الزمن يضيق على إيران قبل حزمة عقوبات دولية

تضاؤل فرص التوصل إلى اتفاق لكن الاتصالات مع الأوروبيين مستمرة

إيرانية تركب دراجة بجوار لوحة تعرض صورة أجهزة نووية وجملة بالفارسية تقول: «العلم هو القوة والأمة الإيرانية لن تتخلى عن دينها ومعرفتها» في طهران (إ.ب.أ)
إيرانية تركب دراجة بجوار لوحة تعرض صورة أجهزة نووية وجملة بالفارسية تقول: «العلم هو القوة والأمة الإيرانية لن تتخلى عن دينها ومعرفتها» في طهران (إ.ب.أ)
TT

الزمن يضيق على إيران قبل حزمة عقوبات دولية

إيرانية تركب دراجة بجوار لوحة تعرض صورة أجهزة نووية وجملة بالفارسية تقول: «العلم هو القوة والأمة الإيرانية لن تتخلى عن دينها ومعرفتها» في طهران (إ.ب.أ)
إيرانية تركب دراجة بجوار لوحة تعرض صورة أجهزة نووية وجملة بالفارسية تقول: «العلم هو القوة والأمة الإيرانية لن تتخلى عن دينها ومعرفتها» في طهران (إ.ب.أ)

مع اقتراب موعد 28 سبتمبر (أيلول)، باتت احتمالات تفادي عودة العقوبات الأممية على إيران ضئيلة جداً، رغم مساعٍ دبلوماسية متسارعة تبذلها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في محاولة أخيرة لإنقاذ الاتفاق النووي الموقَّع عام 2015، باتفاق جديد.

على مدى الأسبوع الأخير، تبادل الطرفان الاتهامات بشأن فشل المفاوضات. واتهم الأوروبيون طهران بتجاهل عروض وصفتها باريس بأنها «معقولة ودقيقة»، فيما ردت إيران بأنها قدمت «اقتراحاً متوازناً ومبتكراً» لم يجد آذاناً صاغية، وحذرت من أن إعادة فرض العقوبات سيقوّض التفاهم القائم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أُبرم أخيراً في القاهرة.

كان العرض الأوروبي الذي تضمن تمديد العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2231 لستة أشهر إضافية، يهدف إلى تأجيل العقوبات وكسب وقت لتفاوض جديد، حتى لو كان بصيغة مؤقتة. غير أن طهران لم تتجاوب رسمياً مع المقترح، ورد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بطرح خطة «تخفيض مستوى تخصيب اليورانيوم»، مقابل رفع بعض العقوبات الأميركية، وضمانات أمنية تتعلق بعدم التعرض مجدداً للمنشآت النووية الإيرانية.

وفيما بدا أنها الفرصة الأخيرة، صوَّت مجلس الأمن، الجمعة، على قرار يعيد تفعيل العقوبات، بعد أن أخفقت الدول الأوروبية في تأمين الأصوات اللازمة لتمديد تعليقها.

ويضع القرار الذي بات قابلاً للتطبيق خلال أسبوع، المنطقة أمام مفترق طرق، ويعيد إحياء سيناريوهات ما قبل الاتفاق النووي، بما في ذلك المواجهة الاقتصادية والتصعيد الأمني.

مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعقد اجتماعاً بشأن إيران في مقر الأمم المتحدة بنيويورك يوم 19 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

اتصالات رفيعة

قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية إن إيران لم تستجب بشكل مناسب للطلبات الأوروبية، مشيراً إلى أن باريس لا تزال تعوّل على اتصالات رفيعة المستوى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع في نيويورك.

وأعربت الرئاسة الفرنسية بدورها عن أملها في التوصل إلى اتفاق يضمن إعادة ضبط البرنامج النووي الإيراني، ولو في اللحظات الأخيرة.

وأجرى وزير الخارجية الإيراني اتصالاً هاتفياً بمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ندَّد فيه بما وصفه بـ«الضغط غير العادل» على بلاده، مشدداً على أن طهران ترفض «أي تحرك سياسي قد يُفضي إلى تصعيد التوترات».

