هل طفح الكيل الأوروبي من نتنياهو؟

لندن تعلق مفاوضات التجارة الحرة مع تل أبيب... وباريس تدعم مراجعة الشراكة الأوروبية - الإسرائيلية

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما الأخير في القدس (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما الأخير في القدس (أ.ف.ب)
TT

هل طفح الكيل الأوروبي من نتنياهو؟

صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما الأخير في القدس (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو وماكرون خلال اجتماعهما الأخير في القدس (أ.ف.ب)

طيلة سنوات كانت آيرلندا وحدها هي الطائر الذي يغرّد خارج السرب الأوروبي في الانتقاد المباشر والصريح لإسرائيل والتنديد بسياساتها الاستيطانية وتهويد الأراضي الفلسطينية. ثم انضمت إليها بعض الدول الاسكندنافية مثل: النرويج والسويد اللتين اعترفتا بالدول الفلسطينية وتجاهلتا التحذيرات، وأحياناً التهديدات الإسرائيلية، فيما بقيت الدول الوازنة داخل الاتحاد الأوروبي على مواقفها المتساهلة مع تل أبيب، أو المؤيدة لتجاوزاتها، مثل ألمانيا وهولندا.

لكن بعد أسابيع قليلة من هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أعقبه من رد إسرائيلي على قطاع غزة، بدأت تتبدّى علامات تغيير في الموقف الأوروبي من تل أبيب، ساعدت على ظهورها التصريحات التي كانت تصدر عن الإدارة الأميركية السابقة، داعية إلى احترام أحكام القانون الإنساني الدولي وقانون الحرب، والمواقف المنددة للأمم المتحدة وبعض وكالاتها المتخصصة والعديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية.

تصاعد الدخان شمالاً بينما كان الفلسطينيون يتنقلون مع متعلقاتهم الشخصية عبر جباليا فراراً من شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

فاتحة المواقف الأوروبية الجديدة كانت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسباني ونظيره البلجيكي إلى تل أبيب وغزة بعد شهر تقريباً على انطلاق الأعمال العسكرية الإسرائيلية في القطاع. آنذاك صدر عنهما تصريحات تتهم الجيش الإسرائيلي بعدم احترام أحكام القانون الدولي، واستهدافه المدنيين والبنى التحتية بشكل متعمد.

رسالة ثلاثية وتعليق مفاوضات

أما أحدث المواقف فمثلته بداية الرسالة التي وجهتها حكومات إسبانيا وبلجيكا وآيرلندا وسلوفينيا إلى رئيسة المفوضية الأوروبية تطلب منها إعادة النظر في اتفاقية الشراكة التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي بقيت طي التجاهل والنسيان بسبب من الضغوط التي كانت تمارسها العواصم الكبرى، خاصة باريس وبرلين، وأيضاً واشنطن.

ولقد عبّرت فرنسا، الثلاثاء، على لسان وزير الخارجية جان نويل بارو، عن أنها «تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل تحترم التزاماتها تجاه حقوق الإنسان» أم لا.

ومن خارج منظومة الاتحاد الأوروبي، وإن من داخل القارة، جاء القرار البريطاني، الثلاثاء، بتعليق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل، وفرض عقوبات جديدة على مستوطنين في الضفة الغربية احتجاجاً على ممارساتها في قطاع غزة. كذلك، أعلن وزير الخارجية ديفيد لامي أن وزارته استدعت السفيرة الإسرائيلية تسيبي هاتوفيلي رداً على «تكثيف إسرائيل غاراتها وتوسيع عملياتها العسكرية» في القطاع الفلسطيني المحاصر.

وقللت الحكومة الإسرائيلية من أهمية الإعلان البريطاني، قائلة إن الحكومة البريطانية الحالية لم تحرز أي تقدم على الإطلاق في المفاوضات.

