مساعٍ اجتماعية لفض اشتباك مسلح في صبراتة غرب ليبيا

الدبيبة لاحتواء غضبة بلدية الزنتان بعد إيقاف عميدها عن العمل

الدبيبة مع حكماء الزنتان مساء الاثنين (حكومة «الوحدة» الليبية)
الدبيبة مع حكماء الزنتان مساء الاثنين (حكومة «الوحدة» الليبية)
TT

مساعٍ اجتماعية لفض اشتباك مسلح في صبراتة غرب ليبيا

الدبيبة مع حكماء الزنتان مساء الاثنين (حكومة «الوحدة» الليبية)
الدبيبة مع حكماء الزنتان مساء الاثنين (حكومة «الوحدة» الليبية)

التزمت السلطات في الغرب الليبي الصمت، حيال التوتر الأمني الجديد الذي شهدته مدينة صبراتة، بعد اندلاع اشتباكات مسلّحة بالأسلحة المتوسطة بين سكان منطقة دحمان وتشكيل مسلّح يُعرف باسم «الكابو»، وسط جهود اجتماعية لاحتواء الوضع.

وتسببت المواجهات، التي دارت داخل الأحياء السكنية مساء الاثنين، في حالة من الهلع بين الأهالي، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية عن شهود، كما أُصيبت طفلة برصاصة طائشة وخضعت لجراحة، بينما لم تعقّب حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، على فوضى السلاح المتكررة في الغرب الليبي.

وعقد أعيان المنطقة، اجتماعات عاجلة لتهدئة الوضع، في إطار وساطة محلية متكررة، بينما رجّح مصدر أمني أن يكون الخلاف «على المخدرات سبباً لاندلاع الاشتباكات المسلحة في منطقة دحمان الواقعة عند المدخل الشرقي للمدينة».

وقبل توقف الاشتباكات الثلاثاء، طالب أهالي المنطقة «جمعية الهلال الأحمر» بالتدخل وتأمين ممر إنساني لضمان سلامتهم بعيداً عن دائرة الخطر.

وتعد صبراتة، التي تبعد عن طرابلس نحو 70 كيلومتراً إلى الغرب، من أبرز المدن الساحلية التي عانت منذ 2011 من تحوّلها إلى ساحة نفوذ لمجموعات مسلّحة مختلفة، بعضها متورط في تهريب الوقود والبشر عبر البحر، وشهدت سابقاً معارك بين فصائل متنافسة.

وفي شأن آخر، قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، إن وكيلها للشؤون العامة اللواء محمود سعيد، بحث مع الأجهزة الأمنية والعسكرية العاملة في «مطار معيتيقة الدولي»، آليات التنسيق والتعاون الأمني المشترك بين مختلف الأجهزة، بما يضمن تنظيم سير العمل وتعزيز الإجراءات الأمنية، بهدف تفعيل هذا المرفق الحيوي والارتقاء بمستوى الأداء الأمني فيه.

وأكدت الوزارة الثلاثاء، استمرارها «في دعم المنافذ الحيوية ومتابعة إجراءاتها الأمنية بما يحقق أعلى مستويات الانضباط والسلامة للمواطنين والمسافرين».

يأتي هذا الاجتماع، في أعقاب الترتيبات الأمنية الأخيرة التي تم التوصل إليها برعاية تركية، وأفضت إلى إنهاء سيطرة «جهاز الردع» الخاصة على المطار ونقل تبعيته بالكامل إلى وزارة الداخلية وأجهزتها الرسمية، بعد سنوات ظل فيها تحت نفوذ الجهاز المناوئ للحكومة.

وفي سياق موازٍ، وفي محاولة لاحتواء تململ الزنتان، أشاد الدبيبة، لدى لقائه مساء الاثنين مع «مجلس حكماء وأعيان» المدينة، بما وصفه بـ«دورهم المحوري في توحيد الصف ولمّ الشمل»، مشدداً على أن الحكومة تولي اهتماماً بالمكونات الاجتماعية بعدّها الداعم لمسار الاستقرار والتنمية.

