من المخاض إلى الولادة... كيف يتحمّل المخرجون الشباب مشاقّ صناعة فيلم؟

«أيام عمّان لصنّاع الأفلام» منصة تقدّم الدعم المعنوي والتقني والمادي للسينما العربية الصاعدة

الفائزون بجوائز دعم الأفلام المقدّمة من مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)
الفائزون بجوائز دعم الأفلام المقدّمة من مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)
TT

من المخاض إلى الولادة... كيف يتحمّل المخرجون الشباب مشاقّ صناعة فيلم؟

الفائزون بجوائز دعم الأفلام المقدّمة من مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)
الفائزون بجوائز دعم الأفلام المقدّمة من مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)

منذ دورته الأولى، صوّب مهرجان عمّان السينمائي الدولي البوصلة باتّجاه المواهب السينمائية العربية الشابة. خصّص برمجته للأفلام الأولى في مسيرة صنّاعها، وتحوّل عاماً تلو آخر إلى ملتقى شبابيّ يجمع المخرجين والمنتجين والممثلين الشباب من كل أنحاء العالم العربي.

تسير فعاليات «أيام عمّان لصنّاع الأفلام» بموازاة المهرجان، وتشكّل قلبه النابض وذراعه المهني والصناعي. تتنوّع ما بين ورش عمل متخصصة، وجلسات نقاش، أما ركيزتها فهي منصة التسويق التي يقدّم من خلالها المخرجون مشاريعهم للحصول على الدعم اللازم من أجل استكمال العمل عليها، مع العلم بأنّ قسماً منها هو في مرحلة التطوير أي الكتابة، أما القسم الآخر ففي مرحلة ما بعد الإنتاج أي أن التصوير اكتمل أو بلغ مراحله النهائية.

تقدّم «أيام عمّان لصنّاع الأفلام» ورش عمل للمواهب المشاركة (إدارة المهرجان)

بين القاعات التي تجمع أهل السينما، المبتدئين منهم والمخضرمين، يتّضح كم أنّ إنجاز فيلمٍ هو مخاضٌ عسير قد يستغرق أحياناً 7 سنوات وأكثر. مخاضٌ قد تتخلّله فترات من الإحباط لكنها غالباً ما تنتهي بأن يبصر الفيلم النور. هكذا كانت الحال بالنسبة إلى الفيلم المصري «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» للمخرج المصري خالد منصور، والذي حاز على دعم المهرجان العام الماضي، ليعود إليه هذا العام منافساً على إحدى جوائزه.

يخبر بسام الأسعد، مدير «أيام عمّان لصنّاع الأفلام»، أن اختيار 18 مشروعاً من أصل 170 تقدّموا إلى منصة تسويق ودعم الأفلام لم يكن مهمة سهلة. وفي حديث مع «الشرق الأوسط» يقول إن المشروعات التي جرى اختيارها هي ذات محتوى أصيل ومميّز، كما أنها ترتكز إلى تقنياتٍ حديثة، «وكأنّ صنّاع السينما الشباب ابتكروا هوية جديدة لهم وسينما تشبههم. أما القصص التي يسردون، في الوثائقيات والأفلام الروائية، فتجمع ما بين الأمل والألم في انعكاسٍ للواقع العربي».

يشارك صنّاع أفلام مخضرمون خبرتهم مع الجيل السينمائي العربي الصاعد (إدارة المهرجان)

يُجمع صنّاع الأفلام الشباب المشاركون في «أيام عمّان» على أنهم يشعرون بالإحاطة هنا. تبدأ رحلتهم بجلساتٍ مكثّفة يتعلّمون من خلالها كيفية التقدّم بمشاريعهم وتنقيحها ومناقشتها مع اللجنة والمنتجين والمموّلين. كما يشاركون في ورش عمل تركّزت هذه السنة على مواضيع كدور الذكاء الاصطناعي في صناعة الأفلام، واستخدام الرسوم المتحركة في الوثائقيات، وإدارة الممثلين، وإجراءات الأمان خلال التصوير في مناطق النزاع.

