عراقجي وغروسي في القاهرة... حراك مكثف نحو «تفاهمات» بشأن «نووي إيران»

متحدث الخارجية المصرية لـ«الشرق الأوسط»: جهود لتيسير التعاون بين طهران والغرب

وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

عراقجي وغروسي في القاهرة... حراك مكثف نحو «تفاهمات» بشأن «نووي إيران»

وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في القاهرة (الخارجية المصرية)

حراك مصري مكثف على مدار نحو 3 أشهر، قاد لاستقبال القاهرة وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، الثلاثاء، بهدف «استكمال المفاوضات الخاصة بالصياغة النهائية لآلية جديدة لتنظيم تعامل إيران مع الوكالة».

ذلك الحراك شهد نحو 12 جولة مباحثات خلال الـ3 أشهر بين اتصالات هاتفية و3 لقاءات مباشرة قادها وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي، مع عراقجي وغروسي، بالإضافة إلى اتصالات عديدة مع المبعوث الأميركي ستيف وتيكوف، ما يقود نحو «تفاهمات مرضية في الملف النووي الإيراني»، بحسب متحدث الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، وخبراء في الشأن الإيراني تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وقال خلاف: «مصر تقوم باتصالات نشطة وفعّالة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ منتصف يونيو (حزيران) الماضي، تستهدف وقف التصعيد والتهدئة واستئناف التعاون بين إيران والوكالة، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة».

وستواصل مصر، بحسب خلاف، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، «جهودها الدبلوماسية الدؤوبة نحو التوصل لتفاهمات مرضية بالنسبة للملف النووي الإيراني، تحقق مصالح جميع الأطراف واستعادة الثقة، بعد أن قامت بتيسير التعاون بين إيران والوكالة خلال الفترة الماضية».

واستقبل عبد العاطي، الثلاثاء، عراقجي في القاهرة «بهدف مناقشة التطورات الأخيرة بشأن الملف النووي الإيراني، والجهود المصرية المبذولة لتيسير التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وفق بيان للخارجية المصرية.

وأكّد وزير خارجية مصر، خلال اللقاء، «أهمية مواصلة الجهود لتهيئة الظروف للتوصل لتسوية مرضية ومستدامة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تراعى مصالح جميع الأطراف، وتسهم في تحقيق التهدئة واستعادة الثقة وإيجاد مناخ داعم لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

مباحثات موسعة لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في القاهرة (الخارجية المصرية)

وقبل هذا اللقاء، أجرى وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي، في أعقاب انتهاء التصعيد الإسرائيلي الإيراني، في 24 يونيو حتى 8 سبتمبر (أيلول) 9 اتصالات على الأقل مع نظيره الإيراني، عباس عراقجي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رفائيل غروسي، بخلاف لقاءين اثنين معهما خارج القاهرة، وفق رصد «الشرق الأوسط» لبيانات الخارجية المصرية في تلك الفترة.

وتمت الاتصالات الهاتفية أيام 6 و13 و30 أغسطس (آب)، و5 و15 و18 يوليو (تموز)، و24 و30 يونيو، بخلاف لقاء عبد العاطي مع غروسي في 2 سبتمبر، خلال منتدى بليد، في سلوفينيا، ومع عراقجي في جدة في 25 أغسطس (آب)، ومع الجانبين الثلاثاء 9 سبتمبر.

ويعتقد الخبير في الشؤون الإيرانية، بمركز الأهرام للدراسات، الدكتور محمد عباس ناجي، أن مصر تسعى عبر تلك الجهود لمنع احتمال جولة جديدة من الحرب بين طهران وإسرائيل، في ظل السعي الإسرائيلي لذلك، وسط خلافات بين إيران والوكالة والغرب خاصة، والولايات المتحدة، كما استغلت مهلة ترمب الأولى الـ60 يوماً وضربت طهران في اليوم التالي لانتهائها.