وأوضح بيان حكومي «أن الاجتماع بحث تطورات الأوضاع في البلاد، إضافة إلى استعراض عدد من الملفات الوطنية، وتعزيز الاستقرار، ودور المكونات الاجتماعية في دعم برامج الحكومة وخططها الرامية إلى تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية للمواطنين».

ونُقل عن الحكماء «دعمهم وتقديرهم لخطوات الحكومة في مختلف الملفات، مجددين التزامهم بالوقوف إلى جانب مؤسسات الدولة والتعاون الكامل مع جهودها بما يخدم مصلحة الوطن ويعزز وحدته».

كما بحث وزير الحكم المحلي المكلّف عبد الشفيع الجويفي، مع عمداء وأعضاء 15 بلدية، أوضاعها ومتابعة سير العمل في المشاريع الجارية، مع التأكيد على «أهمية الالتزام بالخطط الزمنية المحددة لضمان تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين».

وعدّت حكومة «الوحدة» هذا اللقاء يعكس دعم البلديات، ونقلت عن الحاضرين أن البيان الصادر في وقت سابق «لا يمثل إلا من قاموا بالتصريح به».

ودخلت الزنتان، الواقعة غرب البلاد، وتعد من أبرز المكونات الاجتماعية والسياسية في المنطقة الغربية، في توتر مع «الوحدة»، بعد قرار الجويفي إيقاف عميد بلديتها عن العمل بسبب لقائه وفداً من حكومة أسامة حماد المكلفة من البرلمان، وهو ما قوبل برفض واسع داخل المدينة ودفع بعض البلديات الأخرى إلى إعلان تضامنها مع الزنتان.

صورة وزعتها «مفوضية الانتخابات» في ليبيا لاجتماعها بطرابلس

من جهة أخرى، أكد عماد السايح رئيس «المفوضية العليا للانتخابات»، خلال اجتماع في طرابلس، الثلاثاء، بحضور ممثلين عن مشروع دعم الانتخابات في ليبيا، مضي المفوضية في خططها لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية وفق الجدول الزمني المحدد، مشيداً بالدعم الفني المقدم من شركاء العملية الانتخابية، وفي مقدمتهم مشروع دعم الانتخابات في ليبيا.

وناقش الاجتماع، الخطة الزمنية الخاصة بإجراء المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، والإجراءات المتعلقة بالترشيح والاقتراع وإعلان النتائج.

في المقابل، خلص اجتماع عقدته مساء الاثنين لجنة مجلس النواب المكلّفة متابعة وحصر أوضاع الليبيين المسجونين في الخارج، إلى إعداد قاعدة بيانات دقيقة بأسمائهم وأماكن احتجازهم وتفاصيل قضاياهم، بالتنسيق مع الجهات الرسمية ومكتب النائب العام والسفارات الليبية.

كما تقرر الاستعانة بخبير قانوني لدعم عمل اللجنة، وإعداد تقرير مرحلي يُرفع لعقيلة صالح رئيس المجلس خلال أسبوعين، مع عقد اجتماعات دورية لضمان متابعة حقوق السجناء واتخاذ الإجراءات اللازمة.

خالد حفتر مع وفد قبيلة العواقير الثلاثاء (الجيش الوطني الليبي)

في سياق مختلف، وفي مؤشر على تعزيز حضورهما داخل المشهد العسكري والسياسي، كثّف نجلا القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر من لقاءاتهما مع القبائل الليبية في خطوة يُنظر إليها بوصفها مساعي لترسيخ التحالفات الاجتماعية الداعمة للجيش.

وأشاد رئيس أركان الجيش الفريق خالد حفتر، خلال استقباله وفداً من مشايخ وأعيان «قبيلة العواقير» الذين هنأوه بمناسبة ترقيته وتكليفه بمهامه الجديدة، بـ«الدور الوطني للقبيلة ومواقفها التاريخية»، مؤكداً تقديره لجهودها «في الحفاظ على وحدة ليبيا وصون نسيجها الاجتماعي ودعمها المستمر لقوات الجيش في حماية سيادة البلاد».

