أصوات إسرائيلية بارزة تخرج عن الإجماع وتطالب بوقف الحرب على إيران

باراك: هذه الحرب لن تقضي على المشروع النووي الإيراني بل قد تدفع طهران لمضاعفة جهودها فيه

جنود إسرائيليون يبحثون عن أي مفقودين تحت أنقاض مبانٍ سكنية دمرتها ضربة صاروخية إيرانية في بات يام جنوب تل أبيب يوم الأحد (أ.ب)
جنود إسرائيليون يبحثون عن أي مفقودين تحت أنقاض مبانٍ سكنية دمرتها ضربة صاروخية إيرانية في بات يام جنوب تل أبيب يوم الأحد (أ.ب)
TT

أصوات إسرائيلية بارزة تخرج عن الإجماع وتطالب بوقف الحرب على إيران

جنود إسرائيليون يبحثون عن أي مفقودين تحت أنقاض مبانٍ سكنية دمرتها ضربة صاروخية إيرانية في بات يام جنوب تل أبيب يوم الأحد (أ.ب)
جنود إسرائيليون يبحثون عن أي مفقودين تحت أنقاض مبانٍ سكنية دمرتها ضربة صاروخية إيرانية في بات يام جنوب تل أبيب يوم الأحد (أ.ب)

على الرغم من وجود إجماع شبه تام في المجتمع الإسرائيلي يدعم حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حربها على إيران، ورغم تأييد أحزاب المعارضة اليهودية لها، بدأت تتردد أصوات مغايرة تحذّر من الاستمرار في الحرب، وتطالب بالبحث عن سبيل لإنهائها بدلاً من مطالبة الولايات المتحدة بالانضمام لها.

من أبرز هذه الأصوات، رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، الذي شغل أيضاً عدة مناصب رسمية مهمة، منها وزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الخارجية، وكان رئيساً لأركان الجيش.

ونقلت صحيفة «هآرتس» عنه قوله إن هذه الحرب، حتى لو انضمت لها الولايات المتحدة، لن تتمكن من القضاء على المشروع النووي الإيراني، بل ربما تدفع طهران لمضاعفة جهودها فيه.

وانتقد باراك ما وصفه بـ«أجواء النشوة» في الشارع، وفي البرامج التلفزيونية، وفي إعلان نتنياهو عن إزالة التهديد النووي الإيراني. وقال: «هذا الاحتفال سابق لأوانه وبعيد عن الواقع».

إسرائيليون يحتمون بقطعة خرسانية على طريق سريع عقب انطلاق صفارات الإنذار بوسط تل أبيب يوم الأحد (رويترز)

وأشاد باراك برئيس أركان الجيش، إيال زامير، الذي حذر من الزهو ودعا إلى «الحفاظ على تواضع يحتّمه الواقع»، وقال: «نحن بالفعل أمام اختبار ثقيل وطويل ومؤلم... وعلينا جميعاً تحمُّله».

وطالب باراك القيادة الإسرائيلية «بترجيح العقل وتحمل المسؤولية في إدارة هذا الاختبار».

وأضاف: «عندما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في عام 2018، من الاتفاق النووي السابق بتأثير من إسرائيل، كانت إيران على بعد 18 شهراً تقريباً من تطوير سلاح نووي».

وأوضح: «استهدفنا منشآت البرنامج النووي وسنستهدف منشآت وقدرات أخرى. لكننا لم نُرجئ، ولن نرجئ، قدرة إيران على الوصول إلى سلاح نووي لأكثر من عدة أسابيع فقط، وذلك لأن بحوزتهم مواد انشطارية لصنع نحو عشر قنابل، ولديهم الخبرة في كيفية صنعها. وجيل المنشآت المقبل تم بناؤه في عمق 800 متر».

تحذير من «حرب استنزاف»

أبرزت صحيفة «هآرتس»، في مقال افتتاحي، تحذيراً من الاستمرار في الحرب وتحويلها إلى حرب استنزاف، ومن تغيير أهدافها والتفكير في إسقاط النظام.