وقالت الخارجية الإسرائيلية في بيان: «هذه الاتفاقية كانت ستخدم مصلحة البلدين على حد سواء. وإذا كانت الحكومة البريطانية... على استعداد لإلحاق الضرر بالاقتصاد البريطاني، فهذا قرارها وحدها».

إشارات لم تقرأها إسرائيل

بوادر التغيير العام في الموقف الأوروبي بدأت بإشارات ظهرت مطلع العام الحالي بعد التصريحات الإسرائيلية والأميركية حول تفريغ غزة من سكانها، وتهجيرهم أو نقلهم إلى البلدان المجاورة، أو أبعد منها، والمضي في سياسة قضم المزيد من أراضي الضفة الغربية.

في موازاة ذلك كانت «المحكمة الجنائية الدولية» قد أصدرت مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الأمر الذي أثار حرجاً كبيراً في العواصم الأوروبية، رغم أن بعضها مثل بودابست، قرر تحدي القرار، أو باريس ولندن اللتين أظهرتا مواقف مرتبكة ومراوغة أحياناً بشأن إمكانية اعتقال نتنياهو إذا قرر زيارة فرنسا أو بريطانيا.

مسيرة مؤيدة للفلسطينيين تسير من بنك إنجلترا إلى ساحة البرلمان للدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء حصار غزة خلال حدث «المسيرة الوطنية من أجل فلسطين» في لندن أول من أمس (إ.ب.أ)

غير أن هذه المواقف والتطورات لم تغيّر شيئاً في القراءة الإسرائيلية لسياسة الاتحاد الأوروبي، خاصة أن الإدارة الأميركية الجديدة كانت أعطتها الضوء الأخضر لمواصلة عملياتها في الأراضي الفلسطينية، لا بل إلى تصعيدها.

تغيير واضح بعد «عربات جدعون»

لكن في الأسابيع الأخيرة المنصرمة، وبعد إعلان حكومة نتنياهو عن إطلاق عملية «عربات جدعون»، وإعلان نيتها السيطرة على كامل قطاع غزة وتماديها في منع دخول المساعدات الغذائية والإنسانية إلى القطاع، بدأت تظهر علامات تغيير واضحة على مشهد العلاقات الإسرائيلية - الأوروبية، فيما كان فتور غير مسبوق ينسدل على العلاقات بين واشنطن وتل أبيب.

وفي حين كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يخصّ السعودية وقطر والإمارات بزيارته الأولى إلى الخارج، ويوقع شراكات استراتيجية معها، ويسقط إسرائيل من جولته الإقليمية، كانت العواصم الأوروبية ترفع الصوت مُنددة بسياسة حكومة نتنياهو، وتطلق تحذيرات غير معهودة باتجاه الدولة العبرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى العاصمة السعودية (أ.ب)

رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز طالب، الاثنين، بمنع إسرائيل من المشاركة في مهرجان الأغنية الأوروبية «يوروفيجن» على غرار ما حصل عندما طردت منه روسيا منذ ثلاث سنوات بعد غزو أوكرانيا.

كما أعلن من بغداد خلال مشاركته في القمة العربية أن إسبانيا ستطرح مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطلب تكليف محكمة العدل الدولية إصدار قرار بشأن رفض إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وأضاف أن حزبه سيدعم مشروع قانون في البرلمان لحظر بيع الأسلحة إلى إسرائيل.

وكان سانشيز أعلن منذ أيام، بعد إلغاء صفقة لشراء ذخائر من إسرائيل، أن بلاده «لا تتاجر مع دولة تمارس الإبادة الجماعية».

في موازاة ذلك، كانت الحكومة الإيطالية، التي ترأسها اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني، تتعرّض لضغوط متزايدة من المعارضة والكنيسة الكاثوليكية وحتى من حزب «فورزا إيطاليا» المشارك في الائتلاف الحكومي، إلى أن صدرت تصريحات بلسان وزير الخارجية أنطونيو تاجاني يدعو فيها إسرائيل إلى التراجع عن حملتها العسكرية الأخيرة والسماح بدخول المساعدات إلى القطاع.

