هل فقد متحف التحرير بريقه برحيل «توت» و«المومياوات»؟

إعادة توظيفه لعرض فنون الحضارة القديمة

المتحف المصري بالتحرير (الشرق الأوسط)
المتحف المصري بالتحرير (الشرق الأوسط)
TT

هل فقد متحف التحرير بريقه برحيل «توت» و«المومياوات»؟

المتحف المصري بالتحرير (الشرق الأوسط)
المتحف المصري بالتحرير (الشرق الأوسط)

بينما يترقب كثيرون افتتاح المتحف المصري الكبير يوم السبت المقبل، تتزايد التساؤلات بشأن مصير «متحف التحرير» وسط العاصمة، الذي كان لعقود أهم متاحف الآثار بمصر، وأحد أبرز المزارات السياحية في القاهرة، لا سيما بعد نقل أبرز مقتنياته؛ مجموعة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون» والمومياوات الملكية.

وافتتح المتحف المصري بالتحرير، في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1902، في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، فهو «أقدم متحف أثري في الشرق الأوسط، وأول مبنى ينشأ في العالم ليكون متحفاً»، بحسب موقع وزارة السياحة والآثار. وفي أبريل (نيسان) 2021 تم ضم المتحف المصري بالتحرير للقائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، التي تضعها لجنة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، وهو الشهر نفسه الذي كان فيه المتحف محط أنظار العالم بتوديعه واحدة من أبرز مقتنياته وهي المومياوات الملكية التي تم نقلها إلى متحف الحضارة بالفسطاط.

بهو المتحف المصري الكبير (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ولعقود كان متحف التحرير مرجعاً أساسياً لكل دارسي علم المصريات والمهتمين بالحضارة المصرية، لكن تكدس الآثار به كان سبباً رئيسياً في اتجاه الحكومة المصرية لإنشاء متاحف جديدة؛ أبرزها المتحف الكبير، الذي استقبل على مدار السنوات الماضية، قطعاً أثرية من متحف التحرير أبرزها مقتنيات «توت عنخ آمون»، ليستقر الفرعون الذهبي في بيته الجديد، تاركاً فراغاً في التحرير.

ولا يعتقد الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية، أن متحف التحرير فقد بريقه، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه «سيظل رمزاً خالداً للحضارة المصرية ومعلماً عالمياً فريداً من نوعه، مهما نُقلت منه مجموعات أثرية كبرى مثل كنوز الملك توت عنخ آمون والمومياوات الملكية».

وقال إن «هذا الصرح العريق هو بيت المصريات في العالم كله، والمدرسة الوطنية الكبرى التي تعلمنا فيها علم المصريات وتعلم منها العالم بأسره»، مضيفاً أن «المتحف المصري بالتحرير من المتاحف القليلة التي بُنيت بصفته متحفاً منذ البداية، وليس مبنى تم تحويله إلى متحف فيما بعد، ما يجعله في حد ذاته أثراً معمارياً تاريخياً يجسد روح العصر الذي شُيّد فيه».

إحدى معروضات متحف التحرير (الشرق الأوسط)

واتفق معه الأمين الأسبق للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد عبد المقصود، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «متحف التحرير لن يفقد دوره، باعتباره صاحب الشهرة الأوسع علمياً ووثائقياً في علم المصريات»، مشيراً إلى أن «موقعه في وسط العاصمة يجعله أقرب للمواطن المصري وحتى للسائح».

وأضاف أن «مبنى متحف التحرير في حد ذاته أثر وهو مرتبط بالناس وذاكرتهم، ولن يفقد بريقه، وسيظل أحد المعالم المهمة أثرياً وسياحياً».

وخلال السنوات الماضية، ومع تزايد التساؤلات بشأن مصير متحف التحرير كرر مسؤولون مصريون التأكيد على استمراره في أداء مهمته المتحفية صرحاً ثقافياً وتعليمياً وحضارياً، معولين على مشروع تطويره بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وتحالف من خمس متاحف عالمية.

