اجتماع موسع «لمجموعة مدريد» للضغط من أجل حل الدولتين

سيناقش التحضيرات للمؤتمر الأممي المقرر عقده في نيويورك خلال يونيو

خيام نازحين في مدينة غزة الأحد (أ.ف.ب)
خيام نازحين في مدينة غزة الأحد (أ.ف.ب)
TT

اجتماع موسع «لمجموعة مدريد» للضغط من أجل حل الدولتين

خيام نازحين في مدينة غزة الأحد (أ.ف.ب)
خيام نازحين في مدينة غزة الأحد (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة الإسبانية مدريد، الأحد، اجتماعاً موسعاً يضم وزراء دول عربية وأوروبية، سعياً إلى دعم «حل الدولتين» لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

ويهدف اجتماع «مجموعة مدريد» إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الحرب في غزة، وإدخال المساعدات للقطاع بغير قيود، وسلك مسار «حل الدولتين».

تشارك في المؤتمر المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا والمغرب والأردن وقطر والبحرين ومنظمة التعاون الإسلامي. كما تشارك دولة فلسطين التي اعترفت بها إسبانيا العام الماضي، في خطوة من المنتظر أن تحذو حذوها دول أوروبية أخرى، مثل فرنسا، الشهر المقبل.

ويضم الاجتماع أيضاً وزراء دول أوروبية كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا والبرتغال والنرويج وآيسلندا وسلوفينيا ومالطا. كما يشارك في الاجتماع وزير خارجية البرازيل الذي قال لدى وصوله إلى العاصمة الإسبانية إنه يحمل توجيهات من الرئيس، لولا دا سيلفا، بدعم الجهود الرامية لتحقيق «حل الدولتين».

ركام ودخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية أسقطت قتلى وجرحى في جباليا بشمال قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

كان رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، قد كثّف مساعيه الدبلوماسية في الأسابيع الأخيرة تحضيراً لهذا الاجتماع الذي يضمّ لأول مرة الدول الأوروبية والإسلامية الكبرى ضمن «مجموعة مدريد» بهدف توجيه رسالة دعم قوية لحل الدولتين، والضغط على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي انتقد وأعضاء بحكومته الأوروبيين، واتهمهم بالتحريض على ارتكاب أعمال عنف ضد اليهود، مشيرين في ذلك إلى مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأميركية واشنطن الأسبوع الماضي. ووصفت باريس تصريحات نتنياهو بأنها «شائنة».

وقد وصل وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إلى مدريد، السبت، للمشاركة في الاجتماع الموسع للجنة الوزارية بشأن غزة، ومجموعة مدريد، بشأن تطورات الأوضاع في القطاع، والجهود الدولية لوقف الحرب.

وذكرت وزارة الخارجية السعودية في بيان، أن من المقرر أن يبحث الاجتماع «تطورات الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية، والجهود الدولية الرامية إلى إيقاف الحرب وإنهاء المعاناة الإنسانية في القطاع». وأضافت: «كما سيناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى لحل الدولتين، الذي سيُعقد في مقر الأمم المتحدة خلال يونيو (حزيران) المقبل بمدينة نيويورك، برئاسة مشتركة من السعودية وفرنسا».

وكانت الوزارة قد أعلنت في وقت سابق أن اللجنة الوزارية المكلّفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة بشأن غزة، التي يرأسها وزير الخارجية السعودي، وبمشاركة وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي والأردني أيمن الصفدي، بحثت مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الجهود الدولية لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وتوجه عبد العاطي، الأحد، إلى مدريد للمشاركة في الاجتماع الوزاري الموسع لـ«مجموعة مدريد». وذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان أن الاجتماع سيبحث الجهود الدولية الهادفة لإنهاء الحرب على قطاع غزة، والوضع الإنساني الكارثي في القطاع، وسُبل نفاذ المساعدات الإنسانية، وحشد التأييد الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتطبيق حل الدولتين بصفته السبيل الوحيد لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.