يشير الأسعد في هذا الإطار إلى «الحرص على العلاقة التبادليّة بيننا وبين صنّاع الأفلام العرب، لأنهم الأساس في المهرجان». ويمتدّ هذا التبادل إلى شركاء المهرجان الذين يساندونه في تقديم الدعم للأفلام الفائزة من خلال جوائز مادية وعينيّة.

مدير «أيام عمّان لصنّاع الأفلام» بسام الأسعد (إدارة المهرجان)

6 أيامٍ من تبادل الخبرات وعرض المشروعات والتداول بها، انتهت بمَنح 18 جائزة لـ13 مشروعاً. ومن الواضح أن القرار كان صعباً، فقد أجمع أعضاء لجنة التحكيم على أن «المشروعات القوية كانت كثيرة والإمكانات السينمائية هائلة، مما اضطرّنا إلى اتخاذ قرارات صعبة».

وفي حفل توزيع الجوائز على صنّاع الأفلام، لفتت مديرة مهرجان عمّان السينمائي الدولي ندى دوماني إلى أن «الجوائز توفّر دعماً محلياً أساسياً، مما يساعد القصص على عكس أصوات مجتمعية أصيلة لأنه من الضروري أن يكون صنّاع الأفلام العرب متجذّرين في منطقتهم ليصلوا لاحقاً إلى العالم».

مديرة مهرجان عمّان السينمائي الدولي ندى دوماني (إدارة المهرجان)

من الأردن إلى المغرب، مروراً بالجزائر وتونس ومصر وفلسطين، توزعت الجوائز على الأفلام في مرحلتَي التطوير وما بعد الإنتاج.

من بين المشروعات الفائزة، الفيلم الروائي «زيّ طير في السما» للمخرجة المصرية أمل رمسيس، والذي حصل على جائزة نقديّة بقيمة 10 آلاف دولار. تحدّثت رمسيس لـ«الشرق الأوسط» عن فرحتها بالفوز، لا سيّما أنها تجربتها السينمائية الروائية الأولى بعد مجموعة من الأفلام الوثائقية.

تخبر رمسيس أن الفيلم ما زال في مرحلة التطوير وهو يروي قصة 3 صديقات من حيّ شعبي في القاهرة، يقررن أن يطيّرن الحمام رغم التحديات الذكورية التي يواجهن. وبعد تحقيق الإنجاز، تذهب كل واحدة إلى طيرانها الخاص، مما يأخذنا إلى تجارب وحكايات مختلفة. تضيف رمسيس أنها تقدّمت بمشروعها إلى مهرجان عمّان «لأنه من الأهم في العالم العربي ويفتح الأبواب إلى أسواق عدة».

نالت المخرجة المصرية أمل رمسيس جائزة دعم لمشروعها «زي طير في السما» (إدارة المهرجان)

من بين المشروعات الفائزة عن فئة ما بعد الإنتاج، وثائقي «أسفلت» للمخرج الأردني حمزة حميدة. وقد حصد المشروع جائزتَين بلغت قيمتهما 14 ألف دولار. يدخل الفيلم إلى أزقّة مخيّم البقعة شمالي عمّان، حيث يروي قصة شاب فلسطيني يرغب في الزواج من حبيبته غير أنه يواجه عقبات، في طليعتها وفاة أقرباء له في غزة كلما اقترب موعد الزفاف. يعالج الوثائقي القصة بواقعية ساخرة، مستعيناً بالحمارة «وردة» التي تساعد صاحبها في رحلته نحو تحقيق حلمه.

المخرج الأردني حميدة وجائزة لوثائقي «أسفلت» عن فئة الأفلام ما بعد الإنتاج (إدارة المهرجان)

أما من لبنان فقد تقدّمت إلى منصة التسويق المخرجة نويل كسرواني مع فيلمها الروائي الطويل الأول «ربيع العمر». صحيح أنها لم توفّق في نَيل الدعم غير أنّها اكتسبت خبرات كثيرة من مشاركتها في المهرجان، وفق ما تخبر «الشرق الأوسط».

«تواجه بطلة الفيلم العشرينية الملل من ظروف عيشها وعملها، إلى أن يحطّ فريق تصوير مسلسل في مكان مجاور للمحلّ حيث تعمل فتتبدّل حياتها»، هكذا تختصر كسرواني الحبكة. ومهرجان عمّان هو محطّتها الأولى في رحلة إنجاز الفيلم الطويلة، لأنّ صناعة فيلم قبل أي شيء هي مخاضٌ يُتعب المخرج بقَدر ما يُسعده.


