طهران بعد حرب غزة... تمسُّك بالردع الصاروخي واستبعاد الحرب

ظريف: الولايات المتحدة لا تريد انهيار إيران بل توازناً إقليمياً

لافتة تحمل صورة قادة إيرانيين قُتلوا في الحرب الأخيرة وأخرى مناهضة لإسرائيل فوق مركز إعلامي معني بفلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)
لافتة تحمل صورة قادة إيرانيين قُتلوا في الحرب الأخيرة وأخرى مناهضة لإسرائيل فوق مركز إعلامي معني بفلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)
TT

طهران بعد حرب غزة... تمسُّك بالردع الصاروخي واستبعاد الحرب

لافتة تحمل صورة قادة إيرانيين قُتلوا في الحرب الأخيرة وأخرى مناهضة لإسرائيل فوق مركز إعلامي معني بفلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)
لافتة تحمل صورة قادة إيرانيين قُتلوا في الحرب الأخيرة وأخرى مناهضة لإسرائيل فوق مركز إعلامي معني بفلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

قال وزير الاستخبارات الإيرانية إسماعيل خطيب إن «تفوق بلاده الصاروخي أحبط مخططاً لإسقاط النظام وتقسيم البلاد»، في حين أكد النائب أحمد بخشایش أردستاني أن «طهران رفعت قيود مدى صواريخها الباليستية لتعزيز الردع»، وشدد وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف على أن «الصواريخ مهمة، لكن الشعب أهم».

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن خطيب قوله الأربعاء إن «نظام الهيمنة سعى عبر تخطيط شامل وحرب هجينة، إلى فرض حكومة عميلة داخل إيران، وكان الهدف من ذلك الوصول إلى إسقاط النظام وتقسيم البلاد».

وأشار خطيب إلى «معالجة الأضرار والتداعيات بسرعة عبر بدائل مدروسة»، متحدثاً عن تحقيق بلاده «نصراً استراتيجياً كبيراً بفضل تفوقها العسكري والصاروخي»، مكرراً بذلك الرواية الرسمية بشأن حرب الـ12 يوماً، عادّاً أن «وحدة الشعب الإيراني وتماسكه كانا العامل الحاسم في صمود البلاد خلال نصف القرن الماضي»، مضيفاً: «نحن جميعاً ملزمون بالحفاظ على هذه الوحدة وتعزيزها، وخدمة الشعب هي الأساس في نجاحنا في الحفاظ على التماسك الوطني، وهو ما شدد عليه رئيس الجمهورية مراراً». وأضاف: «أثبت الشعب الإيراني أنه يقف بثبات إلى جانب النظام والثورة ويدعم القيادة».

جاءت تصريحات خطيب في سياق مواقف متتالية، خلال الأيام الأخيرة، من مسؤولين وقادة عسكريين، تشدد على رفض طهران أي مفاوضات مع الولايات المتحدة تمس برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وتحد من برنامجها للصواريخ الباليستية، وذلك مع تزايد التكهنات بشأن اليوم التالي لحرب غزة في إيران، واحتمال تجدد الحرب الإيرانية-الإسرائيلية، في وقت أعاد مجلس الأمن العقوبات الأممية على إيران.

وقال مسؤولون إيرانيون كبار، من بينهم أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي علي لاريجاني، إن طهران تعرضت لضغوط أميركية لخفض مدى صواريخها الباليستية بين 300 و500 كيلومتر.

عدم الاستعجال في التفاوض

وفي هذا الإطار، قال النائب أحمد بخشايش أدرستاني عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إن خامنئي «رفع قيود مدى الصواريخ»، ودعا في حديث لموقع «إيران أوبزرفر» الإخباري إلى عدم استعجال التفاوض مع واشنطن خلال الأشهر الستة المقبلة.

وأضاف أن «احتمال وقوع حرب بين إيران من جهة وإسرائيل أو الولايات المتحدة من جهة أخرى خلال هذه الفترة، ضعيف»، موضحاً أن «إيران تطوّر وستواصل تطوير برنامجها الصاروخي إلى أي مدى تراه مناسباً»، وأن «القيود السابقة التي حُدّدت بـ2200 كيلومتر أُلغيت تماماً».