في عام 2019 أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية عن مشروع لتطوير المتحف، لـ«مواكبة التغييرات التي سيشهدها المتحف بعد نقل العديد من مقتنياته الأثرية إلى متاحف أخرى»، والمشروع بتمويل من الاتحاد الأوروبي ويتعاون في تنفيذه آثاريون مصريون مع نظرائهم الأوروبيين من المتحف المصري في تورين، والمتحف البريطاني، ومتحف اللوفر، والمتحف الوطني للآثار في ليدن والمتحف المصري في برلين، حيث يجري تطوير سيناريو العرض المتحفي «ليركز على القطع الأثرية التي تحكي تاريخ الفن المصري القديم».

قناع توت عنخ آمون الذهبي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأشار عبد البصير إلى أن «المتحف يشهد حالياً عملية تطوير شاملة، تشمل تحديث أساليب العرض المتحفي والإضاءة ووضع القطع الأثرية في سياقات علمية وجمالية جديدة تعكس روح الفن المصري القديم وتُبرز عبقرية الفنان المصري عبر العصور».

وقال: «سيُعاد توظيف المتحف ليُخصص لعرض روائع الفن المصري القديم، بما في ذلك التماثيل النادرة، والمنحوتات الدقيقة، والمجموعات التي تعكس الجمال والإنسانية في الفكر المصري القديم، ليظل مزاراً سياحياً وثقافياً لا يمكن الاستغناء عنه».

وبحسب الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية المصرية، فإن «المرحلة الأولى من أعمال التطوير تكلفت 23.41 مليون جنيه مصري، (الدولار الأميركي يعادل نحو 47 جنيهاً مصرياً) وشملت شخاشيخ أسطح المتحف، والجمالون أعلى البركة، والقبة أعلى المدخل الرئيسي، والمسطحات الزجاجية بالقاعات الجانبية، إضافة إلى تغيير كل زجاج المتحف بنوعية زجاج تربليكس، واستكمال العمل في الأرضيات والجدران والأسقف، وإعادة طلاء الحوائط باللون الأصلي».

وفي عام 2022 اختارت وزارة السياحة والآثار، المتحف المصري بالتحرير، مكاناً للاحتفاء بحضارتها ومرور مائتي عام على نشأة علم المصريات، مؤكدة أن «متحف التحرير هو مقر الحضارة المصرية»، بحسب تصريحات المسؤولين آنذاك.

المتحف المصري بالتحرير (الشرق الأوسط)

ويتكون المتحف من طابقين بهما مجموعات متنوعة من الآثار من عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني، من بينها لوحة الملك «نعرمر» التي توثق توحيد مصر العليا والسفلى تحت حكم ملك واحد، ومجموعة من التماثيل والقطع الأثرية لملوك عصر بناة الأهرامات، والمجموعة الجنائزية لـ«يويا وتويا»، إضافة إلى آثار تانيس (صان الحجر)، وهي عبارة عن 2500 قطعة من آثار ملوك الأسرتين 21 و22، اكتشفها عالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه أثناء الحرب العالمية الثانية.

كما يضم المتحف مجموعة كبيرة من مومياوات الحيوانات، وورق البردي والتوابيت والحلي من مختلف العصور المصرية.

وأكد عبد البصير أن «متحف التحرير ليس مجرد مبنى أثري أو مخزن للآثار، بل هو ذاكرة مصر الحضارية وروحها المتجددة في قلب القاهرة، وسيبقى منارة علمية وثقافية خالدة تُضيء طريق الباحثين والزائرين من جميع أنحاء العالم».