تطور أعمق وأبعد تأثيراً

لكن التطور الأعمق والأبعد تأثيراً في الموقف الأوروبي جاء صباح الاثنين عندما صدر بيان مشترك عن حكومات فرنسا وبريطانيا وكندا، يطلب من إسرائيل أن «تضع حداً للعمليات الفاضحة في غزة»، ويهدد باتخاذ تدابير ملموسة في حال استمرار الهجوم على القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية والغذائية.

وجاء في البيان المشترك: «تعرّضت إسرائيل لهجوم مروّع في السابع من أكتوبر، وقد دعمنا دائماً حقها في الرد والدفاع عن مواطنيها ضد الإرهاب، لكن هذا التصعيد الأخير مبالغ فيه كلياً».

وتوعدت الحكومات الثلاث (الفرنسية والبريطانية والكندية) بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي في حال واصلت الحكومة الإسرائيلية عملياتها».

كما ندد البيان بالتصريحات «البغيضة» التي صدرت عن بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية، مؤكداً أن البلدان الثلاثة ستعمل مع السلطة الوطنية الفلسطينية في مؤتمر نيويورك، منتصف الشهر المقبل، للتوصل إلى توافق دولي بشأن حل الدولتين ومستقبل قطاع غزة استناداً إلى الخطة التي أقرتها القمة العربية.

كما جاء في البيان: «نحن عازمون على الاعتراف بالدولة الفلسطينية كمساهمة في التوصل إلى تحقيق حل الدولتين، وندعم جهود الوساطة التي تقوم بها الولايات المتحدة وقطر ومصر للتوصل إلى وقف إطلاق النار في القطاع، وتحرير جميع الرهائن، وإنهاء سيطرة (حماس) على غزة».

وجاءت ردة الفعل الإسرائيلية حتى الآن على هذه التطورات في الموقف الأوروبي مقتصرة التنديد واتهام الدول المعنية بأنها «تقدّم خدمة لـ(حماس)».

حسابات خاطئة

في الظاهر يبدو أن تل أبيب لم تتأثر كثيراً بالتحذيرات الأوروبية، التي انضمت إليها كندا للمرة الأولى، وبالمواقف المنددة، خاصة أنها ما زالت تحظى بدعم غير مشروط من بلدان مثل ألمانيا وإيطاليا والمجر، في الوقت الذي يواصل اليميني الأوروبي المتطرف صعوده في المشهد السياسي والاجتماعي.

لكن مسؤولاً أوروبياً رفيع المستوى يحذر من مغبّة الحسابات الإسرائيلية الخاطئة، لا سيما أن الجولة الخليجية التي قام بها الرئيس الأميركي مؤخراً تنذر بتغييرات جيوسياسية لن تكون في مصلحة الدول العبرية.

ماذا نعرف عن اتفاقية الشراكة الأوروبية - الإسرائيلية؟

بعد أربع سنوات من المفاوضات التي بدأت عام 1996، وقّع الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل اتفاقية شراكة دخلت حيّز التنفيذ عام 2000، وتتضمن مجموعة من المواثيق السياسية والتجارية، من شروطها الأساسية احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، وذلك على غرار الاتفاقيات الموقعة بين الاتحاد والبلدان المتوسطية الأخرى.

لكن بعد التطورات الأخيرة في قطاع غزة، لم تعد إسبانيا وآيرلندا وحدهما اللتين تعتبران أن حكومة نتنياهو لا تحترم شروط هذه الاتفاقية، بل انضمت إليهما هولندا وفرنسا والسويد والبرتغال وسلوفينيا وفنلندا وبلجيكا ولوكسمبورغ.

فلسطينيون قرب جثامين أقارب لهم قُتلوا في غارات إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

الأغلبية السياسية المطلوبة لتعليق الاتفاقية وفقاً لقواعد الاتحاد ما زالت بعيدة المنال، لكن التغيير الذي طرأ مؤخراً على المشهد الأوروبي يفرض على الحكومة الإسرائيلية التأمل كحد أدنى.