وكان الفريق صدام، نجل ونائب حفتر، أشاد لدى لقائه بوفد من مشايخ وأعيان «قبيلة أولاد سليمان» بمدينة بنغازي، كما أشاد بـ«تضحياتهم ومواقفهم الوطنية في تأمين مناطق الجنوب ودعم جهود الجيش في بسط الأمن والاستقرار»، عادّاً القبيلة تمثل «ركناً أساسياً في النسيج الاجتماعي الليبي ودعامة رئيسية لمسيرة الدولة في مواجهة الإرهاب والجريمة والفوضى».


مقالات ذات صلة

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

شمال افريقيا رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

عاشت العاصمة الليبية طرابلس ليلة جديدة على صفيح ساخن، مع تجدُّد موجة احتجاجات غاضبة ضد حكومة «الوحدة» المؤقتة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا شهدت مدن غرب ليبيا احتجاجات شعبية واسعة للمطالبة برحيل حكومة الدبيبة (إعلام محلي)

تجدد المطالب في غرب ليبيا برحيل الدبيبة وإجراء انتخابات رئاسية

أُقيمت في العاصمة الليبية طرابلس، السبت، مراسم تأبين رسمية وعسكرية مهيبة لرئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» (المؤقتة)، محمد الحداد، ومرافقيه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا سجن معيتيقة في طرابلس (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)

«تكدس مراكز الاحتجاز» في ليبيا يعيد ملف السجناء للواجهة

دفعت الشكاوى المتصاعدة بشأن «تكدس مراكز الاحتجاز» وتردّي أوضاع السجناء، حكومتي شرق وغرب ليبيا إلى إعادة فتح ملف السجون.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا الحداد خلال حفل تخرج سابق لفوج جديد من الضباط في ثكنة الخمس العسكرية (رويترز)

ما هي تداعيات وفاة رئيس الأركان الليبي وتأثيرها على المؤسسة العسكرية؟

عدَّ المحلل السياسي، فرج فركاش، أن غياب رئيس الأركان الليبي، الفريق أول محمد الحداد، بهذا الشكل المفاجئ «يشكل ضربة قوية للمؤسسة العسكرية في غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لجنة التحقيق في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل الحداد ورفاقه (وزارة الداخلية بطرابلس)

نقل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي إلى ألمانيا للتحقيق

توقع مصدر ليبي مقرب من المجلس الرئاسي وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى البلاد، السبت، وذلك عقب انتهاء مراسم تأبينهم بقاعدة مرتد العسكرية في أنقرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة» ترفض اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»


جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

رفضت الجامعة العربية اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم الشمال الغربي بالصومال، ما يسمى «إقليم أرض الصومال»، مشددة على الوقوف ضد «أي إجراءات تترتب على هذا الاعتراف الباطل بغية تسهيل مخططات التهجير القسري للشعب الفلسطيني أو استباحة موانئ شمال الصومال لإنشاء قواعد عسكرية فيها».

وعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، أمس (الأحد)، دورةً غير عادية، أكد فيها «الموقف العربي الثابت والواضح بشأن عدّ إقليم الشمال الغربي بالصومال جزءاً لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية، ورفض أي محاولة للاعتراف بانفصاله بشكل مباشر أو غير مباشر».

وطالب البيان الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بـ«وضع خطة عمل عربية - أفريقية مشتركة تحُول دون إحداث أي تغيير في الوضع الأمني والجيوسياسي القائم، ومنع أي تهديد لمصالح الدول العربية والأفريقية في هذه المنطقة الحيوية».


«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
TT

«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)
الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)

نقلت تسريبات إسرائيلية عن مسؤولين أمنيين كبار أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك)، معتمداً على «سلسلة من التقارير الكاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة»، خاصة فيما يتعلق بتسليح الجيش المصري في سيناء، وهو ما اعتبره دبلوماسيون وعسكريون سابقون بمصر «دعماً للموقف المصري»، مؤكدين أن «تجاهل نتنياهو كان متعمداً في إطار خطة تكتيكية لخدمة مصالحه الشخصية، ولو على حساب علاقات إسرائيل بمصر».

