«فراغ قضائي» يهدّد الانتخابات العراقية بالتأجيل

بعد استقالة قضاة «الاتحادية»... وتحذيرات من أزمة غير مسبوقة

أعضاء المحكمة الاتحادية في العراق (موقع القضاء)
أعضاء المحكمة الاتحادية في العراق (موقع القضاء)
TT

«فراغ قضائي» يهدّد الانتخابات العراقية بالتأجيل

أعضاء المحكمة الاتحادية في العراق (موقع القضاء)
أعضاء المحكمة الاتحادية في العراق (موقع القضاء)

تهدد استقالة أعضاء أعلى محكمة دستورية في العراق بعدم إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة أواخر 2025 نتيجة عدم توفر الغطاء القانوني بعد إعلان نتائجها.

وبدت استقالة 6 من قضاة المحكمة الاتحادية العليا في العراق مفاجئة وغامضة لكل الأوساط السياسية والقانونية، في ظرف إقليمي حساس، بحسب مراقبين، لكن وثائق نشرتها وسائل إعلام محلية أفادت بأن سبب الاستقالة يعود إلى أن رئيس المحكمة، جاسم محمد محمود، دعا السلطات العراقية لعقد اجتماع للفصل في الخلافات بين محكمة التمييز والمحكمة الاتحادية، في قضايا، من بينها قضية خور عبد الله.

لكن سياسيين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» أشاروا إلى أن السبب وراء الأزمة هو خلاف بين رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي جاسم العميري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان.

ومن الصعب التأكد من مصادر مستقلة أو مسؤولين في القضاء من هذه المزاعم، لكن أعضاء في أحزاب عراقية شدّدوا على أن تعثر عمل المحكمة الاتحادية يهدد أصل العملية السياسية في البلاد.

مصير الانتخابات

وتحاول قوى التحالف الحاكم الشيعي السيطرة على الوضع السياسي الداخلي ومنعه من الهزات، قياساً بالتداعيات المحتملة من نتائج الحرب الصاروخية الدائرة بين إيران وإسرائيل.

وحذر مركز حقوقي في العراق من «خطورة قبول استقالات قضاة المحكمة الاتحادية العليا خلال الفترة الراهنة مع إقبال البلاد على إجراءات تشريعية في نهاية العام الحالي ممثلة بالانتخابات».

وقال حازم الرديني، رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، في بيان، إنه «لا يمكن إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 دون وجود أعضاء المحكمة الاتحادية؛ لأن الدستور العراقي نصّ على أنه من اختصاص المحكمة الاتحادية المصادقة على نتائج الانتخابات النيابية النهائية».

وأضاف: «بخلاف ذلك، تدخل البلاد في فراغ تشريعي لانتهاء عمر مجلس النواب بموجب المادة 49 من الدستور، والتي حددت عمره بأربع سنوات من تاريخ انعقاد أول جلسة، وتتحول الحكومة إلى تصريف أعمال».

صورة من موقع المحكمة الاتحادية لعدد من قضاتها داخل جامعة بغداد

اتهامات سياسية

واتهم رائد المالكي، عن ائتلاف «دولة القانون»، الحكومة وجهات أخرى لم يسمّها بالوقوف خلف الأزمة الحالية داخل المؤسسة القضائية.

وقال المالكي إن «الحكومة وجهات أخرى تريد للمحكمة الاتحادية أن تكون أداة طيعة بيدها لتنفيذ ما تراه بحجة حماية المصالح العليا»، وأضاف أن «القيادات الشيعية المتصدية أثبتت فشلها في بناء دولة مؤسسات تحترم سيادة الدستور والقانون».

وأكد المالكي أن كتلته ستقوم «بالتشاور مع بقية النواب لاتخاذ موقف موحد من القضية، التي تمثل سابقة خطيرة».

وكان رئيس البرلمان، محمود المشهداني، قد رفض طلباً تقدم به رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي جاسم العميري لمناقشة الأزمة التشريعية في البلاد عبر اجتماع مشترك بين أعضاء المحكمة الاتحادية العليا والقوى السياسية.