وفي طهران، أعلن نائب وزير الخارجية كاظم غريب آبادي، أن إيران ستعلّق التفاهم الموقَّع مع الوكالة في القاهرة، إذا تم تفعيل العقوبات، واصفاً ذلك بأنه «رد طبيعي ومنطقي». كما أكد أن بلاده تمتلك «ردوداً مناسبة» وستتصرف بـ«يقظة تامة».

إيران تتحدى

سادت لهجة تحدٍّ معتادة في المجال العام داخل إيران. وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن العقوبات الدولية لن توقف مسار بلاده، مشيراً في تصريحات نقلتها وكالة «إيسنا» الحكومية، إلى أن الذين «بنوا منشأة نظنز النووية بإمكانهم بناء ما هو أفضل».

ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري»، السبت، عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي بالبرلمان إبراهيم رضائي، قوله إن اتفاق القاهرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية «انتهى» بعد إعادة فرض العقوبات.

ورأى إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أن تفعيل «سناب باك» لا سند قانونياً لها، مؤكداً أنه حينما لا تلتزم الوكالة الدولية بقواعدها وتتجاهل الاتفاقات، فلا ضرورة لاستمرار التزام إيران بالاتفاق معها، على حد تعبيره.

كما قال فدا حسين مالكي، عضو اللجنة نفسها، إن تفعيل الآلية لا يستند إلى أي أساس قانوني، بل هي تحرك سياسي بحت، مؤكداً أن بلاده «مستعدة لمواجهة كل السيناريوهات»، وفق «تسنيم».

وأشارت تقارير إلى أن طهران كانت قد عرضت بالفعل تقليص مستوى تخصيب اليورانيوم العالي إلى 20 في المائة، في إطار تفاهم شامل يشمل أيضاً التعامل مع مخزون 60 في المائة الحالي، الذي يصل إلى نحو 400 كيلوغرام، وفق «وول ستريت جورنال».

وتزعم إيران أن كمية اليورانيوم المخصب دُفنت تحت الأنقاض جراء الضربات الإسرائيلية والأميركية في يونيو (حزيران) الماضي، التي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص، بينهم علماء نوويون وقادة عسكريون.

ورغم تأكيد وزير الخارجية الفرنسي إيمانويل ماكرون أن العرض الإيراني «معقول»، فإنه لم يحظَ بتأييد كامل من الأوروبيين، وسط انقسامات داخلية ومخاوف من افتقار العرض إلى آلية تحقق واضحة، خصوصاً بعد رفض طهران منح الوكالة الدولية للطاقة الذرية صلاحيات التفتيش الكاملة.

عراقجي يتوسط رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي ورئيس لجنة الأمن القومي النائب إبراهيم عزيزي (البرلمان الإيراني)

فرصة التفاوض

في المقابل، يرى مراقبون أن العقوبات، رغم قسوتها، قد تدفع طهران إلى التفاوض من موقع أكثر مرونة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كليمان تيرم، الباحث في معهد الدراسات الإيرانية التابع لجامعة السوربون، أن العودة إلى العقوبات قد ترفع معدل التضخم في إيران من 50 إلى 90 في المائة، وتؤثر سلباً على صادرات النفط الحيوية، مما قد يؤدي إلى موجات احتجاج داخلية.

ويرى آخرون أن فشل المسار الحالي قد يؤدي إلى إخراج الأوروبيين من المعادلة، مما يترك الملف بيد الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين. وحذر الباحث تييري كوفيل، من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، من «تهميش» الدور الأوروبي الذي كان مركزياً في اتفاق 2015، مشيراً إلى أن التصعيد قد يجرّ المنطقة إلى مواجهة أوسع.

رأب الصدع

يواصل نحو 150 من قادة العالم التوافد إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي قد تشكل المنصة الأخيرة لمحاولة رأب الصدع، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل دخول العقوبات حيّز التنفيذ رسمياً نهاية الأسبوع المقبل.