وبحسب ما نشرته صحيفة «إسرائيل هيوم»، فقد شملت هذه التقارير مزاعم بأنّ مصر تُشيِّد قواعد هجومية في سيناء، وهو ما ردّده السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، وأيضاً مزاعم بأنّ شخصيات بارزة في المخابرات المصرية كانت تتقاضى عمولات من تهريب الأسلحة إلى سيناء، وبأنّ مصر كانت متواطئة في خداع إسرائيل قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

واحتجّت مصر على حملة التشويه، وأثارت القضية في اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين، ولكن دون جدوى. وقد تسبب ذلك في تصاعد الخلاف بين مصر وإسرائيل.

في سبتمبر الماضي أعلن نتنياهو مخاوفه من حشد مصر قواتها العسكرية في سيناء (رويترز)

يقول السفير حسين هريدي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، إن «التجاهل من جانب نتنياهو لم يكن صدفة، لكنه تجاهل تكتيكي في إطار خطته وسعيه لخدمة نفسه ومصالحه، وتصوير أن هناك خطراً داهماً ودائماً يهدد إسرائيل».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تصوير الخطر على الحدود من جانب مصر مسألة تجعل الرأي العام في إسرائيل يحتشد خلفه تحت تأثير الخوف».

ونوّه هريدي بأن «نتنياهو نفسه وهو يردد الاتهامات ضد مصر يعلم تماماً أنها زائفة، لكنه ينظر لما يجنيه من جراء تلك الأكاذيب من مصالح تصرف النظر عن أي اتهامات توجّه له في ملفات الحرب على غزة، أو غيرها من اتهامات بالفساد، كما أنه يستغل ذلك في إطار الضغوط على مصر التي تقف حجر عثرة أمام مخططاته لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة».

هريدي أشار كذلك إلى أن «ظهور مثل هذه التسريبات التي تكشف تجاهل نتنياهو للتحذيرات الأمنية من الاتهامات الزائفة لمصر، قد يكون مقصوداً بغرض محاولة تهدئة الأجواء مع القاهرة قبيل لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وغير مستبعد أن يعود نتنياهو مرة أخرى لترديد اتهاماته عن الحشد العسكري المصري في سيناء، وغيرها من الاتهامات، ما دام ذلك يخدمه سياسياً في الداخل الإسرائيلي وفي تحركاته الإقليمية الأخرى».

وتثار حالياً خلافات بين مصر وإسرائيل تتعلق بالأوضاع في قطاع غزة، وتحميل مصر لإسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية في أن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والوجود الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا»، والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية.

وبين الحين والآخر يخرج الجيش الإسرائيلي ببيانات رسمية يشير فيها إلى أنه «أسقط طائرة مُسيَّرة كانت تُهرّب أسلحة من الأراضي المصرية إلى إسرائيل»، وحدث ذلك أكثر مرة في أكتوبر الماضي قبل قرار تحويل الحدود إلى «منطقة عسكرية مغلقة».

وسبق أن عدَّ رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر، ضياء رشوان، أن «اتهامات إسرائيل بتهريب السلاح من مصر خطاب مستهلك»، وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن القاهرة «سئمت من هذه الادعاءات التي تُستخدم لإلقاء المسؤولية على أطراف خارجية كلّما واجهت الحكومة الإسرائيلية مأزقاً سياسياً أو عسكرياً».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو «مخاوفه من حشد مصر قواتها العسكرية في سيناء»، وردت «الهيئة العامة للاستعلامات» بتأكيدها على أن «انتشار القوات المسلحة جاء بموجب تنسيق كامل مع أطراف معاهدة السلام».

