على غرار ما يحدث بالضفة... قوات إسرائيل الخاصة تكثف نشاطها في غزة

خطفت مسؤولاً بوزارة الصحة وقتلت مصوراً صحافياً

أفراد من الجيش الإسرائيلي بعد تفجير منازل في قباطية قرب جنين بالضفة الغربية في 17 يوليو 2025 (رويترز)
أفراد من الجيش الإسرائيلي بعد تفجير منازل في قباطية قرب جنين بالضفة الغربية في 17 يوليو 2025 (رويترز)
TT

على غرار ما يحدث بالضفة... قوات إسرائيل الخاصة تكثف نشاطها في غزة

أفراد من الجيش الإسرائيلي بعد تفجير منازل في قباطية قرب جنين بالضفة الغربية في 17 يوليو 2025 (رويترز)
أفراد من الجيش الإسرائيلي بعد تفجير منازل في قباطية قرب جنين بالضفة الغربية في 17 يوليو 2025 (رويترز)

في التاسع عشر من مايو (أيار) الماضي، نجحت قوة مستعربين إسرائيلية، أو ما تسمى بالقوات الخاصة، في اغتيال أحمد سرحان القيادي بـ«ألوية الناصر صلاح الدين»، الجناح العسكري لـ«لجان المقاومة»، في عملية خاطفة نفذتها في خان يونس، واختطفت فيها زوجته وطفلهما، قبل أن تفرج عن الطفل، فيما أبقت على الزوجة بمكان مجهول.

كانت هذه أول عملية «علنية» لقوة مستعربين تنفذ مهام مماثلة لتلك التي تجريها في الضفة الغربية ضد نشطاء فلسطينيين.

لكن غزة شهدت من قبل عمليات من قوات مماثلة، كانت تتبعها تعزيزات عسكرية كما يحدث في الضفة أيضاً؛ وهو ما حصل في عمليات لاستعادة مختطفين من داخل القطاع، ومن ذلك ما حدث في النصيرات في يونيو (حزيران) 2024، وفي رفح في فبراير (شباط) من ذلك العام.

فلسطينيون وسط الغاز المسيل للدموع خلال مظاهرة احتجاج، الجمعة الماضي، على مصادرة أرضهم في قرية رابا قرب جنين (رويترز)

أما العملية التي استهدفت القيادي في «ألوية الناصر صلاح الدين» فكانت من دون تعزيزات عسكرية، سوى تدخل طائرات مروحية ومُسيرة في تأمين انسحاب القوة بعد اكتشافها.

وتقول مصادر ميدانية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الإسرائيلية الخاصة كثفت في الأشهر الماضية نشاطها داخل قطاع غزة، ولعبت دوراً في تحديد أماكن معينة ومراقبتها، ورصد من يتحرك ويتنقل منها وإليها.

تسلل وخطف وقتل

وقبيل ظهر الاثنين، تسللت قوة إسرائيلية خاصة، على بُعد بضع مئات من الأمتار من مكان انتشار آليات عسكرية، إلى محيط المستشفى الميداني التابع للصليب الأحمر في منطقة فش فرش شمال غرب مدينة رفح، وأطلقت النار على مجموعة من الأشخاص.

وتبين لاحقاً أن هذه القوة اختطفت مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بغزة مروان الهمص، وقتلت المصور الصحافي تامر الزعانين الذي كان يعمل مع شخص آخر، أصيب بجروح خطيرة، على تصوير فيلم وثائقي عن عمل المستشفيات لصالح وكالات دولية، فيما أصيب إداري يعمل مع الهمص في وزارة الصحة.

مروان الهمص (رويترز)

وانسحبت القوة التي نفذت العملية باتجاه مكان وجود القوات الإسرائيلية في منطقة العلم غرب رفح، بعدما اختطفت الهمص، دون معرفة ما إذا كان أصيب، أو أنه اختطف من دون إطلاق النار عليه.