مقالات ذات صلة

مصر للاهتمام بـ«السياحة الأدبية» واستثمار «زخم» المتحف الكبير

يوميات الشرق نجيب محفوظ تناول العديد من شوارع وحواري مصر الفاطمية في رواياته (متحف نجيب محفوظ على فيسبوك)

مصر للاهتمام بـ«السياحة الأدبية» واستثمار «زخم» المتحف الكبير

من مبنى ذي طابع تراثي بحي الجمالية، يحمل اسم أديب نوبل نجيب محفوظ، بدأ الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، في شرح طبيعة المكان بشوارعه ومبانيه التاريخية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
الاقتصاد جناح «صندوق التنمية السياحي» في المؤتمر (الصندوق) play-circle 01:17

شراكات «صندوق التنمية السياحي السعودي» تتجاوز المليار دولار لتمكين المشاريع

أبرم «صندوق التنمية السياحي السعودي» شراكات جديدة مع جهات حكومية وخاصة، بأثر مالي يتجاوز 4 مليارات ريال من دوره لتوسيع تمويل المنشآت السياحية الصغيرة والمتوسطة.

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق المتحف المصري الكبير شهد زخماً من الزائرين (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: نفي تطبيق زيادة رسوم التأشيرة يعالج مخاوف تأثيرها على السياحة

جاء نفي وزارة السياحة والآثار المصرية لأخبار تزعم تطبيق رفع رسوم تأشيرة الدخول إلى البلاد من 25 دولاراً إلى 45 دولاراً، ليعالج مخاوف من تأثير الأمر على السياحة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
الاقتصاد أمير الرياض خلال حفل إطلاق مؤتمر التمويل التنموي (الشرق الأوسط)

السعودية... زخم للتمويل التنموي قائم على التنوع والاستدامة

تعيش السعودية مرحلة مهمة ترتكز على التمويل التنموي القائم على الأثر والتأثير، والتنوع والاستدامة، ودعم رأس المال البشري، وتعزيز جودة الحياة.

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق إرث إنساني فريد وطبيعة استثنائية يعزّزان مكانة العُلا على خريطة السفر العالمية (واس)

العُلا تحصد لقب أفضل مشروع للسياحة الثقافية عالمياً لعام 2025

حصدت محافظة العُلا جائزة «أفضل مشروع للسياحة الثقافية في العالم لعام 2025» ضمن جوائز السفر العالمية، في إنجاز يعزّز حضورها وجهةً دوليةً للثقافة والتراث.

«الشرق الأوسط» (العلا)

ألماسة نادرة تُبدّل حياة صديقَيْن في الهند

صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)
صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)
TT

ألماسة نادرة تُبدّل حياة صديقَيْن في الهند

صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)
صدفة تُغيّر المصير (إنستغرام)

في صباح شتوي حديث بمنطقة بانا، إحدى مناطق تعدين الألماس وسط الهند، حقَّق صديقان منذ الطفولة اكتشافاً يعتقدان أنه قد يُغيّر حياتهما إلى الأبد.

وعثر ساتيش خاتيك وساجد محمد على صخرة كبيرة متلألئة في قطعة أرض كانا قد استأجراها قبل أسابيع قليلة. وعندما نقلا الحجر إلى المقيّم الرسمي للألماس في المدينة، تبيَّن أنهما عثرا على ألماسة من فئة الأحجار الكريمة بوزن 15.34 قيراط، وهي من أندر أنواع الألماس الطبيعي وأجوده.

وقال أنوبام سينغ، مقيّم الألماس، لهيئة «بي بي سي هندي»: «تُقدَّر القيمة السوقية للحجر بنحو 5 إلى 6 ملايين روبية (ما بين 55 ألفاً و66 ألف دولار، و41 ألفاً إلى 49 ألف جنيه إسترليني)، وسيُطرح في مزاد قريباً».

وتنظّم الحكومة مزادات ربع سنوية تستقطب مشترين من مختلف أنحاء الهند وخارجها للمُزايدة على الألماس.

وأوضح سينغ أنّ «الأسعار التقديرية تعتمد على سعر الدولار والمعايير التي يُحدّدها تقرير رابابورت»، وهو تقرير يُعدّ مرجعاً رائداً في تحليل أسواق الألماس والمجوهرات.

ألماسة من عمق الأرض تمنح صديقَيْن فرصة جديدة للحياة (إنستغرام)

وقال خاتيك ومحمد إنهما في أقصى السعادة، وأضافا: «بات بإمكاننا الآن تزويج شقيقاتنا».