وأشارت «الهيئة» حينها إلى أن «القوات الموجودة في سيناء في الأصل تستهدف تأمين الحدود المصرية ضد كل المخاطر، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب».

مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق في الجيش المصري، اللواء سمير فرج، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كل يوم يتأكد للجميع زيف ما يردده نتنياهو وإعلامه، وصدق الرواية المصرية، وأن ما يقوله ما هو إلا خطة من أجل خدمة نفسه انتخابياً في الفترة المقبلة، وتصوير أن مصر العدو الرئيسي ولا بد من الاستعداد لها ونسيان أي أمور أخرى تتعلق بالاتهامات الموجهة له».

وأشار إلى أن «تحذيرات الأجهزة الأمنية في إسرائيل لنتنياهو من مغبة هذه الادعاءات ضد مصر؛ لأن تلك الأجهزة تعلم، وكذلك نتنياهو نفسه يعلم، أن مصر قضت تماماً على الأنفاق التي كانت تهدد الأمن القومي المصري، كما أن التحركات المصرية في سيناء تتم من أجل حفظ الأمن وليست لتهديد أحد».

بدوره، قال وكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «طريقة الإسرائيليين هي إطلاق تصريحات مستفزة للتغطية على خروقاتهم، ومصر تعي ذلك جيداً، ولن تنجر إليه؛ فهم يريدون صرف الأنظار عن مخالفتهم لاتفاق غزة في شرم الشيخ، ورغبتهم في عدم الالتزام به».

رشاد الذي كان يشغل رئيس ملف الشؤون العسكرية الإسرائيلية بالمخابرات المصرية، أوضح: «كل ما تطلقه إسرائيل من اتهامات يعتبر استمراراً لتشويه سمعة مصر؛ لأنها الحاجز القوي لأطماعها في الضفة الغربية وغزة وسوريا ولبنان، وهذا ليس جديداً. وستستمر هذه الاتهامات الزائفة، والتقارير الإسرائيلية المنشورة حديثاً تؤكد ذلك».

وشدد رشاد على أن «الأجهزة المصرية تعلم جيداً أغراض نتنياهو وما يردده ضد القاهرة؛ لذلك لا تنجر إلى الأرض التي يريد جرها إليها، وتتعامل بحكمة وقوة وحزم، والأيام تثبت صحة وعقلانية الموقف المصري».


احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
TT

احتجاجات مستمرة وقطع طرق بالعاصمة الليبية

رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (مكتب الدبيبة)

عاشت العاصمة الليبية، طرابلس، ليلة جديدة على صفيح ساخن، مع تجدُّد موجة احتجاجات غاضبة ضد حكومة «الوحدة» المؤقتة، بالتزامن مع انضمام ما تُعرف بـ«كتائب وسرايا الثوار بمدينة مصراتة» إلى مطالب المحتجين التي تجاوزت الدعوة لإقالة الحكومة إلى المطالبة بإسقاط جميع «الأجسام السياسية» الحاكمة، في بلد يرزح منذ سنوات تحت وطأة الانقسام السياسي والأمني.

وحسب شهود عيان ووسائل إعلام محلية، شهدت طرابلس، مساء السبت، إغلاق الطريق السريع وطريق الشط من قبل محتجين على حكومة عبد الحميد الدبيبة، مع إشعال إطارات في وسط العاصمة، وخروج مظاهرات ليلية بعدة أحياء، احتجاجاً على ما وُصف بتفشي الفساد وتدهور الخدمات والأوضاع المعيشية.

ونقل الدبلوماسي الليبي محمد خليفة العكروت مشهداً اتسم بقطع طرق وحرق إطارات وارتباك في حركة المرور، وازدحام خانق أسفر عن اصطدام عدد من السيارات.

إطارات محترقة في أحد شوارع العاصمة طرابلس (لقطة مثبتة)

ودخلت الاحتجاجات يومها الثاني بعد تظاهرات مماثلة يوم الجمعة في طرابلس، ترافقت مع مظاهرات أخرى في مدينتي مصراتة والزاوية؛ حيث ندد المحتجون بتردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية والأمنية، مطالبين بإنهاء المرحلة الانتقالية.