وتضاربت الأنباء عما إذا كان جميع أفراد القوة من المستعربين الإسرائيليين الذين بالعادة يتقنون الحديث بالعربية، أم أنهم عناصر من المجموعات المسلحة التابعة لياسر أبو شباب الذي تردد اسمه كثيراً بالقطاع في الأشهر القليلة الماضية، مع نشاط مجموعاته خاصةً في منطقة رفح التي تحتلها إسرائيل بشكل كامل.

مركبات عسكرية بأحد شوارع قباطية قرب جنين بالضفة الغربية في 17 يوليو 2025 (رويترز)

وحسب شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، كانت القوة التي نفذت العملية تستقل مركبة جيب مدني تحمل لوحة تسجيل فلسطينية، وأطلقت النار تجاه تجمع أشخاص (قبل أن تُعرف هويتهم)، واختطفت من بينهم شخصاً تبيَّن لاحقاً أنه الهمص.

«سابقة خطيرة»

والهمص مسؤول في وزارة صحة غزة التابعة لحكومة «حماس»، ومسؤول المستشفيات الميدانية فيها والناطق باسمها، وهو وصف وظيفي جديد ظهر خلال الحرب بفعل انتشار تلك المستشفيات، بينما كان سابقاً مسؤول مستشفى «أبو يوسف النجار»، وقد قُصف بيته في وقت سابق.

وأدانت وزارة الصحة بغزة اختطاف الهمص، معتبرةً الواقعة «سابقة خطيرة تمثل استهدافاً مباشراً لصوت المرضى والجوعى والمعذبين في قطاع غزة».

وقالت الوزارة في بيان: «إن هذا العمل الجبان الذي استهدف أحد أبرز الأصوات الإنسانية والطبية التي نقلت للعالم أوجاع الأطفال الذين يموتون جوعاً، وآلام الجرحى الذين يُحرمون من الدواء، وصرخات الأمهات أمام بوابات المستشفيات، يعكس نية مبيتة لإسكات الحقيقة، وحجب معاناة شعب بأكمله يعيش أبشع كارثة صحية وإنسانية».

واعتبرت الوزارة هذا الاعتداء «انتهاكاً خطيراً لحرية التعبير والعمل الإنساني»، وحمَّلت الاحتلال المسؤولية الكاملة عن سلامة الهمص، وطالبت بالإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط.

فلسطيني وسط سيارات أحرقها مستوطنون بقرية برقة شرق رام الله يوم 15 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

والأسباب الحقيقية وراء اختطافه غير معروفة، إلا أن مصادر ميدانية قدرت أنه يأتي في إطار استهداف الطواقم الطبية ومحاولة خطف واعتقال مسؤولي المستشفيات، كما جرى مع مدير مستشفى «الشفاء» محمد أبو سلمية، ومدير مستشفى «كمال عدوان» حسام أبو صفية، لمحاولة معرفة مصير مختطفين إسرائيليين قد يكونون عولجوا في مستشفيات القطاع بعد إصابتهم في أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أو بعدها في عمليات قصف إسرائيلية بالقرب منهم.

تجسس وتتبع ومراقبة

تأتي هذه الحادثة بعد نحو عشرة أيام على قتل مسلحين مواطناً فلسطينياً يُدعى هيثم شمالي بمسدسات «كاتم صوت» في حي تل الهوى جنوب مدينة غزة.

وكان شمالي مهندس إلكترونيات واتصالات، ولم يتم التأكد من هوية قاتله. وأكدت بعض المصادر أنه كان ناشطاً في حركة «حماس»، ويجري حالياً التحقيق في ملابسات مقتله.

وكانت إسرائيل قد عملت في الأسابيع القليلة الماضية على اغتيال بعض المهندسين النشطين في «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، ولكنها اغتالتهم عبر طائرات انتحارية استهدفتهم في عدة عمليات منفصلة.

مظاهرة في شوارع رام الله بالضفة الغربية يوم الاثنين تضامناً مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

واستخدمت إسرائيل قوةً خاصةً في مجمع الشفاء الطبي في مارس (آذار) 2024، حين هاجمت ضابطاً كبيراً في حكومة «حماس» وقتلته آنذاك، وهو فائق المبحوح مدير عمليات جهاز الأمن الداخلي.

وقالت المصادر الميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الإسرائيلية الخاصة عملت بمساعدة متخابرين على محاولة مراقبة منازل ومبانٍ لمحاولة معرفة المترددين عليها.

وأضافت أنه أمكن ضبط هؤلاء المتخابرين الذين اعترفوا بذلك، واتُخذت بحقهم إجراءات «ميدانية» بعد التحقيق معهم.

وقالت المصادر إن تلك القوات زرعت كاميرات وأجهزة تنصت، بهدف التجسس وتتبع تحركات النشطاء والمواطنين وبعض الأماكن، من ضمنها مستشفيات، وإنه أمكن كشف الكثير من تلك الأجهزة مؤخراً.

وذكرت المصادر أن هناك متابعة حثيثة من قِبل أمن «كتائب القسام» وجهاز استخباراتها لأنشطة القوات الخاصة بالقطاع، وأنه صدرت تعليمات حازمة لنشطاء الفصائل بالانتباه واليقظة وحمل أسلحتهم الخفيفة وقنابل يدوية لمواجهة أي خطر من تلك القوات.


مقالات ذات صلة

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة

المشرق العربي والدة أحمد زيود خلال تشييع جثمانه خلال جنازته قرب جنين في الضفة الغربية اليوم (أ.ب)

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة

قُتل ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما قتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين بالضفة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة، كان أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم غير مكترثين بالإسمنت الشاهق.

«الشرق الأوسط» (مخيم عايدة)
المشرق العربي فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

عاد العشرات من سكان مخيم نور شمس للاجئين في الضفة الغربية المحتلة بعد تهجيرهم منه قسراً، لاستعادة متعلّقاتهم الشخصية الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
الخليج شددت منظمة التعاون الإسلامي على أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين (واس)

تحذير إسلامي من خطورة استمرار جرائم إسرائيل في الضفة

شددت منظمة التعاون الإسلامي، الأربعاء، على رفضها وإدانتها لأي محاولات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ب) play-circle

حملة اعتقالات ومداهمات إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية

شن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

«الشرق الأوسط» (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب)

عون يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة بديلة لـ«اليونيفيل»

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عون يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة بديلة لـ«اليونيفيل»

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) يصافح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله في قصر بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)

أبلغ الرئيس اللبناني جوزيف عون، وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو خلال استقباله، اليوم (الاثنين)، في قصر بعبدا ببيروت، بأن «لبنان يرحب بمشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى في أي قوة تحل محل القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) بعد اكتمال انسحابها في عام 2027»، وفق ما نقلته الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

وأوضح عون أن هذا الترحيب يأتي «لمساعدة الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من التلال والأراضي التي تحتلها».

وأوضح عون أن «خيار التفاوض» الذي تعتمده بيروت مع تل أبيب «هدفه وقف الأعمال العدائية وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي وإعادة الأسرى المعتقلين في إسرائيل، وإعادة السكان الجنوبيين إلى قراهم وممتلكاتهم»، مؤكداً أن «لبنان ينتظر خطوات إيجابية من الجانب الإسرائيلي، ونعتمد على دول صديقة مثل إيطاليا، للدفع في اتجاه إنجاح العملية التفاوضية».

وشدد الرئيس اللبناني على أن بلاده «محبة للسلام ولا تريد الحرب؛ بل حفظ الأمن وحماية الحدود وبسط سيادة الدولة»، مضيفاً أن هذا «ما يجب أن يتولاه الجيش اللبناني بالتعاون مع الدول الصديقة الراغبة في مساعدته، لا سيما أننا تعلمنا من الحروب المتتالية على أرضنا أنه لا يمكن أن ينتصر فريق على آخر، ولا بد في النهاية من التفاوض».

ولفت عون إلى أن الجيش اللبناني «هو العمود الفقري لضمان الاستقرار؛ ليس في لبنان فحسب، بل في المنطقة كلها» التي تتأثر بالوضع الأمني في لبنان، وأشار إلى «أهمية توفير الدعم» للجيش «الذي لا تقتصر مهماته على الحدود فقط؛ بل على كل لبنان».

بدوره، شدد وزير الدفاع الإيطالي على دعم بلاده للبنان في المجالات كافة، لا سيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار في الجنوب.

وأشار كروسيتو إلى أن بلاده «ترغب في إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب نهر الليطاني بعد انسحاب (اليونيفيل) منها»، لافتاً إلى وجود «دول أوروبية أخرى تنوي أيضاً اتخاذ الموقف نفسه»، وقال إن «هذه الخطوة تهدف إلى دعم الجيش اللبناني في مهامه بالجنوب، لأن إيطاليا تعتبر أن أمن لبنان والمنطقة والبحر المتوسط يتحقق من خلال تعزيز دور الجيش اللبناني وتوفير الإمكانات الضرورية له».

وأشار إلى أن بلاده «تواصل اتصالاتها بهدف تثبيت الاستقرار في جنوب لبنان، وتتابع تطورات التفاوض، وسوف تعمل كي تتحقق نتائج عملية منه، لأنه لا مصلحة لأحد في استمرار التوتر في الجنوب، وعلى إسرائيل أن تدرك هذا الأمر جيداً».

وأكد أن المساعدات الإيطالية للجيش اللبناني سوف تستمر «وفق ما تم الاتفاق عليه مع وزير الدفاع اللبناني خلال محادثاتهما» اليوم.


الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف لـ«حزب الله» في صيدا

الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان في 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قصف عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله» في صيدا بجنوب لبنان.

وتُواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق مختلفة في لبنان تقول إنها تهدف إلى منع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته، بعد تكبده خسائر كبيرة في الحرب الدامية بين الطرفين، التي استغرقت أكثر من عام قبل وقف هشّ لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قبل أكثر من عام، قُتل قرابة 340 شخصاً بغارات إسرائيلية في لبنان، وفق حصيلةٍ أعدّتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى بيانات وزارة الصحة.

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية، وانسحاب «حزب الله» إلى شمال الليطاني، وصولاً إلى نزع سلاحه في كل لبنان، وعلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدّم إليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل تُبقي على خمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، بينما يرفض «حزب الله» نزع سلاحه مشيراً إلى أن الاتفاق يلحظ فقط منطقة شمال الليطاني الحدودية. وأقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح «حزب الله»، تطبيقاً للاتفاق، بدأ الجيش تنفيذها، على أن تنتهي المرحلة الأولى التي تشمل المنطقة الحدودية مع إسرائيل (جنوب الليطاني) بحلول نهاية العام. لكنّ إسرائيل صعّدت غاراتها الجوية، في الأِسابيع الأخيرة، متهمة «حزب الله» بإعادة بناء قدراته ومشككة في فاعلية الجيش اللبناني.


إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
TT

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)
رجل فلسطيني يشاهد القوات الإسرائيلية وهي تهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

شرعت آليات تابعة للسلطات الإسرائيلية، الاثنين، في هدم مبنى من أربعة طوابق في القدس الشرقية يقطنه أكثر من 100 فلسطيني بحجة البناء دون ترخيص، في خطوة اعتبرها سكان «مأساة»، وأكدت منظمات حقوقية أنها الأكبر من نوعها خلال عام 2025.

ونددت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية بالهدم، ووضعته في إطار «سياسة ممنهجة من التهجير القسري».

ووصل ثلاث آليات إلى الحي الواقع في بلدة سلوان قرب البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، وسط طوق أمني من الشرطة الإسرائيلية، وشرعت بهدم المبنى الذي كانت تقطنه أكثر من عشر عائلات، بينهم نساء وأطفال ومسنّون.

وقال عيد شاور الذي كان يقطن في شقة بالمبنى مع زوجته وخمسة أطفال، إن الهدم «مأساة لجميع السكان».

