«لعنة الولاية الثانية» تلاحق رؤساء الحكومة في العراق

التحالف الحاكم يقطع غالباً طريق الطامحين إلى التجديد

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

«لعنة الولاية الثانية» تلاحق رؤساء الحكومة في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

باستثناء رئيسي الحكومة السابقين، إياد علاوي وإبراهيم الجعفري، فإن غالبية مَن تولى الحكم في العراق بعدهما خاض نزاعاً سياسياً مريراً حول الولاية الثانية. وبدأت قصة «الولايتين» مع ثالث رئيس وزراء في العراق بعد انهيار نظام صدام حسين، وهو نوري المالكي الذي قضى في المنصب الحكومي دورتين، بين عامي 2006 و2010. ويميل مراقبون عراقيون إلى الاعتقاد بأن ولايته الثانية شهدت اضطرابات سياسية حادة وعلاقات متوترة مع المكونات السياسية والمذهبية، قبل أن يتنحى عن السلطة، بينما كان تنظيم «داعش» قد اجتاح ثلث مساحة البلاد. وتزامنت ولاية المالكي الأولى وجزء من الثانية مع وجود قوي للقوات الأميركية قبل انسحابها وفق اتفاق مع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

ويفضل أنصار المالكي نسب الفضل إليه لسحب نحو 140 ألف جندي من البلاد عام 2011، إلا أن الأحداث اللاحقة أحاطت فترته الأخيرة بالعزلة السياسية. ورغم علاقة المالكي المتوترة مع الأحزاب السُّنية والكردية، فإن معارضته القوية جاءت من أحزاب شيعية شريكة في التحالف الحاكم، على رأسها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.

نوري المالكي وعمار الحكيم خلال مشاركتهما بالانتخابات المحلية في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

خطأ العبادي

بحكم العرف السياسي المبتكر بعد عام 2003، يدافع الشيعة عن أحقيتهم في منصب رئيس الوزراء طبقاً لتقسيم المناصب السيادية العليا في البلاد؛ رئاسة الجمهورية للكرد، رئاسة الوزراء للشيعة، ورئاسة البرلمان للسنّة. وترى أحزاب شيعية أن دفاعها عن المنصب لأنه حصة ثابتة غير قابلة للنقاش لـ«المكون الأكبر»، لكنها تقطع الطريق دائماً على مرشحين شيعة يخططون لولاية ثانية. فالمالكي الذي حصل على ولايتين، وهو الوحيد حتى الآن، لم يتمكن من الحصول على الثالثة بعد أن عارضه أعضاء بارزون من حزبه الذي يتزعمه «الدعوة». وحل محله حيدر العبادي رئيساً للوزراء عام 2014، وجاء إلى دولة شبه مفلسة بينما تنظيم «داعش» يسيطر على 3 مدن شمال وغرب البلاد.

وخاض العبادي حرب التحرير ضد التنظيم وتمكن بعد نحو 3 سنوات مع تشكيلات عسكرية مختلفة وبدعم أميركي من طرد المسلحين وإعلان «النصر» على الجماعات الإرهابية. وفي تلك الفترة، أعلن العبادي حملة ضد الفساد، وشبه جرائم الاختلاس والسرقات داخل المؤسسات الحكومية بما كان يفعله تنظيم «داعش»، لهذا حظيت حملته بدعم المرجعية الدينية. وعلى لسان المتحدث باسمها في إحدى خطب الجمعة قيل له: «اضرب بيد من حديد». لكن العبادي لم يهنأ بفترة مستقرة سياسياً ومجتمعياً، إذ اندلعت احتجاجات شعبية تطالب بالإصلاح وتحسين الخدمات دون أن يتمكن من احتوائها، وسرعان ما دفع ثمن ذلك بعدم التجديد له لولاية ثانية. وقيل على نطاق واسع إن «غلطة العبادي أنه لم يضرب الفاسدين بيد من حديد».

