«راديو ترانزستور» يبثُّ ذبذبات الإنسان المعاصر

رحلة تتحوَّل فيها محطّة القطار إلى مسرح للنفس البشرية

المسرحية تطرح أسئلة الحبّ والوقت والذاكرة في زمن يفيض بالبرمجة (الشرق الأوسط)
المسرحية تطرح أسئلة الحبّ والوقت والذاكرة في زمن يفيض بالبرمجة (الشرق الأوسط)
TT

«راديو ترانزستور» يبثُّ ذبذبات الإنسان المعاصر

المسرحية تطرح أسئلة الحبّ والوقت والذاكرة في زمن يفيض بالبرمجة (الشرق الأوسط)
المسرحية تطرح أسئلة الحبّ والوقت والذاكرة في زمن يفيض بالبرمجة (الشرق الأوسط)

تلتقط مسرحية «راديو ترانزستور»، على خشبة «المونو» في بيروت، ذبذبات عصر مُرتبك. نصّ وتمثيل وإخراج أدون خوري ويارا زخّور، يضع المُتفرّج أمام محطّة قطار لا تصل إلى مكان محدّد، وتذاكر سفر لا تَعِد إلا بمزيد من الوجهات الضائعة. يشعر المُشاهد أنه في داخل فضاء مشحون بالأسئلة، حين يدرك أنّ القطار ليس وسيلة نقل بقدر ما هو مجاز عن العبور الإنساني نفسه؛ من الذات إلى الآخر، ومن الماضي إلى الراهن، ومن اليقين إلى الشكّ. سرعان ما يوحي العرض بأننا أمام رحلة داخل الوعي المُعاصر، حيث يحتدم صراع المنطق البارد مع حرارة الشعور.

الحكاية عن لقاء بين أكاديمي «مُبرمَج» تُؤطّر حياته المعادلات واليقين الوظيفي، ورسّامة حالمة اختارت لنفسها اسم «فريدا» تيمّناً بالرسامة المكسيكية فريدا كاهلو، بديلاً عن اسم جدّتها «فَريدة». هو يؤمن بأنّ «واحداً زائدَ واحد يساوي اثنين»، وهي ترى في ضربة الريشة خليطَ عوالم لا تُختزل في حساب مُحكَم. من هذا التناقض، تتصاعد لعبة شدّ وجذب. العقل يريد ترويض الفوضى، والقلب يقترح فوضى مُرتّبة تُنقذ الحياة من رتابة اليقين.

يارا زخّور في أداء حالم لشخصية «فريدا» الباحثة عن اعتراف بوجودها (الشرق الأوسط)

تضع المسرحية إصبعها على أعصاب الإنسان المُعاصر، فتستعيد الوقت الذي يمرّ من دون أن يعود، والقطارات التي تفوت ليس لأنها أسرع منّا، وإنما لأننا نظلُّ على الرصيف ننتظر اعترافاً بنا وبوجودنا.

يجعل العمل من العلاقات المُعقّدة اختباراً لحدود المنطق ذاته. وما إن تصير المشاعر حقيقية حتى يُقيم الحبّ منطقه الخاص الذي يضخّ الحياة في العروق الباردة. عند هذه العتبة، تنهار المعادلات الثابتة، ويغدو «المنطق» محاولة أخيرة لإخفاء الذعر من قوة ما لا يحسب الإنسان حسابه.

تستعيد المسرحية ذاكرة الحرب اللبنانية، وتُبيِّن أنّ الشظايا التي لا يراها أحد نحملها في دواخلنا إلى الأبد. لهذا تدعو إلى النظر أبعد من الظاهر. فخلف إغراء الشكل الأنثوي قصّة، وخلف الأقبية المُظلمة قصّة، وخلف الذاكرة سلسلة قصص لا تنتهي. شخصيتان تتحوّلان إلى «أرشيف متحرّك» يشاء الإصغاء إليه أكثر مما يحتاج إلى تأويله.

