«قمة الدوحة»: اجتماع وزاري لبحث إجراءات موحدة للردّ على إسرائيل

ترفرف الأعلام العربية والإسلامية بينما تستعد قطر لاستضافة القمة الطارئة في فندق شيراتون بالدوحة (رويترز)
ترفرف الأعلام العربية والإسلامية بينما تستعد قطر لاستضافة القمة الطارئة في فندق شيراتون بالدوحة (رويترز)
TT

«قمة الدوحة»: اجتماع وزاري لبحث إجراءات موحدة للردّ على إسرائيل

ترفرف الأعلام العربية والإسلامية بينما تستعد قطر لاستضافة القمة الطارئة في فندق شيراتون بالدوحة (رويترز)
ترفرف الأعلام العربية والإسلامية بينما تستعد قطر لاستضافة القمة الطارئة في فندق شيراتون بالدوحة (رويترز)

توافد وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، اليوم (الأحد)، إلى العاصمة القطرية الدوحة، لبحث مشروع قرار بشأن الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة، تمهيداً لعرضه على القادة في القمة العربية - الإسلامية الطارئة التي تستضيفها قطر، الاثنين.

يأتي ذلك بينما تتواصل الاتصالات بين وزراء خارجية الدول المشاركين في القمة لتنسيق المواقف بشأن المستجدات الإقليمية والدولية قبل بدء الاجتماعات الرسمية.

وأسفرت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت، الثلاثاء، قادة حركة «حماس» في العاصمة القطرية، عن مقتل 5 من عناصر الحركة، وأحد أفراد قوات الأمن القطرية.

مناقشة مشروع البيان الختامي للقمة

ووصل الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، إلى العاصمة الدوحة، السبت. وأكد ماجد الأنصاري، المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، أن القمة الطارئة «ستناقش مشروع بيان بشأن الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر قدّمه الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، الذي سينعقد الأحد».

وشدّد الأنصاري، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، على أن انعقاد القمة «يعكس التضامن العربي والإسلامي الواسع مع دولة قطر في مواجهة العدوان الإسرائيلي الجبان، الذي استهدف مقرات سكنية لعدد من قادة حركة (حماس)، ورفض هذه الدول القاطع لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل».

ويتضمن جدول أعمال وزراء الخارجية كلمة للشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، وكلمة مماثلة لأحمد أبو الغيط الأمين العام للأمم المتحدة. ومن المقرر أن يرفع اجتماع وزراء الخارجية التوصيات إلى القمة العربية والإسلامية الاستثنائية لاعتمادها رسمياً.

ووصل الدوحة خليفة بن شاهين المرر، وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتي، ومحمد توحيد حسين، وزير الخارجية مستشار الشؤون الخارجية في بنغلاديش، وداتو إيرون بيهين يوسف، الوزير الثاني للشؤون الخارجية بجمهورية بروناي دار السلام، وأليبيك باكايف نائب وزير الخارجية بجمهورية كازاخستان، وحسين إبراهيم طه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ومحمد جالو نائب رئيس جمهورية غامبيا، للمشاركة في القمة العربية الإسلامية الطارئة.

وغادر عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، طهران اليوم متوجهاً إلى الدوحة، لحضور اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي. وأفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري الإيراني» بأنّ عراقجي، غادر صباح اليوم متوجهاً إلى العاصمة القطرية، لحضور الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، بناءً على طلب قطر، لبحث موضوع «العدوان العسكري» الذي شنته إسرائيل عليها، «وهو بمثابة تمهيد للقمة الإسلامية - العربية، المقررة يوم الاثنين». وذكرت «تسنيم» أن إيران سيمثلها في قمة القادة الإسلامية - العربية، الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.

ومن جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الاعتداء الإسرائيلي «الغاشم على دولة قطر الشقيقة يشكل خرقاً للقانون الدولي، وتصعيداً خطيراً يهدد الأمن، والاستقرار العربي، والإقليمي والدولي».

وأضاف عباس، في حوار خاص مع وكالة «قنا»، قبيل انطلاق أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة التي تستضيفها دولة قطر، غداً (الاثنين)، أن «الرسالة من المشاركة في قمة الدوحة واضحة وثابتة، وهي أن أمن قطر جزء لا يتجزأ من أمننا القومي العربي والإسلامي، ونحن جميعاً نقف صفاً واحداً في مواجهة هذه الاعتداءات».