مقالات ذات صلة

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يوميات الشرق المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يقدّم فيلم «الأسود على نهر دجلة» تجربة تتقاطع فيها الذاكرة الشخصية بالذاكرة الجماعية، ويعود فيها المخرج زرادشت أحمد إلى المُوصل.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

تعود خيرية نظمي إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق أمير المصري قام ببطولة فيلم «العملاق» (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

المخرج البريطاني روان أثالي: أمير المصري أبهرني في «العملاق»

قال المخرج البريطاني روان أثالي إن اختيار المشهد الافتتاحي لفيلم «العملاق» لم يكن قراراً مفاجئاً، بل كان محدداً منذ المراحل الأولى للكتابة.

أحمد عدلي (جدة )
يوميات الشرق لقطة من فيلم «مملكة القصب» (مؤسَّسة الدوحة للأفلام)

حسن هادي: «مملكة القصب» كوميديا سوداء من ذاكرة الحصار

أكد حسن هادي أنَّ الفيلم حاول عكس صورة المجتمع خلال التسعينات، بسبب الحصار والعقوبات المفروضة.

داليا ماهر (الدوحة)
سينما أونا تشابلن شريرة الفيلم (تونتييث سنتشري ستديوز)

فيلم «أڤاتار: نار ورماد»... نقاط ضعف وحسنات

كل ما يحدث في «أڤاتار: نار ورماد» على مدى ثلاث ساعات و17 دقيقة كان يمكن له أن يحدث على كوكب الأرض فيما لو قرر جيمس كاميرون وكاتبا السيناريو ذلك.

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا) )

استخدام تطبيقات المواعدة مرتبط بتدهور الصحة النفسية

الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
TT

استخدام تطبيقات المواعدة مرتبط بتدهور الصحة النفسية

الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)

يستخدم الملايين من الأشخاص حول العالم تطبيقات المواعدة للعثور على شريك حياة. ورغم مزايا التطبيقات العديدة، كإمكانية تحديد شركاء محتملين عدة ودعوتهم للقاء، فإنها لا تُعدّ دائماً إيجابية للصحة النفسية، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية.

فالاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة، كالبحث لساعات عن الشريك المثالي، قد يرتبط بمشاكل نفسية. مع ذلك، لم تُجرَ حتى الآن دراسات نفسية شاملة حول هذا الموضوع، ولم تُدمج نتائجها بشكل منهجي لتحديد أنماط عامة تربط بين استخدام تطبيقات المواعدة والصحة النفسية.

دراسة جديدة

نُشرت مؤخراً دراسة تحليلية جديدة في مجلة «الحواسيب في السلوك البشري» الأكاديمية، تركز على سد هذه الفجوة المهمة في الدراسات النفسية المتعلقة بتطبيقات المواعدة. ودمج فريق البحث في هذه الدراسة التحليلية لتطبيقات المواعدة بيانات من 23 دراسة (نُشرت بين عامي 2007 و2024) حول تأثير هذه التطبيقات على الصحة النفسية. وشملت البيانات التي تم تحليلها بيانات أكثر من 26 ألف متطوع.

وأظهرت الدراسات التي تم تحليلها أشكالاً مختلفة من النتائج السلبية لتطبيقات المواعدة على الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق والوحدة والتوتر.

صحة نفسية أسوأ

أظهرت نتائج تحليل الدراسات أن مستخدمي تطبيقات المواعدة يعانون مشاكل نفسية أسوأ بشكل ملحوظ، بما في ذلك الاكتئاب والوحدة والقلق والضيق النَفْسِي، مقارنةً بمن لا يستخدمون هذه التطبيقات.

وأظهر مستخدمو تطبيقات المواعدة العزاب مشاكل نفسية أسوأ بشكل ملحوظ مقارنة بمستخدمي تطبيقات المواعدة من المرتبطين.

