وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو... خصم الجزائر في الأزمة الدبلوماسية

تتهمه باستهداف مهاجريها «بحثاً عن مكاسب انتخابية»

وزير الداخلية الفرنسي (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)
وزير الداخلية الفرنسي (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)
TT
20

وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو... خصم الجزائر في الأزمة الدبلوماسية

وزير الداخلية الفرنسي (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)
وزير الداخلية الفرنسي (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

يحرص كبار المسؤولين بالجزائر في تعاملهم مع الأزمة الدبلوماسية الخطيرة التي يواجهونها حالياً مع فرنسا، على التفريق بين وزير الداخلية برونور ريتايو، رمز «صقور» اليمين المعادي للجزائر في نظرهم، والرئيس إيمانويل ماكرون الذي يرغب في تهدئة التوترات بين البلدين، خصوصاً أنه اتخذ خطوات إيجابية في «ملف الذاكرة» خلال السنوات الأخيرة.

وعبّرت «وكالة الأنباء الجزائرية» الرسمية عن هذه النظرة بوضوح، عندما تساءلت: «هل هي حرب معلنة بين رئيس الجمهورية الفرنسية ووزير داخليته بخصوص الجزائر؟».

وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو (رويترز)
وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو (رويترز)

وجاء هذا التساؤل في مقال أكدت فيه «الوكالة» أن ريتايو، الذي وصفته بـ«الحاقد»، أمر شرطة الحدود بمطار باريس بمنع دخول زوجة السفير الجزائري لدى مالي، من دون ذكر متى وقعت الحادثة، مبرزة أنها تملك وثائق إقامة في فرنسا وبطاقة ائتمان، وأن سبب المنع هو أنها «لا تملك مالاً» يسمح لها بالإقامة هناك. ووفق «الوكالة» نفسها، فقد «جعل وزير الداخلية الفرنسي من الجزائر برنامجه الأوحد والوحيد، وقرر اتباع سياسة القطيعة مع الجزائر، وهو ما يعارض مواقف رئيسه».

يذكر أن شرطة الحدود في المطار نفسه، رفضت الشهر الماضي دخول مدير الديوان لدى الرئاسة سابقاً عبد العزيز خلاف، بناء على لائحة أعدتها وزارة الداخلية تتضمن أسماء المسؤولين الجزائريين «غير المرغوب فيهم بفرنسا». ولا يعرف بالتحديد من هم ولا عددهم.

وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان لوي باور، صرّح الأسبوع الماضي بأن حكومته قررت رفض دخول «بعض وجهاء النظام الجزائري» إلى فرنسا، بوصف ذلك وسيلة للضغط عليها في ملفين: التخلي عن رفضها تسلم رعايا جزائريين محل قرارات بالطرد من فرنسا. والإفراج عن الكاتب مزدوج الجنسية بوعلام صنصال المسجون منذ نحو 4 أشهر.

الكاتب بوعلام صنصال في قلب التوترات بين الجزائر وفرنسا (أ.ف.ب)
الكاتب بوعلام صنصال في قلب التوترات بين الجزائر وفرنسا (أ.ف.ب)

وقال مسؤول جزائري تحدث لـ«الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم الكشف عن اسمه: «نحن لا نشك مطلقاً في أن رموز اليمين المتطرف باتوا يسيطرون على القرار السياسي الفرنسي، كما أننا نعتقد أن وزير الداخلية برونو ريتايو يشتغل وفق أجندة هذا اليمين، مستفيداً من ضعف الرئيس ماكرون سياسياً في الوقت الحالي، وتحسباً لانتخابات الرئاسة المقبلة، حيث يشعر اليمين الفرنسي المتطرف بأن ساعته حانت ليأخذ الرئاسة».

وأكد المسؤول ذاته أن «اليمين العنصري في فرنسا لن يجد أفضل من تعليق أزمات فرنسا الداخلية على شماعة الجزائر ومهاجريها، ليحصد أكبر عدد من الأصوات في الاستحقاقات المقبلة»، مبرزاً أن الرئيس الفرنسي «على عكس وزير داخليته وعدد من الوزراء، أظهر إرادة في وضع حد لهذه الأزمة»، التي اندلعت خلال يوليو (تموز) 2024 عندما احتجت الجزائر بشدة على قرار «الإليزيه» دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي للصحراء.

وإلى جانب «حادثة منع زوجة السفير من دخول التراب الفرنسي»، كشف الممثل الخاص لوزير الداخلية في قضايا الهجرة، باتريك ستيفاني، في مقابلة مع مجلة «باريس ماتش» نشرت السبت، عن أداة ضغط جديدة يعتزم ريتايو استخدامها ضد الجزائر، فهو يخطط، وفقه، لاستهداف تسوية أوضاع الجزائريين من خلال قائمة المهن التي تعاني من نقص العمالة، التي ستعتمد عليها الحكومة لدراسة إمكانية تسوية أوضاع العمال غير النظاميين.

