أكدت المخرجة السودانية سوزانا ميرغني أن فيلمها الروائي الطويل «ملكة القطن» يشارك في 3 مهرجانات ألمانية، بدءاً من 3 أكتوبر (تشرين الأول) حيث يُعرض في كل من «هامبورغ»، و«شتوتغارت»، و«كمبينتس»، كما يشارك في مهرجان «شيكاغو» بأميركا حيث يعرض في 18 من الشهر ذاته، وذلك بعد مشاركته بمهرجان «فينسيا» السينمائي خلال دورته الماضية.
وأوضحت سوزانا أن هناك مهرجانات عدة طلبت مشاركته بها، ورأت في حوارها لـ«الشرق الأوسط» أن «مشاركة فيلمها في مهرجانات عالمية كبرى من بينها (فينسيا) كان حلماً كبيراً، مؤكدة أن الفيلم عن المرأة السودانية وعن الوطن»، لافتة إلى «عدم وجود صناعة سينما بالسودان لا قبل الحرب ولا بعدها»، مشيرة إلى أن «عرض فيلمها القصير (الست) على منصة (نتفليكس) أتاح للجمهور السوداني مشاهدته للمرة الأولى».

ونافس الفيلم السوداني «ملكة القطن» بمسابقة «أسبوع النقاد» بمهرجان «فينسيا» خلال الدورة الـ82، وهو أول الأفلام الطويلة لمخرجته، ومن بطولة مهاد مرتضى، رابحة محمد محمود، طلعت فريد، حرم بشير، محمد موسى، حسن محيي الدين، وتصوير فريدا مرزوق، ووضع موسيقاه أمين بوحافة، وشارك في إنتاجه 7 دول هي ألمانيا، فرنسا، السعودية، قطر، السودان، مصر، فلسطين.
وتشير سوزانا إلى أن عنوان فيلم «ملكة القطن» مستوحى من مسابقة كانت تقام في كل من السودان ومصر خلال ثلاثينات وحتى خمسينات القرن الماضي لاختيار ملكة جمال من الفتيات اللاتي يعملن في حقول القطن، في زمن كان فيه القطن هو أهم منتج زراعي لدى مصر والسودان، وأنها أرادت أن تروي الحكاية من خلال الجدة والحفيدة حيث عاصرت الأولى زمن الاحتلال الإنجليزي، فيما تعيش الحفيدة زمن «البيزنس» وكل منهما لديها قوة كبيرة.
تدور أحداث الفيلم في قرية سودانية تشتهر بزراعة القطن حيث نشأت نفيسة على قصص بطولية ترويها لها جدتها عن محاربة المستعمرين، لكن عندما يصل رجل أعمال شاب من الخارج بخطة تنمية جديدة وقطن مُعدل وراثياً، تنطلق قوة نفيسة وتتصدى لإنقاذ حقول القطن السوداني وتجد في ذلك إنقاذ لنفسها من الضياع.
وتلفت المخرجة إلى أن «الفيلم عن المرأة السودانية وعن الأرض، فالبطلة تستيقظ على إدراكها لذاتها وقدرتها على تحدي سياسات مجتمعها، سواء كان الختان أو الزواج المبكر أو الاستغلال بكل أشكاله».
وكشفت سوزانا ميرغني المولودة لأب سوداني وأم روسية أن تصوير الفيلم تم في مصر قائلة: «كان من المفترض أن أسافر السودان لتصوير الفيلم في 2023 لكن وقعت الحرب ولم نستطع التصوير بها؛ لذا صورنا في مصر، وتحديداً بمنطقة القناطر الخيرية (دلتا مصر) حيث مشاهد النيل بها جميلة للغاية، وقمنا ببناء بيت على نمط بيت (الست) نفسه في السودان، وفي مصر تعاملنا مع صناع أفلام متميزين وعلى درجة عالية من الاحترافية».