وقالت: «على إسرائيل أن تحدد لنفسها ما هو المكسب السياسي. فالهدف الاستراتيجي ليس إسقاط النظام في طهران، بل حماية الحدود الإسرائيلية. وعلينا ألا ننسى أن هناك حرباً مؤلمة ما زالت مستمرة في غزة، وهناك مخطوفون يذوبون في غزة، والوضع الإنساني هناك يتدهور».

وتابعت: «العمليات الحربية ليست هدفاً، ويجب ألا ننزلق إلى حرب شاملة أوسع ولا حرب استنزاف طويلة».

وقالت إن إيران ما زالت تمتلك قدرات حربية وبإمكانها توسيع الحرب لتصبح إقليمية.

إسرائيليون يلوذون بمرفأ سيارات تحت الأرض عقب انطلاق صفارات الإنذار في القدس يوم الأحد (أ.ب)

وخرجت عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس» لتحذّر هي الأخرى من استمرار الحرب مع إيران، التي باتت تغطي على قضية أبنائها.

وشارك نحو ألف منهم، مساء السبت، في تجمع افتراضي، أُوقدت خلاله المشاعل تخليداً لذكرى الرهينتين اللتين استعيدت رفاتهما الأسبوع الماضي.

وأعلن المشاركون رفض استبعاد ذويهم عن الأجندة العامة. ورغم التعليمات الأمنية الصادرة عن قيادة الجبهة الداخلية، واصلوا تجمعهم الأسبوعي الذي كان هذه المرة عبر الفيديو.

وقالت نوعام كاتس رديف، ابنة ليئور رديف الذي أعلن منتدى الرهائن وعائلات المفقودين أنه قُتل في هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) ونُقل جثمانه إلى غزة: «617 يوماً يلازمنا فيها الخوف من المجهول، ليس فقط نحن العائلات، بل الدولة بأكملها».

وأضافت: «الآن، وأكثر من أي وقت مضى، يصعب إبقاء المختطفين في قلب الأجندة العامة. الشاشات مليئة بالعناوين الرئيسية، لكن وجوههم تكاد لا تظهر».

ودعت ليشي ميران لافي، زوجة المحتجز عمري ميران، إلى «اتخاذ القرار الأكثر شجاعة: توقيع اتفاقية تُعيد الجميع». وتابعت: «حتى في ظل وجود جبهات أخرى، وحتى خلال الحروب الدرامية، وربما التاريخية، لا تكفُّ قلوبنا عن القلق (على أحبائنا)».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تحذر من محاولة طهران إحياء برنامجها النووي

شؤون إقليمية القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)

إسرائيل تحذر من محاولة طهران إحياء برنامجها النووي

بعد ستة أشهر من قصف منشآت إيران النووية، كشفت تقارير عن تفاصيل جديدة عن الحرب الـ12 يوماً، بينما حذر رئيس «الموساد» من استئناف طهران نشاطها النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية عراقجي ولافروف على هامش مباحثاتهما في موسكو (الخارجية الإيرانية)

«خريطة طريق» للتنسيق بين موسكو وطهران حتى 2028

وقعت موسكو وطهران الأربعاء اتفاقية تنظم آليات تنسيق التعاون الدبلوماسي، وتكرس أول تحرك مشترك في إطار معاهدة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

رائد جبر (موسكو)
شؤون إقليمية عراقجي يعقد اجتماعاً مع المشرعين الروس في مقر مجلس الدوما (الخارجية الإيرانية)

عراقجي في زيارة إلى موسكو والملف النووي على الطاولة

وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو الثلاثاء، بالتزامن مع تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضرورة التزام الوكالة بالحياد في تعاملها مع إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن - موسكو - طهران)
شمال افريقيا عراقجي وغروسي مع عبد العاطي خلال لقاء في القاهرة سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

عبد العاطي يبحث مع غروسي جهود استمرار التعاون بين إيران و«الطاقة الذرية»

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي الملف النووي الإيراني والجهود الرامية لاستمرار التعاون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من لقاء رئيسها محمد إسلامي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران منتصف الشهر الماضي

إيران: الوكالة الذرية لا تملك حق تفتيش مواقع تعرضت لهجمات

قالت طهران إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية «لا يحق لها المطالبة بتفتيش المراكز النووية التي تعرضت لهجمات عسكرية»، مشددة على ضرورة وجود «بروتوكولات واضحة».


