أوزمبيك يُقلق المطاعم... «ميني» أطباق مستحدثة تماشياً مع الشهية المتضائلة

رواج أوزمبيك يفرض تعديلاتٍ على أحجام الوجبات ومكوّناتها في المطاعم العالمية (رويترز)
رواج أوزمبيك يفرض تعديلاتٍ على أحجام الوجبات ومكوّناتها في المطاعم العالمية (رويترز)
TT

أوزمبيك يُقلق المطاعم... «ميني» أطباق مستحدثة تماشياً مع الشهية المتضائلة

رواج أوزمبيك يفرض تعديلاتٍ على أحجام الوجبات ومكوّناتها في المطاعم العالمية (رويترز)
رواج أوزمبيك يفرض تعديلاتٍ على أحجام الوجبات ومكوّناتها في المطاعم العالمية (رويترز)

منذ تحوّل عقار «أوزمبيك» وإخوانه إلى الصيحة الكبرى في عالم التنحيف، أي منذ نحو 3 سنوات، بدأ أصحاب المطاعم حول العالم يلاحظون تراجعاً في الاستهلاك، وبالتالي في الأرباح. تتلاقى تلك الملاحظة مع استطلاع أجرته شبكة «بلومبرغ» قبل أشهر قليلة، يفيد بأن 50 في المائة من مستخدمي «أوزمبيك» أو أحد العلاجات المشابهة له، توقّفوا عن الخروج إلى المطاعم منذ بدء العلاج. أما 63 في المائة ممَّن واصلوا زيارة المطاعم، فيصلون إليها غير جائعين، وبالتالي خفّفوا كثيراً من كمية الطعام التي يطلبونها بالمقارنة مع ما كانوا يستهلكون سابقاً، وفق تقرير أعدّه مركز «مورغان ستانلي» للدراسات.

فعل العقار فعله إذن، ليس على أوزان مستخدميه فحسب، بل على أرقام إيرادات المطاعم كذلك؛ إلى درجة أنّ رئيس مجلس إدارة «نوفو نورديسك»، الشركة المصنّعة لأوزمبيك، كشف أنه ومنذ فبراير (شباط) 2024 يتلقّى اتصالاتٍ «مذعورة» من مديري شركات غذائية، يشاركونه قلقهم من أثر الدواء على صناعة الأطعمة.

بدأت الشركات الغذائية تصنيع طعام خاص بمستخدمي عقاقير التنحيف (رويترز)

لكن يبدو أنّ المطابخ لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الواقع الجديد الذي فرضه عقار التنحيف، إذ إنّ المطاعم والشركات المتخصصة في إنتاج الأغذية سارعت إلى خطة إنقاذٍ تقيها الخسارة، وتُعيد إلى مستخدمي أوزمبيك متعة الأكل خارجاً.

تقوم الخطة على معادلةٍ بسيطة: كلّما تضاءلت شهيّة الزبون، ضاءلنا حجم الأطباق المعروضة عليه. من نيويورك، إلى لندن، مروراً بدبي وسواها من مدن، برزت قوائم طعام صديقة لـ«أوزمبيك» وإخوانه.

في أحد مطاعم نيويورك على سبيل المثال، يمكن طلب برغر صغير بحجم لقمة أو اثنتين إلى جانب 6 شرائح من البطاطا المقليّة مقابل 8 دولارات. يترافق ذلك مع مشروب كحوليّ منمنم، بما أنّ أوزمبيك يتسبّب كذلك في تراجع القابلية على الكحول، والإصابة بالغثيان لدى تناوله.

الميني برغر خيارٌ بديل استحدثته المطاعم للزبائن ذوي الشهية المنقطعة بسبب أوزمبيك (إنستغرام)

في حوارٍ أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» مع صاحب ذلك المطعم، تحدّث عمّا لاحظه خلال السنوات الأخيرة من سلوك خاص لدى الزبائن؛ إذ ارتفع فجأةً عدد أولئك الذين لا يكملون ما في صحونهم من طعام، فصار معظم المأكولات يذهب إلى سلّة المهملات. من هنا، لمعت في رأسه فكرة تقديم نسخة مصغّرة عن البرغر بشكلٍ لا يُحرج مستخدمي أوزمبيك. فمؤخراً، إن لم تُنهِ ما في صحنك في المطعم يستنتج الناس من حولك أنك تستعمل العقار بهدف خسارة الوزن.

ووفق الصحيفة، فإنّ ربع زبائن المطاعم في نيويورك اعتمدوا مؤخراً تلك الوجبات الصغيرة الأشبه بمأكولات الأطفال، في مؤشّرٍ واضح على ارتفاع عدد مستخدمي العقار.

