إسرائيل تواصل محاولة إسكات صوت صحافيِّي غزة... وتعترف بقتلهم

إدانات من منظمات دولية لمقتل أنس الشريف ورفاقه

أنس الشريف 28 عاماً خلال عمله مراسلاً لشبكة «الجزيرة» في قطاع غزة (أ.ب)
أنس الشريف 28 عاماً خلال عمله مراسلاً لشبكة «الجزيرة» في قطاع غزة (أ.ب)
TT

إسرائيل تواصل محاولة إسكات صوت صحافيِّي غزة... وتعترف بقتلهم

أنس الشريف 28 عاماً خلال عمله مراسلاً لشبكة «الجزيرة» في قطاع غزة (أ.ب)
أنس الشريف 28 عاماً خلال عمله مراسلاً لشبكة «الجزيرة» في قطاع غزة (أ.ب)

يدفع الصحافيون ثمناً باهظاً لتغطية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إذ قُتل 230 صحافياً منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الثاني) 2023.

واستهدف الجيش الإسرائيلي، الأحد، مراسل قناة «الجزيرة» أنس الشريف بغارة جوية، مما أسفر عن مقتله وصحافي آخر من الشبكة وستة أشخاص آخرين على الأقل، جميعهم كانوا يحتمون خارج مجمع مستشفى مدينة غزة.

وقال مسؤولون في مستشفى الشفاء إن من بين القتلى مراسلي «الجزيرة» الشريف ومحمد قريقع. وقتلت الغارة ستة أشخاص بينهم أربعة صحافيين، وفقاً لما ذكره المدير الإداري للمستشفى رامي مهنا لوكالة «أسوشييتد برس».

كما ألحقت الغارة أضراراً بمدخل مبنى الطوارئ في مجمع المستشفى. وأكدت إسرائيل ومسؤولو المستشفى في مدينة غزة الوفيات، التي وصفها المدافعون عن الصحافة بأنها انتقام من أولئك الذين يوثِّقون الحرب في غزة.

جانب من خيمة الصحافيين التي تعرضت لغارة إسرائيلية أمس في مدينة غزة بالقرب من مستشفى الشفاء بالقطاع (أ.ف.ب)

ووصف الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق من (الأحد) الشريف بأنه «زعيم خلية تابعة لحماس». وهو ادعاء سبق أن نفته «الجزيرة» والشريف، ووصفه بأنه لا أساس له من الصحة.

أول اعتراف من الجيش الإسرائيلي بقتل صحافيين

ووصف مراقبون ما يحدث في غزة بأنه أعنف صراع للصحافيين في العصر الحديث. وكانت هذه الحادثة هي المرة الأولى خلال الحرب التي يعلن فيها الجيش الإسرائيلي مسؤوليته بسرعة بعد مقتل صحافي في غارة جوية، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

صورة مجمعة لصحافيي «الجزيرة» الذين قُتلوا الأحد في غارة إسرائيلية على خيمة قرب مستشفى الشفاء (إكس)

جاء ذلك بعد أقل من عام على توجيه مسؤولين في الجيش الإسرائيلي اتهاماتٍ جديدة إلى الشريف وصحافيين آخرين في قناة «الجزيرة» بالانتماء إلى حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وفي مقطع فيديو نُشر في 24 يوليو (تموز)، هاجم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، قناة «الجزيرة» واتهم الشريف بالانتماء إلى الجناح العسكري لـ«حماس».

ووصفت «الجزيرة» الغارة بأنها «اغتيال مستهدف» واتهمت المسؤولين الإسرائيليين بالتحريض، وربطت وفاة الشريف بالادعاءات التي نفتها كل من الشبكة ومراسلها.

صحافيون خلال تشييع جثمان فلسطيني قُتل بغارة إسرائيلية ليلية قبل جنازة جماعية خارج مستشفى الشفاء في مدينة غزة 11 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)

وقالت «الجزيرة» إن الشريف ترك رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي لنشرها عند وفاته جاء فيها: «... لم أتوانَ يوماً عن نقل الحقيقة كما هي بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهداً على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا».