ويؤكد المسؤولون الإيرانيون أنه رغم أن المقترح الذي قدموه يحظى بدعم كامل من مؤسسات النظام، بما في ذلك المجلس الأعلى للأمن القومي، فإن العواصم الغربية لا تزال تترقب موقفاً عملياً يضمن الشفافية ووقف أي أنشطة تخصيب تتجاوز الأغراض المدنية.

ورغم أن المفاوضات الآن تشبه لعبة مفتوحة، إلا أن الساعة تدق، والزمن يضيق على الإيرانيين، وأمام الجميع إحداث اختراق دبلوماسي وهو أمر غير متوقع، أو دخول المنطقة مرحلة جديدة من المواجهة، ستُحسم على الأرجح قبل فجر 28 سبتمبر (أيلول) 2025.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية صواريخ باليستية إيرانية تُرى خلال عرض عسكري في طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

إيران: برنامجنا الصاروخي دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الاثنين، إن البرنامج الصاروخي الإيراني دفاعيّ وليس قابلاً للتفاوض.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرَض بجانب لافتة تحمل صورة المرشد علي خامنئي وقادة من «الحرس الثوري» قُتلوا في هجمات إسرائيلية في أحد شوارع طهران (أرشيفية - رويترز) play-circle 01:12

«أكسيوس»: تحركات صاروخية إيرانية تثير مخاوف إسرائيل

حذرت إسرائيل إدارة الرئيس دونالد ترمب من أن إيران ربما تستخدم مناورة صاروخية للحرس الثوري الإيراني غطاء لشن ضربة على إسرائيل.

شؤون إقليمية تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

عادت القيادات السياسية والعسكرية تتحدث عن قلق شديد وشعور بالخطر الوجودي من النشاط الإيراني المتجدد لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية عراقجي يتحدث إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)

إيران لا تستبعد هجوماً جديداً وتتمسك بالتخصيب

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن طهران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل، وأكثر من السابق».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

الجيش الإسرائيلي: نحقق في مقتل فتى فلسطيني بالضفة الغربية

من داخل بيت ريان محمد أبو معلا (رويترز)
من داخل بيت ريان محمد أبو معلا (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي: نحقق في مقتل فتى فلسطيني بالضفة الغربية

من داخل بيت ريان محمد أبو معلا (رويترز)
من داخل بيت ريان محمد أبو معلا (رويترز)

قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في واقعة مقتل فتى فلسطيني (16 عاماً) بالضفة الغربية برصاص جنود قالوا إنه ألقى ​حجراً عليهم، وذلك بعد أن أظهرت لقطات كاميرات مراقبة أنه لم يكن يفعل ذلك عندما أطلقوا النار عليه.

ورداً على سؤال حول الفيديو، قال متحدث عسكري إسرائيلي: «جرى إطلاق النار على فلسطيني يشتبه في قيامه بإلقاء حجارة على جنود جيش الدفاع الإسرائيلي. الواقعة قيد المراجعة»، وفقاً لـ«رويترز».

وقال مسؤولون فلسطينيون إن ريان محمد أبو معلا قتل بالرصاص يوم السبت في بلدة قباطية شمال الضفة الغربية خلال مداهمة للجيش الإسرائيلي.

وذكر الجيش الإسرائيلي في البداية يوم السبت: «خلال نشاط عملياتي للجيش الإسرائيلي في منطقة قباطية، قام ‌إرهابي بإلقاء حجارة ‌باتجاه الجنود الذين ردوا بإطلاق النار وقضوا على ‌الإرهابي».

وأظهرت ⁠لقطات ​كاميرات مراقبة ‌جنديين إسرائيليين، أحدهما بدا جاثياً على ركبته والآخر واقفاً وسط الظلام في زاوية شارع مضاء، إلى جانب جندي ثالث يبدو أنه يتمركز في شارع مجاور يؤدي إلى نفس الزاوية.

ثم ظهر بعد ذلك شخص يسير في الشارع، وعندما يصل إلى الزاوية، يطلق الجندي الجالس على ركبته النار عليه فيسقطه على الأرض.

ولا يبدو هذا الشخص في الفيديو وهو يرمي حجراً أو حتى يمسك حجراً.