أدون خوري ويارا زخّور في مواجهة مسرحية بين المنطق والحلم (الشرق الأوسط)

«فريدا» ليست مصادفةً رسّامة. ترسم ما لا تعيشه لتتذكّره، وتنتظر في المحطّة ألواناً لا تأتي إلا حين ترضخ الحياة لتدرُّج جديد في الطيف. بالرسم تُحوّل «نقصها» الأنثوي من مادة شفقة إلى نافذة فَهْم. ومع هذه الشخصية، يُطرح السؤال عن كيفية إعادة تعريف الجمال حين يتغيَّر موقع الضوء. فطوال العرض، ثمة إصرار على أنّ يتحوّل «العيب» إلى معنى، والمسرحية تقلب زاوية النظر من أجل ذلك. في النهاية، يتحرَّر الاعتراف الإنساني من حصره بتحقُّق الحبّ وحده، لأنه اعتراف يخصّ حقّ الإنسان في أن يُرى كاملاً من داخل نقصه.

ولا تفصل المسرحية أسئلة الإنسان و«منطق» وجوده عن سؤال الطبيعة ودوره في استنزاف مواردها وقَلْب المعادلات. ذلك يُفسِّر تحوُّل الراديو القديم، رفيق سفر الرسّامة، إلى جهاز إنذار. فكلّما زادت الضوضاء التقنية انخفضت دقّة استماع الإنسان إلى ما حوله، وكلّما ارتفع صخب المدن تلاشى حسّه بما يُسلَب منه ومن العالم. خلاصة المسرحية: إن لم نُعِد ضبط التردُّد على الموجة الإنسانية، سنفقد المحطّة كلّها لا القطار وحده.

يُنجز أدون خوري ويارا زخّور أداء تمثيلياً مُتقناً. وحين يصل العرض إلى «التويست» التي تقلب الأحداث كلياً، يفهم المُتفرّج لماذا غابت الأحاسيس عن الرجل وظلَّت مُتّقدة في المرأة، فيُعيد ترتيب الوقائع في ذاكرته، مثل مَن يُبدّل موجة الراديو ليكتشف أنّ الرسالة كانت تُبثّ منذ البداية على تردُّد آخر.

ليس تفصيلاً أنّ العرض كان مقرّراً في الخريف الماضي ثم أجّلته الحرب إلى هذا الخريف. فالمسرحية ابنة توقيتها أيضاً، حيث تُقابل زمن البرمجة الشاملة واليقين السريع، رغبة عميقة في المعنى والاعتراف.

«راديو ترانزستور»... عرض لبناني يُواجه الإنسان بارتباكه (الشرق الأوسط)

مسرحية «راديو ترانزستور» تمسُّ إنسان العصر وتبحث في كيفية إثبات وجوده وهو يعبُر اليومَ إلى الذي يليه. إنها محاكاة لقلق التذكرة التي يحتاج إليها والقطار الذي يختاره، خصوصاً أنّ الوصول نفسه أشبه بوهم للبقاء على قيد الحياة.

بهذه الرهافة، ينجح العرض في تحويل حديث طويل بين رجل وامرأة في محطّة قطار إلى اختزال لعصر تتقاطع فيه الوحدة مع الحاجة إلى المعنى، ويتجاور العقل البارد مع المشاعر الدافئة، ويتحوّل الانتظار نفسه إلى مجاز عن الإنسان العالق بين ما كان وما لن يكون. وبين قطار يفوته كلّ مرة، وحبّ يحاول أن يَلحق به ولو في اللحظة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

عودة «أنا وغيفارا»... الثورة والإنسانية على خشبة «جورج الخامس»

يوميات الشرق «أنا وغيفارا» تراهن على إكمال مسار المسرح الغنائي في لبنان (الشرق الأوسط)

عودة «أنا وغيفارا»... الثورة والإنسانية على خشبة «جورج الخامس»

نجح «الأخوان صبّاغ» في مقاربة سيرتَي رجلَي الثورة؛ كاسترو وغيفارا، بعيداً عن أي انحياز سياسي، وقدّماهما في إطار إنساني عزّز قيم السماحة والغفران.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)