ووفق نقابة الصحافيين الفلسطينيين، قُتل 238 صحافياً وصحافية وعاملاً في المؤسسات الإعلامية، منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

إدانة فلسطينية ودولية

وأدانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين «بشدة الجريمة البشعة باغتيال الزميلين الصحافيين أنس الشريف ومحمد قريقع، مراسلي قناة (الجزيرة) في مدينة غزة، عقب استهداف خيمة للصحافيين في مستشفى الشفاء».

وأدان رئيس المجلس الوطني روحي فتوح، جريمة استهداف الصحافيين التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي وأدت إلى استشهاد عدد منهم وإصابة آخرين بجروح خطيرة.

وأكد فتوح في بيان له، اليوم (الاثنين)، نقلته وكالة «وفا» الفلسطينية، أن هذه الجريمة تأتي في إطار سياسة ممنهجة لإسكات الحقيقة ومنع نقل جرائمه إلى العالم، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بحماية الصحافيين.

تأتي وفاة الشريف بعد أسابيع من إعلان لجنة حماية الصحافيين، ومقرها نيويورك، أن إسرائيل استهدفته بحملة تشويه. وقالت سارة القضاة، المديرة الإقليمية للجنة، في بيان: «إن نمط إسرائيل في وصف الصحافيين بالإرهابيين دون تقديم أدلة موثوقة يثير تساؤلات جدية حول نيتها واحترامها لحرية الصحافة».

ونشر الحساب الرسمي للأمم المتحدة عبر موقع «إكس» اليوم (الاثنين)، بياناً بأن «الصحافيين ليسوا هدفاً».

بدورها، نددت منظمة «مراسلون بلا حدود» اليوم (الاثنين)، «بشدة وغضب بالاغتيال المُقرّ به» لمراسل «الجزيرة» أنس الشريف، وقالت المنظمة المدافعة عن الصحافة في بيان: «كان أنس الشريف، أحد أشهر الصحافيين في قطاع غزة، صوت المعاناة التي فرضتها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة»، داعيةً إلى «تحرك شديد من الأسرة الدولية لوقف الجيش الإسرائيلي».

دعوات للتحقيق في مقتله

وأدان نادي الصحافة الوطني الأميركي مقتل الصحافيين في غزة أمس، ونشر في بيان: «نعرب عن الحزن والانزعاج إزاء التقارير الواردة من قناة (الجزيرة) التي تُفيد بمقتل مراسلها، أنس الشريف، اليوم في غزة. وتُشير الشبكة إلى أن الشريف، البالغ من العمر 28 عاماً، قد توفي بعد قصف خيمة للصحافيين خارج البوابة الرئيسية لمستشفى الشفاء في مدينة غزة. وكان الشريف، وهو مراسل مرموق باللغة العربية، قد غطّى شمال غزة على نطاق واسع طوال الصراع الحالي. ويُعدّ مقتله من بين أكثر من 200 صحافي أُفيد بمقتلهم منذ بدء الحرب».

فلسطينيون يتفقدون موقع خيمة الصحافيين الذي تعرضت لضربة إسرائيلية أمس (رويترز)

وقال مايك بالسامو، رئيس نادي الصحافة الوطني الأميركي: «إن مقتل صحافي في أثناء عمله لإعلام الجمهور خسارةٌ لا تُقاس بغرفة أخبار واحدة». وأضاف: «يجب أن يكون الصحافيون قادرين على العمل دون أن يُستهدفوا أو يُقتلوا. ويجب على جميع أطراف مناطق النزاع الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي بحماية الصحافيين وضمان قدرتهم على أداء عملهم بأمان». ودعا نادي الصحافة الأميركي إلى إجراء تحقيق شامل وشفاف في ملابسات مقتل الشريف، ويؤكد التزامه الدفاع عن سلامة الصحافيين واستقلاليتهم في جميع أنحاء العالم.

