بقاء الكاتب صنصال في السجن يمدد الأزمة بين الجزائر وفرنسا

باريس ما زالت تأمل في عفو «فردي» يصدره الرئيس تبون

الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

بقاء الكاتب صنصال في السجن يمدد الأزمة بين الجزائر وفرنسا

الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

خيبة كبرى ألمت بالسلطات الفرنسية، التي كانت تراهن على صدور عفو عن بوعلام صنصال، الكاتب مزدوج الجنسية الجزائرية والفرنسية، بمناسبة العيد الوطني الـ63. فبعد الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف، يوم الثلاثاء الماضي، الذي ثبّت حكم البداية (5 سنوات نافذة من السجن مقرونة بغرامة مالية)، سدّت السبل في وجه باريس التي لم يبقَ أمامها سوى قيام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بـ«لفتة» تجاه فرنسا التي تطالب منذ الخريف الماضي بإطلاق سراح الكاتب البالغ من العمر 80 عاماً والمصاب بسرطان البروستات.

ولم يتردد فرنسوا بايرو، رئيس الحكومة الفرنسية، في الإعراب عن «تمني» باريس صدور العفو الذي ربطت به تحسن العلاقات الفرنسية - الجزائرية المتأزمة، وربما تطبيعها، التي زادها حكم الثلاثاء الماضي تفاقماً. ولاكتمال الصورة، تتعين الإشارة إلى الحكم الثقيل (7 سنوات من السجن النافذ) الذي صدر بحقّ الصحافي الرياضي الفرنسي كريستوف غليز، لإدانته بتهم خطيرة، منها «تمجيد الإرهاب» و«حيازة منشورات دعائية تضرّ بالمصلحة الوطنية» والتواصل مع أشخاص متهمين بالإرهاب.

أسباب الخيبة الفرنسية

ماكرون يترأس قمة كاليدونيا الجديدة في الإليزيه 2 يوليو (رويترز)

تظهر خيبة باريس من خلال غياب ردود الفعل الرسمية، التي رافقت صدور قرار العفو الرئاسي الجزائري. وتفيد معلومات متوافرة، فرنسياً، أن ثمة اتصالات بعيدة عن الأضواء جرت بين باريس والجزائر بخصوص صنصال. وكانت التوقعات الفرنسية تقوم على مجموعة اعتبارات؛ أولها أن السلطات الجزائرية «لا يمكنها تحمل أعباء وفاة صنصال في السجن للانعكاسات السلبية التي يثيرها أمر كهذا». كذلك، رجّحت باريس أن يعمد الرئيس تبون إلى الاستفادة من فرصة الاحتفال بالعيد الوطني الجزائري لتمرير العفو عن صنصال الذي سيكون واحداً من عدة آلاف حظوا بالعفو.

فضلاً عن ذلك، لم يعمد صنصال ولا محاميه الفرنسي إلى الإعلان عن نقل الملف إلى محكمة التمييز، وهي الهيئة القضائية العليا، إذ لا استئناف بعدها. وثمة من قرأ هذا الامتناع على أنه «تحضير» للقرار الذي لا يمكن أن يصدر قانوناً إلا إذا كان الحكم مبرماً ولا طلب استئناف قدّم لإلغائه، وذلك بعكس ما فعله غليز ومحاميه اللذان قررا نقل الملف إلى محكمة الاستئناف.

عفو لأسباب «إنسانية»

آخر مرجع فرنسي تحدث عن العفو كان بايرو، الذي قال، يوم الثلاثاء، معلقاً على حكم السجن لـ5 سنوات: «إن ما يتعرض له بوعلام صنصال وضعٌ لا يُطاق في نظر الفرنسيين والحكومة الفرنسية. والآن، بعد صدور الحكم، يُمكننا أن نتصور صدور عفو عنه، خصوصاً بالنظر إلى صحة مواطننا».

وبكلام آخر، إن ما توقعه بايرو هو عفو لأسباب «إنسانية». وكان الرئيس ماكرون شخصياً قد طالب أكثر من مرة بالإفراج عن صنصال. وخلال الفترة الفاصلة بين صدور الحكم وغياب العفو، لزمت فرنسا الرسمية الصمت، وهو النهج الذي تمسكت به بشكل صارم.

وكان لافتاً أن برونو روتايو، وزير الداخلية الفرنسي، المعروف بمواقفه المتشددة إزاء الجزائر، كان إلى جانب بايرو عند إدلاء الأخير بتصريحه. وعندما سُئل عن رأيه بالحكم، ردّ بما يشبه اللغز قائلاً: «لا أريد إضاعة أي فرصة، وعلى الأخص من الآن حتى نهاية الأسبوع، لإطلاق سراح بوعلام صنصال». وكان بذلك يشير إلى موعد صدور قرارات العفو الرئاسية الجزائرية.

تبون لا يخضع للضغوط

الرئيسان الجزائري تبون والفرنسي ماكرون على هامش قمة «السبع» في يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

بيد أن القراءة الجزائرية كانت، وفق ما يبدو، مختلفة تماماً عن قراءة باريس. والسبب أن تجاوب تبون مع ما يطلبه الطرف الفرنسي ويشدد عليه، كان سيفسر على أنه «خضوع» لما تريده القوة المستعمرة السابقة، ما يمكن أن يثير كثيراً من التساؤلات في الجزائر، خصوصاً أن «الخطيئة الكبرى» التي ارتكبها صنصال قوله لمجلة «فرونتيير» الفرنسية اليمينية إن قسماً من الأراضي المغربية، بما فيها مدينة وهران، سلخ زمن الاستعمار الفرنسي من المغرب، وضم إلى الجزائر. ما يشكل، وفق القضاء الجزائري، تهديداً لوحدة التراب الوطني.