وحول انعكاسات الهجوم الإسرائيلي على الأمن العربي والإسلامي، أشار إلى أنه «يمثل مؤشراً خطيراً يسعى لضرب الأمن العربي والإسلامي المشترك وزعزعة استقرار المنطقة»، مؤكداً أن «الردّ العربي والإسلامي الموحد ضرورة لحماية أمننا الجماعي».

وفيما يخص الموقف العربي والخطوات الدبلوماسية لوقف الاعتداءات، شدّد على ضرورة أن يكون الموقف العربي والإسلامي بحجم هذا التحدي، عبر خطوات دبلوماسية وإجراءات رادعة عاجلة وحازمة، إضافة إلى محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المستمرة بحقّ قطر وفلسطين ودول عربية أخرى.

كما شدّد الرئيس عباس، في الحوار الذي نشرته الوكالة اليوم (الأحد)، على ضرورة الإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، ووقف الاستيطان وإرهاب المستوطنين في الضفة الغربية والقدس، وإعادة الأموال الفلسطينية المحجوزة، والمضي قدماً في إعادة الإعمار وإنهاء الاحتلال عن كامل أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

كما أشاد الرئيس الفلسطيني بالدور القطري الثابت في دعم القضية الفلسطينية، الذي يثبت أن الشعوب والدول التي تدافع عن الحق والعدل قادرة على إفشال مخططات المعتدين.

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، قد قال إن «انعقاد القمة في ذاته هو رسالة جوهرها أن قطر ليست وحدها... وأن الدول العربية والإسلامية تقف إلى جوارها».

وأضاف، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاعتداءات الإسرائيلية للأسف هي نتيجة صمت المجتمع الدولي على جريمة الإبادة في غزة لعامين كاملين... وشعور قادة الاحتلال بأن بإمكانهم ارتكاب أي أفعال، والإفلات بها». وأكّد أبو الغيط أنه «يجب وضع حدّ لهذا الوضع المؤسف، لأن انهيار القانون الدولي سندفع ثمنه جميعاً بكل أسف».

مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

نتنياهو يواصل الضغط

في تحدٍّ للتنديدات العالمية لهجوم 9 سبتمبر (أيلول)، واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الضغط على قطر بسبب وجود قادة «حماس» على أراضيها، وقال للدوحة، الأربعاء الماضي، إن عليها إما طرد مسؤولي الحركة أو «تقديمهم للعدالة، لأنكم إذا لم تفعلوا ذلك سنفعل نحن». وتضطلع قطر بدور وساطة رئيسي في الجهود الرامية إلى إنهاء حرب غزة المستمرة منذ نحو عامين، واتهمت إسرائيل بتخريب فرص السلام، ونتنياهو بممارسة «إرهاب دولة». وكان من بين قتلى الهجوم أحد أفراد قوات الأمن الداخلي القطري. وأشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى عدم رضاه عن الهجوم الإسرائيلي، قائلاً إنه لم يعزز الأهداف الإسرائيلية ولا الأميركية، واصفاً قطر بالحليف الوثيق الذي يعمل بجدّ للتوسط من أجل السلام. وقال نتنياهو، أمس، إن التخلص من قادة «حماس» المقيمين في قطر سيزيل العقبة الرئيسية أمام إطلاق سراح جميع الرهائن الذين لا تزال الحركة تحتجزهم في غزة وإنهاء الحرب التي اندلعت بسبب هجمات الحركة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل. واستدعت الإمارات، أول من أمس، نائب السفير الإسرائيلي بسبب الهجوم وتصريحات نتنياهو التي وصفتها بالعدوانية.

وكانت قطر قد أعلنت، الخميس، عقد قمة عربية - إسلامية طارئة لمناقشة الغارة التي نفّذها سلاح الجو الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، على مقرات سكنية لقيادات من حركة «حماس»، وهو الهجوم الذي أدانته دول ومنظمات خليجية وعربية ودولية.

ومن المقرر أن تناقش القمة تداعيات الموقف والخطوات الواجب اتخاذها لمنع انزلاق المنطقة لمزيد من الصراعات. وأكّدت إيران مشاركة رئيسها مسعود بزشكيان في القمة، كما أكدت العراق مشاركة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وقالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب إردوغان سيزور الدوحة الاثنين.