وقال إن إيران لن توافق مطلقاً على التفاوض بشأن برنامجها الصاروخي، مشيراً إلى أن «الغربيين لا يضعون حدوداً لمطالبهم، وبعد الملف النووي يسعون لفتح ملف الصواريخ الإيرانية»، معرباً عن اعتقاده بأنه على الغرب «الاعتراف بإيران كقوة إقليمية فاعلة»، لافتاً إلى أن طهران أثبتت قوتها الصاروخية خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، محذراً من أن تقديم أي تنازلات في هذا الملف سيجعل الغرب يطالب لاحقاً بالتفاوض حول «القضايا الإقليمية وحقوق الإنسان».

طائرة مسيَّرة من طراز «شاهد» أمام مقر البرلمان الإيراني في ساحة بهارستان بطهران في سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتأتي هذه التصريحات بعد أن عقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اجتماعاً مغلقاً هذا الأسبوع، أطلع خلاله مسؤولين على نتائج زيارته نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تصدر الملف النووي جدول أعمال المحادثات الإيرانية.

وأشار أردستاني إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب «يسعى لإتمام خطة سلام مع حركة (حماس)»، معتبراً أنه «مثل نتنياهو يبدو مرهقاً من استمرار الحروب في المنطقة»، لكنه أقرّ بأن نجاحهما في تحقيق أهدافهما «غير مضمون»؛ نظراً لتعقيد المسار التفاوضي.

وأضاف أن «أي اتفاق سلام بين إسرائيل و(حماس) قد يؤدي تلقائياً إلى تهدئة غير معلنة بين إسرائيل، و(حزب الله)، واليمن، وحتى إيران».

الردع الإيراني

ورأى أردستاني أن أحد أسباب استبعاد الحرب حالياً هو الردع الإيراني القوي الذي برز خلال حرب الـ12 يوماً، قائلاً إن «إيران وجّهت ضربات صاروخية موجعة لإسرائيل رغم الخسائر التي تكبدتها في تلك المواجهة».

كما أشار إلى أن «الغربيين يراهنون على إعادة العقوبات الأممية لتشديد الضغط الاقتصادي على طهران، ظناً منهم أن ذلك سيزيد من صعوبة المعيشة ويعمق الفجوة بين الشعب والنظام بما قد يفضي إلى احتجاجات داخلية».

وقال النائب: «إذا حدث مثل هذا الوضع؛ أي إذا شهدنا مظاهرات متفرقة في أنحاء البلاد خلال الأشهر المقبلة، فقد يشجّع ذلك العدو على مهاجمتنا. لكن إذا تمكنت الحكومة خلال الأشهر الستة المقبلة من ضبط أسعار السلع الأساسية، وتقديم الدعم عبر البطاقات التموينية للفئات الضعيفة، وتوسيع الحريات الاجتماعية وعدم التشدد في قضايا مثل الحجاب، فسيضطر الغربيون أنفسهم في نهاية المطاف إلى التقدم بعرض للتفاوض مع إيران».

وأكد بخشایش أن الغربيين يعتقدون أن تفعيل آلية العقوبات سيحول إيران إلى «دولة متخلفة»، ويجعلها تواجه صعوبات قاسية؛ ولذلك يفرضون شروطاً مسبقة على أي حوار محتمل، لكنه أضاف: «إذا مرت ستة أشهر دون أن تتحقق هذه التوقعات، ودون أن نشهد احتجاجات أو اضطرابات، فسيتراجع الغرب عن شروطه وسيسعى بنفسه إلى التفاوض معنا. ومع ذلك، فإن إيران لن تقبل بأي مفاوضات تتضمن شروطاً مفرطة مثل التخصيب الصفري أو تقييد البرنامج الصاروخي».

عراقجي يتوسط رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان إبراهيم عزیزي ونائبه محمود نبويان الاثنين الماضي (الخارجية الإيرانية)

أما في حال عدم التوصل لاتفاق نووي، فقال النائب: «إذا لم نتمكن خلال فترة رئاسة ترمب من التوصّل إلى تفاهم مع الولايات المتحدة، فعلى النظام أن يتجاوز هذه المرحلة بأي وسيلة ممكنة؛ لأن المصلحة الوطنية تقتضي عبور هذه الحقبة بأقل الخسائر الممكنة».

وأشار أردستاني كذلك إلى أن «القيادة الإيرانية رفعت القيود السابقة على مدى الصواريخ الباليستية؛ ما يُعد تحولاً في العقيدة الدفاعية الإيرانية يعزز قدرة الردع في مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأميركية».