عثرات أمام إسبانيا

صرّحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن مدريد تسعى، إلى جانب تحركها السياسي، إلى إيصال مساعدات غذائية وإنسانية إلى غزة جواً، أو عبر إقامة «مخيم إنساني» في رفح على الحدود مع مصر تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، لكنها ما زالت تصطدم برفض إسرائيل.

وإلى جانب اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، تسعى الدبلوماسية الإسبانية إلى طرح مشروع قرار أمام الجمعية للأمم المتحدة لتكليف محكمة العدل الدولية بمطالبة إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة.

تزاحم وتدافع للحصول على مساعدات غذائية توزعها منظمات خيرية بمنطقة المواصي في خان يونس الأحد (د.ب.أ)

لكنّ التأييد العارم الذي تحظى به جهود سانشيز داخل الائتلاف الحاكم، الذي يضمّ حزب «سومار» اليساري، وعدداً من الأحزاب الإقليمية، فضلاً عن التنديد الواسع بالممارسات الإسرائيلية في أوساط الرأي العام بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية، يواجهان معارضة من الأحزاب والقوى اليمينية والمحافظة.

فالحزب «الشعبي» منقسم على ذاته بين من يدعم إسرائيل دعماً كاملاً، وتتزعم ذلك رئيسة حكومة مدريد الإقليمية الطامحة لرئاسة الحزب، وبين من يندد بالتصرفات الإسرائيلية، ويقود ذلك زعيمة الحزب في الأندلس، وبين هذا وذاك مثل رئيس الحزب ألبرتو فيخو الذي قال: «يجب أن تكفّ إسرائيل عن مواصلة أنشطتها العسكرية، وأن تميّز بين الإرهاب والمدنيين، وأن تسهّل دخول المساعدات الإنسانية».

أما حزب «فوكس» اليميني المتطرف فيدعم إسرائيل من دون تحفظ، على غرار رئيس الوزراء الأسبق خوسيه ماريا آزنار الذي ما زال يتمتع بنفوذ قوي داخل الحزب، والذي قال في بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية على القطاع: «إذا خسرت إسرائيل هذه الحرب، فالمعركة المقبلة ستكون على سواحل أوروبا الجنوبية». وأضاف: «خلافاً للقول المأثور، الحرب لا تنتهي حول طاولة المفاوضات، بل عندما ينتصر طرف وينهزم الآخر، ويجب أن تنهزم (حماس)».

في المقابل، يسعى بعض حلفاء سانشيز في الحكومة، مثل حزب «بوديموس»، وحزب «سومار» إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، وفرض حظر على تصدير الأسلحة إليها، وتبنّي الطلب الذي قدمته جنوب أفريقيا أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وأعضاء في حكومته.


مقالات ذات صلة

خطة ترمب لغزة تنال مباركة أممية واسعة تدفع مسار الدولة الفلسطينية

العالم العربي أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)

خطة ترمب لغزة تنال مباركة أممية واسعة تدفع مسار الدولة الفلسطينية

وفّر مجلس الأمن غطاء دولياً واسعاً لخريطة الطريق الأميركية بشأن غزة، فيما يمثل اختراقاً مهماً يعطي بعداً قانونياً يتجاوز مجرد وقف النار وإطلاق الرهائن.

علي بردى (واشنطن)
العالم رجل يتحدث أثناء تجمع الناس دعماً للفلسطينيين بينما يرفرف العلم الفلسطيني في تورونتو بكندا 17 نوفمبر 2025 (رويترز)

للمرة الأولى... العلم الفلسطيني يرفرف على مبنى بلدية تورونتو الكندية

رُفع العلم الفلسطيني على مبنى بلدية تورونتو، الاثنين، للمرة الأولى منذ اعتراف الحكومة الفيدرالية بدولة فلسطين في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (تورونتو)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون أمام ناشطين إسرائيليين وفلسطينيين تجمعوا في بلدة بيت جالا بالضفة للاحتجاج على هجمات المستوطنين الجمعة (أ.ب) play-circle

