حقق باحثون في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ تقدماً لافتاً في تطوير ميكروروبوتات طبية دقيقة يمكنها الوصول للجلطات داخل الأوعية الدماغية وإطلاق الدواء مباشرة بمكان الإصابة.
وأوضح الفريق أن هذه الخطوة قد تعيد تشكيل مستقبل علاج السكتات الدماغية حول العالم. ونُشرت النتائج، الخميس، بدورية «Science».
والجلطة الدماغية هي انسداد يحدث في أحد الشرايين التي تُغذي الدماغ بالدم نتيجة تكوُّن خثرة تعوق وصول الأكسجين والعناصر الحيوية إلى الخلايا العصبية، مما يؤدي لتعطّل سريع في وظائف المنطقة المتأثرة من الدماغ. وقد يظهر ذلك في صورة ضعف أو شلل بأحد أطراف الجسم، أو صعوبة في الكلام أو الرؤية، أو اضطرابات في التوازن. وتُعد الجلطة الدماغية السبب الأكثر شيوعاً للسكتة الدماغية.
وتعتمد العلاجات المتاحة حالياً على حقن أدوية مُذيبة للجلطات تنتشر في كامل الجسم، الأمر الذي يستلزم إعطاء جرعات كبيرة لضمان وصول كمية كافية لموضع الانسداد. ويقول الباحثون إن الميكروروبوت الجديد قد يُغيّر هذا الواقع جذرياً عبر توجيه الدواء بدقة إلى موقع الجلطة.
ويتكوّن الميكروروبوت من كبسولة كروية صغيرة للغاية مصنوعة من غلاف جيلاتيني قابل للذوبان، ومحمّلة بجسيمات من أكسيد الحديد تمنحها الخصائص المغناطيسية اللازمة للتحكم بحركتها داخل الأوعية الدموية. كما تحتوي الكبسولة على جسيمات من معدن التانتالوم الذي يعمل بصفته عامل تباين يتيح للأطباء متابعة مسار الروبوت عبر التصوير بالأشعة السينية. ورغم صغر حجمها الشديد ليتناسب مع ضيق الأوعية الدماغية، فإن هذه الكبسولة تمتلك قوة مغناطيسية كافية تسمح بتوجيهها بدقة عالية.
وتعتمد آلية عمل الميكروروبوت على توجيهه من خارج الجسم عبر نظام ملاحة كهرومغناطيسي يحدد مساره داخل الأوعية، سواء بالدحرجة على الجدار الداخلي للوعاء أم بالسحب من خلال مجال مغناطيسي متدرّج يسمح له بالتحرك حتى عكس اتجاه تدفّق الدم.
وعند وصوله إلى موضع الجلطة، يُفعَّل مجال مغناطيسي عالي التردد يرفع حرارة الجسيمات داخل الكبسولة، مما يؤدي لذوبان الغلاف الجيلاتيني وتحرير الدواء مباشرة على الخثرة، لتقديم علاج موضعي عالي الدقة يقلّل الحاجة للجرعات الكبيرة والآثار الجانبية المصاحبة لها.
ولإيصال الكبسولة إلى نقطة البداية، يستخدم الأطباء قسطرة دقيقة الإطلاق تُفتح داخل الدم أو السائل الدماغي الشوكي. وقد اختُبرت الميكروروبوتات أولاً داخل نماذج سيليكون تُحاكي الأوعية البشرية، ثم جرى تقييمها في حيوانات كبيرة؛ إذ أثبتت بتجربتها على الخنازير قدرتها على التحرك بوضوح تصويري كامل، بينما نجح الباحثون في تجربتها على الأغنام، وتوجيهها عبر السائل الدماغي الشوكي داخل بيئة تشريحية معقّدة.
ويشير الفريق إلى أن استخدامات هذه التقنية لا تقتصر على معالجة الجلطات، بل قد تمتد لإيصال الأدوية إلى الالتهابات الموضعية والأورام في المناطق العميقة.
ويأمل الباحثون بدء التجارب السريرية على البشر قريباً، تمهيداً لتطوير أدوات قابلة للاستخدام المباشر في غرف العمليات.