رئيس إيران يؤكد رفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
TT

رئيس إيران يؤكد رفض أي «شروط مهينة» للتفاوض مع واشنطن

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (إرنا)

أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده لن تقبل «شروطاً مهينة» للتفاوض مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف النووي، محذراً من محاولات تجريد إيران من مكونات القوة العسكرية، و«إضعافها» في مواجهة إسرائيل.

وقال بزشكيان خلال لقاء مع مجموعة من الشخصيات البارزة، والنخب السياسية في إيران، مساء الأربعاء، إن بلاده تسعى إلى السلام، والاستقرار الإقليمي، والتفاعل مع جيرانها، لكنها لن تخضع للإكراه «المهين».

وأضاف: «تفاوضنا مع أميركا، وكنا على استعداد للتوصل إلى اتفاق، لكنهم نقضوا الاتفاق بالحرب. والآن، يقترحون شروطاً مهينة لمواصلة المفاوضات، وهو أمر نرفضه رفضاً قاطعاً؛ لن نرضى بالإذلال، ولن نقبل بإيران ضعيفة، ومجزأة».

وشنَّت إسرائيل في 13 يونيو (حزيران) الماضي هجوماً غير مسبوق على منشآت استراتيجية في إيران، ما أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري»، إضافة إلى العديد من المسؤولين، والعلماء في البرنامج النووي الإيراني. وأشعلت تلك الضربات حرباً استمرت 12 يوماً بين البلدين، شاركت خلالها الولايات المتحدة بقصف ثلاثة مواقع نووية داخل إيران.

جانب من تشييع قادة عسكريين وعلماء إيرانيين قُتلوا في هجمات إسرائيلية بطهران 28 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وعقب الهجمات، علقت إيران تعاونها مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وقيدت وصول مفتشيها إلى المواقع التي استهدفتها الضربات، منتقدةً امتناع الوكالة عن إدانة تلك الهجمات. كما ربط قانون أقره البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) دخول المفتشين بالحصول على موافقات من مجلس الأمن القومي، الذي تطلبت قراراته مصادقة المرشد علي خامنئي.

وأكد بزشكيان أن إيران لا تسعى إلى صراع، مضيفاً: «صرحنا مراراً وتكراراً بأننا لا نسعى إلى صنع القنبلة الذرية، ومستعدون لأي عملية تَحقُّق، لكن الطرف الآخر يسعى للقضاء على كل مقومات قوة إيران، وإضعافها في مواجهة الكيان الصهيوني. نحن نسعى إلى السلام، لكننا لن نقبل بالهيمنة».

الشروط الأميركية

كانت واشنطن قد وضعت شروطاً لاستئناف المحادثات مع إيران، منها عدم تخصيب اليورانيوم نهائياً، وفرض قيود على برنامجها الصاروخي. ورفضت طهران هذه الشروط معتبرة إياها «انتهاكاً غير مقبول لسيادتها».

وعقدت إيران خمس جولات من المحادثات حول بديل للاتفاق النووي المبرم عام 2015 قبل الغارات الجوية الأميركية-الإسرائيلية على البلاد ومنشآتها النووية في منتصف يونيو.

ودعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في أكثر من مناسبة إلى عدم اقتصار أي اتفاق مستقبلي مع إيران على أنشطتها النووية، وحسب، بل يجب أن يشمل أيضاً برنامجها للصواريخ الباليستية. وقد رفضت طهران هذا الطلب، وأصرت على أن قدراتها العسكرية غير قابلة للتفاوض.

وفي 28 أغسطس (آب)، قامت الترويكا الأوروبية بتفعيل «آلية العودة السريعة» (سناب باك) لاستعادة عقوبات الأمم المتحدة، والتي كانت قد رُفعت في إطار اتفاق عام 2015، مما زاد من تعقيد الجهود الدبلوماسية.