ويبدو أن الدول المؤيدة لإعادة النظر في الاتفاقية، أو تعليقها، باتت قاب قوسين من 14 دولة، وهي الأكثرية اللازمة لإجبار المفوضية على التحرك لتقول إذا كانت ستعيد النظر في الاتفاقية، أو لماذا لن تعيد النظر. وفي ذلك رسالة سياسية قوية إلى إسرائيل، مفادها أن الأمور لا يمكن أن تستمر على ما كانت عليه، خاصة أن 22 من وزراء خارجية الاتحاد وقعوا، الأحد، بياناً مشتركاً صدر عن مسؤولة السياسة الخارجية وعدد من المفوضين، يطالب إسرائيل باستئناف المساعدات الإنسانية فوراً ومن غير شروط إلى غزة .

والاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لإسرائيل التي تشكّل صادراتها إلى بلدان الاتحاد 28 في المائة من مجموع صادراتها، فيما تستورد إسرائيل من الاتحاد 32 في المائة من احتياجاتها، وقد بلغت قيمة المبادلات التجارية بين الطرفين 42.6 مليار يورو، العام الماضي.


مقالات ذات صلة

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
المشرق العربي المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

قالت عائلة معتقل فلسطيني مسن من قياديي حركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب) play-circle

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
المشرق العربي ياسر أبو شباب في صورة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية (أرشيفية)

خليفة «أبو شباب» يتعهد بمواصلة مقاومة «حماس»

أكدت «القوات الشعبية» التي كان يتزعمها ياسر أبو شباب، مقتله خلال محاولته فض نزاع عائلي، مشددةً على أنه لم يكن لحركة «حماس» أي علاقة بظروف مقتله.

«الشرق الأوسط» (غزة)

5 نقاط أساسية عن معبر رفح بين غزة ومصر

شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
TT

5 نقاط أساسية عن معبر رفح بين غزة ومصر

شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)
شاحنة محملة بمواد غذائية تنتظر في الجانب المصري الحصول على تصريح إسرائيلي لدخول قطاع غزة عبر معبر رفح في 27 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

أبدت مصر وقطر وست دول أخرى، الجمعة، قلقها حيال إعلان إسرائيل نيتها فتح معبر رفح في اتجاه واحد للسماح حصراً بخروج سكان غزة إلى مصر.

وكانت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) أعلنت، الأربعاء، أن معبر رفح سيفتح «في الأيام المقبلة» للسماح حصراً بخروج سكان غزة إلى مصر. لكن القاهرة نفت وجود اتفاق يسمح بعبور السكان في اتجاه واحد.

فيما يأتي خمس نقاط أساسية ينبغي معرفتها عن معبر رفح.

1 - نقطة عبور حيوية:

يعدّ معبر رفح نقطة عبور حيوية لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، ولا سيما الغذاء والوقود لإمداد القطاع المحروم من الكهرباء بالطاقة.

ولفترة طويلة، كان المعبر أيضاً نقطة الخروج الرئيسية للفلسطينيين الذين يُسمح لهم بمغادرة القطاع الصغير الذي تحاصره إسرائيل منذ عام 2007.

بين 2005 و2007 كان معبر رفح أول منفذ حدودي فلسطيني تديره السلطة الفلسطينية إلى أن تحول رمزاً لسيطرة حركة «حماس» على القطاع بعد فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، ثم توليها السلطة إثر مواجهات مع حركة «فتح».

2 - سيطرة إسرائيلية:

في 7 مايو (أيار) 2024، سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من المعبر، مدعياً أنه «يُستخدم لأغراض إرهابية»، وسط شكوك في تهريب الأسلحة.

منذ ذلك الحين، أُغلقت معظم نقاط العبور إلى غزة بما فيها تلك التي تستخدمها الأمم المتحدة.