وانتقد الدور الأوروبي، قائلاً إن «أوروبا تحولت إلى أداة بيد واشنطن»، موضحاً أن «(الترويكا) الأوروبية طلبت من طهران التفاوض مع أميركا، لكن إسرائيل هاجمت إيران أثناء تلك المحادثات». وأضاف أن «إيران توصلت لاحقاً إلى اتفاق مع الوكالة الذرية في مصر، إلا أن الضغوط الأميركية دفعت الأوروبيين لتفعيل آلية (سناب باك) ضدها».

«الشعب أهم»

وفي سياق موازٍ، قال وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف إن «الصواريخ مهمة جداً، لكن الشعب أهم»، داعياً إلى تقدير الشعب باعتباره «العنصر الأساسي في قوة البلاد».

وخلال ندوة أكاديمية بطهران، الأربعاء، وصف ظريف سلوك الولايات المتحدة تجاه طهران بأنه «سلوك متنمر لا مهيمن»، مشيراً إلى «تراجع نسبي للقوة الأميركية». وقال إن «غياب النظام متعدد الأقطاب يعني أن إيران لا يمكن أن تنتظر دعماً خارجياً»، مضيفاً أن «الأحداث الأخيرة أثبتت أنه لن يأتي أحد لمساعدتها»، وذلك في إشارة إلى الحرب مع إسرائيل.

وأشار ظريف ضمناً إلى الضربة الأميركية للمنشآت النووية في اليوم الأخير من الحرب، وقال: «السياسة الأميركية والإسرائيلية غير منطبقتين تماماً، كما أن تحرك واشنطن في اليوم الأخير من الحرب كان يهدف إلى إنهائها؛ لأن استمرارها كان سيؤدي إما إلى توسع الحرب نتيجة مقاومة إيران، أو إلى انهيار إيران في حال هزيمتها».

وأضاف ظريف: «الولايات المتحدة لا تريد انهيار إيران، ولا تسعى إلى توسع الحرب في المنطقة؛ لأن ذلك سيؤدي إلى مزيد من انخراطها في قضايا الشرق الأوسط»، وأضاف: «هذا هو السبب الذي جعل واشنطن تقبل بالاتفاق النووي؛ إذ كانت تسعى إلى تقليص مبررات وجودها العسكري والسياسي في المنطقة».

محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الأسبق يتحدث خلال منتدى دافوس في يناير الماضي (رويترز)

وقال ظريف إن «سياسة الولايات المتحدة لا تقوم على تفكيك إيران، في حين أن إسرائيل، حتى في عهد الشاه، كانت ترى أن إيران دولة كبيرة جداً ويجب تقسيمها؛ لأن إيران القوية والواسعة تمثل عقبة خطيرة أمام تحقيق إسرائيل تفوقها التكنولوجي والاقتصادي الكامل في المنطقة».

من جهة ثانية، قال ظريف إن «هناك نقطتين أساسيتين تشكلان عنصرَي قوة لإيران: أولاً، أن إيران هي الدولة الأولى التي تمكنت من تهديد المراكز الإسرائيلية الحيوية، وضرب حيفا وتل أبيب وإلحاق خسائر بها؛ ما يثبت امتلاكها القدرة والإرادة معاً. وثانياً، أن الولايات المتحدة عندما تهدد بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية، تقوم في الوقت نفسه بإخلاء قواعدها في محيط إيران، لتتيح لإيران الرد، وهذا لا يجب أن يُعتبر مجرد لعبة، بل دليل على أن إيران تمتلك إرادة حقيقية للرد تجعل حتى أميركا النووية الحذِرة تتراجع عند المواجهة».

وقال ظريف إن «القدرة الإيرانية على الرد ضد إسرائيل والولايات المتحدة، إلى جانب تباين السياسات بين واشنطن وتل أبيب والدول العربية، يخلقان فرصة لإيران لتعزيز موقعها الإقليمي»، على حد تعبيره.

وأضاف أن «الوضع الحالي في غرب آسيا هو الأخطر منذ اتفاق أوسلو ومؤتمر مدريد»، مشيراً إلى أن «التطورات الجارية في غزة تمثل نقطة تحول حيوية بالنسبة للولايات المتحدة والمنطقة».