دعوة إلى «الوحدة»

وخلال لقاء عقده، الخميس، مع مجموعة من النشطاء الثقافيين بمحافظة خراسان بجنوب البلاد، دعا الرئيس الإيراني إلى التكاتف، والوحدة في مواجهة الصعاب، والمشكلات.

وقال: «لو كانت المجتمعات الإسلامية متحدة، ونبذت الخلافات، والصراعات، لما أقدمت إسرائيل على اقتراف كل هذه الفظاعات والجرائم في بلدان المنطقة».

وأكد: «إن اتحدنا ونحينا الخلافات جانباً، فلن يقدر أحد على إلحاق الهزيمة بنا».

متحدث الحرس الثوري

وعن الحرب التي استمرت 12 يوماً خلال شهر يونيو الماضي، قال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني إن طهران كانت لديها «قاعدة بيانات استخباراتية كاملة» حول الأهداف الإسرائيلية مكنتها من توجيه ضربات انتقامية دقيقة.

الدفاعات الجوية الإسرائيلية تسعى للتصدي لهجمات صاروخية إيرانية في سماء تل أبيب يوم 21 يونيو 2025 (أ.ب)

وأضاف في تصريحات أدلى بها، الأربعاء، أن إيران دمرت 47 مركزاً استراتيجياً إسرائيلياً، وعدداً من المراكز العلمية والتكنولوجية، ومحطتين لتوليد الطاقة، «بناءً على المعلومات التي تم الحصول عليها من داخل الأراضي التي تحتلها إسرائيل».

واستطرد قائلاً: «نحو 80 في المائة من عمليات إيران في حرب الـ12 يوماً اعتمدت على المعلومات الاستخباراتية التي جُمعت في السنوات السابقة».

وقال إنه كلما ضربت إسرائيل هدفاً «ردت إيران بضرب مبنى لنفس الغرض... ولم ينحرف صاروخ واحد عن مساره بفضل الاستخبارات الإيرانية».

عراقجي وزيارة روسيا

ووسط تصاعد الجدل بشأن مستقبل التعاون بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، واستمرار الخلافات حول الاتفاق النووي، بدأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي زيارة إلى موسكو، الثلاثاء، حيث أكد ونظيره الروسي سيرغي لافروف ضرورة التزام الوكالة بالحياد في تعاملها مع إيران.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (إلى اليمين) مصافحاً نظيره الإيراني عباس عراقجي بعد مؤتمر صحافي في موسكو يوم الأربعاء (أ.ب)

وفي اليوم التالي من وصوله، وقَّع الطرفان اتفاقية تنظم آليات تنسيق التعاون بين وزارتي الخارجية في البلدين، وتكرّس أول تحرك مشترك في إطار معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة المبرمة بين الطرفين التي دخلت حيز التنفيذ بعد المصادقة عليها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكتب عراقجي في تدوينة على منصة «إكس»، الخميس: «بناءً على معاهدة الشراكة الاستراتيجية بيننا، اتفقت وزارتا خارجية إيران وروسيا على خريطة طريق مدتها ثلاث سنوات لتنظيم ورفع مستوى التعاون والتنسيق بيننا».

وأضاف: «إن التعاون الوثيق بين موسكو وطهران سيتيح اتخاذ إجراءات أقوى في وجه العقوبات الغربية غير المشروعة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، ودعم مشاريع البنية التحتية، ومنع الإجراءات غير القانونية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».

وكان عراقجي قد قال، الأربعاء، إن إيران وروسيا اتفقتا خلال المحادثات على برنامج عمل لتطوير العلاقات الثنائية، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين «تزداد قرباً وترابطاً يوماً بعد يوم».

وقال لافروف إن لإيران الحق في تخصيب اليورانيوم «سلمياً»، في حين أعلن عراقجي أن طهران ستواصل التخصيب رغم الأضرار التي لحقت بمنشآتها النووية.


تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
TT

تركيا تُحذر «قسد»: «صبرنا بدأ ينفد»

رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)
رئيس الأركان التركي سلجوق بيرقدار أوغلو وقادة القوات المسلحة أجروا تفتيشاً بمقر القيادة الرئيسي للفيلق السادس في كليس على الحدود السورية الأربعاء (الجيش التركي - إكس)

حذرت تركيا «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها الأساسي، من أن صبرها بدأ ينفد إزاء عدم تحركها لتنفيذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري، مؤكدةً في الوقت نفسه أنها لا تؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً.

وبينما أجرى رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، رفقة قادة القوات المسلحة تفتيشاً على وحدات عسكرية على الحدود مع سوريا، قال وزير الخارجية، هاكان فيدان، إن على «تنظيم الوحدات الكردية - قسد (الإرهابي)» أن يدرك أن صبرنا قد نفد.

وأضاف فيدان، خلال مقابلة تلفزيونية الخميس، أنه «يجب على قسد الالتزام بالاتفاق الموقع مع الحكومة السورية في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، من دون تأخير».

تغليب الحوار

وقال فيدان: «لا نؤيد استخدام القوة العسكرية مجدداً؛ صبر الأطراف المعنية نفد، نأمل أن يتم التوصل إلى حل بشأن الاندماج بين إدارة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية من خلال الحوار».

فيدان وبراك بحثا التطورات السورية وتنفيذ اتفاق اندماج «قسد» بالجيش السوري في أنقرة يوم الثلاثاء (الخارجية التركية)

وبحث فيدان مع السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا، توم برّاك، الثلاثاء، المستجدات المتعلقة بها بعد مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، والخطوات اللازمة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدتها.

وقالت مصادر تركية إن المباحثات ركزت بشكل أساسي «على تنفيذ الاتفاق الموقَّع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، في دمشق في 10 مارس (آذار) الماضي، بشأن اندماجها في الجيش السوري، وهو الاتفاق الذي ينبغي أن يتم الانتهاء من تنفيذه بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي».

الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي خلال توقيع اتفاق اندماجها في الجيش السوري بدمشق 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

واتهم فيدان «قسد»، مراراً، بالتهرب من تنفيذ اتفاق الاندماج بتشجيع من إسرائيل، مشدداً على «ضرورة حل نفسها ومغادرة عناصرها الأجانب، الأراضي السورية».

وقال، خلال المقابلة التلفزيونية: «لن نسمح للإرهاب بعرقلة مسيرة سوريا»، مضيفاً أن تركيا، إلى جانب الولايات المتحدة ودول إقليمية، تسعى لتحقيق هدف مشترك ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، ويجب ألا نسمح أبداً لأي عنصر إرهابي بعرقلة مسيرة الشعب والدولة السورية نحو التعافي».

تعاون في مواجهة «داعش»

وأكد فيدان أهمية التعاون بين تركيا ودول المنطقة في مكافحة تنظيم «داعش»، وأنه يمكن مواجهة «داعش» ما دام التعاون مستمراً.

وأشار إلى أن التعاون الإقليمي تحقق مع انتهاء الحرب الأهلية في سوريا وتعزيز إدارة دمشق، مضيفاً: «ما دامت وُجدت آلية للتعاون، يمكننا مواجهة خطر (داعش)».

وأنشأت تركيا والحكومة السورية، مؤخرًا، مكتباً للعمليات العسكرية المشتركة يركز على التنسيق ودعم دمشق في التصدي لأنشطة «داعش».

وقال فيدان إن تركيا اكتسبت خبرة واسعة في مجال مكافحة الإرهاب على مدى السنوات الأربعين الماضية، وأن جهودها ضد «حزب العمال الكردستاني» وغيره من «التنظيمات الإرهابية» أسهمت أيضاً في تأسيس بنية تحتية قوية لمواجهة خطر «داعش» في المنطقة.

وزراء خارجية ودفاع وأجهزة مخابرات تركيا والأردن والعراق ولبنان وسوريا خلال اجتماع في عمان 9 مارس الماضي لبحث التعاون الإقليمي لمكافحة «داعش» (الخارجية التركية)

في السياق ذاته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، خلال إفادة أسبوعية، الخميس، إن تركيا تتابع من كثب جهود الحكومة السورية لإعادة الاستقرار والأمن، وتلتزم بالحفاظ على تعاون وثيق معها.