ويتوقع ناجي أن زيارة غروسي وعراقجي الأولى للقاهرة تعني أن هناك تقدماً في التفاهمات، وأنها مرضية للطرفين، خاصة مع تأكيد إيراني على الاقتراب من نهاية بروتوكول تعاون قد يعلن في القاهرة.

يتفق معه الخبير المصري في الشؤون الإيرانية، علي عاطف، قائلاً إن جهود وتحركات مصر في الملف النووي الإيراني تسعى لأهداف. أبرزها استقرار منطقة الشرق الأوسط، وتعزيز الأمن الإقليمي، ومنع اندلاع سباق تسلح نووي بالمنطقة، بخلاف إذابة الجليد بين إيران والوكالة، وحلحلة بعض المشكلات بينهما.

ويعتقد عاطف أن مصر تسعى من خلال ثقلها الدبلوماسي، ومكانتها الجيوسياسية، إلى التوصل لاتفاق نووي، في ظل تعثر هذا المسار بين إيران والأطراف الغربية والولايات المتحدة، لافتاً إلى أن التجاوب الإيراني مع مصر يأتي في ضوء التحسن التدريجي في العلاقات بينهما في الآونة الأخيرة.

ووقت التصعيد بين إسرائيل وإيران، في يونيو الماضي، أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني، مسعود بزشكيان، أعرب خلاله عن «رفض مصر الكامل للتصعيد الإسرائيلي الجاري ضد إيران، لما يمثله من تهديد لأمن واستقرار الشرق الأوسط، في وقتٍ بالغ الدقة، تشهد فيه المنطقة أزمات مُتعددة ومُتفاقمة»، مؤكداً «الأهمية التي توليها مصر لوقف إطلاق النار بشكل فوري، وبما يسمح باستئناف المفاوضات بهدف التوصل لحلّ سلمي مُستدام لهذه الأزمة».

ويلتقي عراقجي في القاهرة رافاييل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي علّقت طهران التعاون معها في يوليو، بهدف «استكمال المفاوضات الخاصة بالصياغة النهائية لآلية جديدة لتنظيم تعامل إيران مع الوكالة»، حسب ذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، في بيان صحافي نقلته وكالة «إرنا» الرسمية للأنباء.

وقال عراقجي، السبت، إن بلاده تعمل على صياغة إطار عمل جديد للتعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفعَّلت دول الترويكا الأوروبية، أواخر أغسطس، آلية «سناب باك» المدرجة في الاتفاق، التي تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران. وأمهلت الدول الثلاث إيران 30 يوماً لإبرام تسوية قبل إعادة فرض العقوبات.

وتشتبه الدول الغربية في سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية، لكنّها تنفي ذلك، وتدافع عن حقّها في تطوير برنامج نووي لأغراض مدنية. وتقول الوكالة الدولية إن مخزون إيران من اليورانيوم بنسبة 60 في المائة فقط يكفي لـ10 قنابل نووية، إذا رفعت نسبة التخصيب إلى 90 في المائة.

ويعتقد ناجي أن مصر تقوم بدور وساطة، تحظى بقبول الطرفين؛ إيران والوكالة، وسط دعم أوروبي تسبب في هذا النجاح الملموس في المشاورات منذ الحرب الإسرائيلية الإيرانية في يونيو الماضي، ما قد يتوج باتفاق جديد بين طهران والوكالة.

ويرى عاطف أن ما تفعله مصر من جهود يأتي ضمن وساطة واضحة، تجري بالتكامل مع جهود عربية ودولية في هذا المسار، معتقداً أن مصر قادرة على الوصول لتفاهمات مرضية، سيكون أبرزها ملامح هذا الاتفاق بين إيران والوكالة.


مقالات ذات صلة

صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

شؤون إقليمية مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

صور أقمار صناعية ترصد «نشاطاً جارياً» في منشأة نووية بإيران

ذكر «معهد العلوم والأمن الدولي» أن السلطات الإيرانية قد تسعى إلى فحص أنقاض ضربة عسكرية في منشأة «نطنز» بعيداً عن أعين المراقبين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)

الرئيس الإيراني: نرفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده لن تقبل «شروطاً مهينة» للتفاوض مع الولايات المتحدة محذراً من محاولات تجريد إيران من مكونات القوة العسكرية و«إضعافها».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)

إسرائيل تحذر من محاولة طهران إحياء برنامجها النووي

بعد ستة أشهر من قصف منشآت إيران النووية، كشفت تقارير عن تفاصيل جديدة عن الحرب الـ12 يوماً، بينما حذر رئيس «الموساد» من استئناف طهران نشاطها النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عراقجي ولافروف على هامش مباحثاتهما في موسكو (الخارجية الإيرانية)

«خريطة طريق» للتنسيق بين موسكو وطهران حتى 2028

وقعت موسكو وطهران الأربعاء اتفاقية تنظم آليات تنسيق التعاون الدبلوماسي، وتكرس أول تحرك مشترك في إطار معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية عراقجي يعقد اجتماعاً مع المشرعين الروس في مقر مجلس الدوما (الخارجية الإيرانية)

عراقجي في زيارة إلى موسكو والملف النووي على الطاولة

وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو الثلاثاء، بالتزامن مع تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضرورة التزام الوكالة بالحياد في تعاملها مع إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن - موسكو - طهران)

مسار أمني ــ اقتصادي لمفاوضات لبنان وإسرائيل


«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»
TT

مسار أمني ــ اقتصادي لمفاوضات لبنان وإسرائيل


«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب منشور لأفيخاي أدرعي على «إكس»

تأخذ المفاوضات بين لبنان وإسرائيل مساراً أمنياً - اقتصادياً، في وقت تعتمد تل أبيب سياسة «تضخيم» لقدراتِ «حزب الله»، ما يثير مخاوف من أنها تمهّد لتوجيه ضربة جديدة في لبنان.

وعقدت لجنة «الميكانيزم» المعنية بمراقبة وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، اجتماعَها الثاني بمشاركة مدنيين في الناقورة (جنوب لبنان). وتحدث بيان للسفارة الأميركية في بيروت عن تركيز البحث على «أهمية عودة سكان جانبي الحدود إلى منازلهم»، فيما أعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنَّه، إضافة إلى نزع سلاح «حزب الله»، تمَّ البحث في تعزيز المشروعات الاقتصادية لإظهار المصلحة المشتركة في إزالة تهديد «حزب الله»، وضمان الأمن المستدام لسكان جانبي الحدود.

في موازاة ذلك، بث الجيش الإسرائيلي تسجيلات مصوّرة للأسير عماد أمهز الذي قُدّم بوصفه ضابطاً في «حزب الله» والذي خُطف في عملية نفذتها وحدة كوماندوز قبل عام في شمال لبنان. واعترف أمهز في التسجيلات بأنَّه قاد قوات سلاح بحرية تابعة للحزب ولإيران، ما أثار مخاوف من أن أقواله تندرج في إطار حملة تروّج لها تل أبيب لإقناع واشنطن بـ«ضرورة توجيه ضربة لـ(حزب الله)».

في المقابل، انتهت اجتماعات باريس المتعلقة بلبنان برضا العواصم المعنية الثلاث (باريس، وواشنطن، والرياض) عن أداء الجيش والتزامه الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح مع نهاية العام الحالي، فيما تم الاتفاق على عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش في فبراير (شباط) المقبل.


السلطات التركية تحقق في تحطم مسيرة بعد أيام من إسقاط أخرى

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
TT

السلطات التركية تحقق في تحطم مسيرة بعد أيام من إسقاط أخرى

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)
مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان - 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غرب تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)

قالت وزارة الداخلية التركية، اليوم الجمعة، إنها ‌عثرت ‌على ‌طائرة مسيّرة روسية ​المنشأ ‌من طراز «أورلان - 10» في مدينة قوجه إيلي بشمال غرب ‌البلاد.

وذكرت الوزارة أن التقييمات الأولية تشير إلى أن الطائرة المسيرة ​كانت تُستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، مضيفةً أن التحقيق في الواقعة لا يزال جارياً، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات التركية فتحت تحقيقاً، الجمعة، بشأن طائرة غير مأهولة تحطمت شمال غربي تركيا بعد أيام من إسقاط البلاد لمسيرة أخرى دخلت المجال الجوي من البحر الأسود، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وأوضحت قناة «إن تي في» الإخبارية أن سكان ولاية قوجه إيلي اكتشفوا طائرة غير مأهولة في أحد الحقول، مما دفع إلى فتح تحقيق رسمي بشأن الحطام.

واعترضت طائرات تركية من طراز «إف - 16»، الاثنين الماضي، ما وصفه مسؤولون بأنه مسيّرة «خارجة عن السيطرة» بعدما انتهكت المجال الجوي للبلاد.

وأفادت وزارة الدفاع بأنه جرى تدمير المسيرة في موقع آمن لحماية المدنيين والمجال الجوي. وحذرت الحكومة التركية بعد ذلك روسيا وأوكرانيا بأن عليهم الالتزام بأكبر قدر من الحذر فوق البحر الأسود.

وجاء هذا الإسقاط عقب سلسلة من الضربات الأوكرانية ضد ناقلات «أسطول الظل» الروسي قبالة الساحل التركي، مما زاد من المخاوف في تركيا بشأن خطر امتداد الحرب في أوكرانيا إلى المنطقة.


«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

TT

«اعترافات» أمهز… تمهيد إسرائيلي لتصعيد ضد لبنان؟

«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي
«هيكلية القيادة في الملف البحري السري التابع لحزب الله» حسب ما جاء في منشور على «إكس» للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي

إظهار إسرائيل للبناني عماد أمهز الذي قدمته بوصفه «الضابط في الذراع العسكرية لـ(حزب الله)»، وهو يعترف بصوته وصورته بأنه قاد قوات سلاح بحرية تابعة للحزب ولإيران وتنطلق من بيروت لتنفيذ عمليات إرهاب ضد أميركا وغيرها من دول الغرب المعادية، جاء ضمن الحملة التي تروج لها السلطات الإسرائيلية لتبرير التصعيد الحربي على لبنان، ومحاولة لإقناع واشنطن وغيرها من العواصم الغربية بـ«ضرورة توجيه ضربة قاسية أخرى لـ(حزب الله) تضطره إلى نزع سلاحه».

ومع أن أمهز اعتقل قبل سنة، وتم في حينه التحقيق معه وتوثيق اعترافاته، فإن إسرائيل اختارت نشرها، قبيل اجتماع لجنة مراقبة وقف النار الدولية، التي التأمت بحضور مدنيين اثنين، لبناني وإسرائيلي في رأس الناقورة الحدودية، من جهة، وبعد الاجتماعات التي عُقدت في باريس الخميس في حضور مسؤولين لبنانيين وأميركيين وسعوديين وفرنسيين، وفيها اتفق على أن يقوم الجيش اللبناني بإجراء «توثيق جدي» للتقدم المحرز على صعيد نزع سلاح «حزب الله». فالإسرائيليون ليسوا راضين عن هذه التقييمات الإيجابية لأداء الجيش اللبناني. ويصرون على مواصلة تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان، بدعوى أنّ «حزب الله» يعيد بناء قدراته العسكرية بمساعدة إيران، ويشكّكون في فاعلية الجيش اللبناني في هذا المجال. وهم لا يخفون استعداداتهم للقيام بتصعيد أكبر ضد لبنان، علماً بأن غاراتهم اليومية تسببت بمقتل 340 لبنانياً منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار.

كان الجيش الإسرائيلي قد نشر، الجمعة، شريط فيديو يوثق اعترافات أمهز، ويكشف فيه مشروعاً بحرياً سرياً لـ«حزب الله»، واصفاً إياه بأنه أحد أكثر المشاريع حساسيةً وسريةً داخل التنظيم. ووفق المعطيات التي كُشف عنها، فإن هدف المشروع تُمثل في إنشاء بنية تحتية منظمة لتنفيذ عمليات إرهابية في البحر، تحت غطاء أنشطة مدنية، بما يتيح استهداف مصالح وأهداف إسرائيلية ودولية في المجال البحري، موجهة ضد «كل القوى المعادية وبينها الأميركية والغربية».

وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن المشروع أُدير بشكل مباشر من قبل الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله، إلى جانب فؤاد شكر، الذي شغل منصب رئيس أركان التنظيم، وكلاهما تم اغتيالهما في شهر سبتمبر (أيلول) 2024 خلال الحرب، ويقوده المسؤول المباشر عن «الملف البحري السري»، علي عبد الحسن نور الدين، الذي تولى تنسيق وتطوير القدرات العملانية المرتبطة بهذا المشروع. وقال أمهز في هذا الشريط إن العملية التي قادت إلى تفكيك خيوط المشروع تعود إلى نحو عام، حين نفذ مقاتلو وحدة الكوماندوز البحري التابعة للجيش الإسرائيلي عملية خاصة أُطلق عليها اسم «من وراء الخطوط»، في بلدة البترون شمال لبنان، على بعد 140 كيلومتراً من الشواطئ الإسرائيلية، التي اعتقلت القوة الإسرائيلية خلالها عماد أمهز، «العنصر البارز في وحدة صواريخ الساحل التابعة لـ(حزب الله)، ويُعد إحدى الشخصيات المركزية في (الملف البحري السري)».

ووضع الجيش الإسرائيلي لائحةً لقادة «حزب الله»، الذين تم اغتيالهم وبينها صورة علي نور الدين، الذي قالوا «إنه لم يقتل بعد، لكنه تحت مرمى السهام». وقال الأسير أمهز إن الوحدة البحرية لـ«حزب الله» تمكنت من تنفيذ عشرات العمليات السرية، بينها استخدام النقل البحري المدني للجنود وتفعيل دوريات وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل وعمليات مراقبة وتجسس للبحرية الأميركية والغربية في البحر المتوسط.

وأوضح الجيش الإسرائيلي أن أمهز نُقل إلى إسرائيل وخضع لتحقيق أمني معمّق، تبيّن خلاله أنه تلقى تدريبات عسكرية متقدمة في إيران ولبنان، واكتسب خبرة بحرية واسعة خُصصت لتنفيذ هجمات إرهابية في البحر. كما أقر خلال التحقيق بدوره المحوري في المشروع البحري السري، وقدم معلومات استخبارية وُصفت بالحساسة، أسهمت في كشف طبيعة المشروع، هيكليته، وأهدافه العملانية. وشدد على أن هذا الكشف يسلط الضوء على سعي «حزب الله» لتوسيع ساحات المواجهة، ونقلها إلى المجال البحري، عبر استغلال واجهات مدنية، بما يشكل تهديداً للأمن الإقليمي والملاحة الدولية، ويبرر، وفق البيان، مواصلة الجهود الاستخبارية والعملانية لإحباط مثل هذه المخططات.

ويرمي النشر على هذا النحو، أيضاً، لإبراز مدى فداحة خسائر «حزب الله» في هذه الحرب وإزالة الانطباع بأن قادته مقاتلون صلبون، وإظهارهم ضعفاء في الأسر الإسرائيلي يكشفون أوراقهم الأمنية. وهذه طريقة معروفة تتبعها إسرائيل منذ قيامها، بشكل خاص مع الفلسطينيين، وكذلك مع جنود مصريين وسوريين تم أسرهم في العمليات الحربية.