«متحف باكثير»... يستعيد روائع الأديب اليمني الكبير برؤية معاصرة

يجمع العرض المسرحي «متحف باكثير» أعمال علي أحمد باكثير في تجربة مسرحية معاصرة، مع إطلاق جائزة سنوية لدعم الإبداع العربي وتكريم الفنانين المرتبطين بإرثه.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق في هذا المشهد لا خلاص واضحاً... فقط هدنة قصيرة مع الواقع (الشرق الأوسط)

«حبّ في شبه مدينة»... مسرحية عن الإنسان العالق في المكان المُنهَك

الحوار مُحمَّل بالدلالة ومبنيّ على شذرات اعتراف تتقاطع فيها السخرية السوداء مع الإحباط العميق...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق المجتمع الذكوري والتحدّيات بين المرأة والرجل (الشرق الأوسط)

«شي تيك توك شي تيعا»... طارق سويد يُحرز المختلف

اختار طارق سويد أبطال المسرحية من بين طلابه الموهوبين في أكاديمية «بيت الفنّ» التي تديرها زميلته الممثلة فيفيان أنطونيوس...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مسرحية «كارمن» حصدت عدة جوائز (البيت الفني للمسرح)

المسرح المصري يراهن على إعادة «العروض الناجحة» لاجتذاب الجمهور

يراهن المسرح المصري على إعادة تقديم العروض الناجحة لاجتذاب الجمهور من كل الفئات، وفي هذا الصدد أعلن البيت الفني للمسرح عن أسبوع حافل بالعروض في مسارح الدولة.

محمد الكفراوي (القاهرة )

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
TT

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)
الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)

يقترب عام 2025 من النهاية، ويستعد العديد من الأشخاص لدخول العام الجديد بعادات جيدة ومتينة، على صعيد الصحة العامة والصحة النفسية أيضاً.

ومن أبرز العادات المرتبطة بالصحة النفسية التي ينصح الخبراء باتباعها عام 2026:

الاهتمام بالنوم

النوم الجيد هو أساس الصحة النفسية الجيدة. قد يؤثر الحرمان من النوم على المزاج والذاكرة والانتباه. في عام 2026، اجعل النوم أولوية وليس ترفاً. استهدف الحصول على 7-8 ساعات من النوم ليلاً. نم واستيقظ في نفس الوقت حتى في عطلات نهاية الأسبوع. قلل من الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة قبل النوم بساعة على الأقل، وخفف إضاءة غرفة نومك.

تقليل وقت استخدام الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي

قد يتراكم التوتر والقلق في ذهنك دون وعي، ويصبح الشك في الذات ملازماً لك مع التصفح المستمر. ورغم أن الحياة الرقمية أمر لا مفر منه، فإن التدريب على وضع حدود لاستخدام الشاشات هو السبيل الوحيد لتحقيق السكينة النفسية. حاول الابتعاد عن الشاشات لمدة ساعة أو ساعتين على الأقل خلال اليوم. من الأفضل عدم تفقد هاتفك فور استيقاظك أو قبل نومك مباشرة. ألغِ متابعة الصفحات التي تثير توترك أو تولد لديك أفكاراً خاطئة، وتجنب المحتوى الذي يجعلك تشعر بالخوف أو الترهيب. كما أن تقليل وقت استخدام الشاشات يُسهم في صفاء ذهنك.

التحدث عن مشاعرك دون الشعور بالذنب

كبت المشاعر مدمر للصحة النفسية على المدى البعيد. بحلول عام 2026، ينبغي أن يصبح من المعتاد مناقشة مشاعرك، سواء مع صديق مقرب أو شخص مختص. التعبير عن المشاعر لا يعني الضعف، بل يساعد على تخفيف التوتر وإتاحة الفرصة للآخرين للوجود معك. عندما تشعر بثقل المشاعر، بادر بالتحدث مبكراً بدلاً من الانتظار حتى تتفاقم الأمور.

تحريك جسمك يومياً

ترتبط التمارين الرياضية ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية. فهي تُحفز إفراز مواد كيميائية في الدماغ تُحسّن المزاج، ما يُساعد على تخفيف التوتر والقلق. ولا تتطلب التمارين الرياضية جهداً كبيراً، فممارسة اليوغا في المنزل أو الرقص وتمارين التمدد الخفيفة مع المشي يومياً كافية. اختر الأنشطة التي تُحبها، لأنها ستُصبح جزءاً من العناية الذاتية، لا مجرد خطوة روتينية.