أبرز قتلى الصحافيين في غزة منذ بدء الحرب:

وفقاً للبيانات الموثقة، قتلت قوات الجيش الإسرائيلي أكثر من 230 صحافياً فلسطينياً منذ بدء الحرب الإسرائيلية، بينهم من استُهدفوا مع عائلاتهم، ودُمرت عشرات المكاتب الصحافية. في غضون ذلك، تواصل سلطات الجيش الإسرائيلي منع الصحافيين الأجانب من دخول غزة.

وهذه قائمة بأبرز الصحافيين الذين قُتلوا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة:

  • 7 أكتوبر 2023: مقتل الصحافي يوسف أبو دقة، مراسل قناة «الرأي» خلال تغطيته في خان يونس، مع بدء القصف المكثف.
  • 10 أكتوبر 2023: مقتل الصحافي محمد صبحي، مصور وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) جراء قصف على شمال غزة.
  • 13 أكتوبر 2023: مقتل المصور الصحافي عصام عبد الله (لبناني يعمل مع وكالة «رويترز») بقصف إسرائيلي في أثناء تغطية على الحدود اللبنانية - الفلسطينية، فيما أصيب عدد من الصحافيين الأجانب والعرب.
  • 21 أكتوبر 2023: مقتل الصحافي حمدي دبش مراسل قناة (الأقصى) في قصف استهدف منزله بمدينة غزة.
  • 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023: مقتل مصور لقناة «القاهرة الإخبارية» المصرية.
  • 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023: اغتيال الصحافي سمير أبو دقة (الجزيرة) بعد استهدافه بطائرة مسيَّرة في خان يونس خلال تصوير دمار المدارس.
  • 7 يناير (كانون الثاني) 2024: مقتل الصحافي حسني مرتجى (مراسل «إذاعة الأقصى») مع أفراد أسرته في قصف منزله.
  • 15 يناير 2024: مقتل الصحافي محمد جرغون (المصور الميداني لقناة «الجزيرة») برصاص قناص إسرائيلي خلال تغطية في رفح.
  • 18 يناير 2024: مقتل الصحافي مصطفى ثوابتة (مراسل «إذاعة صوت الشعب») في قصف وسط القطاع.
  • 25 أبريل (نيسان) 2024: مقتل الصحافية هدى أبو عيشة في أثناء محاولة إخلاء عائلتها في رفح.

وحذرت أكثر من 100 منظمة إغاثة دولية وجماعة حقوق إنسان من مجاعة جماعية في غزة، وأنه بالنسبة إلى الصحافيين الذين لا يزالون في غزة، الوضع مُزرٍ؛ فإلى جانب الغارات الجوية، يُواجهون خطر المجاعة.


مقالات ذات صلة

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

تحليل إخباري فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق

محمد محمود (القاهرة)
أوروبا البابا ليو الرابع عشر يلقي أول رسالة له بمناسبة عيد الميلاد (أ.ف.ب)

بابا الفاتيكان يتحدث عن معاناة مواطني غزة في أول قداس عيد ميلاد له

تحدث بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر في أول قداس عيد ميلاد له، اليوم الخميس، عن مواطني غزة «الذين يتعرضون للأمطار والرياح والبرد منذ أسابيع».

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
شؤون إقليمية 
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
العالم العربي احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة في الضفة الغربية المحتلّة بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
خاص فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle

خاص التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

محمد محمود (القاهرة)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عنصر بارز بـ «فيلق القدس» الإيراني في غارة على لبنان

دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عنصر بارز بـ «فيلق القدس» الإيراني في غارة على لبنان

دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

قال الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس إنه قتل شخصاً وصفه بأنه عنصر بارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في غارة على منطقة الناصرية في لبنان.

وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الغارة أسفرت عن مقتل حسين الجوهري، الذي قال إنه ينتمي لوحدة العمليات التابعة لفيلق القدس الإيراني.