مسافرون جزائريون في «مطار شارل ديغول» أكدوا أنهم يتعرضون لمضايقات كثيرة (صحيفة الوطن الجزائرية)
مسافرون جزائريون في «مطار شارل ديغول» أكدوا أنهم يتعرضون لمضايقات كثيرة (صحيفة الوطن الجزائرية)

وأكد ستيفاني أن وزيري الداخلية والعمل يعتزمان إدخال تحديث على لائحة المهن التي تشهد نقصاً، ولن يستفيد المواطنون الجزائريون منه، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة فرنسوا بايرو «منح السلطات الجزائرية مهلة من 4 إلى 4 أسابيع، لاستعادة رعاياها المقيمين بطريقة غير نظامية في فرنسا». وهو إنذار رفضته الجزائر «بشكل قاطع»، يوم الخميس الماضي، عبر بيان من وزارة الخارجية.

زيادة على هذه التطورات، نشرت صحيفة «لاتريبيون» الفرنسية، الأحد، وثيقة نسبتها إلى «مصالح وزير الداخلية» تفيد بأنه يعتزم استدعاء نحو 20 قنصلاً جزائرياً لدى فرنسا، إلى وزارتَي الخارجية والداخلية، لـ«تذكيرهم بشروط (اتفاق 1994) بين البلدين بشأن إعادة قبول الرعايا المرحلين». وأبرزت الوثيقة أن ريتايو ينوي فتح نزاع دولي بشأن ما يُسمى «انتهاك الجزائر تعهداتها». وكان صرّح في يناير (كانون الثاني) الماضي بأن الجزائر «تريد إذلال فرنسا» بعدما أعادت مؤثراً يُدعى «دوالمن» في الطائرة التي جاءت به من باريس، حيث أُبعد بتهمة «التحريض على العنف».


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا بقايا المسيرة بعد تحطيمها (المعارضة المالية المسلحة)

الجزائر تحمل بشدة على جيرانها في الساحل بسبب «قضية إسقاط المسيَّرة»

الحكومة الانتقالية في مالي وجهت اتهامات خطيرة إلى الجزائر ترفضها بقوة، وهي محاولات يائسة تتجلى في مختلف السلوكات المغرضة التي لا أساس لها من الصحة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا محكمة فرنسية (أرشيفية - متداولة)

محكمة فرنسية تقضي بسجن جزائري مدى الحياة لإدانته بتفجير عبوة في 2019

قضت محكمة فرنسية، الاثنين، بالسجن المؤبد في حق جزائري مؤيد لـ«داعش»، بعد إدانته بمحاولة القتل عبر تفجير عبوة ناسفة أسفر عن إصابة 13 شخصاً بجروح.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا 
من استقبال الرئيس تبون للوزير الفرنسي والوفد المرافق له (أ.ف.ب)

الجزائر وفرنسا تطويان صفحة التوتر

طوى الجزائريون والفرنسيون صفحة التوتر بينهما، والأزمة الخطيرة التي مرت بها العلاقات الثنائية منذ اعتراف باريس بـ«مغربية الصحراء»، في نهاية يوليو (تموز) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي (أ.ف.ب)

إقرار صلح بين الجزائر وباريس بعد توترات لامست القطيعة

جرى، الأحد، إقرار صلح بين الجزائر وفرنسا، تبعاً لما اتفق عليه تبون وماكرون، خلال اتصال هاتفي، يوم 31 مارس (آذار) الماضي، حيث أكدا «قوة الروابط بين البلدين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

احتجاجات ترافق الجلسة الثانية لقضية «التآمر على أمن تونس»

من احتجاجات عشرات النشطاء وأهالي السجناء السياسيين التونسيين أمام محكمة تونس العاصمة (أ.ف.ب)
من احتجاجات عشرات النشطاء وأهالي السجناء السياسيين التونسيين أمام محكمة تونس العاصمة (أ.ف.ب)
TT
20

احتجاجات ترافق الجلسة الثانية لقضية «التآمر على أمن تونس»

من احتجاجات عشرات النشطاء وأهالي السجناء السياسيين التونسيين أمام محكمة تونس العاصمة (أ.ف.ب)
من احتجاجات عشرات النشطاء وأهالي السجناء السياسيين التونسيين أمام محكمة تونس العاصمة (أ.ف.ب)

تجمع عشرات النشطاء وأهالي السجناء السياسيين التونسيين الموقوفين في قضية «التآمر على أمن الدولة» أمام محكمة تونس العاصمة، الجمعة، للاحتجاج ضد إجراءات المحاكمة. وكانت هيئة الدفاع عن الموقوفين القابعين في السجن منذ أكثر من عامين، قد أعلنوا مقاطعتهم للجلسة المقررة الجمعة، بعد جلسة أولى في الرابع من مارس (آذار) الماضي.