وأضاف، رداً على سؤال بشأن اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري، قائلاً: «يُعدّ استقرار سوريا وأمنها أمرين مهمين لسلام المنطقة، وفي هذا الصدد، تدعم تركيا مبدأ (دولة واحدة، جيش واحد) في سوريا، وننسّق مع نظرائنا السوريين في هذا الشأن ونتابع العملية من كثب».

تفتيش على الحدود

وبينما تتابعت تصريحات المسؤولين الأتراك حول اتفاق «قسد» والحكومة السورية، مع تأكيد عدم الرغبة في اللجوء إلى العمل العسكري مجدداً، أجرى رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، رفقة قادة القوات المسلحة، تفتيشاً على الوحدات العسكرية في قيادة الجيش الثاني في ملاطيا (شرق)، ومركز القيادة الرئيسي للفيلق السادس في ولاية كيليس المحاذية للحدود السورية.

جاء ذلك بعد أيام من زيارة بيرقدار أوغلو سوريا، يومَي 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) ولقائه الرئيس أحمد الشرع ووزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، ورئيس الأركان علي نور الدين النعسان، وتفقده مركز العمليات المشتركة في دمشق، والتي أعقبتها زيارة مماثلة لقائد القوات البرية التركي، متين توكال.

جاءت الزيارتان وسط أنباء عن إرسال تركيا تعزيزات إلى شمال سوريا ورفع درجة استعداد قواتها المنتشرة على الحدود السورية في ظل احتمالات بشن عملية عسكرية ضد «قسد» ما لم تنفذ اتفاق الاندماج.

لكنَّ وزارة الدفاع التركية أكدت أن التحركات كانت روتينية، نافيةً الاستعداد لعملية عسكرية ضد «قسد».


إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

إسرائيل تعيد سكان الشمال وسط استعدادات لحرب جديدة على لبنان

جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)
جنود إسرائيليون يقفون فوق مركبات مدرعة للجيش خارج مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية في الجليل الأعلى الخميس 28 نوفمبر 2024 (أ.ب)

يتسبب التناقض في قرارات الحكومة الإسرائيلية تجاه التهديدات الحربية للبنان في بلبلة بين سكان المناطق الشمالية في أعالي الجليل، الذين تدفعهم السلطات إلى العودة إلى البلدات التي هجروا منها في بداية الحرب. ويتساءلون عمّا إذا كانت التهديدات بالحرب جدية أم لا، ويتذمرون من الإهمال الشديد لوضعهم الحرج والأخطار التي تهددهم في حال استئناف الحرب.

البلبلة المحلية

ويشكو المواطنون من أن الحكومة تحثهم على العودة إلى بلداتهم في وقت تشهد فيه منطقة الشمال تحركات عسكرية كبيرة. وهم لا يمانعون في مواجهة حرب أخرى على «حزب الله»، لأنهم يثقون بأنه ما زال قوياً ويشكل تهديداً لمستقبلهم في بيوتهم ومصالحهم. لكنهم يرغبون أيضاً في التيقن من أن الحكومة تحترم تضحياتهم وتمنحهم حقوقهم وتعويضاتهم عن خسائرهم. والتناقضات التي تبثها الحكومة إزاء لبنان تثير لديهم شكوكاً حول جدية التهديد.

التناقضات الحكومية

وقال تقرير نشره موقع «واينت»، الأربعاء، إن الجيش الإسرائيلي يقوم بالتمهيد للعملية التي يخطط لها في الشمال، ويضغط على المستوى السياسي لتنفيذها، وذلك رغم أن «حزب الله» قرر مواصلة سياسة ضبط النفس قبل نحو شهر عقب اغتيال ما تصفه إسرائيل برئيس أركان «حزب الله» هيثم علي طبطبائي.