وأعلن قادة «كتائب وسرايا الثوار بمدينة مصراتة» تأييدهم الكامل لما وصفوه بـ«انتفاضة شعبية»، مطالبين بـ«إسقاط كل الأجسام السياسية المسؤولة عن معاناة الوطن»، ودعوا الليبيين إلى الخروج للشوارع، كما وجَّهوا نداءً للأجهزة الأمنية والعسكرية في مصراتة للوقوف إلى جانب المحتجين.

ويبدو أن إشارة البيان إلى «الأجسام السياسية» تشمل مجلسَي النواب والأعلى للدولة، إضافة إلى حكومة الوحدة في طرابلس، والحكومة المكلفة من البرلمان في شرق البلاد.

وتبرأ قادة «الكتائب» في بيان لهم من وكيل وزارة الدفاع عبد السلام زوبي، معتبرين أنه «لا يمثلهم»، وأنه لم يقم بأي دور يُذكَر «في الدفاع عن حقوق الثوار»، أو في التعاطي مع حادثة وفاة رئيس الأركان محمد الحداد، إثر سقوط طائرة كانت تقله وقادة عسكريين بعد قليل من إقلاعها من العاصمة التركية أنقرة، الثلاثاء الماضي، منتقدين صمته حيالها.

كما استنكروا ما وصفوه بالموقف «الهزيل» لحكومة الوحدة، بسبب غياب بيان نعي رسمي متلفز أو مؤتمر صحافي يوضح ملابسات تحطم الطائرة، عادِّين ذلك «إهانة للمؤسسة العسكرية وتضحيات الثوار».

وتُعتبر «كتائب ثوار مصراتة» أكبر وأقوى القوى العسكرية المنظمة في غرب ليبيا، ولعبت منذ بروزها خلال ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، دوراً محورياً في العمليات العسكرية التي أسهمت في إسقاط نظام الرئيس السابق معمر القذافي؛ خصوصاً في جبهات مصراتة وسرت وطرابلس.

جانب من إحدى جلسات مجلس النواب الليبي في بنغازي (مكتب إعلام المجلس)

وعلى مدى السنوات اللاحقة، احتفظت هذه التشكيلات بنفوذ عسكري ملحوظ داخل مصراتة وخارجها، مستندة إلى تنظيمها القتالي وتسليحها وقاعدتها الاجتماعية الواسعة، إضافة إلى حضورها في عدد من المفاصل الأمنية والعسكرية للدولة.

في هذه الأثناء، تجددت الحرائق الغامضة في مدينة الأصابعة بغرب البلاد؛ حيث اندلعت نحو 3 حرائق متزامنة، ما أعاد تسليط الضوء على سلسلة الحرائق التي شهدتها المدينة في 19 فبراير الماضي، وأسفرت عن احتراق عشرات -وربما مئات- المنازل.

وناشد المجلس البلدي لمدينة الأصابعة الجهات المعنية توفير سيارة إطفاء إضافية وأخرى للإسعاف، لتعزيز قدرات فرق السلامة الوطنية في ظل محدودية الإمكانات، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الليبية (وال) نقلاً عن مدير مكتب الإعلام بالمجلس، الصديق المقطف.

وأكد المقطف أن أسباب الحرائق «لا تزال مجهولة»، ودعا إلى «تكثيف المتابعة واتخاذ تدابير لحماية السكان؛ خصوصاً مع تكرار الحوادث منذ فبراير الماضي، بعد توقف مؤقت في مايو (أيار)».

أما في شرق البلاد، فيسود تكتم حول جدول أعمال جلسة مجلس النواب المقررة في بنغازي يومي الاثنين والثلاثاء، وسط ترجيحات بمناقشة 3 ملفات رئيسية، تشمل اعتماد ترشيحات رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح لتعيينات إدارية، وتعديل جدول مرتبات «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، إضافة إلى إعادة انتخاب هيكل قيادي جديد للمجلس.