مقالات ذات صلة

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

شؤون إقليمية بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

دافع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، عن مشروع موازنة العام الجديد، معتبراً إياه أداة لضبط الاقتصاد في ظل العقوبات وتراجع الإيرادات.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية انطلاق صاروخ «سويوز» روسي من قاعدة فوستوشني الفضائية يحمل قمراً اصطناعياً إيرانياً - 29 فبراير 2024 (رويترز - روسكوزموس)

تقارير: إطلاق 3 أقمار اصطناعية إيرانية من روسيا

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن 3 أقمار اصطناعية ​إيرانية انطلقت إلى الفضاء على متن صواريخ «سويوز» الروسية في إطار توسيع البلدين الخاضعين لعقوبات أميركية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

أثار إعلان مجموعة القراصنة الإيرانية، المعروفة باسم «حنظلة»، اختراق الهاتف الجوال لرئيس طاقم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، حالة من القلق في محيط نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز) play-circle

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة من الخلف لقادة في «الحرس الثوري» خلال لقاء مع المرشد الإيراني (موقع خامنئي)

تقرير: كوري شمالي يغسل أموالاً لـ«الحرس الثوري»

كشف تقرير صحافي كوري جنوبي عن رصد معاملات مالية رقمية بين إيران وكوريا الشمالية، في مؤشر على تعاون غير معلن بين دولتين تخضعان لعقوبات دولية مشددة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قتلى ومصابون من الشرطة و«داعش» باشتباكات دامية غرب تركيا

دخان كثيف يتصاعد من منزل كان يوجد به عناصر من «داعش» أثناء اشتباكات مع الشرطة في يالوفا شمال غربي تركيا الاثنين (رويترز)
دخان كثيف يتصاعد من منزل كان يوجد به عناصر من «داعش» أثناء اشتباكات مع الشرطة في يالوفا شمال غربي تركيا الاثنين (رويترز)
TT

قتلى ومصابون من الشرطة و«داعش» باشتباكات دامية غرب تركيا

دخان كثيف يتصاعد من منزل كان يوجد به عناصر من «داعش» أثناء اشتباكات مع الشرطة في يالوفا شمال غربي تركيا الاثنين (رويترز)
دخان كثيف يتصاعد من منزل كان يوجد به عناصر من «داعش» أثناء اشتباكات مع الشرطة في يالوفا شمال غربي تركيا الاثنين (رويترز)

قُتل 3 شرطيين و6 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في اشتباكات وقعت في مدينة يالوفا شمال غربي تركيا أسفرت أيضا عن إصابة 8 من رجال الشرطة وحارس أمن.

وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا إنه خلال عملية نفذتها قوات الأمن التركية على منزل لعناصر «داعش» في يالوفا في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، تعرض رجال الشرطة لإطلاق نار؛ ما تسبب في مقتل 3 منهم، هم: إيلكر بهلوان، وتورغوت كولونك، وياسين كوتشيغيت.

وأضاف يرلي كايا، الذي نشر صوراً عبر حسابه في «إكس» لرجال الشرطة الثلاثة، أن 8 من رجال الشرطة وحارس أمن أصيبوا خلال العملية، التي قتل فيها 6 إرهابيين من عناصر«داعش»، جميعهم أتراك.

وذكر الوزير التركي، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الوزارة في أنقرة عقب انتهاء العملية، التي انطلقت في تمام الساعة 2:00 صباح الاثنين (تغ +3) واستمرت حتى الساعة 9:40، أنه تم استهداف أحد المنازل في شارع «سحر» بحي «عصمت باشا» في يالوفا، وأطلق الإرهابيون النار على رجال الشرطة.

قتلى ومصابون

وأضاف أنه نتيجة لهذا الهجوم الغادر، لقي 3 من ضباط الشرطة حتفهم، للأسف، وأصيب 8 آخرون وحارس أمن، مؤكداً أن العملية نُفذت بحساسية بالغة؛ نظراً لوجود نساء وأطفال في المنزل الذي كان يتمركز فيه الإرهابيون، وتم إجلاء 5 نساء و6 أطفال كانوا موجودين في المنزل بسلام.

