«سد تشرين» وسط مفاوضات دمشق - «قسد»

يرسم معالم التفاوض والاقتتال في الشمال السوري

سد تشرين يقع بريف محافظة حلب الشرقي ويُعدّ ثالث أكبر سد بالشمال السوري (أرشيفية)
سد تشرين يقع بريف محافظة حلب الشرقي ويُعدّ ثالث أكبر سد بالشمال السوري (أرشيفية)
TT
20

«سد تشرين» وسط مفاوضات دمشق - «قسد»

سد تشرين يقع بريف محافظة حلب الشرقي ويُعدّ ثالث أكبر سد بالشمال السوري (أرشيفية)
سد تشرين يقع بريف محافظة حلب الشرقي ويُعدّ ثالث أكبر سد بالشمال السوري (أرشيفية)

عادَ الحديث عن سد تشرين، وهذه المرة من بوابة المفاوضات ورسم حدود السيطرة والاقتتال بين الجهات المتحاربة بالريف الشرقي لمحافظة حلب، شمال سوريا، حيث تضاربت الأنباء حول اتفاق إدارة السد بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، والذي يقضي بتحييد هذه المحطة الحيوية ونزع فتيل التوتر ومنع التصعيد.

وفي الوقت الذي نفى فيه مسؤول كردي وجود أي اتفاق مبدئي حول تسليم إدارة السد لجهة مدنية محايدة، يسبقه انسحاب جميع الجهات العسكرية، أكد مدير الأمن العام في حلب المقدم محمد عبد الغني أن اتفاق حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، «يسري على جميع جغرافية هذه المحافظة، وخطوة تمهيدية لتنفيذ اتفاق شامل على أرض الواقع»، على أن تشمل شطري ريفها الشرقي والشمالي، بما فيها منطقة سد تشرين ومدينة عفرين ذات الغالبية الكردية.

لافتة مرورية تشير إلى العاصمة دمشق ومدينة حلب ثاني كبرى مدن سوريا (الشرق الأوسط)
لافتة مرورية تشير إلى العاصمة دمشق ومدينة حلب ثاني كبرى مدن سوريا (الشرق الأوسط)

إدارة محايدة

بثت وكالة «هاوار» الكردية للأنباء المقربة من الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا صوراً ومقاطع فيديو على موقعها الرسمي، الجمعة، تظهر استمرار الاحتجاجات في محيط سد تشرين على أنها دخلت شهرها الرابع، بعد توافد أهالي مناطق الإدارة للمشاركة بالاحتجاجات المتواصلة منذ 8 من ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، ضد ما وصفتها بـ«هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته وحماية السد من الانهيار»، تزامنت مع وصول قافلة مدنية جديدة من مقاطعات الطبقة، والرقة وريف دير الزور إلى السد للانضمام إلى الاحتجاجات.

غير أن وسائل إعلام سورية أفادت بعقد اتفاق بين حكومة دمشق وقيادة «قسد» لتحييد منطقة سد تشرين بريف حلب، وتسليم إدارتها لجهة مدنية خاصة من دون أي تواجد عسكري لأي طرف على الأرض، على أن يتم تنفيذ الاتفاق بشكل ضمني خلال الفترة المقبلة في سياق منع أي تصعيد ميداني أو مواجهات عسكرية محتملة، في هذه المنطقة التي تشهد مواجهات بين فصائل مسلحة موالية لتركيا؛ وقوات «قسد» منذ 5 أشهر، في محاولة لنزع فتيل التوتر وخلق حالة من الاستقرار في محيط السد.

وأكد مصدر كردي مطلع على سير المحادثات بين دمشق وسلطات الإدارة عدم وجود أي اتفاق حول إدارة سد تشرين، وقال لـ«الشرق الأوسط» شريطة عدم ذكر اسمه أو منصبه؛ لحساسية المفاوضات بين الجانبين: «لا يوجد أي اتفاق نهائي حتى تاريخه، لكن الحوارات مستمرة ومطلوب من جميع الجهات التهدئة ووقف التصعيد، لخلق مناخات بناء الثقة وتطبيق البنود المتفق عليها في اتفاق حيي الشيخ مقصود والأشرفية».