ويبلغ خاتيك 24 عاماً، ويدير متجراً لبيع اللحوم، فيما يبلغ محمد 23 عاماً، ويعمل في بيع الفاكهة. ويتحدَّر الاثنان من أسر فقيرة، وهما أصغر الأبناء في عائلتيهما.

وعلى مدى أجيال، دأبت عائلتاهما على البحث عن الألماس، وهي مساعٍ شائعة بين سكان المنطقة، علماً بأنّ بانا، الواقعة في ولاية ماديا براديش، تُعدّ من بين أقل مناطق الهند نمواً، إذ يعاني سكانها الفقر وشحّ المياه والبطالة.

غير أنها في المقابل تضمّ معظم احتياطيات الهند من الألماس، ولا تزال وجهة رئيسية للباحثين عن هذا الحجر النفيس.

ورغم أنّ احتياطيات الهند من الألماس محدودة نسبياً مقارنةً بكبار المنتجين عالمياً، فإنها ذات أهمية تاريخية.

وفي حين تدير الحكومة الاتحادية معظم المناجم، تؤجّر السلطات المحلّية قطعاً صغيرة من الأراضي للسكان سنوياً مقابل رسوم رمزية. ومع ندرة فرص العمل، يأمل الأهالي في العثور على حجر ثمين يُحسّن أوضاعهم، وإنما الغالبية تخرج خالية الوفاض.

ويقول محمد إنّ والده وجده حفرا في هذه الأراضي لعقود من دون أن يعثرا على شيء سوى «الغبار وشظايا الكوارتز».

وأوضح أن استئجار قطعة الأرض للبحث عن الألماس جاء جزئياً بدافع اليأس، إذ لم تكن مداخيلهما الضئيلة قادرة على مجاراة ارتفاع تكاليف المعيشة، فضلاً عن تحمُّل نفقات الزواج.

والتنقيب عن الألماس ليس مَهمّة سهلة، وإنما الصديقان اعتادا غربلة أكوام من التراب بعد انتهاء العمل مساءً، أو كلما سنحت لهما فرصة بعيداً عن وظائفهما اليومية.

ومثل معظم سكان المنطقة، اعتمدا على العمل اليدوي في البحث عن الألماس، فكانا يحفران الحُفر، وينقلان التربة والصخور، ويغسلانها عبر المناخل، ثم يُدقّقان بعناية في آلاف الحصى الصغيرة بعد تجفيفها.

وقال مسؤول التعدين في مقاطعة بانا، رافي باتيل، إنّ الصديقين كانا محظوظين إلى حدّ كبير. وأضاف: «لقد استأجرا قطعة الأرض في 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، وكان من حُسن حظّهما أن يعثرا خلال أسابيع قليلة على ألماسة من جودة الأحجار الكريمة».

ورغم أنهما لم يتسلَّما العائد المالي بعد، يقول خاتيك ومحمد إنهما متفائلان.

وختما: «لا نفكّر في شراء أرض، أو توسيع أعمالنا، أو الانتقال إلى مدينة أكبر؛ ليس بعد. في الوقت الراهن، ينصبّ تركيزنا على تزويج شقيقاتنا».


بعوض فلوريدا يستعيد مشهداً من «جوراسيك بارك» لكن بلا ديناصورات

«جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)
«جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)
TT

بعوض فلوريدا يستعيد مشهداً من «جوراسيك بارك» لكن بلا ديناصورات

«جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)
«جوراسيك بارك» يعود بصيغة علمية (جامعة فلوريدا)

في فيلم «حديقة الديناصورات» (جوراسيك بارك) الشهير الذي عُرض عام 1993، أعاد العلماء الديناصورات إلى الوجود عبر استخراج حمضها النووي من دمٍ امتصّته بعوضة ثم تجمّد داخل الكهرمان.