رغم الخيبة الأخيرة، التي مردها بشكل رئيسي تواصل مناخ التوتر المسيطر على العلاقات بين العاصمتين، تناقصت الخيارات المتوافرة للجانب الفرنسي لإرجاع صنصال إلى فرنسا. وبحسب مصادر متابعة للملف، فإن الحقيقة المجردة من الأوهام تفيد بأن الخيار الوحيد الممكن أن يعمد الرئيس تبون «في لحظة ما، وفي إطار ظروف مساعدة، بعيداً عن الضغوط» إلى إصدار عفو فردي عن صنصال لأسباب «صحية» إنسانية، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء بايرو.

ولا شك أن ثمة عملاً دبلوماسياً يتم بين الطرفين في الخفاء، ولا مصلحة لأحد منهما في الإعلان عنه، خصوصاً الطرف الجزائري. الأمر الذي من شأنه أن يفسر غياب ردّ الفعل الفرنسي. وكانت صوفي بريماس، الناطقة باسم الحكومة الفرنسية، قد قالت، في حديث للقناة الإخبارية اليمينية، الخميس، إن فرنسا «تلجأ إلى القنوات الدبلوماسية للطلب من الرئيس تبون الإفراج عن صنصال».

«الفرنسي منذ 6 أشهر»

والثابت، حتى اليوم، أنه لا شيء مؤكد بهذا الخصوص، إذ ما تسعى إليه باريس قد لا يتحقق طالما تواصلت الحملات الإعلامية بين الطرفين، وبسبب تحول الملف إلى مادة للاستغلال السياسي الداخلي لديهما. وتساءلت صحيفة «لو سوار» الجزائرية الناطقة بالفرنسية عن الأسباب التي تجعل فرنسا تركز على حالة صنصال، وتنسى الـ1700 فرنسي الآخرين المعتقلين خارج البلاد، فيما تهكمت صحيفة «الخبر» على صنصال «الفرنسي منذ 6 أشهر».

إذا كانت فرنسا الرسمية صامتة، فإن رئيسة لجنة الدفاع عن صنصال، الوزيرة السابقة نويل لونوار، تحدثت يوم السبت لإذاعة «فرانس أنتير» العمومية، مشيرة إلى أنه «قد تم استثناء جميع السجناء السياسيين وسجناء الرأي في الجزائر من العفو الرئاسي السنوي».

وبعد أن عدّدت بعض المؤشرات الإيجابية، منها السماح لمحامي فرنسا بيار كورنو - جنتيل، بالسفر إلى الجزائر، وحضور جلسة المحكمة بجانب موكله، وسحب اقتراح قانون إلغاء الاتفاقيات السابقة مع الجزائر، فإن الأمل انهار مع صدور الحكم المتشدد بحقّ الصحافي كريستوفر غليز. بيد أن لونوار عبّرت عن نوع من التفاؤل لجهة إطلاق سراحه، «لأنه من المستحيل أن تتحمل الجزائر مسؤولية وفاته في السجن».


مقالات ذات صلة

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

شمال افريقيا الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

فرضت محكمة جزائرية، مساء الخميس، عقوبة 3 سنوات حبساً موقوفة النفاذ، وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري، في حق الكاتب الصحافي المتهم الموقوف، سعد بوعقبة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مخدرات صادرها الجيش الجزائري بالحدود (وزارة الدفاع)

الجزائر: ارتفاع مقلق للوفيات نتيجة الجرعات الزائدة من المخدرات

أكدت بيانات معهد الأدلة الجنائية للدرك الوطني الجزائري حدوث تحول كبير في نمط تعاطي المخدرات، والمؤثرات العقلية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الصحافي الفرنسي كريستوف غليز (أ.ف.ب)

ماكرون يبدي «قلقاً بالغاً» لإدانة صحافي فرنسي في الجزائر

أعلن قصر الإليزيه، الخميس، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «تلقى بقلق بالغ نبأ الحكم بالسجن على الصحافي الفرنسي كريستوف غليز في الجزائر».

«الشرق الأوسط» (باربس)
شمال افريقيا الصحافي الفرنسي المسجون في الجزائر (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

محاكمة صحافي تضع التقارب الجزائري - الفرنسي تحت «اختبار عسير»

شهد محيط محكمة مدينة تيزي وزو شرق العاصمة الجزائرية، الأربعاء، أجواء غير عادية بسبب محاكمة صحافي فرنسي تطالب بلاده بالإفراج عنه.

العالم العربي صورة مركبة بمناسبة تهنئة رئيس الحكومة الإسبانية الرئيس الجزائري بإعادة انتخابه في 2024 (الرئاسة الجزائرية)

حكومة إسبانيا تسعى لإعادة التوازن في علاقاتها بالجزائر

تحضّر إسبانيا لاستقبال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في أول زيارة له منذ توليه الحكم عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
TT

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

رحّب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم (السبت)، بنتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموافقة على تمديد ولاية «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات.

وأكد أبو الغيط في بيان أن الوكالة الأممية تلعب دوراً لا غنى عنه في إعاشة وتشغيل ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وأن دورها يكتسب إلحاحاً أكبر بسبب الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية الوحشية التي امتدت لعامين.

ووجّه أبو الغيط نداء لكافة الدول المانحة بالتحرك على نحو عاجل لسد فجوة التمويل التي تعاني منها الوكالة الدولية، والتي تبلغ نحو 200 مليون دولار، لتمكينها من مواصلة عملها الإنساني الذي لا غنى عنه.

ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس (الجمعة) على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات إضافية.


هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».