الحد من الاستخدام المفرط

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا التأثير ناتجاً من استخدام الأشخاص ذوي الصحة النفسية المتدهورة لتطبيقات المواعدة بشكل أكبر من الأشخاص السعداء، أو أن استخدام هذه التطبيقات يؤدي إلى مشاكل نفسية.

وعلى الأرجح، يحدث كلا الأمرين بدرجات متفاوتة. وهذا يُبرز ضرورة أن يضع مصممو تطبيقات المواعدة الصحة النفسية للمستخدمين في حسبانهم عند تصميم تطبيقاتهم، وفق «سيكولوجي توداي».

كما ينبغي على المستخدمين التفكير في الحد من الاستخدام المفرط لهذه التطبيقات والتركيز على التفاعلات الواقعية مع الأشخاص الذين التقوهم عبر التطبيق أو بطرق أخرى.


هل يُحسّن الجزر الصغير النوم؟ خبراء يعلقون على «ترند» بمواقع التواصل

يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
TT

هل يُحسّن الجزر الصغير النوم؟ خبراء يعلقون على «ترند» بمواقع التواصل

يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مزاعم بأن تناول الجزر الصغير قبل النوم يُحسّن جودة النوم، لكن عِلم التغذية لا يدعم فكرة أن الجزر - أو أي طعام آخر - يُساعد على النوم.

والجزر الصغير من الخضراوات منخفضة السُّعرات الحرارية، وهو غني بالألياف والكربوهيدرات والبوتاسيوم وفيتامين ك والبيتا كاروتين، الذي يحوّله الجسم إلى فيتامين أ، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية.

وتلعب هذه العناصر الغذائية أدواراً معروفة في الصحة العامة، لكن لا تُصنّفها الهيئات الصحية الفيدرالية على أنها تُساعد على النوم عند تناولها ليلاً، وفق ما أفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

ومع ذلك، يُساعد التركيب الغذائي للجزر في تفسير سبب انتشار الحديث عنه على الإنترنت، إذ تقول جيسيكا ماك، خبيرة الصحة في نيويورك: «ينبع هذا الاعتقاد من العناصر الغذائية التي يحتويها الجزر وعلاقتها بتنظيم النوم».

وعلى الرغم من الادعاءات المتداولة على الإنترنت، لا توجد أدلة تُثبت أن الجزر يُحسّن النوم بشكل مباشر. ويقول خبراء التغذية واختصاصيو النوم إن تناول وجبات كبيرة أو دسمة قبل النوم مباشرة قد يُؤثر سلباً على النوم، مُسبباً شعوراً بعدم الراحة أو عسر الهضم. قد تكون الوجبات الخفيفة أسهل هضماً لبعض الأشخاص، لكن استجابة كل فرد تختلف.

وجدت الدراسات ارتباطاً بين زيادة تناول الفاكهة والخضراوات، وزيادة استهلاك الألياف، وتحسين جودة النوم، لكن هذه النتائج تعكس جودة النظام الغذائي بشكل عام، وليس التأثيرات المباشرة لتناول وجبة خفيفة قبل النوم.

وتقول الخبيرة ماك: «الجزر ليس من مُساعِدات النوم، ولا يوجد دليل قاطع على أن تناول الجزر الصغير وحده يُساعد على النوم أسرع». وأضافت أن أي فائدة مُحتملة ستكون غير مباشرة، وأردفت: «يُمكن أن يُساعد الجزر بشكل غير مباشر على النوم عند تناوله بصفته جزءاً من وجبة عشاء مُتوازنة. فقد تُساعد الألياف والكربوهيدرات الطبيعية الموجودة فيه على استقرار مُستويات السكر بالدم طوال الليل، مما قد يُقلل اضطرابات النوم لدى بعض الأشخاص. ومن المُرجّح أن تكون أي فائدة طفيفة وداعمة وليست فورية أو ملحوظة».

وقد خضعت بعض الأطعمة لدراسات مُعمّقة حول علاقتها بالهرمونات والنواقل العصبية المُتعلّقة بالنوم. ووفقاً لماك، فإن الأطعمة التي تحتوي على التربتوفان أو المغنسيوم أو المركبات التي تدعم إنتاج الميلاتونين قد يكون لها ارتباط أقوى بالنوم.