وأُعيد فتح المعبر لفترة وجيزة خلال وقف إطلاق نار قصير بين إسرائيل و«حماس» في 19 يناير (كانون الثاني)، ما سمح بمرور بعض الأفراد المصرّح لهم، ومرور الشاحنات.

3 - هل يُفتح مجدداً؟

في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، دخل اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ بوساطة أميركية - مصرية - قطرية.

فلسطينيون يحملون جوازات سفر أجنبية يغادرون قطاع غزة إلى مصر عبر معبر رفح في 19 نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

حينذاك، تحدث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عن خطط لإعادة فتح المعبر، في حين أكد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه سيظل مغلقاً «حتى إشعار آخر».

وفي بداية ديسمبر (كانون الأول)، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن معبر رفح سيفتح في «الأيام المقبلة» للسماح حصراً بخروج سكان غزة إلى مصر، فيما نفت الأخيرة وجود اتفاق يسمح بعبور السكان في اتجاه واحد.

وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) إنه «وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وتوجيه من المستوى السياسي، سيفتح معبر رفح في الأيام المقبلة بشكل حصري لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر».

في المقابل، أكدت مصر، على لسان «مصدر مسؤول»، أنه «إذا تم التوافق على فتح المعبر، فسيكون العبور منه في الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب».

وأوضحت «كوغات» أن المعبر سيعمل تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية، «على غرار الآلية التي كانت سارية في ديسمبر 2025».

وتنص خطة ترمب، التي تعدّ أساس اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، على أن يعاد فتح معبر رفح للسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

لكن منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، تماطل السلطات الإسرائيلية في فتح المعبر، متهمة «حماس» بتعطيل الاتفاق لعدم تسليمها جميع جثث الرهائن التي ما زالت داخل القطاع.

4 - معبر كرم أبو سالم:

عادة ما تصل المساعدات الدولية إلى مصر عبر ميناءي بورسعيد والعريش على البحر المتوسط، ومنهما إلى الجانب المصري من معبر رفح.

ووفقاً لشهادات سائقي شاحنات المساعدات، يتم توجيه الشاحنات فور عبورها حاجز رفح جنوباً إلى معبر كرم أبو سالم على بعد بضعة كيلومترات.

وهناك، يترجل السائقون تاركين الشاحنات لتفتيش دقيق يُجرى بعده إفراغ الحمولات التي حصلت على الموافقة الإسرائيلية، ثم يعاد تحميلها على مركبات أخرى مُصرّح لها بدخول غزة.

5 - معابر أخرى:

ينص اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعاه ترمب على دخول 600 شاحنة مساعدات إلى غزة يومياً.

ولكن ما زالت إسرائيل تسمح بدخول أعداد أقل مما ورد في الاتفاق، معظمها عبر معبر كرم أبو سالم والباقي عبر معبر كيسوفيم، وفقاً للأمم المتحدة.

وكان قد تم تدمير معبر بيت حانون الواقع بين غزة وجنوب إسرائيل في أثناء هجوم «حماس» على الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأعيد فتحه لفترة وجيزة مطلع عام 2025، غير أنه أغلق مجدداً حتى إشعار آخر.

وهناك نقاط عبور أخرى بين قطاع غزة وإسرائيل كانت تعمل حتى قبل بدء الحرب، ولم تعلن السلطات الإسرائيلية بعد ما إذا كانت تعتزم معاودة فتحها.


مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
TT

مخاوف على حياة معتقل فلسطيني مسن بعد تحويله للاعتقال الإداري في إسرائيل

المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)
المعتقل الفلسطيني محمد أبو طير (القدس)

قالت عائلة المعتقل الفلسطيني المسن من قياديي حركة «حماس» محمد أبو طير، اليوم (الجمعة)، إنها تخشى على حياته بعد اعتقاله مجدداً قبل أيام عدة وتحويله للاعتقال الإداري، وفق ما نشرت «رويترز».