وقال جون هاموند، مالك الحديقة، الذي أدّى دوره الممثل ريتشارد أتينبورو، بصوت راوٍ في الفيلم: «قبل مائة مليون عام، كان هناك بعوض، تماماً كما هي الحال اليوم. وكما اليوم، كان يتغذّى على دماء الحيوانات، حتى الديناصورات».

اليوم، يقول باحثون في ولاية فلوريدا إنهم أنجزوا أمراً مُشابهاً.

وذكرت «الإندبندنت» أنه على مدى 8 أشهر، حدَّد فريق من جامعة فلوريدا الحمض النووي لـ86 نوعاً مختلفاً من الحيوانات، انطلاقاً من الدم الذي امتصّته عشرات الآلاف من بعوض فلوريدا.

بعوض يرصد 86 نوعاً حيوانياً من الدم (جامعة فلوريدا)

وقال عالم الحشرات في الجامعة، الدكتور لورنس ريفز، في بيان: «باستخدام البعوض، تمكّنّا من رصد فقاريات تراوحت من أصغر الضفادع إلى أكبر الحيوانات مثل الغزلان والأبقار، فضلاً عن حيوانات ذات أنماط حياة شديدة التنوّع، شجرية، ومهاجرة، ومقيمة، وبرمائية، وكذلك أنواع محلّية وأخرى دخيلة أو مهدَّدة بالانقراض».

ولم تكن الفكرة إحياء أنواع منقرضة، بل التقاط «لقطة بيئية» شاملة لجميع الحيوانات التي تعيش في محيط محمية «دي لوكا» الرطبة التابعة للجامعة.

وتقع المحمية، وهي منطقة طبيعية محمية تديرها الجامعة، على بُعد 80 ميلاً جنوب مدينة أورلاندو.

ولتحقيق ذلك، كان على العلماء اصطياد بعوضة ممتلئة بالدم. ولحُسن الحظ، فإن هذه البعوضات غالباً ما تبقى ساكنة إلى أن تضع بيضها، مما سهَّل التقاطها بواسطة مصيدة شفط استخدمها الباحثون.

والبعوض الإناث هي وحدها التي تلسع، إذ تعتمد على البروتين الموجود في الدم للتكاثر. ويُخزَّن الدم الذي تمتصّه في بطونها، ثم يُستخدم لاحقاً لتكوين البيض، التي قد يصل عددها أحياناً إلى 200 بيضة دفعة واحدة.

وخلال الأشهر الثمانية، جمع ريفز وزملاؤه أكثر من ألفَي «وجبة دم» من 21 نوعاً من إناث البعوض. وأظهر تحليل الدم أنّ البعوض كان يتغذّى من دون تمييز يُذكر.

نسور صلعاء، وذئاب برية، وأفاعٍ جرسية، وثعالب مائية، وضفادع، وسلاحف، وتماسيح، لم يكن هناك فرق، لم يسلم أي نوع.

العلم يلتقط «لقطة بيئية» للتنوّع الحيوي في فلوريدا (جامعة فلوريدا)

وقال الباحثون إنّ الدم احتوى تقريباً على كامل التنوّع الحيوي الفقاري في المنطقة.

غير أن واحداً فقط من الثدييات الكبيرة أفلت من مصّ البعوض. فالفهد الفلوريدي المهدَّد بالانقراض، وهو إحدى القطتين الكبيرتين في الولاية إلى جانب الوشق، لم يظهر في عيّنات دم البعوض.

لكنَّ الباحثين أشاروا إلى أنّ هذا قد يُعدّ نجاحاً من زاوية تقنية. فوفق «لجنة فلوريدا لحماية الأسماك والحياة البرّية»، لا يتجاوز عدد الفهود البالغة المُتبقية في البرّية ما بين 120 و230 فقط، وتتركز جنوب بحيرة أوكي تشوبي في جنوب شرقي فلوريدا.

وقد تكون هذه الفهود نادرة إلى درجة تجعل من الصعب حتى العثور على البعوض الذي يتغذَّى على دمائها.