ويبدأ مقطع الفيديو قبل ست دقائق من إطلاق النار، ⁠ويظهر الشارع فارغاً ثم تمر مركبة عسكرية في الشارع بينما ينظر شخص من على سطح أحد المنازل وآخر ‌من خلال نافذة مع وصول الجنود إلى المكان.

ويظهر الشخص الذي جرى إطلاق النار عليه ‍في الفيديو قبل ثلاث ثوانٍ فقط من إطلاق النار، ولا يمكن التأكد مما كان يفعله أو يحمله قبل ظهوره في المقطع.

وجرى الحصول على اللقطات من صاحب الكاميرا الأمنية، وتحققت «رويترز» من موقعها وتاريخها. ولا تبدو التفاصيل واضحة بسبب زاوية الكاميرا والإضاءة الخافتة.

وقالت ابتهال والدة الفتى إن الجيش الإسرائيلي احتجز جثمانه. وأضافت: «أنا بدي ادفن ابني بكرامة، ابني ما ​عمل شي، هم اختلقوا رواية».

وتظهر لقطات كاميرات المراقبة بعد حوالي 22 دقيقة من إطلاق النار جثمانه وهو يوضع على نقالة من قبل الجنود، ⁠ويُنقل في سيارة عسكرية بعد ذلك بإحدى عشرة دقيقة، أي بعد 33 دقيقة من إطلاق النار.

وقالت والدته: «ابني أعدموه من نقطة الصفر، ابني القناصة قاعد بدو يقتل أي حد ينزل مش بس ابني... كان بإمكانهم يضربوا في رجليه، ابني ما ضرب عليهم شي... الاحتلال اختلقوا رواية كاذبة أنه ابني ضرب عليهم طوبة، ابني ما ضرب طوبة، فيه فيديو يوثق أنه هذا الشي مش مظبوط نهائياً».

وتابعت: «الفيديو بين أنه ابني كان نازل تفاجئ فيهم ضربوا أربع رصاصات مباشرة، ابني وقع حاولنا نوصله ما قبلوا، بدهم يصفوه وبعدين أخذوه».

ولم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على طلب للتعليق.

ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، قُتل 53 قاصراً بنيران القوات الإسرائيلية منذ يناير (كانون الثاني) عندما بدأت إسرائيل في تكثيف المداهمات ‌في شمال الضفة الغربية.

وتقول إسرائيل إن المداهمات تهدف إلى التصدي للمسلحين الفلسطينيين وإحباط الهجمات التي تستهدف إسرائيليين.


أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»
TT

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

أوجلان أكد في رسالة إصراره على إنجاح «عملية السلام»

وجّه زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، رسالة جديدة أكد خلالها حرصه على إتمام عملية السلام وفتح الباب أمام عهد جديد قائم على التوافق الديمقراطي.

جاء ذلك في الوقت الذي تستمر فيه الاتصالات والمناقشات حول «عملية تركيا خالية من الإرهاب» التي يسميها أوجلان والجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»؛ إذ يواصل وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، لقاءاته مع الأحزاب السياسية والبرلمان والحكومة لمتابعة مسار العملية ووضع الأساس القانوني لها.

عهد جديد

وقال أوجلان في رسالة وجهها إلى فعالية نظمتها جمعية الأناضول للتضامن مع عائلات القتلى من مسلحي «العمال الكردستاني» في إسطنبول الاثنين: «واجبنا اليوم هو تتويج إرثنا التاريخي بالسلام، وفتح الباب أمام عهد جديد قائم على التوافق الديمقراطي».

أوجلان وجّه دعوة لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته في 27 فبراير الماضي (إ.ب.أ)

وأضاف أوجلان، الذي وجّه من محبسه في جزيرة إيمرالي غرب تركيا في 27 فبراير (شباط) الماضي «نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي»، دعا فيه حزب «العمال الكردستاني» إلى حل نفسه وإلقاء أسلحته والتوجه إلى العمل السياسي في إطار قانوني ديمقراطي: «يجب التأكيد بوضوح على أن النضال من أجل الحرية في هذه المرحلة ليس فنّ زيادة الموت، بل فنّ تنظيم الحياة، وبناء حياة ديمقراطية، ومتساوية، وكريمة».

وتابع: «كل خسارة، بالنسبة لي، هي دافعٌ للنضال، وألمٌ ثقيلٌ في القلب. أريد أن أمنع سقوط شاب آخر، وأن أمنع أماً أخرى من فاجعة فقدان ابنها. إن الإرث الذي تركوه لنا ليس استمرار الحرب، بل إظهار الإرادة نحو حلّ ديمقراطي».

ولفت إلى أن الالتزام الحقيقي لا يعني تمهيد الطريق لمزيد من الخسائر، بل على العكس، يعني إرساء أرضية سياسية واجتماعية شجاعة لنضال سلمي.

اجتماع برلماني

وجاءت رسالة أوجلان بالتزامن مع اجتماع لممثلين عن الأحزاب السياسية المشاركة في «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» التي شكلها البرلمان التركي لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» وعملية السلام، لمناقشة آلية كتابة التقرير النهائي للجنة التي عقدت 19 اجتماعاً منذ 5 أغسطس (آب) الماضي، وتحديد مبادئ العمل، والجدول الزمني الذي ستتبعه في المرحلة المقبلة.

اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام تبحث إعداد تقرير حول اللوائح القانونية اللازمة للعملية (البرلمان التركي - إكس)

وسيتم إعداد التقرير النهائي بناء على التقارير التي تلقتها اللجنة من الأحزاب حول متطلبات هذه المرحلة.

في الوقت ذاته، واصل «وفد إيمرالي» المؤلف من نائبَي حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، بروين بولدان ومدحت سانجار، وفائق أوزغور إيرول المحامي في مكتب «عصرين» الذي يتولى الملف القانوني لأوجلان، جولته التي بدأت الأسبوع الماضي على الأحزاب السياسية، بلقاء مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل، لمناقشة الخطوات التي اتُّخذت على مدى أكثر من عام في عملية السلام واللوائح القانونية التي يجري النقاش حولها في البرلمان.

جانب من اجتماع أوزيل وقيادات حزب «الشعب الجمهوري» مع «وفد إيمرالي» (حساب الحزب في «إكس»)

وعقب الاجتماع، الذي استمر قرابة ساعة ونصف الساعة، قال أوزيل إنه تم تقييم ما تم اتخاذه من خطوات حتى الآن، والخطوات التي يجب أن يتم اتخاذها لاحقاً، مضيفاً: «نأمل مستقبلاً لتركيا يتشارك فيه الأطفال الأتراك والأكراد، يداً بيد وكتفاً بكتف، دون أي قلقٍ بشأن مستقبلهم، وحيث يحصلون على أفضل تعليم، وحيث يمكننا جميعاً التطور معاً بسرعة، وحيث يمكننا تقاسم الموارد بشكل عادل... حان الوقت لنا جميعاً أن نبذل قصارى جهدنا».

حوار من أجل السلام

وعبرت بولدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أوزيل، عن التقدير الكبير للدور البنّاء الذي لعبه حزب «الشعب الجمهوري» في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، لافتة إلى أنه تمت خلال الاجتماع مناقشة جميع مراحل عملية السلام بالتفصيل.

وقالت إن «(القضية الكردية) تتجاوز السياسة. وأود أن أؤكد أن حلها واجب ومسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً. السلام هو ما يناسب تركيا بلا شك. لقد عشنا صراعاً طويل الأمد في هذا البلد، وأريقت دماء غزيرة في هذه المنطقة، وذرفت الأمهات الدموع ودُفن الشباب؛ لذلك أعتقد أن الوقت قد حان لنبذل جميعاً قصارى جهدنا لمنع تكرار مثل هذا الصراع».

جانب من المؤتمر الصحافي لأوزيل وأعضاء «وفد إيمرالي» (حزب «الشعب الجمهوري» - إكس)

ولفت مدحت سانجار إلى أن عملية السلام هي عملية متعددة الأوجه ومليئة بالتحديات، لكن علينا أن نتذكر مجدداً أن جوهر مثل هذه العمليات هو التفاوض، لا الجدل.