مقالات ذات صلة

المجلس الخليجي الأعلى يجدد التأكيد على مغربية الصحراء

شمال افريقيا ولي العهد السعودي يرأس وفد بلاده في الدورة الـ46 للمجلس الخليجي الأعلى (واس)

المجلس الخليجي الأعلى يجدد التأكيد على مغربية الصحراء

جدد المجلس الخليجي الأعلى، خلال ختام دورته الـ46 المنعقدة في العاصمة البحرينية المنامة، التأكيد على مغربية الصحراء.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الخليج لقطة تذكارية لقادة وممثلي دول الخليج لدى انعقاد قمة المنامة أمس (واس)

«إعلان الصخير»: أمن الخليج كلٌّ لا يتجزأ

شدد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال قمتهم في العاصمة البحرينية المنامة، أمس (الأربعاء) على أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ. وأكد القادة الالتزام.

ميرزا الخويلدي (المنامة) عبد الهادي حبتور (المنامة)
الخليج قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» بالعاصمة البحرينية الأربعاء (بنا) play-circle

«بيان قمة المنامة»: 162 بنداً ترسم ملامح المستقبل الخليجي

جاء البيان الختامي للقمة الخليجية في المنامة محمّلاً برسائل عديدة تعكس توجهاً خليجياً أكثر صراحة نحو تعزيز الأمن المشترك، والدفع باتجاه إقامة الدولة الفلسطينية

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الخليج جانب من الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق السعودي - البحريني في المنامة الأربعاء (واس) play-circle 00:42

وليا العهد السعودي والبحريني يرأسان الاجتماع الرابع لمجلس التنسيق المشترك

أشاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في برقيتي شكر للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، وولي عهده الأمير سلمان بن حمد، بنتائج القمة الخليجية 46 في المنامة

«الشرق الأوسط» (المنامة)
الخليج ولي العهد السعودي خلال لقائه رئيسة الوزراء الإيطالية في العاصمة البحرينية المنامة الأربعاء (واس)

محمد بن سلمان وميلوني يناقشان المستجدات الدولية

بحث الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، آخر المستجدات الإقليمية والدولية.

«الشرق الأوسط» (المنامة)

حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
TT

حفل استقبال في السفارة السعودية بباريس بمناسبة اليوم العالمي للتضامن الإنساني

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)
سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي مع ضيوف الحفل الذي أقامته السفارة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني (الشرق الأوسط)

اغتنم سفير المملكة السعودية في باريس، فهد الرويلي، مناسبة حفل الاستقبال الذي دعا إليه في دارته بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني، الذي يحل كل عام في العشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، ليؤكد أن المملكة العربية السعودية «تضع التضامن الإنساني والحوار في صميم عملها الوطني والدولي» بعدّهما «قيماً متجذّرة بعمق في ثقافتها ومبادئها الدينية، وتشكّل ركيزة أساسية في رؤيتها المستقبلية الجديدة، رؤية السعودية 2030». واستطرد السفير السعودي قائلاً «إن التضامن الإنساني ليس مجرد مبدأ أخلاقي، بل هو مسؤولية جماعية تقوم على الاحترام والتعاون والتكافل بين الشعوب دون تمييز»، حيث إن «إنسانيتنا مشتركة ومستقبلنا واحد».

انطلاقاً من هذه المبادئ، أشار السفير الرويلي إلى ما تقدمه المملكة من مساعدات عبر العالم «دون تمييز على أساس الأصل أو الدين»، حيث يلعب مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية «دوراً رائداً في تقديم المساعدات الغذائية، والرعاية الطبية، والتعليم، والمساعدات الطارئة في زمن الأزمات، كما يقوم الصندوق السعودي للتنمية بتمويل 741 مشروعاً في 93 دولة عبر العالم».

سفير المملكة السعودية في باريس فهد الرويلي في حفل الاستقبال (الشرق الأوسط)

ونوه السفير الرويلي بالدور الذي تقوم به المنظمات والجمعيات السعودية في مختلف مجالات العمل الإنساني، ذاكراً منها مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية أو رابطة العمل الإسلامي التي تتخذ من مكة المكرمة مقراً لها وهي تعمل بشكل خاص على «مكافحة التطرف والتشدد وخطابات الكراهية». وقد أثبتت الرابطة أهليتها، ما يعكس اعتراف الأمم المتحدة بدورها وتسميتها عضواً استشارياً ومراقباً لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. كما أشار السفير الرويلي لدور المملكة في تقديم المساعدات في مناطق عديدة للمدنيين في غزة، وسوريا، ولبنان، وصولاً إلى أوكرانيا وغيرها.