ورغم أن البرلمان هو المتضرر الأكبر من الفراغ التشريعي المرجح في حال أصر أعضاء المحكمة على الاستقالة، فإن المشهداني رفض طلب العميري تدخل القوى السياسية في شأن تشريعي، محذراً من خطورة تدخل السياسيين في شؤون القضاء بوصفه صمام الأمان الوحيد في البلاد.

ومع رفض المشهداني، الذي لاقى تأييداً في الأوساط السياسية في العراق، تدخل القوى السياسية في الشأن القضائي، لكن، وطبقاً لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن «محاولات من أطراف سياسية بعيداً عن سلطة البرلمان تجري للحيلولة دون قبول استقالة الأعضاء الستة حتى إجراء الانتخابات، أو ثنيهم عن الاستقالة بعد معرفة الأسباب الحقيقية لذلك».

صورة من موقع المحكمة الاتحادية لعدد من قضاتها داخل جامعة بغداد

مسار الأزمة

وطبقاً للمصادر، فإن «قوى (الإطار التنسيقي) تخشى تداعيات الفراغ التشريعي الذي يترتب على استقالة أعضاء المحكمة الاتحادية، لا سيما أنها تأتي في وقت حرج وغريب، في وقت تتهيأ البلاد لخوض انتخابات مصيرية خلال بضعة أشهر، تأتي هذه الاستقالات التي تنزع الصفة القانونية عن الانتخابات».

وقال باسل حسين، رئيس مركز «كلواذ» للدراسات السياسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أفضل سبيل لحل الإشكال يتمثل في الالتزام بأحكام الدستور والعمل على تشريع قانون المحكمة الاتحادية العليا بما يتوافق مع الاشتراطات الدستورية».

كما دعا النائب السابق في البرلمان العراقي محمد سلمان الطائي إلى «ضرورة التفاهم مع القضاة المستقيلين وثنيهم عن سحب استقالاتهم»، محذراً من دخول البلاد أزمة سياسية غير مسبوقة.


مقالات ذات صلة

نخب عراقية تحذر من عودة «ظاهرة سجناء الرأي»

المشرق العربي أعضاء مبادرة «عراقيون» بعد اجتماعهم في بغداد يوم 26 أبريل 2025 (الشرق الأوسط)

نخب عراقية تحذر من عودة «ظاهرة سجناء الرأي»

حذر العشرات من الناشطين والمثقفين العراقيين من تصاعد ظاهرة الدعاوى التي يقيمها في الآونة الأخيرة «مقربون من السلطة أو يحركها مخبرون سريون ضد أصحاب الرأي».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

القضاء العراقي يرفض زج اسمه في مداولات تشكيل الحكومة

ظهرت تعليقات جديدة من مجلس القضاء العراقي، الجمعة، على مداولات القوى الشيعية لتشكيل الحكومة المقبلة، اعتبر فيها أن تجاوز الدستور «بات يهدد استقرار الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مؤيدو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يحتفلون بفوزه الانتخابي في ساحة التحرير ببغداد 12 نوفمبر 2025 (أ.ب)

«الاتحادية» العراقية تنهي عمل البرلمان وتحدد وظيفة «تصريف الأعمال» للحكومة

أنهت المحكمة الاتحادية العليا عمل مجلس النواب العراقي، وحكمت، الاثنين، بتحويل صلاحيات مجلس الوزراء وتحديدها بالأمور التي تتعلق بـ«تصريف الأمور اليومية».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي موظف انتخابي يلتقط صورة بطاقة هوية لامرأة عراقية نازحة لدى وصولها للتصويت في مخيم ديبكة شمالي العراق (أ.ف.ب)

شبح «الثلث المعطّل» يطل على برلمان العراق السادس

أثار جدل متجدد حول «الثلث المعطّل» نقاشاً واسعاً بين الخبراء في العراق، مع إجراء الانتخابات التشريعية، وسط مخاوف من إطالة أمد تشكيل الحكومة الجديدة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي جانب من جلسة سابقة للبرلمان العراقي (إعلام المجلس)

«مدونة الفقه الجعفري» تثير جدلاً واسعاً في العراق

قضت المحكمة الاتحادية في العراق برد دعوى طعن قضائية للحكم بعدم دستورية إجراءات مجلس النواب للتصويت على مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية.

فاضل النشمي (بغداد)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.