاغ الذي كانت تعتمده قبل الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة)، تحت بند واحد على جدول الأعمال. هذا الوضوح ضروري لتمكين الوكالة من أداء واجباتها».
ويسلّط القرار الضوء على استمرار عدم امتثال إيران لالتزاماتها القانونية بموجب اتفاق الضمانات المرتبط بمعاهدة عدم الانتشار، الذي يبقى سارياً ولا يمكن تعليقه تحت أي ظرف. وقالت تلك الدول إن «إيران لم تمنح الوكالة حق الوصول إلى كل منشآتها الخاضعة للضمانات».
وأضافت: «ينبغي على إيران أن تلتزم تماماً، ودون أي تحفظ، باتفاق الضمانات لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (...) لتقدم للوكالة، ودون أي تأخير، معلومات دقيقة، حول موادها ومنشآتها النووية، وأن تمنح الوكالة كل ما يلزم للتثبت من هذه المعلومات».
وأشار البيان إلى إعادة فرض ستة قرارات أممية سابقة تتعلق بإيران في مجلس الأمن، ما يعيد القيود القانونية الملزمة على برنامجها النووي، بما في ذلك تعليق جميع أنشطة التخصيب وإعادة المعالجة والأنشطة المرتبطة بالماء الثقيل. وشددت على أنه «بموجب ميثاق الأمم المتحدة، على الدول الأعضاء تنفيذ هذه القرارات للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، سواء مباشرة أو من خلال مشاركتها في الهيئات الدولية ذات الصلة».
وقالت إيران في بيان مشترك لمجلس محافظي الوكالة مع حلفاء، منهم روسيا والصين وكوبا وروسيا البيضاء: «لدينا اعتقاد راسخ أن أي عمل استفزازي، مثل تقديم قرار آخر، من شأنه أن يعرض للخطر وربما يلغي الجهود الكبيرة التي بذلها المدير العام للوكالة وإيران لتعزيز الحوار والتعاون».
تأتي الخطوة الحساسة بعدما دعت «الوكالة الذرية»، الأسبوع الماضي، إيران للسماح لها بالتحقق «في أقرب وقت من مخزوناتها من اليورانيوم، وخصوصاً العالي التخصيب».
Today at the @IAEAorg Board of Governors, I reported on our ongoing efforts to uphold nuclear safety, security and safeguards worldwide and to strengthen the benefits of nuclear science and technology.Our inspectors are back in Iran and have carried out inspections at... pic.twitter.com/gdzljsXYq4
— Rafael Mariano Grossi (@rafaelmgrossi) November 19, 2025
وفي باريس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، باسكال كونفافرو الخميس، إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تريد فتح باب الدبلوماسية من جديد مع إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل.
وأردف كونفافرو في مؤتمر صحافي أسبوعي أن القوى الأوروبية تريد دوماً مواصلة الحوار مع إيران رغم سعي الدول الثلاث في سبتمبر (أيلول) لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران.
وأكد ثلاثة دبلوماسيين لوكالة «رويترز» أن الدول الثلاث تأمل في إجراء محادثات مع إيران قبل نهاية العام، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت طهران مستعدة لذلك حالياً.
وتعثرت المسارات الدبلوماسية بين طهران والقوى الغربية، في أعقاب احرب الـ12 يوماً التي اندلعت إثر غارات إسرائيلية مفاجئة استهدفت خصوصاً منشآت نووية وقواعد تابعة لـ«الحرس الثوري»، وعمليات اغتيال لقادة عسكريين ومسؤولين في البرنامج النووي، وتخللتها ضربات أميركية ضد ثلاث منشآت رئيسية لتخصيب اليورانيوم، ردّت عليها طهران بإطلاق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل.
ولم تسمح إيران حتى الآن للمفتشين بدخول المواقع النووية التي قصفتها إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران). وتقول الوكالة إن حصر مخزون إيران من اليورانيوم المخصب أمر «طال انتظاره»، وإنه يجب التعامل مع هذا الأمر «على وجه السرعة». ويتضمن المخزون مواد تقترب من الدرجة اللازمة لتصنيع أسلحة نووية.
ولا تستطيع الوكالة تفتيش المنشآت التي جرى قصفها أو التحقق من مخزون إيران من اليورانيوم قبل أن تقدم طهران تقريراً يطلع الوكالة على الوضع. وتضم المواقع التي جرى قصفها ثلاث منشآت تخصيب كانت تعمل في ذلك الوقت. وقدرت الوكالة أن إيران كانت تمتلك 440.9 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، القريبة من نسبة 90 في المائة اللازمة لتصنيع أسلحة نووية، عندما قصفت إسرائيل المنشآت النووية لأول مرة في 13 يونيو (حزيران)، وأنه في حالة يمكن معها زيادة نسبة التخصيب بسهولة. وتقول إيران إنها تستطيع التخصيب إلى أي مستوى تريده في ضوء أهدافها السلمية. ووفقاً لمقياس «الوكالة الذرية»، تكفي كمية اليورانيوم هذه من الناحية النظرية لتصنيع عشر قنابل نووية إذا تم تخصيبها بشكل أكبر.
وقالت «الوكالة الذرية»: «من الضروري تمكين الوكالة من التحقق من مخزونات المواد النووية المعلن عنها سابقاً في إيران في أقرب وقت ممكن... لتهدئة المخاوف وضمان التزامها باتفاق الضمانات في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي، ولا سيما فيما يتعلق باحتمال تحويل المواد المعلن عنها عن استخدامها السلمي».
وتقول القوى الغربية إنه لا سبب لبلوغ التخصيب هذا المستوى العالي إذا كان اليورانيوم سيستخدم في الأغراض المدنية. وتقول الوكالة إن إنتاج وتخزين كمية كبيرة من اليورانيوم «مسألة تثير قلقاً بالغاً».