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية (أرشيفية - أ.ب)
الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية (أرشيفية - أ.ب)

تفاءل مشوب بالحذر

هذا، ودخل اتفاق حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب حيز التنفيذ وتطبيق أولى مراحله بتبادل 240 أسيراً أفرج عنهم، الخميس، بين حكومة دمشق وقوات «قسد» تطبيقاً لبنود الاتفاق الذي جرى توقيعه في الأول من الشهر الحالي، ليصار انسحاب القوات العسكرية التابعة لـ«قسد» من الحيين إلى مناطق سيطرتها شرقي الفرات.

وذكر محمد عبد الغني،، مدير إدارة الأمن العام في محافظة حلب، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن عملية تبييض السجون بدأت فعلياً الخميس على أن يتم إطلاق سراح باقي الموقوفين لدى الأمن العام على دفعات، وقال: «تليها عملية سحب القوات العسكرية، ونحن متفائلون بأن جميع الجهات ستلتزم بالاتفاقية ولن تكون هناك أي خروق».

وأشار هذا المسؤول الأمني إلى أن الاتفاق المذكور يعدّ الخطوة العملية الأولى لتنفيذ اتفاقات مماثلة شاملة على أرض الواقع، وأكد أن «الاتفاق لا يشمل الحيين فقط، وإنما مناطق شرق حلب أيضاً»، في إشارة إلى منطقة سد تشرين وبلدتي الخنفسة ودير حافر بالريف الشرقي لحلب، وهذه المناطق شهدت توتراً عسكرياً وهجمات منذ سقوط النظام السابق نهاية العام الماضي.

وكان بدران جيا كرد، مستشار الإدارة الذاتية، قد صرح لـ«الشرق الأوسط» الأربعاء الماضي، بأن اتفاق أحياء حلب يُعدّ مرحلة أولى لخطة أشمل، تهدف إلى ضمان عودة آمنة لمهجري مدينة عفرين بريف المحافظة الشمالي، بعد خضوع هذه المدينة الكردية لسيطرة فصائل مسلحة موالية لتركيا بموجب عملية عسكرية تركية (غصن الزيتون) شنتها أنقرة في مارس (آذار) 2018.

أهالي مدن ومناطق من أرياف محافظتي الرقة ودير الزور يحتجّون في محيط سد تشرين (الشرق الأوسط)
أهالي مدن ومناطق من أرياف محافظتي الرقة ودير الزور يحتجّون في محيط سد تشرين (الشرق الأوسط)

في حين شدّد محمد عبد الغني، خلال حديثه، على أن الشعب الكردي جزء من سوريا ومكون أصيل ولديهم علاقات وشراكات قديمة في العمل، «وبناءً على ذلك؛ فمن الواجب على الدولة الجديدة تنظيم شؤونهم والحفاظ على خصوصيتهم وثقافتهم وإشراكهم في جوانب الحياة بصفتهم مواطنين سوريين».

أهمية سد تشرين

منذ منتصف 2016 وبعد تحرير مدينة منبج الواقعة بريف حلب الشرقي من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي، تخضع منطقة سد تشرين لسيطرة قوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة، وتغذي مناطق واسعة من ريف حلب والرقة بالمياه العذبة وخدمة الكهرباء، وبعد سقوط النظام المخلوع تحولت هذه المنطقة جبهة معارك ساخنة تطلَق عليها القذائف والصواريخ والضربات الجوية، وباتت نقطة تماس تفصل حدود ومناطق سيطرة فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالية لتركيا، وقوات «قسد».

تكمن الأهمية الاستراتيجية لهذا السد في بحيرته الضخمة، حيث تحتوي على كميات كبيرة من المياه العذبة المجمعة من نهر الفرات، حجم التخزين لبحيرة السد نحو 1.9 مليار م3، وهي واحدة من أكبر البحيرات الاصطناعية في سوريا ومنطقة السد تتراوح مناسيبها بين 400 و600 متر عن سطح البحر.