وزير الداخلية التركي على يرلي كايا متحدثاً خلال مؤتمر صحافي الاثنين حول العملية ضد «داعش» في يالوفا (الداخلية التركية)

وتابع يرلي كايا: «تستمر حربنا اليوم ضد المنظمات الإرهابية التي تستغل ديننا لتبرير العنف واستهداف الأمن والنظام العام في بلادنا بعزمٍ راسخ، كما كان الحال بالأمس، وفي هذا السياق، تم خلال الشهر الماضي إلقاء القبض على 138 مشتبهاً به، وتطبيق إجراءات الرقابة القضائية على 97 مشتبهاً به في عمليات نُفذت ضد تنظيم (داعش) الإرهابي، واستمراراً لهذا العزم، نُفذت عمليات متزامنة صباح الاثنين في 108 مواقع مختلفة في 15 ولاية بأنحاء البلاد».

مدرعات وعناصر من القوات الخاصة تم الدفع بها إلى موقع الاشتباكات مع عناصر «داعش» في يالوفا (رويترز)

وخلال العملية، قامت السلطات التركية بقطع خدمات الغاز الطبيعي والكهرباء عن منطقة الاشتباكات بين قوات الأمن وعناصر «داعش»، ومُنع دخول المدنيين والمركبات، وأعلنت ولاية يالوفا تعليق الدراسة في 5 مدارس بالمنطقة.

وسبق أن أعلنت الولاية عن نشر قوات من العمليات الخاصة التابعة لشرطة ولاية بورصة المجاورة في منطقة الاشتباكات.

وتوجهت فرق من مديرية أمن يالوفا، وفرع العمليات الخاصة التابع لمديرية أمن بورصة، وفريق كوماندوز، ومركبتان مدرعتان من طراز «كوبرا»، ومركبة مدرعة من طراز «شورلاند» تابعة لقيادة قوات الدرك في يالوفا، إلى موقع الاشتباكات.

إردوغان تعهد بالاستمرار في المواجهة الحاسمة للإرهاب داخل تركيا وخارجها (الرئاسة التركية)

وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان، في رسالة تعزية لعائلات ضحايا العملية الأمنية ضد «داعش» عزم تركيا على مواصلة مكافحة الإرهاب، قائلاً: «سنواصل نضالنا ضد هؤلاء المجرمين المتعطشين للدماء، داخل حدودنا وخارجها، بحزم وفاعلية ودون هوادة».

أعلن وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، عبر حسابه في «إكس»، القبض على 5 مشتبهين، وتكليف 5 من مدعي العموم التحقيق، وأن التحقيق يجري بدقة وشمولية.

وقدمت الأحزاب التركية تعازيها لعائلات رجال الأمن الثلاثة، وطالبت بمواجهة الإرهاب بكل حزم، مؤكدة دعمها لأجهزة الأمن في هذه المواجهة.

تحذيرات سابقة للمعارضة

والاشتباكات التي وقعت بين قوات الأمن وعناصر «داعش» في يالوفا، الاثنين، تُعدّ الأولى من نوعها بهذا الحجم بالنظر إلى عدد العمليات التي تنفذها قوات الأمن التركية ضد التنظيم الإرهابي منذ الهجوم الذي نفذه على نادي «رينا» الليلي في إسطنبول في رأس السنة عام 2017، وقٌتل فيه 39 شخصاً وأصيب 79 آخرون، غالبيتهم من الأجانب.

أعادت هذه الاشتباكات إلى الأذهان اقتراحاً قدمه نائب حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة التركية، أوغوز كان ساليجي، إلى البرلمان قبل عامين دعا فيه إلى التحقيق في هيكلٍ لتنظيم «داعش» في يالوفا.

عناصر من شرطة المرور في يالوفا أغلقت الطرق وحوَّلت مسارات المرور أثناء الاشتباكات بين الشرطة التركية وعناصر «داعش» بينما يبدو الدخان يتصاعد في الخلف من المنزل الذي كانت توجد به هذه العناصر (رويترز)

وجاء في الاقتراح، الذي تم رفضه ولم يُعرض على البرلمان لمناقشته، أن جماعةً في يالوفا كانت على اتصال بـ«داعش» للحصول على الدعم وتلقي التدريب المسلح، وأن التنظيم حذَّر مقاتليه من استخدام تطبيقات تواصل اجتماعي مُخصصة لنشر فكره، وتم التواصل عبر إحالات إلى جماعات مُحددة.