وأشار أدرعي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى أن القتيل شارك في عمليات ضد إسرائيل «في الساحتين السورية، واللبنانية» خلال السنوات الأخيرة.


الجنرال مظلوم عبدي: تم التوصل إلى تفاهم مشترك مع دمشق فيما يخص دمج القوى العسكرية

اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
TT

الجنرال مظلوم عبدي: تم التوصل إلى تفاهم مشترك مع دمشق فيما يخص دمج القوى العسكرية

اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)

أعلن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مظلوم عبدي، التوصل إلى تفاهم مشترك مع الحكومة السورية، بشأن دمج القوى العسكرية بما يتماشى مع ما وصفه بالمصلحة العامة، مؤكداً أن عدداً من القضايا السياسية والدستورية ما زال يحتاج إلى وقت وحوارات أعمق.

وفي كلمة مصورة ألقاها خلال مشاركته في اجتماع الهيئة الاستشارية للجنة تفاوض الإدارة الذاتية مع دمشق، المنعقد في مدينة الطبقة، قال عبدي: «هناك تقدم في تشكيل رؤية مشتركة مع دمشق بخصوص المعابر والحدود والثروات الباطنية لكل السوريين»، مؤكداً أن الثروات الباطنية هي ملك لجميع السوريين، وليست حكراً على جهة بعينها.

ونقل موقع تلفزيون سوريا، الخميس، عن عبدي قول: «إن الاجتماع ناقش آخر المستجدات السياسية على الساحة السورية، إضافة إلى اتفاقية 10 مارس (آذار)، مشيراً إلى وجود تقارب في الآراء حول ملفات أساسية». وأضاف أن شكل النظام السياسي في سوريا، وآليات التشاركية بين المكونات، يعدان من الركائز الأساسية لأي حل، لافتاً إلى أن ذلك يتطلب حوارات أعمق للوصول إلى دستور يعكس تطلعات السوريين كافة.

وبيّن قائد «قسد» أن هناك أموراً دستورية تحتاج إلى وقت للوصول إلى حل يشمل كل سوريا، مشيراً إلى أنه «نرى بأن الحل في سوريا يجب أن يكون لا مركزياً، ونريد أن يدير أبناء مناطق شمال وشرق سوريا مناطقهم ضمن إطار دستوري»، معرباً عن أمله في التوصل خلال الفترة المقبلة إلى اتفاقات شاملة حول القضايا العالقة.

وأشار إلى أن بعض الملفات الدستورية لا تزال قيد النقاش، وأن الوصول إلى حل يشمل كامل الجغرافيا السورية يتطلب وقتاً وتوافقاً وطنياً أوسع، وفق قناة «روجافا» الرسمية التابعة «للإدارة الذاتية».

ويتضمن الاتفاق الموقع في 10 مارس (آذار) الماضي بين الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي، دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة وحماية حقوق جميع السوريين، مع الالتزام بعدم الانقسام وإنهاء الخلافات قبل نهاية العام الحالي.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، الخميس، عن مصدر بالحكومة نفيه الأنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق عسكري بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

وشدد المصدر على أن الاتصالات مع «قسد» متوقفة حالياً، وأن الحكومة تدرس رد «قوات سوريا الديمقراطية» على مقترح من وزارة الدفاع السورية.


سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
TT

سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)

تتسابق القوى السياسية العراقية مع الوقت لحسم اختيار الرئاسات الثلاث، وسط انسداد سياسي وتعدد المرشحين، في وقت حذر فيه القضاء من تجاوز المدد الدستورية، بينما أعلن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي استعداده للعودة إلى المنصب في حال التوافق عليه.

وقال العبادي للصحافيين إن هناك «نقاشاً بين القوى السياسية» بشأن رئاسة الحكومة، داعياً إلى «احترام الجداول الدستورية في عملية تشكيل الحكومة والالتزام بها».