أرخى استخدام أوزمبيك بظلالٍ ثقيلة على إيرادات المطاعم حول العالم (رويترز)

يؤكّد مراقبون أن قيمة سوق عقاقير التنحيف ستبلغ 105 مليارات دولار بحلول عام 2030. فهذه الموجة ذاهبة إلى تصاعد، خصوصاً في ظلّ ركوبها من قِبَل المشاهير ومؤثّري السوشيال ميديا. والدليل أن أخبار أوزمبيك تنافس أي خبرٍ آخر عن افتتاح مطعم جديد. لذلك على المطاعم أن تتأقلم، وإلا فإنّ خسائرها ستتضاعف، بما في ذلك سلاسل مطاعم الوجبات السريعة.

أما أبرز الخيارات المتاحة، إلى جانب تصغير حجم الوجبات واعتماد الـ«ميني»، فاستبدال الخضار والبروتين بالمكوّنات الدسمة والنشويّات والسكّر. وقد سلكت هذه الخيارات طريقها إلى التطبيق، إذ بدأ عدد من المطاعم اعتمادها لجَذب «زبائن أوزمبيك».

يلاقي الميني برغر رواجاً كبيراً في أوساط مستخدمي أوزمبيك (رويترز)

من بين الخيارات التي تعرضها المطاعم كذلك على روّادها، نصف حصّة من الوجبة، سواء أكانت سمكة مشويّة أم صدر دجاج، أو حتى فطيرة التفاح، أو تورتة الشوكولا. كما يمكن للمستهلك أن يطلب الطبق من دون الزوائد المرافقة له، مثل البطاطا المقليّة، أو السلطة. ومن الاقتراحات المستحدثة، استبدال الخسّ بالأرزّ، والاعتماد على البدائل النباتية، مثل الفطر، عوضاً عن الدجاج واللحم، أو التوفو مكان الجبنة.

أَدخلت عدة مطاعم إلى قوائمها صينيّة المقبّلات، وتُقدّم عليها مجموعة من الأطباق الصغيرة، هي بمعظمها بمثابة وجبات خفيفة، فيشعر الزبون وكأنه يتذوّق القليل من كل شيء. كما لوحظ في الآونة الأخيرة الطلب المتزايد على السوشي، والكافيار من قِبَل مستخدمي أوزمبيك.

صينيّة المقبّلات من الأفكار المستحدثة في المطاعم لمستخدمي أوزمبيك (إنستغرام)

يقتل أوزمبيك والعقاقير المشابهة له مثل «ويغوفي» و«مونجارو» فرحة الاستمتاع بالطعام أو الشراب، بما أنه يستهدف الرغبة الفسيولوجية والعاطفية بالأكل.

لكن كيف يحصل ذلك علمياً؟

بواسطة مادة السيماغلوتايد (semaglutide) التي يحتويها، يستنسخ أوزمبيك مفعول هرمون الببتيد الشبيه بالجلوكوكاجون – 1 (GLP-1)، وهو الذي ينظّم مستويات السكّر في الدم، ويتحكّم بإرسال إشارات الجوع والشبع إلى الدماغ. يبطئ أوزمبيك بالتالي عملية الهضم، ويقلّل الشهية، وأيضاً يضاعف الشعور بالشبع الدائم.


مقالات ذات صلة

حقنة جديدة أسبوعية تعدُ بفقدان الوزن بنسبة تصل إلى 20 %

صحتك الدواء كان مقبولاً بشكل عام لدى المشاركين ولم تُسجل له آثار جانبية غير معتادة (بكسلز)

حقنة جديدة أسبوعية تعدُ بفقدان الوزن بنسبة تصل إلى 20 %

أظهرت دراسة جديدة أن دواءً تجريبياً يمكن أن يساعد في زيادة فقدان الوزن بنسبة تصل إلى 20 في المائة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك علبة من عقار «أوزيمبيك» (رويترز)

كيف يؤثر «أوزيمبيك» على مستويات طاقتك؟

من المعروف على نطاق واسع أن «أوزيمبيك» يُسبب آثاراً جانبية معوية مثل الغثيان والإسهال، ولكنه قد يُسبب أيضاً التعب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك مجموعة من  أدوية «GLP-1» (رويترز)

دراسة: أدوية إنقاص الوزن قد تطيل عمر بعض مرضى السرطان

يقترح بحث جديد أن مرضى سرطان القولون قد يعيشون مدة أطول إذا تناولوا أدوية «GLP - 1»، مثل «أوزمبيك» و«يغوفي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك حقن «سيماغلوتايد» تسوَّق تجارياً باسم «أوزمبيك» و«ويغوفي» (أ.ف.ب)

بغض النظر عن الكيلوغرامات المفقودة... أدوية إنقاص الوزن تحد من خطر النوبات القلبية

أظهرت أكبر دراسة من نوعها أن دواء «سيماغلوتايد» لإنقاص الوزن يقلل من خطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية بغض النظر عن عدد الكيلوغرامات التي يفقدها الشخص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مجموعة من أدوية إنقاص الوزن «GLP-1» (رويترز)

ما أبرز الآثار الجانبية لأدوية إنقاص الوزن؟

رغم أن أدوية «GLP-1» ساعدت ملايين الأشخاص على إنقاص الوزن فإنها لا تخلو من المخاطر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.