وكشف الاقتراح أيضاً عن قيام أطباء مقربين من التنظيم بوصف عقاقير تسبب الإدمان، عُرفت باسم «حبوب داعش»، وهي عقاقير لا يُمكن وصفها في تركيا إلا من قِبل أطباء نفسيين وجراحي أعصاب بـ«روشتة خضراء».

وطالب ساليجي في اقتراحه بتشكيل لجنة بحثية لمنع إعادة هيكلة تنظيم «داعش» الإرهابي في تركيا تحت مسمى «مكتب الفرقان»، وطلب من البرلمان التحقيق في هذا الأمر، استناداً إلى لائحة اتهام أعدتها النيابة العامة في ديار بكر (جنوب شرقي تركيا) بشأن الهيكل الجديد لتنظيم «داعش»، المسمى «مكتب الفرقان».

ولفت إلى أن «داعش» قام بأنشطة دعائية في تركيا، وجورجيا، وأذربيجان، وروسيا، وأوكرانيا، والشيشان، ومالي، وأوغندا والسودان لتجنيد أعضاء جدد، وبذل جهوداً لتوفير موارد مالية، وتنفيذ أنشطة مسلحة وعسكرية، وأن مقاتلين من التنظيم تلقوا تدريبات عسكرية في جورجيا، وقدِموا إلى تركيا.

المنزل الذي كان يقيم فيه عناصر «داعش» في يالوفا وقد احترق تماماً خلال المواجهات مع الشرطة التركية (رويترز)

وجاء في الاقتراح أن هناك معلومات تفيد بأن يالوفا أصبحت مركزاً لأنشطة التنظيم، وأنه حتى لو لم يكن بالإمكان ربط المجموعة التي تجمعت حول مجلة «الأخلاق والسنة»، التي يقع مقرها في يالوفا ولها تمثيل في جورجيا، بشكل مباشر بعملية إعادة هيكلة «داعش»، فإنها على اتصال وثيق به للحصول على قاعدة وتلقي تدريبات مسلحة، كما أنها تدعم أنشطة التنظيم من خلال تمثيلها في جورجيا.

وأكد ساليجي أن على الحكومة التركية شن حرب لا هوادة فيها ضد «داعش»، وأن تتبنى خطاباً واضحاً تجاه التنظيم الذي أدرجته على لائحة الإرهاب عام 2013.

في السياق ذاته، قدَّم نائب حزب «الشعب الجمهوري»، مراد باكان سؤالاً برلمانياً عن سبب عدم اتخاذ وزارة الداخلية إجراءات وقائية، واستفسر عن هيكله في تركيا، وهيكل تنظيم «ولاية خراسان»، والعمليات التي نُفذت خلال السنوات الثلاث الماضية، واحتمالية استخدام «داعش» طرق الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين غطاءً أو قناةَ دعم لوجستي.

عمليات مكثفة

ورداً على السؤال، أكدت وزارة الداخلية أنها نفذت عمليات متكررة في جميع أنحاء تركيا عام 2025، وأنه تم القبض على أكثر من 160 عضواً من التنظيم في سبتمبر (أيلول)، وأكثر من 150 في يونيو (حزيران) الماضيين.

قوات مكافحة الإرهاب في تركيا أثناء مداهمة أحد مواقع «داعش» (الداخلية التركية)

وأصدرت قيادة قوات الدرك في أنقرة في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي تعميماً لمختلف فروعها في الولايات حذّرت فيه من احتمال شن «داعش» هجمات إرهابية بسيارات مفخخة وطرق أخرى، عبر خلاياه النائمة، في المناطق المزدحمة قبل وأثناء احتفالات رأس السنة، بتعليمات من قيادة التنظيم؛ بهدف منع الانشقاقات في صفوفه ورفع معنويات المتعاطفين معه، وبثّ الخوف والضغط في نفوس العامة.

والأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة التركية 115 شخصاً ينتمون لـ«داعش» تبين أنهم كانوا ​يخططون لتنفيذ هجمات خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة. وذكر مكتب المدعي العام في إسطنبول أنهم كانوا يخططون لهجمات تستهدف «غير المسلمين» على وجه الخصوص.