وقال مصعب نجل محمد أبو طير (75 عاماً): «داهمت قوات إسرائيلية منزل العائلة في قرية دار صلاح شرق بيت لحم قبل الفجر منذ نحو ثلاثة أسابيع واعتقلت والدي الذي أمضى ما مجموعه 44 عاماً في سجون الاحتلال».

وأضاف لـ«رويترز» عبر الهاتف: «يعاني والدي من أمراض السكري والضغط والصدفية ولا نعلم إن كان يحصل على دوائه أم لا ولا نعرف سبب اعتقاله».

وأوضح مصعب أبو طير أن تحويل والده للاعتقال الإداري لأربعة أشهر يعني أن إسرائيل لم تجد تهماً توجهها إلى والده. وقال: «هذه المرة الأوضاع في السجون الإسرائيلية صعبة جداً ووضع والدي الصحي لا يتحمل هذه الظروف».

وتستخدم إسرائيل قانوناً بريطانياً قديماً يتيح لها اعتقال الفلسطينيين من دون محاكمة بين ثلاثة وستة أشهر قابلة للتجديد بدعوى وجود ملف أمني سري للمعتقل.

ولم يصدر بيان من الجهات الإسرائيلية ذات الصلة عن أسباب اعتقال أبو طير.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان: «قرار الاحتلال بنقل المعتقل الإداري المقدسي والمسنّ محمد أبو طير إلى قسم ركيفت الواقع تحت الأرض في سجن نيتسان بالرملة، هو قرار إعدام بحقه». وعاودت إسرائيل فتح ركيفت بعد الحرب للزج بمعتقلي غزة فيه.

وأضاف النادي في بيانه: «أبو طير هو نائب سابق (في المجلس التشريعي الفلسطيني)، وقد قرر الاحتلال إبعاده عن القدس إلى جانب مجموعة من النواب المقدسيين كما أقدم الاحتلال لاحقاً على سحب هويته المقدسية».

وفاز أبو طير في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، وحصلت حركة «حماس»، التي شاركت فيها للمرة الأولى، على أغلبية مقاعد المجلس.

وتشير الإحصاءات الفلسطينية الرسمية إلى أن عدد المعتقلين إدارياً من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ 3368 حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وحذرت الرئاسة الفلسطينية «من خطورة ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمسّ كرامتهم الإنسانية وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة».

واستنكرت الرئاسة في بيان لها اليوم «بشكل خاص ما يتعرض له القائد الأسير مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجون الاحتلال».


«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

«أونروا»: تمديد الأمم المتحدة عمل الوكالة يعكس تضامناً عالمياً مع اللاجئين الفلسطينيين

خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
خيام تؤوي النازحين الفلسطينيين وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم (الجمعة)، على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات إضافية، في خطوة قال مفوض الوكالة، فيليب لازاريني، إنها تعكس تضامناً عالمياً واسعاً مع اللاجئين الفلسطينيين.

وقال لازاريني، في منشور على «إكس»، إن قرار الأمم المتحدة «هو أيضاً إقرار بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات الإنسانية والتنموية للاجئي فلسطين، إلى حين التوصُّل إلى حل عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود».

وزعمت إسرائيل، أوائل العام الماضي، أن 12 من موظفي «أونروا» شاركوا في الهجوم الذي شنَّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وأشعل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؛ مما دفع دولاً عدة، من بينها الولايات المتحدة إلى تعليق تمويل الوكالة.

وخلصت مراجعة، صدرت في وقت لاحق من ذلك العام أجرتها مجموعة عمل أممية، إلى أن إسرائيل لم تقدِّم أدلةً على مزاعمها بأنَّ موظفين في «أونروا» أعضاء في جماعات إرهابية.

وتأسست «أونروا» في 1949 بعد إعلان قيام إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في العام السابق، وتقدم خدمات تعليمية وصحية، ومساعدات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا.