مسيّرات انتحارية «مجهولة» تواصل هجماتها في العراق

تحقيق حكومي توصّل إلى «منفذ داخلي ورؤوس حربية من الخارج»

رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
TT

مسيّرات انتحارية «مجهولة» تواصل هجماتها في العراق

رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)
رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

أعلنت الحكومة العراقية نتائج تحقيق «متكامل» عن منفذي الهجمات على منظومات رادار قواعد عسكرية من دون تحديد الفاعل، وبعد ساعات من إعلانه شنَّت مسيَّرة انتحارية «مجهولة» هجوماً في أحد أحياء السليمانية، في الإقليم الشمالي.

وأعلن صباح النعمان، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، مساء الجمعة، أن «التحقيقات أسفرت عن التوصُّل إلى نتائج مهمة وحاسمة، أبرزها تحديد منشأ الطائرات المسيّرة المستخدمة، وتبيَّن أنها تحمل رؤوساً حربية بأوزان مختلفة مُصنَّعة خارج العراق».

وقال النعمان: «إن السلطات رصدت أماكن انطلاق تلك الطائرات بدقة، وثبت أنها انطلقت من مواقع محددة داخل الأراضي العراقية»، مبيناً أنه تم «الكشف عن الجهات المتورطة في تنفيذ وتنسيق هذه العمليات العدائية».

وتابع: «تم إجراء تحليل فني شامل لمنظومات التحكم والاتصال المستخدمة في تسيير الطائرات، ما مكّن الجهات الاستخبارية من جمع بيانات دقيقة دعمت نتائج التحقيق».

وأوضح الناطق العسكري أن «جميع الطائرات المسيّرة الانتحارية المستخدمة في الاستهداف هي من النوع نفسه، ما يدل بوضوح على أن الجهة المنفّذة واحدة».

وأكد النعمان أن «القيادات الأمنية والعسكرية لن تتهاون مع أي تهديد يستهدف أمن وسلامة القوات المسلحة، ومقدّرات الدولة العراقية، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق جميع المتورطين، وإحالتهم إلى القضاء العراقي العادل، لينالوا جزاءهم وفقاً للقانون».

وختم بيانه بأن «هذه الاعتداءات العدوانية الجبانة تُعدّ انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية، ولن يُسمح لأي طرف، داخلياً كان أم خارجياً، بالمساس بأمن العراق واستقراره».

وفتحت بغداد في 24 يونيو (حزيران) الماضي، تحقيقاً في هجمات بمسيّرات هجومية على مواقع وقواعد عسكرية عراقية تضرّرت منظومات الرادار في بعضها، مثل معسكر التاجي شمال بغداد، وقاعدة الإمام علي الجوية في الناصرية.

وحدثت هذه الضربات، التي لم تتبنّها أي جهة على الفور، بُعيد ردّ إيران على قصف أميركي عليها بإطلاق صواريخ على قاعدة العُديد الأميركية في قطر، وقبل ساعات من دخول وقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيز التنفيذ بعد حرب استمرَّت 12 يوماً.

صورة مركبة لرادار في معسكر التاجي شمال بغداد قبل الهجوم وبعده (إكس)

ومع أن بيان القيادة العامة للقوات المسلحة توصَّل إلى ما وصفها بـ«دلائل عن طبيعة الطائرات المسيّرة، ومنشأها، والمناطق التي انطلقت منها، والجهة التي تقف خلفها»، لكنه لم يعلن اسمها، كما لم يكشف عن المصدر الخارجي للرؤوس الحربية.

وقال مصدر أمني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «رغم عدم الكشف عن اسم الجهة، فإن الحكومة باتت تمتلك قاعدة بيانات ومعلومات عن عمليات الاستهداف، ما يمكِّن الأجهزة الأمنية من التعامل بدقة مع مثل هذه الهجمات مستقبلاً».

ورجَّح المصدر الأمني، أن «عدم تسمية الجهة المتورطة قد يمثل رسالةً تحذيريةً إليها، تتضمَّن التعامل معها مستقبلاً بوضوح وحزم».

إلا أن البيان الحكومي، والتفسيرات المحيطة به، أثارا لغطاً بين أوساط المراقبين الذين انتقدوا ما وصفوه بـ«العجز عن تحديد ومعاقبة الجهات التي لا تزال تتحدى السلطات الأمنية بمهاجمة مواقع استراتيجية في البلاد، مثل حقول النفط».

حكومة إقليم كردستان العراق شدَّدت على ضرورة وضع حدٍّ للهجمات على الحقول النفطية (رويترز)

ولم تمضِّ على بيان الحكومة سوى ساعات، حتى نفَّذت طائرة مسيرَّة مجهولة أيضاً، صباح السبت، ضربةً جويةً استهدفت دراجةً ناريةً في إحدى القرى التابعة لقضاء بنجوين شرق محافظة السليمانية، ما أسفر عن «مقتل شخص وإصابة آخر بجروح»، وفق مصدر أمني.

وأوضح المصدر أن «الجهة التي نفَّذت الهجوم لم تُعرَف بعد»، لافتاً إلى أن «المنطقة شهدت تحليقاً مكثفاً لطائرات مسيّرة في الساعات التي سبقت القصف».


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش «قمة شرم الشيخ» يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

نأت المرجعية الدينية في النجف عن أي حراك بشأن حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في حين تحدثت مصادر عن ارتباك في خطط «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عناصر من «كتائب حزب الله» خلال استعراض ببغداد في سبتمبر 2024 (أرشيفية - رويترز)

تحذيرات متكررة من مشاركة الفصائل الموالية لإيران في الحكومة العراقية المقبلة

«واشنطن لن تترك العراق غنيمة بيد إيران؛ لأنه جزء من خريطة الشرق الأوسط الجديد، ويشكل قاعدة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة والسلام وليس الحرب».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي قادة «الإطار التنسيقي» وقعوا على بيان لإعلانهم الكتلة الأكثر عدداً في البرلمان العراقي الجديد (واع)

تعليق مؤقت لمفاوضات اختيار مرشح رئاسة الحكومة العراقية

تصل الأخبار والتسريبات الصادرة عن كواليس «الإطار التنسيقي» بشأن «اللجنة الخاصة» لاختيار رئيس الوزراء المقبل إلى حد التضارب والتقاطع في معظم الأحيان.

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد شعار البنك المركزي العراقي (وكالة الأنباء العراقية)

المركزي العراقي: لا نؤيد تغييراً أو رفعاً لسعر الصرف

أكد البنك المركزي العراقي الخميس عدم وجود أي نية لتغيير سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار

«الشرق الأوسط» (بغداد)

باراك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)
السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)
TT

باراك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)
السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس باراك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

قال السفير الأميركي لدى تركيا، ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سوريا، توم باراك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

وأشار في تصريحات أدلى بها خلال مؤتمر في أبوظبي، إلى أن الوقت قد حان لأن يطوي لبنان صفحة الماضي، ويسارع إلى إبرام اتفاق مع إسرائيل، داعياً إلى إجراء محادثات مباشرة بين لبنان و«حزب الله» وإسرائيل.

كما أعرب المبعوث الأميركي عن الأمل في رفع عقوبات «قانون قيصر» عن سوريا، الذي كانت الولايات المتحدة قد فرضته على نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل الإطاحة به في العام الماضي.

وكان ترمب أعلن بعد لقائه مع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرياض في مايو (أيار)، رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا، غير أن العقوبات الأكثر صرامة والتي تقيد الصلات التجارية مع دمشق، المعروفة باسم «قانون قيصر»، لا يمكن رفعها إلا بقرار من الكونغرس الأميركي.

إلى ذلك، قال باراك إنه من المستبعد أن تشارك تركيا في قوة الاستقرار الدولية المزمع تشكيلها في قطاع غزة، بسبب ما وصفه بأنه «غياب الثقة المتبادلة».

وذكر باراك أن مشاركة تركيا في القوة الدولية بغزة، ستكون جيدة في ضوء علاقتها مع «حماس» والجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لنزع سلاح الحركة الفلسطينية.

وأمس (الخميس)، أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري نقلاً عن مسؤولين أميركيين اثنين ومصدر غربي، بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل عيد الميلاد.

وتسعى إدارة ترمب للمضي قدماً إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، لتجنب العودة إلى الحرب والحفاظ على وقف إطلاق النار الهش. وبات أحد المكونات الرئيسية للمرحلة الأولى من الاتفاق - وهو إفراج «حماس» عن جميع الأسرى الأحياء والقتلى - شبه مكتمل، إذ تتبقى إعادة رفات أسير واحد فقط.

وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق انسحاباً إسرائيلياً من أجزاء إضافية من غزة، ونشر قوة دولية للاستقرار، وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذي يتضمن «مجلس السلام» بقيادة ترمب. وأجاز مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي، كلاً من قوة الاستقرار الدولية ومجلس السلام.


«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».