تحليل إخباري إقناع الإسرائيليين بدولة فلسطينية ممكن... ولكن بشروط

اليمين الإسرائيلي يهبّ ضد قرار مجلس الأمن المستند إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ لأنه يتضمن مساراً لإحقاق حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي خيام يستخدمها النازحون الفلسطينيون في وسط قطاع غزة الذي يواجه أجواء ممطرة (رويترز) play-circle

مجلس الأمن يصوت على «قوة غزة» غدا... ومواجهة أميركية - روسية في الأفق

يصوت مجلس الأمن بعد ظهر الاثنين على مشروع قرار أميركي بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خطة الرئيس دونالد ترمب في شأن غزة، فيما ظهر شبح استخدام روسيا «الفيتو».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي جلسة لأحد اجتماعات مجلس الأمن الدولي في نيويورك (أرشيفية) play-circle

إسرائيل تضغط بقوة لشطب «الدولة الفلسطينية» قبل تصويت مجلس الأمن

قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صدّ الهجوم عليه من حلفائه الذين اتهموه بالتراخي حيال المشروع الأميركي في مجلس الأمن حول غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني، هو «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار».

وتأتي مواقف قاسم في وقتٍ لم يعلن فيه رئيس البرلمان نبيه بري اعتراضاً على تعيين السفير سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني، إنما أكد على ضرورة حصر دوره بالإطار التقني وعدم توسيعه إلى مستويات تفاوضية أو سياسية، وهو ما يعكس تمايزاً واضحاً حول هذا القرار بين الحليفين.

تقديم تنازلات في لحظة حساسة

ووصف قاسم في كلمة له خطوة تعيين مدني بـ«سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة 5 أغسطس (قرار الحكومة لحصرية السلاح)» معتبراً أنّه «بدلاً من اتخاذ خطوات إلى الأمام تُقدَّم تنازلات لن تنفع مع إسرائيل»، داعياً الحكومة للتراجع عن القرار، وأن «يجري تفاهم داخلي على قاعدة عدم السماح بأي تنازل حتى تطبق إسرائيل ما عليها».

مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (أرشيفية - رويترز)

«السفينة الغارقة»

واعتبر قاسم أنّ الحزب «قام بما عليه ومكّن الدولة من فرض سيادتها في إطار الاتفاق»، قبل أن ينتقل إلى تشبيه لبنان بـ«السفينة»، معتبراً أنّ «التماهي مع إسرائيل يعني ثقب السفينة، وعندها يغرق الجميع».

وقال إنه يجب مواجهة العدوان الإسرائيلي التوسعي بكل الوسائل والسبل، مضيفاً: «هناك اتفاق لم يتم الالتزام به رغم التزام لبنان، الاعتداءات ليست من أجل السلاح، بل من أجل التأسيس لاحتلال لبنان ورسم إسرائيل الكبرى من بوابة لبنان».

وفي المقابل، أكد قاسم أنّ «الدولة اختارت طريق الدبلوماسية لإنهاء العدوان، ونحن معها أن تستمر في هذا الاتجاه». لكنه شدد على أنّه «لا علاقة لأميركا وإسرائيل بكيفية تنظيم شؤوننا الداخلية، ولا علاقة لهما بما نختلف عليه أو نقرره في لبنان».

وشدّد على أنّ «الحدّ الذي يجب الوقوف عنده هو حدود الاتفاق الذي يتحدث حصراً عن جنوب نهر الليطاني، ولا وجود لما يسمى ما بعد جنوب نهر الليطاني».

وتابع قاسم: «هم يريدون إلغاء وجودنا»، لكن «سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا، ونحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب». وأضاف، في بيان، اليوم (الثلاثاء): «نثمن دعم كندا لسوريا في مسيرتها الحالية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار».

وتابع البيان: «إن هذا القرار يشكل لحظة مهمة لتعزيز العلاقات السورية – الكندية، ويمهِّد لمرحلة جديدة من الشراكات المتعددة... إن سوريا تشدد على استعدادها للعمل مع الشركاء الدوليين كافة والتواصل الإيجابي بما يسهم في دعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، ويصبّ في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين».


توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.