وقالت ماك: «الجزر الصغير غني بالعناصر الغذائية، وسعره مناسب، وسهل التناول، كما أنه يدعم صحة العين، ووظائف المناعة، وصحة الجلد، بفضل محتواه من البيتا كاروتين».

وأشارت الخبيرة إلى أمثلة تشمل الزبادي والحليب والمكسرات والبذور والشوفان والموز والكيوي والكرز والحبوب الكاملة، ولاحظت أن «تناول الكربوهيدرات مع البروتين على العشاء أو كوجبة خفيفة مسائية يُسهم في تحسين جودة النوم، من خلال دعم إنتاج السيروتونين وتوازن سكر الدم».


«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
TT

«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)

ولَّى زمن الاندهاش أمام سطحيِّة الحبكة وخفَّة الأحداث في «Emily in Paris» (إميلي في باريس). بعد خمسة مواسم من الإبهار البصري والتركيز على الجماليَّات على حساب القصة، بات من الممكن التغافل عن أسباب الانتقاد. فهوية المسلسل صارت معروفة، مزيجٌ من الحكايات اللطيفة المحفِّزة على الحلم والصالحة لتمرير الوقت، تزيِّنها أزياء فائقة الأناقة والجرأة، وأهم ما في خلطة المسلسل الكثير من الأهداف التسويقية.

في موسمه الخامس الذي حلَّ قبل أيام على منصة «نتفليكس»، بدا مسلسل «Emily in Paris» أشبه بإعلان ترويجيّ طويل لعددٍ لا يُحصى من العلامات التجارية. من دُور الأزياء الإيطالية، مروراً بمستحضرات التجميل الفرنسية، وليس انتهاءً بأسماء معروفة من منتجات القهوة والكحول. وكأنّها احتفاليّة لرُعاةٍ تجاريين موَّلوا رحلة (إميلي) من باريس إلى روما.

الشابة الأميركية التي أحدثت إطلالتها ضجّة عالمية في الموسم الأول، نقلت مقرّ إقامتها من العاصمة الفرنسية حيث بدأت مغامرتها عام 2020، إلى روما. لحقت بالحب المتمثّل بالشاب الإيطالي مارتشيللو موراتوري، وبطموحها المهني لتسلُّم الفرع الإيطالي من شركة التسويق حيث تعمل. لكن كالعادة، صاحبة الشركة المتغطرسة (سيلفي غراتو) تقف لإميلي بالمرصاد، فهي وفريقها انتقلوا جميعاً إلى روما لاستكمال مجريات القصة هناك.

بشعرٍ قصير وتسريحاتٍ جريئة تكمّلها جرأة الملابس، تطلّ إميلي على معجبيها وهُم كثُر. لا بدّ من الاعتراف بأنّ أداء الممثلة ليلي كولنز اكتسب مزيداً من النضج والقدرة على الإقناع مع مرور المواسم. غير أنّ مناخ روما لم يلائم المسلسل كثيراً، رغم توظيف عناصر الجاذبيّة كافةً؛ من جمال المدينة بأبنيتها التاريخية ومعالمها الأثرية وساحاتها الصاخبة، مروراً بالمائدة الإيطالية بما فيها من باستا وأطباقٍ ملوّنة شهية، وليس انتهاءً بأناقة الإيطاليين ولُطفهم.

مارتشيللو موراتوري حبيب إميلي الإيطالي (نتفليكس)

يتّضح منذ البداية أن المسلسل لم يجد لنفسه حبكة يوحّد بها بنيته الدرامية، ما يعرّض الإيقاع للرتابة والمُشاهد للشرود، لولا أدوات الزينة وهي كثيرة. من بينها على سبيل المثال صديقة إميلي (ميندي تشن)، العائدة بحيويّتها وصوتها الساحر وأغانيها التي لا تغيب عن أيٍ من الحلقات العشر. وتنضمّ إلى أسرة المسلسل الممثلة المخضرمة ميني درايفر بشخصية (الأميرة جاين) الغارقة وزوجَها الأمير الإيطالي في الإفلاس، فتحاول الاستفادة من صداقتها مع سيلفي غراتو للترويج لنفسها ولقَصرها وجَمع بعض المال.

