كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في كلية جونز هوبكنز Johns Hopkins Medicine بالولايات المتحدة، عن تراجع معدلات ختان الذكور حديثي الولادة في الولايات المتحدة بنسبة تقارب 5 في المائة خلال السنوات العشر الأخيرة.
ونُشرت نتائج الدراسة في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي في الإصدار الإلكتروني من «مجلة الرابطة الطبية الأميركية لطب الأطفال» The JAMA Pediatrics.
فوائد الختان الصحية
تثير هذه الدراسة الجدل مجدداً حول الفوائد الصحية لعمليات ختان الذكور خاصة بعد التوصيات الطبية المؤيدة لإجرائه من المنظمات الصحية المختلفة مثل منظمة الصحة العالمية في عام 2007 والأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP في عام 2012.
والمعروف أن التوصيات الطبية المؤيدة لممارسة الختان جاءت بعد الأدلة العلمية لفوائد إجرائه؛ لأنه يقلل من حدوث التهاب بالقضيب، ويقلل من التهابات المسالك البولية. كما يعمل ختان الذكور، بمثابة واقٍ من الإصابة ببعض الأمراض التي تتنقل عبر الاتصال الجنسي، وأهمها فيروس الورم الحليمي البشري HPV. ويُعدّ فيروس الورم الحليمي واحداً من العوامل التي تزيد من فرص الإصابة بسرطان عنق الرحم، ثم وبشكل أقل بقية الأمراض الجنسية الأخرى.
مراجعة أكثر من 1.5 مليون حالة
راجع الباحثون أكثر من 1.5 مليون حالة دخول إلى المستشفى لأطفال ذكور حديثي الولادة، تتراوح أعمارهم بين 0 و28 يوماً، في الولايات المتحدة خلال الفترة من 2012 إلى 2022، ووجدوا أن معدل انتشار حالات دخول المستشفى التي خضع فيها حديثو الولادة للختان انخفض بشكل ملحوظ من 54.1 في المائة إلى 49.3 في المائة.
ولاحظ الباحثون أن هذا الانخفاض حدث في معظم فئات المرضى في مختلف المستشفيات، بمن في ذلك ذوو الأصول البيضاء (من المعروف أن البيض في الولايات المتحدة يُعدون من فئات سكانية ذات معدلات ختان مرتفعة نسبياً). ومع ذلك انخفضت معدلات الختان بنسبة 5.3 في المائة خلال السنوات العشر المدروسة.
تكلفة مالية أم عدم قناعة طبية؟
كان انخفاض عمليات الختان أقل في المناطق ذات الدخل الأعلى في الولايات المتحدة، والذين تمتلك عائلاتهم تأميناً خاصاً؛ ما يشير إلى أن التكلفة المادية لعبت دوراً مهماً في عدم إجراء العملية، خاصة مع عدم اقتناع الآباء بضرورة إجراء العملية من الناحية الطبية، أي أن الآباء يعتقدون أن الختان مجرد إجراء تجميلي له خلفية دينية أكثر منه احتياج طبي حقيقي. ويستند هذا الرأي إلى التوصيات الطبية القديمة التي كانت تشير إلى عدم أهمية الختان من الناحية الطبية.
تشكيك بلا أسس طبية
أوضح الباحثون أن عدم ثقة الوالدين بالنصائح الطبية على الرغم من الأدلة الدامغة على الفوائد الصحية لختان الذكور حديثي الولادة، نتيجة مباشرة لحملات التشكيك المبنية على أسس غير طبية التي تشبه عملية ختان الذكور بختان الإناث. ومن المعروف أن ختان الإناث له أضرار طبية متعددة، ولا توجد أي فائدة طبية من إجرائه بعكس ختان الذكور. وأيضاً ليس هناك أي توصية طبية من أي منظمة طبية على مستوى العالم توصي بممارسته.
يقول العلماء إن هناك عاملاً آخر يتمثل في المرجعية الثقافية لبعض الأعراق مثل المواطنين من ذوي الأصول الإسبانية وهم من الفئات التي تُعدّ الأقل في ممارسة الختان، ولأنهم من أكبر الشرائح السكانية في الولايات المتحدة يؤثر ذلك على المعدل الإجمالي للختان الذي يميل نحو الانخفاض.
نصيحة صحية
في النهاية، نصحت الدراسة بضرورة إجراء الختان من أجل الفوائد الطبية المتعددة للطفل على المدى القصير ولاحقاً بعد البلوغ، وأكدت أن إجراءه ليس تجميلياً أو استجابة لموروثات دينية معينة، ولكن بهدف وقائي طبي، ونصحت الآباء بضرورة الحصول على المعلومات الطبية من المصادر الموثقة واستشارة الطبيب فقط من دون اللجوء إلى المعلومات المغلوطة.