كما تعد ثالث أكبر محطة لتوليد الكهرباء بعد سد الطبقة بريف الرقة والمحطة الحرارية بحلب، وتعدّ مصدراً رئيسياً للطاقة الكهرومائية، كما توفر البحيرة مياهاً لري الأراضي الزراعية في محطيها، وتحتوي على 6 مجموعات توليد استطاعة كل منها 105 ميغاواط، وباستطاعة إجمالية للمحطة 630 ميغاواط.


مقالات ذات صلة

وزير الداخلية السوري يكشف عن خطط وزارته

المشرق العربي تخريج دفعة جديدة من طلاب كلية الشرطة في محافظة دمشق مارس الماضي (سانا)

وزير الداخلية السوري يكشف عن خطط وزارته

سابقة في تاريخ سوريا أن يتحدث مسؤول أمني كبير في الحكومة السورية للرأي العام، ويكشف عن برنامج أعمال وزارته

سعاد جروس (دمشق )
العالم جنود من القوات الأميركية في ريف دير الزور بسوريا (أرشيفية - الشرق الأوسط)

أميركا تبدأ سحب قواتها من ريف دير الزور شرق سوريا

بدأت القوات الأميركية الموجودة في محافظة دير الزور شرق سوريا سحب عدد من قواتها من حقل «كونيكو» للغاز باتجاه محافظة الحسكة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا أبو الغيط خلال إلقاء كلمته أمام اجتماع «لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك» في تونس (جامعة الدول العربية)

تنسيق عربي لدعم مشاريع إعادة إعمار غزة وسوريا

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن أزمات الإقليم «تفرض تحديات صعبة ومعقدة».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في ملتقى السليمانية (الشرق الأوسط)

السوداني: الشرع مرحب به في بغداد

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني نيته الترشح للانتخابات المقبلة، في حين أكد توجيه دعوة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية في بغداد.

حمزة مصطفى (السليمانية)
العالم العربي من داخل غرفة العمليات خلال يومها الثاني ضمن المشروع الطبي التطوعي لجراحة وقسطرة القلب في سوريا بمساهمة سعودية (حساب جمعية البلسم على إكس)

مشروع تطوّعي سعودي لإنقاذ «قلوب السوريين» عبر نحو 100 عملية جراحية

وصل إلى مطار دمشق الدولي، الثلاثاء، الوفد الطبي التطوعي التابع لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، المؤلف من 24 متطوعاً من مختلف التخصصات الطبية،…

غازي الحارثي (الرياض)

بيروت تنفض عنها غبار «الصور السياسية»

إزالة صورة للقيادي في «حماس» صالح العاروري (بلدية بيروت)
إزالة صورة للقيادي في «حماس» صالح العاروري (بلدية بيروت)
TT
20

بيروت تنفض عنها غبار «الصور السياسية»

إزالة صورة للقيادي في «حماس» صالح العاروري (بلدية بيروت)
إزالة صورة للقيادي في «حماس» صالح العاروري (بلدية بيروت)

بدأت بيروت نفض غبار «الصور السياسية» عن شوارعها، حيث انطلقت عملية إزالة الأعلام والصور والشعارات الحزبية من جميع الشوارع والأحياء، وصولاً إلى مطار رفيق الحريري الدولي، تنفيذاً لتعليمات وزير الداخلية أحمد الحجار، ومحافظ بيروت مروان عبود.

وأوضح وزير الداخلية والبلديات اللبناني أحمد الحجار، لـ«الشرق الأوسط»، أن عملية إزالة الصور والشعارات «تأتي ضمن خطة الحكومة الشاملة لتحسين صورة لبنان تجاه الوافدين من لبنانيين وأشقاء وأصدقاء، ولتنشيط السياحة في لبنان».

وتزامن ذلك مع إجراءات أمنية وتجميلية لطريق المطار، في مشروع أطلقه رئيس الحكومة نواف سلام، لإعادة تأهيله، عادّاً «تعزيز أمن طريق المطار أولوية». وقال وزير النقل فايز رسامني، إن مشروع تطوير طريق المطار «لا يقل أهمية عن تطوير المطار نفسه».