الآليات الإسرائيلية تهدم المبنى السكني الواقع في بلدة سلوان بالقدس الشرقية (أ.ف.ب)

وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كسروا الباب ونحن نيام. طلبوا أن نغيّر ملابسنا ونأخذ الأوراق والوثائق الضرورية فقط. لم يسمحوا لنا بإخراج الأثاث». وأكد أنه «لا مكان لديّ لأذهب إليه»، وأن العائلة المؤلفة من سبعة أفراد ستضطر للبقاء في مركبته.

ورصدت الوكالة الفرنسية ثلاث حفارات تعمل على هدم المبنى أمام أعين الأهالي. وقالت سيدة بحسرة وألم أثناء متابعتها العملية: «هذه غرفة نومي».

ويعاني الفلسطينيون في القدس الشرقية من أزمة سكن، ولا تمنحهم البلدية الإسرائيلية إذن بناء إلا بأعداد نادرة لا تتوافق مع الزيادة السكانية.

ويقول الفلسطينيون ونشطاء حقوق الإنسان إن هذا المنع لا يراعي النمو الديمغرافي، ويسبّب نقصاً في المساكن.

جرافات إسرائيلية تشارك في عملية الهدم (إ.ب.أ)

وتنفذ السلطات الإسرائيلية بانتظام عمليات هدم لما تعتبره أبنية غير قانونية بناها فلسطينيون في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين.

ويطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية، في حين تعتبر إسرائيل المدينة بأكملها عاصمتها «الموحدة».

ويعيش أكثر من 360 ألف فلسطيني في القدس الشرقية، بالإضافة إلى نحو 230 ألف إسرائيلي.

ووصفت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله الهدم بأنه «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تأتي في سياق سياسة ممنهجة تستهدف تهجير المواطنين الفلسطينيين قسراً، وتفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين».

الآليات الإسرائيلية تقوم بهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

وفي بيان مشترك، قالت منظمتا «عير عميم» و«بمكوم» الحقوقيتان الإسرائيليتان إن هدم المبنى بدأ «دون إنذار مسبق»، وقبل ساعات من اجتماع كان مقرراً بين محامي العائلات ومسؤول في بلدية القدس لـ«مناقشة إجراءات ممكنة لتسوية أوضاع المبنى».

وبحسب المنظمتين، فإن العملية تمثل «أكبر عملية هدم نُفذت في القدس خلال عام 2025»، مشيرتين إلى أن «نحو 100 عائلة من القدس الشرقية فقدت منازلها هذا العام».

ورداً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت بلدية القدس الإسرائيلية إن المبنى «بُني دون ترخيص»، وإن «أمر هدم قضائياً سارٍ ضد المبنى منذ عام 2014». وأشارت إلى أن الأرض المقام عليها المبنى «مصنفة لأغراض الترفيه والرياضة»، وليست للسكن.

إخلاءات في بيت لحم

إلى ذلك، أخطرت القوات الإسرائيلية اليوم عائلات فلسطينية بوقف بناء وإخلاء خمسة منازل في شرق بيت لحم ومخيم جنين بالضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر أمنية قولها إن «قوات الاحتلال الإسرائيلي أخطرت ، اليوم ، بوقف بناء أربعة منازل في قرية العساكرة شرق بيت لحم بحجة عدم الترخيص».

بدورها، قالت مصادر محلية إن «قوات الاحتلال دفعت بآليات عسكرية ومعدات ثقيلة ومعدات هندسية وآليات تعبيد شوارع إلى مخيم جنين ، كما أخطرت
عائلات في عمارة الزهراء في محيط المخيم بإخلاء منازلهم تمهيدا لبدء أعمال تعبيد شوارع في المكان».

وأشارت الوكالة إلى أن عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها متواصل منذ 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث تفيد تصريحات رسمية لبلدية
جنين بأن «الاحتلال هدم قرابة 40 % من مخيم جنين، فيما يواصل فتح شوارع جديدة في المخيم وهدم بنايات وتغيير جغرافيته».