جنود إسرائيليون خلال دورية في مستوطنة أفيفيم الزراعية بجوار الحدود اللبنانية بالجليل الأعلى (أ.ب)

ولم يُطلِق الحزب حتى قذيفة هاون واحدة رداً على تصفية قائده العسكري الأبرز. لكن هذا لن يكون الحال في جولة التصعيد المقبلة، إذ يقدّر جيش الاحتلال أن «حزب الله» سيعمل وفق خطة نارية منظمة تشمل إطلاق مئات الصواريخ والقذائف والطائرات المسيّرة والذخائر الانتحارية على مدى عدة أيام.

التهديد المرتقب

وبحسب التقرير، فإنه وعلى عكس الجولات السابقة مع غزة على مرّ السنين، وكذلك مع «حزب الله» بين الحين والآخر، ستكون هذه المرة آلية لإغلاق التصعيد والعودة إلى وقف إطلاق النار، ويقصد بذلك غرفة عمليات فعّالة ومجربة من العام الماضي تضم ضباطاً أميركيين ولبنانيين، وتوزّع نشاطها بين بيروت ومقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش في صفد.

وعلى أي حال، يقدّر مسؤولون في جيش الاحتلال أن إسرائيل لن تنفذ هذه العملية من دون موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومن ثم فمن المشكوك فيه أن تتم قبل زيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض في نهاية الشهر.

غرفة عمليات

ويقدر قادة شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» يفضّل في هذه المرحلة مواصلة امتصاص الهجمات شبه اليومية لجيشهم، وإدارة صراعاته الداخلية في لبنان التي يراها أكثر قابلية للسيطرة. ويشيرون إلى أن هيمنة «حزب الله» كحركة سياسية مدنية تضررت خلال العام الماضي، وأن المنظمة تواجه صعوبة في دفع إيجارات عشرات آلاف اللبنانيين النازحين داخل بلادهم، الذين لم يعودوا بعد إلى منازلهم المدمرة في جنوب لبنان إثر العدوان البري للجيش الإسرائيلي.

جنود إسرائيليون يقفون بجوار دباباتهم على الحدود مع لبنان في الجليل الأعلى شمال إسرائيل 28 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ويزعم مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية: «نرى عدداً متزايداً من المؤيدين الشيعة الذين يفضلون الانتقال لدعم حركة أمل، المنافسة لـ(حزب الله)، الذي لم يعد قادراً على دعم آلاف العائلات الثكلى والمصابين. ومع ذلك، لا يزال (حزب الله) أقوى عسكرياً من الجيش اللبناني، وعندما تنقلب هذه المعادلة سنعلم أن هناك تغييراً لصالحنا».

الوضع الداخلي

وبحسبهم: «إلى أن يحدث ذلك، سيواصل (حزب الله) إعادة بناء قدراته، أساساً عبر الإنتاج الذاتي وتحويل صواريخه إلى صواريخ دقيقة، وسنكون مضطرين إلى مواصلة القتال ضده بأي ثمن».

التسلح المستمر

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، هناك نقاشات حادة بشأن المرحلة المقبلة لدى متخذي القرار في قيادتي الجيش والمستوى السياسي، ويتساءلون: هل تستحق جولة لإضعاف «حزب الله» شللاً جديداً للجليل، وسقوط صواريخ في حيفا، وصفارات إنذار في تل أبيب التي بدأت للتو في استضافة مباريات رياضية أوروبية مجدداً؟

المرحلة المقبلة

يذكر أن الحكومة كانت قد بادرت إلى إجلاء نحو 70 ألف مواطن من بيوتهم في الشمال مع اندلاع الحرب. وقد عاد 85 في المائة منهم إلى بيوتهم، وبحسب تقديرات الوزير زئيف الكين، المسؤول عنهم، فإن الباقين (15 في المائة) لن يعودوا أبداً، وقد ثبتوا مكوثهم في مناطق أخرى داخل إسرائيل أو خارجها. ويشير العائدون إلى تذمرهم من تعامل الحكومة، متهمين إياها بالتقصير والإهمال ونكث الوعود، ويقولون إن غالبيتهم لم يحصلوا على ما يستحقونه من تعويضات عن خسائرهم المادية والنفسية.