تركيا: مقتل 3 شرطيين و6 مسلحين في عملية أمنية ضد «داعش»

فريق من القوات الخاصة التابعة للدرك التركي غادر الموقع الذي شنت فيه قوات الأمن التركية عملية على منزل يُعتقد أنه يضم عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم (داعش) (رويترز)
فريق من القوات الخاصة التابعة للدرك التركي غادر الموقع الذي شنت فيه قوات الأمن التركية عملية على منزل يُعتقد أنه يضم عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم (داعش) (رويترز)
TT

تركيا: مقتل 3 شرطيين و6 مسلحين في عملية أمنية ضد «داعش»

فريق من القوات الخاصة التابعة للدرك التركي غادر الموقع الذي شنت فيه قوات الأمن التركية عملية على منزل يُعتقد أنه يضم عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم (داعش) (رويترز)
فريق من القوات الخاصة التابعة للدرك التركي غادر الموقع الذي شنت فيه قوات الأمن التركية عملية على منزل يُعتقد أنه يضم عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم (داعش) (رويترز)

قال وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، إن 3 من عناصر الشرطة وستة مسلحين يشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» قتلوا في مداهمة أمنية استهدفت منزلاً في بلدة يالوفا بشمال غرب البلاد في ساعة مبكرة من صباح اليوم الاثنين.

وأوضح الوزير أن ثمانية من أفراد الشرطة وأحد المارة أصيبوا أيضا في الاشتباكات. وقال يرلي قايا إن المداهمة كانت ضمن عملية أمنية واسعة شملت 15 إقليماً، مضيفا أن المسلحين القتلى الستة مواطنون أتراك.

وكانت وسائل إعلام تركية قد أفادت في وقت سابق اليوم بإصابة سبعة من أفراد الشرطة التركية في العملية في يالوفا، على ساحل بحر مرمرة، جنوبي إسطنبول.

مركبة مدرعة تابعة لقوات الدرك التركي تغادر الموقع الذي شنت فيه قوات الأمن التركية عملية على منزل يُعتقد أنه يضم عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم (داعش) (رويترز)

وقالت قناة «إن تي في» التلفزيونية إن المشتبه بهم أطلقوا النار على ⁠الشرطة أثناء شنها العملية. وجرى إرسال ‌قوات خاصة من الشرطة من إقليم بورصة إلى المنطقة لتقديم الدعم، بحسب ما أفادت به السلطات.

وفي الأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة التركية 115 شخصاً يُشتبه بانتمائهم لتنظيم «داعش» وذلك بدعوى أنهم كانوا ​يخططون لتنفيذ هجمات خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة في ⁠البلاد، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

فريق من القوات الخاصة التابعة للدرك التركي غادر الموقع الذي شنت فيه قوات الأمن التركية عملية على منزل يُعتقد أنه يضم عناصر مشتبه بانتمائهم لتنظيم (داعش) (رويترز)

وذكر مكتب المدعي العام في إسطنبول آنذاك أن المسلحين كانوا يخططون لهجمات تستهدف غير المسلمين على وجه الخصوص. وقبل نحو عقد من الزمان، نُسبت إلى التنظيم المتشدد سلسلة من الهجمات على أهداف مدنية في تركيا، من بينها هجوم مسلح على ملهى ليلي في إسطنبول ‌وعلى مطار المدينة الرئيسي مما أدى إلى مقتل العشرات.


الرئيس الإيراني يربط الموازنة بالأمن القومي

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
TT

الرئيس الإيراني يربط الموازنة بالأمن القومي

بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

قدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مشروع موازنة العام الجديد بأولويات تتمحور حول الأمن القومي، معتبراً أن الانضباط المالي بات شرطاً أساسياً للصمود في مواجهة الضغوط الخارجية بعد حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل وتشديد العقوبات.

وبعد خمسة أيام من تقديم مسودة الموازنة للبرلمان، دافع بزشكيان أمام المشرعين عن إعداد موازنة بنمو لا يتجاوز 2 في المائة، واصفاً إياها بأنها الخيار «الأصعب» لكنه الأكثر واقعية لتفادي العجز وكبح التضخم في ظل تراجع عائدات النفط وشح الموارد.

وتتخطى الموازنة 100 مليار دولار بحسب صرف السعر المتقلب جداً هذه الأيام.

وشدد بزشكيان على أنها أُعدت في «ظروف استثنائية وضاغطة» فرضتها العقوبات، والحرب مع إسرائيل، قائلاً إن الحكومة اختارت نهجاً منضبطاً لتفادي العجز وكبح التضخم، حتى وإن جاء ذلك على حساب قرارات صعبة تمس بنية الإنفاق والدعم.