انضمام الممثلة ميني درايفر إلى أسرة «إميلي في باريس» (نتفليكس)

تترافق البنية الدرامية المترنّحة واهتزاز قصة الحب بين إميلي ومارتشيللو، ما يستدعي عودةً سريعة إلى باريس. كالسمكة التي رجعت إلى الماء، يتنفّس المسلسل بعض الصعداء في موطنه الطبيعي. تمدّ باريس حبل الإنقاذ إلى إميلي ورفاقها، فبدءاً من الحلقة الخامسة يسترجع المسلسل جزءاً من مزاجه المعهود.

يتسارع إيقاع الأحداث قليلاً فتُمتَحن الصداقة ما بين إميلي وميندي، كما تختبر البطلة قدرتها على منح فرصٍ ثانية لمَن خذلوها. أما سيلفي، فيعود جزءٌ من ماضيها ليُضفي بعض الإثارة والتشويق. غير أنّ معظم الحبكات الفرعية تعاني من البَتر، لا سيما تلك التي تبرز في الحلقة السادسة حيث تزور إميلي السفارة الأميركية في باريس وتتعرف على أحد الموظفين هناك.

تخضع الصداقة بين إميلي وميندي لامتحان في هذا الموسم (نتفليكس)

وحدَه الثابت والعائد أبداً إلى حياة إميلي (الشيف غابرييل)، حبُّها الباريسي الأول. فرغم التغييرات الكثيرة التي تطرأ على حياته في هذا الموسم، تعود به الطريق دوماً إليها. مثلُه مثلُ مشاهدي المسلسل، الذين وإن علموا بهفواته وخفّته أحياناً، فإنهم أوفياء لمُشاهدة أيِ موسمٍ جديدٍ منه.

إلى جانب إميلي، يقف مارتشيللو داخل دائرة الضوء في هذا الموسم. فإذا كانت ثمة حبكة ما في المسلسل، هي تدور حوله. من علاقته بعائلته الثرية، وإرث والده مصمم الأزياء، مروراً بمشاعره تجاه إميلي، وصولاً إلى مستقبله المهني. نرى إميلي تضع اهتماماتها الشخصية جانباً من أجل الدفع بحبيبها إلى الأمام. يبدو وكأن الجميع يتجرّأ على اقتناص فرصٍ جديدة باستثناء إميلي، المتشبّثة بكرسيّها الباريسي داخل شركة سيلفي غراتو.

العودة إلى باريس تعيد للمسلسل بعض إشراقته (نتفليكس)

لعلَّ الرسالة الوحيدة التي يتضمنها المسلسل والتي تبعث على التفكير قليلاً، هي تلك الجرأة التي تتسلّح بها بعض شخصياته للتخلِّي عن الماضي وابتكار حياة جديدة. يغادر الشيف غابرييل مطعمه الباريسي ليعمل طاهياً على متن يختٍ خاص برجل أعمال نافذ. أما (نيكو)، حبيب ميندي، فيترك إمبراطورية والده للأزياء ليؤسس عمله الخاص بالشراكة مع مارتشيللو. حتى (سيلفي) التي تجاوزت سنّ المجازفة، تمتد إليها العدوى فتطلب الطلاق من زوجها.

كما أنّ لفترة أعياد نهاية السنة سحرها الخاص، كذلك لمسلسل «Emily in Paris»، وقد اختارت «نتفليكس» التوقيت الأذكى للعَرض.

لا توحي نهاية الموسم الخامس بأنه سيكون الأخير في السلسلة (نتفليكس)

قبل أيام من انطلاق الموسم الخامس، دخل مؤلِّف المسلسل الكاتب والمخرج الأميركي دارن ستار إلى قصر الإليزيه مكرّماً. هناك، قدّم له إيمانويل ماكرون وسام جوقة الشرف، وهو أعلى تكريم في فرنسا. توجَّه الرئيس الفرنسي إلى الضيف قائلاً: «لقد جعلت فرنسا تلمع حول العالم»، في إشارةٍ إلى الدور الذي لعبه «Emily in Paris» في التسويق للسياحة والمطاعم والأزياء في باريس. مع العلم بأن السيدة الفرنسية الأولى، بريجيت ماكرون، كانت لها إطلالة خاطفة في الموسم الرابع من المسلسل.