وأضاف أن مجلس النواب من المتوقع أن يعقد جلسة خلال الأسبوع المقبل لانتخاب رئيسه ونائبيه، يعقبها انتخاب رئيس للجمهورية، قبل أن تسمي الكتلة البرلمانية الأكبر مرشحها لرئاسة الوزراء.

وأكد العبادي أنه أحد المرشحين المطروحين، مشيراً إلى جدل داخل القوى السياسية حول ما إذا كان من الأفضل إعادة تكليف رؤساء وزراء سابقين أو اختيار شخصية جديدة. وقال إن العراق يواجه «أزمة اقتصادية ومالية حقيقية»، إلى جانب أوضاع إقليمية ودولية معقدة، ما يتطلب «إدارة حكيمة».

وأضاف أنه «جاهز نفسياً وواقعياً» لتولي المنصب، مذكراً بتجربته عام 2014 حين تسلم رئاسة الحكومة في ظل تمدد تنظيم «داعش»، وأزمة مالية حادة نتيجة انهيار أسعار النفط، وقال إن النجاح آنذاك تحقق «بتوحّد العراقيين».

ويأتي إعلان العبادي في وقت تشهد فيه الساحة الشيعية خلافات حول هوية المرشح لرئاسة الحكومة، مع تمسك ائتلاف رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، بترشيحهما، في ظل تعدد الخيارات داخل «الإطار التنسيقي».

وحسب قيادي في إحدى الكتل الشيعية الكبيرة، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن القوى الشيعية تحاول دفع الشريكين الكردي والسني إلى حسم مواقفهما خلال أيام، غير أن تعدد المرشحين وعدم وضوح الرؤية يعمّقان حالة الجمود السياسي.

وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد القلق من العجز المالي، إذ يحذر خبراء اقتصاديون من صعوبات محتملة في تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين، في بلد يعتمد أكثر من ستة ملايين شخص فيه على الإنفاق الحكومي. كما عادت إلى الواجهة دعوات لإقامة أقاليم، لا سيما في محافظة البصرة الغنية بالنفط، ما يثير مخاوف من تعميق الخلافات بين الحكومة المركزية والمحافظات، على غرار العلاقة المتوترة بين بغداد وأربيل.

حيدر العبادي (وكالة الأنباء العراقية)

الخلاف السني - السني

في موازاة ذلك، لا يزال منصب رئيس مجلس النواب محور خلاف داخل المكون السني. وقال وزير الدفاع ورئيس تحالف الحسم الوطني، ثابت العباسي، إن «المجلس الوطني السياسي» سيعلن مساء الأحد المقبل اسم مرشحه لرئاسة البرلمان، مشيراً إلى أن الحوارات لا تزال مستمرة مع الأطراف السنية والشيعية والكردية.

وأضاف العباسي، في تصريحات لشبكة «روداو» الكردية، أن المشاورات تشمل الاستحقاقات الثلاثة: رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، متوقعاً أن تتضح صورة المرشحين خلال الساعات المقبلة. وأكد ضرورة حسم ملف رئاسة البرلمان قبل الاثنين لتفادي الذهاب بعدة مرشحين، ما قد يعرقل عمل المجلس.

وينظر إلى الخلاف السني على رئاسة البرلمان على أنه اختبار لقدرة المكون على التوافق الداخلي، في ظل تحذيرات من أن انتخاب الرئيس بأغلبية برلمانية عامة، لا بتوافق المكون، قد يقيّد صلاحياته لاحقاً.

وتأتي هذه التحركات بينما شدد رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، على أن المدد الدستورية لا تقبل «الانتهاك أو المخالفة»، في إشارة إلى أزمات سياسية سابقة شهدت تجاوز الجداول الزمنية لتشكيل السلطات.

ورغم كثافة المشاورات، لا تلوح حتى الآن مؤشرات واضحة على حسم وشيك للرئاسات الثلاث قبل نهاية العام، ما يضع العملية السياسية أمام اختبار جديد في بلد يعاني أصلاً من ضغوط اقتصادية وتحديات داخلية وإقليمية متشابكة.