البروفسور ماجد شرقي يحصد جائزة «نوابغ العرب» عن فئة العلوم الطبيعية

تسلط جائزة «نوابغ العرب» الضوء على قصص نجاح عباقرة مبدعين بارزين في تخصصاتهم (الشرق الأوسط)
تسلط جائزة «نوابغ العرب» الضوء على قصص نجاح عباقرة مبدعين بارزين في تخصصاتهم (الشرق الأوسط)
TT

البروفسور ماجد شرقي يحصد جائزة «نوابغ العرب» عن فئة العلوم الطبيعية

تسلط جائزة «نوابغ العرب» الضوء على قصص نجاح عباقرة مبدعين بارزين في تخصصاتهم (الشرق الأوسط)
تسلط جائزة «نوابغ العرب» الضوء على قصص نجاح عباقرة مبدعين بارزين في تخصصاتهم (الشرق الأوسط)

حصد البروفسور ماجد شرقي جائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة العلوم الطبيعية، تقديراً لإسهاماته في فهم تفاعلات الضوء مع المادة، وتطوير أدوات وتجارب مكّنت العلماء من رصد الحركة فائقة السرعة داخل الجزيئات والمواد على المستوى الذري بدقة غير مسبوقة.

وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن المساهمات العلمية والبحثية والإنجازات المعرفية العربية تمثل ركيزة أساسية في تقدّم المجتمعات البشرية، وأن العلوم كانت عبر العصور أحد أعمدة التقدم الحضاري في العالم العربي.

وقال في منشور على منصة «إكس» إن «الحضارات لا تعيش على أمجادها، بل تُجدّد مكانتها بعلمائها اليوم»، مهنئاً الفائز بصفته أستاذاً فخرياً في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا.

وأشار محمد بن راشد إلى أن شرقي كرّس مسيرته لتطوير أدوات وتجارب مكّنت العلماء من مراقبة حركة الجزيئات والمواد بدقة «فيمتوثانية»، وأسهم في تطوير تقنيات الأشعة السينية فائقة السرعة، ونشر أكثر من 450 بحثاً علمياً، محققاً ما يزيد على 23 ألف استشهاد علمي عالمياً، ليعد من أبرز المؤثرين في مجالات المطيافية فائقة السرعة وعلوم المواد والطاقة. وأضاف أن الجائزة تؤكد أن الإبداع العلمي العربي ليس «حبيس الماضي»، بل يمتلك أسماءً حاضرة لا تقل أثراً وطموحاً.

البروفسور ماجد شرقي

وبحسب القائمين على «نوابغ العرب»، فإن أعمال شرقي فتحت مجالات تجريبية جديدة في الكيمياء والفيزياء وعلوم المواد والطاقة المتجددة، وأتاحت رصد ظواهر لم تكن قابلة للملاحظة بالأساليب التقليدية. كما أسهم في ابتكار أدوات بحثية حديثة، من بينها تقنيات الأشعة فوق البنفسجية ثنائية الأبعاد وثنائية الانكسار الدائري فائق السرعة، بما عزز قدرة الباحثين على دراسة الأنظمة الحيوية المعقدة والمواد الصلبة المتقدمة.

وتطرق البيان إلى أدواره الأكاديمية، من بينها مشاركاته في لجان علمية دولية، ورئاسته تحرير مجلة «الفيزياء الكيميائية» الصادرة عن «إلسفير»، وتأسيسه مجلة «الديناميكيات الهيكلية» التابعة للمعهد الأميركي للفيزياء، إضافة إلى تطويره مطياف الأشعة السينية فائق السرعة القادر على التقاط الإشارات آنياً بدقة عالية.

من جهته، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً مع شرقي أبلغه خلاله بالفوز، مشيداً بما قدمه من بحوث ودراسات باتت مرجعاً لآلاف الباحثين وطلاب الدراسات العليا حول العالم، ومؤكداً أن الجائزة تستهدف تكريم الرواد العرب وإبراز قصص نجاحهم بوصفهم قدوة ملهمة للأجيال الجديدة.