وتصف ميرغني مشاركة الفيلم في «فينسيا» بأنه كان حلماً، لا سيما أن السينما السودانية كانت لها مشاركة واحدة بهذا المهرجان العريق من خلال فيلم «ستموت في العشرين» للمخرج أمجد أبو العلا عام 2019، وتقول عن ذلك: «المشكلة أن صناعة الأفلام السودانية صعبة في ظل الحرب وحتى قبل الحرب، لا توجد صناعة سينما ولا دعم تحصل عليه من أي جهة، لكننا نحاول شق طريقنا رغم كل المعوقات لأن السينما تنقل أصواتنا للعالم».
وحول ردود الأفعال التي تلقتها بعد عرض الفيلم في «فينسيا»، تقول: «لم يكن هناك سودانيون كُثر بل قليل من الشباب السوداني عبروا عن إعجابهم بالفيلم، لكن أسعدني وجود جمهور شاهد فيلماً سودانياً لأول مرة وقالوا إنهم يشاهدون وجهاً آخر للسودان غير الحرب، سودان الجمال والشعر».
وأخرجت سوزانا أفلاماً قصيرة قبل أن تشرع في فيلمها الطويل «ملكة القطن»، وأشارت إلى أن أفلامها القصيرة الأولى كانت أفلاماً «تجريبية تتناول قصص المراهقات التي عَدتها أجمل وأصعب مرحلة في حياة الفتاة وتنطوي على قصص وحكايات كثيرة»، مشيرة إلى أنها أخرجت فيلمي «حلم هند» و«كارافان» في الدوحة، وضم «كارافان» 10 جنسيات معبراً عن مدينة «كوزموبوليتانية» تضم مختلف الجنسيات، حسبما تؤكد.
وتلفت إلى أنها أخرجت فيلمها القصير «الست» في 2020 لكي تثبت قدرتها على تقديم فيلم طويل عن العالم نفسه، وحاز الفيلم جائزة (CANAL+) من مهرجان «كليرمون فيران» بفرنسا 2021، إلى جانب جوائز أخرى من عدة مهرجانات، ويُعرض حالياً عبر منصة «نتفليكس»، وتقول سوزانا: «هذا العرض كان مهماً لأنه برغم عرضه في عدة مهرجانات حول العالم فإنه لم يُعرض بالسودان، ومن خلال المنصة تمكن السودانيون أخيراً من مشاهدته وهذا كان أمراً مهماً لي وأعتز به».

وحول الفرق بين فيلمي «الست» و«ملكة القطن» تؤكد أنه العالم نفسه والشخصيات نفسها، لكن القصة متطورة، فـ«الست نفيسة» في الفيلم القصير لم تتكلم طوال مدة الفيلم، وكنت أفكر ماذا لو تكلمت؟ ماذا ستقول؟ وفي «ملكة القطن» لا تتحدث فقط، بل تغني وتضحك أيضاً وتقول كلاماً مهماً، ليس فقط عن نفسها، بل عن المجتمع وعن حقوقها أيضاً.
وتشير إلى أن «ملكة القطن» انطلق من الدوحة حيث تُقيم، وقد كتبت السيناريو بها وبدأ المشروع مع مؤسسة الدوحة وبمشاركات إنتاجية لـ7 دول هي ألمانيا وفرنسا والسعودية وقطر وفلسطين ومصر والسودان.
وتشدد سوزانا على أهمية وضع المرأة كمخرجة بشكل خاص في السودان قائلة: «صوت المرأة لا بد أن يؤكد حضوره في الأفلام والقصص، وهناك شابات يكتبن السيناريو ويخرجن الأفلام القصيرة ويملكن مواهب حقيقية، وقد قدمت لهن ورشة عمل ضمن مبادرة (أفلام بنات)، وهناك جيل جديد من المخرجات والكاتبات السودانيات قادم بقوة خلال السنوات المقبلة».