اللطف مع الذات

كثير من الناس هم أشدّ منتقدي أنفسهم. الشعور بالنقد الذاتي المستمر قد يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والثقة بالنفس. كن رحيماً بنفسك، وأنت تستقبل عام 2026. تقبّل فكرة أنه لا بأس بأخذ فترات راحة والعمل متى شئت. استمتع بالانتصارات الصغيرة، ولا تقارن مسيرتك بمسيرة الآخرين.


«نوابغ العرب» تمنح المصري نبيل صيدح جائزة الطب لعام 2025

الدكتور المصري نبيل صيدح
الدكتور المصري نبيل صيدح
TT

«نوابغ العرب» تمنح المصري نبيل صيدح جائزة الطب لعام 2025

الدكتور المصري نبيل صيدح
الدكتور المصري نبيل صيدح

منحت جائزة «نوابغ العرب 2025» الدكتور المصري نبيل صيدح جائزة فئة الطب، تقديراً لإسهاماته العلمية التي أسهمت في تطوير فهم صحة القلب وآليات تنظيم الكوليسترول، وما ترتب عليها من أدوية تُستخدم اليوم على نطاق واسع لتقليل مخاطر أمراض القلب.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الدكتور صيدح على فوزه، مؤكداً أن رسالة المنطقة في تطوير العلوم الطبية «مستمرة مع العقول العربية الفذة» الساعية إلى الابتكار من أجل الإنسان. وقال في منشور على منصة «إكس» إن الفائز، مدير وحدة أبحاث الغدد الصماء العصبية الحيوية في معهد مونتريال للأبحاث السريرية، قدّم إسهامات رائدة في فهم كيفية تعامل الجسم مع الدهون وتنظيم مستويات الكوليسترول، مشيراً إلى أنه نشر أكثر من 820 بحثاً علمياً، واستُشهد بأبحاثه أكثر من 71 ألف مرة.

وأضاف الشيخ محمد بن راشد: «الطب رسالة إنسانية، ومنطقتنا كان لها فضل كبير، على مدى قرون، في تطوير علومه وممارساته وأدواته وأبحاثه»، لافتاً إلى أن جائزة «نوابغ العرب» تعيد «البوصلة إلى مسارها الصحيح» عبر الاحتفاء بما يقدمه الإنسان العربي وإبراز نماذجه قدوة للأجيال.

الدكتور المصري نبيل صيدح

وتُعد من أبرز محطات المسيرة العلمية للدكتور صيدح مساهمته في اكتشاف إنزيم «بي سي إس كيه 9» (PCSK9)، الذي يلعب دوراً محورياً في التحكم بمستويات الكوليسترول في الدم؛ إذ بيّن هذا الاكتشاف أن زيادة نشاط الإنزيم قد تقود إلى ارتفاعات خطرة في الكوليسترول، ما شكّل نقطة تحول أسهمت في تطوير جيل جديد من العلاجات المعروفة باسم «مثبطات بي سي إس كيه 9»، التي تُستخدم على نطاق واسع لخفض الكوليسترول وتقليل مخاطر أمراض القلب.

وإلى جانب أبحاثه في صحة القلب، قدّم صيدح إسهامات علمية في فهم أمراض الكبد الدهني واضطرابات السمنة وانتشار السرطان، إضافة إلى تفسير كيفية دخول بعض الفيروسات إلى الخلايا البشرية، بما فتح مسارات جديدة أمام تطوير علاجات مبتكرة في أكثر من مجال طبي.

وفي السياق ذاته، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالدكتور صيدح أبلغه خلاله بفوزه، مشيداً بأبحاثه المتقدمة التي فتحت آفاقاً لتوظيف أحدث التقنيات والبيانات في ابتكار أدوية جديدة وعلاجات تخصصية ترتقي بمستويات الرعاية الصحية.

ويجسد مشروع «نوابغ العرب» مبادرة استراتيجية عربية أطلقها الشيخ محمد بن راشد لتكريم العقول العربية المتميزة في 6 فئات تشمل: الطب، والهندسة والتكنولوجيا، والعلوم الطبيعية، والعمارة والتصميم، والاقتصاد، والأدب والفنون، بهدف استئناف مساهمة المنطقة العربية في مسار الحضارة الإنسانية.


طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
TT

طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)

غيّب الموت الفنان المصري، طارق الأمير، الأربعاء، بعد مشوار فني قدم خلاله العديد من الأدوار اللافتة، ورغم ظهوره القليل فإن الفنان الراحل استطاع ترك بصمة مميزة في عالم الفن من خلال أعماله، وفق نقاد ومتابعين.

وفور إعلان خبر رحيل طارق الأمير، تصدر اسمه «الترند» على موقعي «إكس»، و«غوغل»، الأربعاء، في مصر، وتداول البعض على مواقع «سوشيالية»، لقطات فنية من أعماله، كما ربطوا بين توقيت رحيله، ودراما رحيل الفنانة نيفين مندور التي توفيت قبل أيام، خصوصاً أنهما شاركا معاً في بطولة فيلم «اللي بالي بالك»، قبل 22 عاماً، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً حينها.

وقبل أيام، تعرّض طارق الأمير لأزمة صحية مفاجئة، مكث على أثرها في أحد المستشفيات لتلقي العلاج اللازم، ولم تنجح محاولات الأطباء في علاجه.

وشيعت جنازة الفنان الراحل من أحد مساجد القاهرة، ظهر الأربعاء، وسط حضور فني وأسري بارز، لمساندة شقيقته الفنانة لمياء الأمير، كما حضر نجل خاله الفنان أحمد سعيد عبد الغني، والأخير نعاه عبر حسابه على موقع «فيسبوك»، وكتب: «توفي إلى رحمة الله ابن عمتي الغالي الفنان طارق الأمير»، كما نعى الأمير عدد آخر من الفنانين بحساباتهم على مواقع التواصل، من بينهم، روجينا، ونهال عنبر، ويوسف إسماعيل، بجانب نعي نقابة «المهن التمثيلية»، بمصر.

الفنان الراحل طارق الأمير (حساب الفنان أحمد سعيد عبد الغني على موقع فيسبوك)

وعن موهبة الفنان الراحل طارق الأمير، يقول الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، إن «الفنان الراحل من الألغاز التي رحلت عن عالمنا بلا إجابة»، لافتاً إلى أنه «من الفنانين المبدعين الذين تركوا بصمة مميزة في الكتابة والتمثيل في وقت قليل جداً».

وأضاف عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن مشاركة طارق الأمير في فيلمين من أكثر الأفلام تحقيقاً للمشاهدة، وهما «اللي بالي بالك»، و«عسل إسود»، كان من حسن حظه، رغم مرور أكثر من 20 عاماً على إنتاجهما.

محمد سعد وطارق الأمير في لقطة من فيلم «اللي بالي بالك» (يوتيوب)

وأكد عبد الرحمن أن «طارق الأمير لم يحصل على مساحته بشكل جيد، وغالباً ما يكون الأمر مرتبطاً بعدم رغبته أو قدرته على تسويق نفسه، أو انتمائه لجيل معين، وعندما تراجع هذا الجيل تراجع هو الآخر بالتبعية، ولكن في المجمل، ورغم أعماله القليلة في الكتابة والتمثيل، فإنه كان صاحب موهبة حقيقية».

في السياق، بدأ طارق الأمير مسيرته التمثيلية في تسعينات القرن الماضي، وشارك خلالها في عدد من الأعمال الفنية، وقدم أدواراً مميزة من بينها شخصية «الضابط هاني»، في فيلم «اللي بالي بالك»، مع الفنان محمد سعد، وكذلك شخصية «عبد المنصف»، في فيلم «عسل إسود»، حيث شكل مع الفنان أحمد حلمي «ديو» كوميدي لافت، بجانب مشاركته في أفلام «عوكل»، و«كتكوت»، و«صنع في مصر»، وبعيداً عن التمثيل، كتب طارق الأمير السيناريو لعدد من الأفلام السينمائية، مثل «مطب صناعي»، و«كتكوت»، و«الحب كدة»، وغيرها.