وأضاف: «لقد تبادلنا الانتقادات والاعتراضات، لكننا نتفق أيضاً على نقطة واحدة هي استمرار العملية من خلال الحوار المتبادل، ورأينا مرة أخرى أن حزب (الشعب الجمهوري) يُظهر عزمه على مواصلة هذا الدور الإيجابي في هذه العملية، وهذا أمر بالغ الأهمية. يجب أن نخوض نضالاً مشتركاً بروح السلام ضد التوتر والصراع والبيئة العنصرية المنتشرة».

بالتزامن، أعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» عن تنظيم مسيرة في مدينة ديار بكر، كبرى مدن جنوب شرقي تركيا ذات الأغلبية الكردية، في 4 يناير (كانون الثاني) للمطالبة بإطلاق سراح أوجلان وتمكينه من قيادة عملية السلام.


الحكومة الإسرائيلية تصدّق على قرار إغلاق الإذاعة العسكرية

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)
TT

الحكومة الإسرائيلية تصدّق على قرار إغلاق الإذاعة العسكرية

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

أقرت الحكومة الإسرائيلية، الاثنين، إغلاق الإذاعة العسكرية «غالي تساحال»، رغم معارضة المستشارة القضائية التي أعربت عن خشيتها من «التدخّل السياسي» في القطاع العام للمرئي والمسموع ومن «المساس بحرّية» الصحافة.

تُقدّم «غالي تساحال» التي تأسست عام 1950 برامج إخبارية، وتلقى متابعة واسعة، حتّى من الإعلاميين الأجانب. وتأتي وفق آخر الاستطلاعات في المرتبة الثالثة من حيث عدد مستمعيها في إسرائيل حيث تحظى بنسبة 17.7 في المائة.

وأعلن مكتب وزير الدفاع يسرائيل كاتس في بيان أن «الحكومة وافقت بالإجماع على مقترح الوزير إغلاق الإذاعة العسكرية (غالي تساحال)» قبل الأوّل من مارس (آذار) 2026.

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد طلب من الوزراء تأييد مقترح كاتس، وفق ما جاء في البيان.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)

وقال نتنياهو بحسب المصدر عينه «تقدَّم اقتراحات بانتظام منذ فترة طويلة لإخراج (غالي تساحال) من السياق العسكري أو إلغائها أو خصخصتها. وأنا منفتح على كلّ هذه المقترحات لأنني أؤمن بالمنافسة».

ورأت المستشارة القضائية للحكومة غالي باهاراف - ميارا التي تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إقالتها من منصبها أن هذا القرار «يثير مخاوف من تدخّل سياسي محتمل في البثّ العام، ويطرح تساؤلات بشأن احتمال المساس بحرّية التعبير والصحافة».

وأشار مكتبها إلى أن قرار إغلاق الإذاعة يتطلّب موافقة البرلمان.

وجاء في المستند الصادر عن مكتبها والواقع في 34 صفحة والذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن قرار الحكومة «لا يحترم المعايير القانونية المعمول بها، ولا يمكن بذلك إقراره».

وبرّر وزير الدفاع قراره بالقول إن «غالي تساحال» تنشر «محتويات سياسية تثير الانقسام، ولا تراعي قيم الجيش».

ورأى كاتس أنه «في خلال السنتين الماضيتين وطوال الحرب، اشتكى عدّة جنود ومدنيين، بمن فيهم عائلات مفجوعة، مراراً من أن الإذاعة لا تمثّلهم، وتمسّ أيضاً مجهود الحرب والمعنويات».

وندّد زعيم المعارضة يائير لبيد في منشور على «إكس» بقرار الإغلاق، مشيراً إلى أنه «يندرج في سياق مساعي الحكومة للقضاء على حرّية التعبير في إسرائيل خلال الفترة الانتخابية».

ورأى لبيد أنهم «يعجزون عن التحكّم في الواقع، فيحاولون التحكّم في العقول».

وأشار رئيس المحطة، تال ليف - رام، إلى نيته الطعن على القرار أمام المحكمة العليا، وفق ما أوردته قناة «آي 24» التلفزيونية.