المحامية دليلة بن مبارك ترفع شارة النصر أمام باب المحكمة (أ.ف.ب)
المحامية دليلة بن مبارك ترفع شارة النصر أمام باب المحكمة (أ.ف.ب)

وبحسب ما أورده تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، فقد رفع المحتجون صور الموقوفين، ورددوا شعارات تطالب بتوفير شروط المحاكمة العادلة. ودخل ستة من بين الموقوفين في إضراب عن الطعام، الأربعاء. في حين رفض السجناء قرار المحكمة إجراء جلسات المحاكمة عن بُعد، عبر تقنية الفيديو. كما رفض معظمهم حضور الجلسة الأولى قبل شهر من إيقافهم في سجن المرناقية.

وقال رياض الشعيبي، السياسي المعارض والمستشار لزعيم حزب «حركة النهضة الإسلامية» راشد الغنوشي، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «نرفض قرار المحكمة تمديد المحاكمة عن بُعد. هذه محاكمة سياسية». من جانبه، قال أيضاً الناشط السياسي المعارض عز الدين الحزقي، والد القيادي البارز بـ«جبهة الخلاص الوطني» الموقوف جوهر بن مبارك: «نرفض محاكمة دون حضور السياسيين. ونحن نطالب بأبسط حقوق المحاكمة العادلة». ويلاحق في قضية «التآمر على أمن الدولة» 40 شخصاً، من بينهم قياديون بارزون من المعارضة، من «جبهة الخلاص الوطني»، و«حركة النهضة الإسلامية»، بالإضافة إلى سياسيين مستقلين. وفيما ينفي الموقوفون التهم الموجهة إليهم، يتهم الرئيس قيس سعيّد الذي سيطر على الحكم بشكل كامل منذ 2021، خصومه من المعارضة بمحاولات تفكيك مؤسسات الدولة، والتخابر مع جهات خارجية. في حين تقول المعارضة إن التهم الموجهة للسياسيين الموقوفين «سياسية» ومفتعلة.

وعززت الشرطة الرقابة عند مدخل مقر المحكمة الابتدائية في تونس، من خلال حماية أمنية مشددة، وفقاً لصحافية من «وكالة الصحافة الفرنسية». وتُعقد هذه المحاكمة، بحسب منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في «سياق قمعي استفاد منه الرئيس (قيس) سعيّد باستغلال النظام القضائي التونسي لمهاجمة المعارضين السياسيين». وقرّرت السلطات القضائية منذ الجلسة الأولى لهذه القضية الاستثنائية، في 4 من مارس الماضي، أنه سيتم محاكمة المتهمين الموقوفين عن بُعد. ومن بين المتهمين مسؤولون في أحزاب، ومحامون، وشخصيات في مجال المال والأعمال والإعلام، ويلاحق ما مجموعه نحو أربعين شخصاً بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي»، والانتماء إلى «تنظيمات إرهابية».

رئيس «جبهة الخلاص» أحمد نجيب الشابي أمام المحكمة (أ.ف.ب)
رئيس «جبهة الخلاص» أحمد نجيب الشابي أمام المحكمة (أ.ف.ب)

واعتبر رئيس «جبهة الخلاص» (الائتلاف المعارض)، أحمد نجيب الشابي، في رسالة الخميس، أن هذه الاتهامات التي قد تصل عقوباتها إلى السجن مدى الحياة والإعدام «ملفها قد خلا مطلقاً من كل ما يمكن أن يوحي بأن أياً من المتهمين قد فكر في القيام بأي من هذه الجرائم، فضلاً عن أن يكون قد اتفق مع أي من المتهمين على ارتكابها». ومن بين الاتهامات الأخرى الموجهة إلى عدد من الموقوفين، وفقاً للدفاع، إقامة اتصالات تعتبر مشبوهة مع دبلوماسيين.

الصحافية والحقوقية شيماء العيسى خلال الوقفة الاحتجاجية أمام باب المحكمة (أ.ف.ب)
الصحافية والحقوقية شيماء العيسى خلال الوقفة الاحتجاجية أمام باب المحكمة (أ.ف.ب)

ومنذ قرّر سعيّد في صيف عام 2021 احتكار كل السلطات في البلاد، ندد ناشطون حقوقيون ومعارضون بتراجع الحقوق والحريات في البلاد التي كانت تعتبر منطلقاً لما عُرف بـ«الربيع العربي» في 2011، خاصة بعد أن تم اعتقال العديد من المتهمين خلال حملة مداهمة في صفوف المعارضة في 2023. وقد وصفهم الرئيس سعيّد حينها بأنهم «إرهابيون».