متظاهرون في ساحة التحرير وسط بغداد في أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)

لعنة الاحتجاج

تكرر الأمر مع رئيس الحكومة التالي، عادل عبد المهدي، الذي ما أن تولى السلطة بعد العبادي حتى اندلعت مظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) 2019، التي هددت لأول مرة النظام السياسي في العراق الذي يهيمن عليه الشيعة بعد 2003. وتعد تلك المظاهرات هي ثاني أكبر مظاهرات في البلاد بعد الحراك الذي انطلق في المحافظات الغربية من البلاد، خصوصاً الأنبار التي هددت هي الأخرى النظام السياسي للبلاد. وإذا كانت غلطة العبادي عدم ضربه الفاسدين، فإن غلطة عبد المهدي كانت ضرب مظاهرات ذات دوافع مطلبية تهدف إلى محاربة الفساد الذي تغول كثيراً في مختلف المفاصل وإصلاح المنظومة السياسية في البلاد.

وفي لحظة بدت فارقة، تم تعيين مدير جهاز المخابرات الوطني مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء بعد أن تم رفض مرشحين سابقين، وهما محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، ومحافظ النجف الأسبق عدنان الزرفي. وبدا الكاظمي خياراً اضطرارياً للقوى الشيعية، ولم تكن العلاقة مستقرة بين رئيس حكومة وتحالف حاكم، إلى درجة أن فصائل مسلحة قصفت منزله بطائرة مسيّرة عام 2021، وانتهت ولايته الوحيدة بافتراق سياسي واضح.

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني لدى إدلائه بصوته في الانتخابات المحلية في ديسمبر 2023 (إعلام حكومي)

لحظة السوداني

في ظل أجواء ملتهبة وصل محمد شياع السوداني إلى القصر الحكومي، الذي شغل سابقاً مناصب: وزير حقوق الإنسان، وزير العمل والشؤون الاجتماعية، وزير الصناعة، إلى جانب عضويته في البرلمان العراقي. ويدافع أنصار السوداني عن ولايته الأولى التي تشارف على الانتهاء نهاية هذا العام، ويرون أن ملف الخدمات نقطة قوة تصب في صالحه وتكفيه للترشح من أجل ولاية ثانية، إلا أن حليفه السابق نوري المالكي كان قد صرح بأن «الفوز بأكبر عدد من المقاعد لا يضمن الفوز بمنصب رئيس الحكومة»، في إشارة إلى طموح السوداني بالتجديد.

ويخوض السوداني التنافس الانتخابي منافساً لبقية أحزاب تحالف «الإطار التنسيقي»، ويقول مقربون منه إنه ينوي تشكيل أكبر كتلة برلمانية تؤهله للحصول على الولاية الثانية، إلا أن مراقبين يرون أن هذا الهدف لن يتحقق إلا بعد تجاوز معركة سياسية غير مسبوقة.


مقالات ذات صلة

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

الاقتصاد علم كردستان العراق في حقل نفطي (إكس)

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

قال نائب رئيس شركة النفط العراقية الحكومية (سومو)، ‌السبت، إن ⁠اتفاقية ​تصدير ‌النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون أي مشكلات، حسبما نقلت ​شبكة «رووداو» المحلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

تحليل إخباري فصائل عراقية تنضم إلى دعوات لحصر السلاح بيد الدولة

يسارع قادة ميليشيات عراقية هذه الأيام إلى إعلان دعواتهم لحصر السلاح بيد الدولة في تطور يثير مفاجآت وعلامات استفهام، وكذلك انتقادات على المستوى المحلي.

فاضل النشمي (بغداد)
العالم العربي ضابط من القوات المسلحة العراقية يقف حارساً خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثامنة لانتصار العراق على تنظيم «داعش» (د.ب.أ)

القيادات العراقية تدعو للإسراع بتشكيل العملية السياسية في البلاد

دعا كبار القادة في العراق اليوم (السبت)، إلى الإسراع بتشكيل العملية السياسية الجديدة، واحترام المدد الدستورية، وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي 
الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)

الحكيم يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة

دعا عمار الحكيم، أحدُ قادة تحالف «الإطار التنسيقي» في العراق، إلى حصر السلاح بيد الدولة، مشدداً على عدم استخدامه أداة للضغط على صناع القرار في البلاد.

حمزة مصطفى (بغداد)
خاص الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)

خاص بغداد تدفع نحو «شراكة أقوى» مع واشنطن لمكافحة «داعش»

قال مسؤول عراقي إن التعاون الأمني مع الولايات المتحدة يتخذ وتيرة متزايدة لمكافحة الإرهاب، في أعقاب عملية الإنزال المشتركة التي نفذتها قوة خاصة في سوريا.

حمزة مصطفى (بغداد)

مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنه قتل فلسطينيين اثنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، قائلاً إن أحدهما ألقى حجراً والآخر «مادة متفجرة» باتجاه الجنود.

وفي بلدة قباطية، جنوب جنين، توفي الفتى ريان أبو معلا البالغ 16 عاماً «متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي»، حسبما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، نقلاً عن وزارة الصحة.

في وقت سابق، أفادت الوكالة بأن القوات الإسرائيلية دهمت البلدة وانتشرت في أرجائها.

من جانبه، أفاد الجيش الإسرائيلي في بيان عن عملية في قباطية، حيث «ألقى إرهابي حجراً باتجاه الجنود، الذين ردّوا بإطلاق النار والقضاء على الإرهابي».

وتابع الجيش أنه «بشكل متزامن»، وفي عملية أخرى في منطقة السيلة الحارثية غرب جنين، «ألقى إرهابي مادة متفجرة باتجاه الجنود الذين ردوا بإطلاق النار والقضاء على الإرهابي».

جنود إسرائيليون يتمركزون خلال مداهمة عسكرية في مخيم الأمعري قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

وأفادت وكالة «وفا» بأن الشاب أحمد سائد زيود البالغ 22 عاماً «استُشهد إثر إصابته برصاص الاحتلال في صدره».

وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي أنه «لم يتم الإبلاغ عن أي إصابات بين الجنود في كلتا الحادثتين».

تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967. وتصاعد العنف في المنطقة منذ بداية حرب غزة التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إثر هجوم حركة حماس على إسرائيل.

ولم يتراجع منسوب العنف رغم الهدنة الهشة السارية في قطاع غزة منذ العاشر من أكتوبر الماضي.

منذ بدء حرب غزة، قُتل أكثر من ألف فلسطيني، بعضهم من المقاتلين، في الضفة الغربية على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين، وفقا ًلإحصاءات «وكالة الصحافة الفرنسية» المستندة إلى بيانات من السلطة الفلسطينية.

وفي الفترة نفسها، قُتل ما لا يقل عن 44 إسرائيلياً، بينهم مدنيون وجنود، في هجمات فلسطينية أو خلال غارات عسكرية إسرائيلية، وفقاً للبيانات الإسرائيلية الرسمية.


الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لحظة تفجير أنفاق لـ«حماس» بجنوب غزة

جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)
جندي إسرائيلي داخل أحد الأنفاق (أرشيفية - رويترز)

نشر الجيش الإسرائيلي، السبت، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة «حماس» الفلسطينية في الجانب الإسرائيلي من الخط الأصفر بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، يأتي نشر هذه اللقطات بالتزامن مع إعلان الجيش الإسرائيلي استبدال لواء «كفير» باللواء المدرع 188 في المنطقة.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن قواته قامت خلال الأشهر القليلة الماضية بـ«هدم» مئات من «البنى التحتية الإرهابية» في خان يونس، بما في ذلك نفق بطول كيلومترين ونفق آخر يمتد مئات الأمتار.

وباتت أنفاق «حماس» في غزة تتصدر مشهد صورة اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع، في ظل إصرار إسرائيل على تدميرها بالكامل.


الجيش الإسرائيلي يعلن القبض على مشتبه بانتمائه لـ«داعش» في سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن القبض على مشتبه بانتمائه لـ«داعش» في سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه ألقى القبض على مشتبه بانتمائه لتنظيم «داعش» في جنوب سوريا.

وأوضح الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه خلال عملية ليلية للكتيبة 52 التابعة للواء 474 في منطقة الرفيد في الجنوب السوري، ألقت قواته القبض على «شخص يشتبه بتورطه بالعمل الإرهابي، ويتم تحريكه من قبل (داعش)».

وأضاف البيان أنه تمت إحالة المشبوه به للتحقيق. مشيراً إلى أنه خلال العملية عثرت القوات الإسرائيلية على أسلحة ووسائل قتالية.