أما على صعيد الحوار، فقد شرح السفير الرويلي دور بلاده الفاعل في تعزيز ثقافة الحوار خصوصاً بين الأديان والثقافات ودعمها الدائم «للمبادرات الرامية إلى تعزيز التفاهم المتبادل، ومكافحة التطرف، وترسيخ قيم التعايش السلمي بين الشعوب»، فيما تعكس رؤية 2030 «تشجيع الانفتاح، والتعاون الدولي، والشراكات المتعددة الأطراف، من أجل بناء مجتمعات أكثر عدلاً وتسامحاً وقدرة على الصمود».

وشدد السفير على أن «التضامن الإنساني والحوار الصادق يشكّلان ركيزتين أساسيتين لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار على مستوى العالم»، خصوصاً أن نظرة فاحصة تبين كم أن عالم اليوم يعاني من أزمات ونزاعات وإرهاب... الأمر الذي يبين الحاجة إلى التضامن البشري والإنساني لغرض «صون السلام والاستقرار والكرامة الإنسانية».

وفي السياق عينه، أبرز السفير الرويلي التزام بلاده بـ«تعزيز التنمية المستدامة، والتعاون الدولي، والحوار بين الثقافات»، وأنها «تؤمن إيماناً راسخاً بأن التضامن الإنساني ركيزة أساسية لبناء عالم أكثر عدلاً وأمناً وازدهاراً». ومن من الفعاليات التي أقامتها الرياض في هذا السياق انعقاد «المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة»، مؤخراً، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من كبار المسؤولين والشخصيات المرموقة من مختلف أنحاء العالم، الذي يهدف إلى تعزيز الاحترام والتفاهم بين الثقافات والأديان.

حضرت الحفل شخصيات دبلوماسية ودينية واجتماعية وإعلامية عربية وأجنبية مرموقة ومتعددة المشارب، ما يعكس بمعنى ما، صورة مصغرة عن التلاقي والتضامن الإنسانيين.


الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي في زيارة مزدوجة الأهداف إلى أبو ظبي

الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون مع رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بقصر الإليزيه في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

ما بين لبنان والإمارات العربية المتحدة، اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبو ظبي للقيام بالزيارة التقليدية للقوات الفرنسية المنتشرة خارج البلاد بمناسبة أعياد نهاية السنة. كان الخياران مطروحين، ففي جنوب لبنان، تشارك وحدة فرنسية من 700 رجل في قوة «اليونيفيل» المنتشرة جنوب لبنان. وتعد فرنسا من أقدم الدول التي أسهمت في القوة الدولية بمسمياتها المختلفة منذ عام 1978.

ولفرنسا في الإمارات قاعدتان عسكريتان بحرية وجوية {الظفرة) وقوة برية من 900 رجل. وأفاد الإليزيه بأن زيارة الرئيس الفرنسي ستكون ليومين (الأحد والاثنين)، ومن شقين: الأول، زيارة رسمية مخصصة للعلاقات الثنائية بين باريس وأبو ظبي، وسيتوِّجها اجتماع مرتقب، الأحد، بين ماكرون ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد لبحث الملفات المشتركة. ويقوم بين الطرفين حوار استراتيجي ــ سياسي رفيع المستوى. والشق الثاني لتفقد القوة العسكرية الفرنسية؛ حيث من المقرر أن يتوجه بخطاب إلى العسكريين بهذه المناسبة سيعقبه عشاء تكريمي أعده تحديداً مطبخ الإليزيه. وسترافق ماكرون وزيرة الدفاع كاترين فوترين. ومن ضمن برنامج الزيارة، حضور ماكرون نشاطاً عسكرياً في إحدى القواعد الصحراوية للقوة الفرنسية، ويرجح أن تشارك فيها قوة إماراتية على غرار التمارين العسكرية المشتركة بين الطرفين لتنسيق المواقف إزاء الأزمات الإقليمية والملفات الساخنة.

جنود فرنسيون يقومون بمناورة بدبابات من طراز «لوكلير» في مدينة زايد العسكرية 20 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

باريس وأبو ظبي تعاون وثيق

ترتبط فرنسا والإمارات بعلاقات استراتيجية قوية ومتنوعة؛ إذ تشمل الجوانب السياسية والدفاعية والاقتصادية والتجارية والثقافية. ومنذ عام 2009 وقّعت باريس وأبو ظبي اتفاقاً دفاعياً ما زال قائماً، ويرفده تعاون وثيق في مجال التسليح، حيث وُقِّعت بين الطرفين عقود بالغة الأهمية آخرها عقد حصول الإمارات على 80 طائرة قتالية من طراز «رافال» التي تصنعها «شركة داسو». ووُقّع العقد في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021، وتبلغ قيمته الإجمالية مع الصيانة والتدريب 16.6 مليار يورو. ومن المنتظر أن تتسلم القوات الجوية الإماراتية أول النماذج بدءاً من عام 2026، بينما تنتهي عملية التسليم في عام 2031. ويشمل التعاون الدفاعي القيام بتمارين عسكرية مشتركة غرضها تسهيل التعاون بين جيشي البلدين. وما يدفع في هذا الاتجاه أن القوات الإماراتية تستخدم كثيراً من الأسلحة والمعدات التي تستخدمها القوات الفرنسية في قطاعي الطيران والعربات المصفحة والدبابات.

ليس القطاع الدفاعي والاستراتيجي وحده يستأثر بالتعاون الثنائي؛ فالطرفان يرتبطان بشراكة استراتيجية في قطاع الطاقة الذي يشمل، إلى جانب النفط، الطاقات المتجددة والنووية والهيدروجين, وبالتوازي، ثمة تعاون في قطاع الذكاء الاصطناعي.

كما طور الطرفان التعاون الأكاديمي (جامعة السوربون)، والثقافي (متحف اللوفر أبو ظبي) والصحي. ومن الجانب التجاري، تعد الإمارات الشريك الأول لفرنسا في منطقة الخليج؛ حيث بلغت قيمة المبادلات، العام الماضي، 8.5 مليار يورو. وتتركز المشتريات الإماراتية على الطائرات والتجهيزات والمكونات الكيميائية والعطور والمستحضرات الطبية والتجميلية والثياب والأقمشة. وتفيد وزارة الاقتصاد بأن ما لا يقل عن 600 شركة فرنسية تعمل في الإمارات، وتوفر فرصاً لآلاف المتخصصين والعمال.

صورة لأحد التمرينات العسكرية التي قام بها الجنود الفرنسيون المرابطون في دولة الإمارات بمناسبة المناورات التي تُجرى سنوياً (أ.ف.ب)

مهمات القوة الفرنسية في الإمارات

تؤكد مصادر الإليزيه أن اختيار أبو ظبي يعود لرغبة فرنسية في إظهار أن باريس، رغم تركيزها على الأزمة الأوكرانية التي تهم أمنها وأمن القارة الأوروبية، ما زالت «تواصل جهودها العسكرية، السياسية والدبلوماسية، على مستوى العالم بأسره، في كل مكان ترى فيه تهديداً لمصالحها وقيمها». ومن جانب آخر، ترى باريس أنها معنية بالأزمات والتحديات الأمنية القائمة في المنطقة سواء كان من بينها أمن الخليج والممرات المائية والتحديات التي يمثلها الحوثيون أو الإرهاب ممثلاً بتنظيم «داعش» الذي عاد إلى البروز في الشهر الأخيرة. وفي هذا السياق، تشير المصادر العسكرية في الإليزيه إلى أن القوات الفرنسية تشارك في «عملية شمال»، وهي جزء من التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب. كذلك، فإنها جزء من «العملية الأوروبية أسبيدس» المنخرطة في حماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين.

من هذه الزاوية، يمكن تفهُّم حرص ماكرون على التوجه إلى الإمارات التي تعد، وفق مصادر الأليزيه «موقعاً محورياً تتقاطع حوله الأزمات كما يعكس اهتمامنا الكبير بهذه المنطقة الجغرافية الرئيسية من أجل الاستقرار الإقليمي وحماية الحركة الملاحية وأمن العراق والعلاقة مع إيران ومكافحة الإرهاب». وتشير المصادر الفرنسية إلى الحرب مع إيران، وللدور الذي قامت به الطائرات الفرنسية في محاربة «داعش» زمن احتلالها جزءاً من العراق، فضلاً عن محاربة أنشطة المرتزقة البحرية في المنطقة. وركزت المصادر المشار إليها على وجود «هيئة أركان فرنسية مشتركة» يرأسها الأميرال هيوغ لين، قائد القوة الفرنسية في الإمارات، ولكن أيضاً القوة الفرنسية العاملة في المحيط الهندي لمحاربة عمليات القرصنة والتهريب متعدد الأنواع.


عبدالله بن زايد يشدد على وقف فوري لإطلاق النار بالسودان

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
TT

عبدالله بن زايد يشدد على وقف فوري لإطلاق النار بالسودان

الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)

جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل. كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين في الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

وكان روبيو قد قال في مؤتمر صحافي إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في الإمارات والسعودية ومصر، وبالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.