قالت الجزائر إن الاتهامات التي وجهت لها من طرف مالي فيما بات يعرف بـ«قضية إسقاط المسيَّرة»، هي «ادعاءات باطلة لا تمثل إلا محاولات بائسة ويائسة لصرف الأنظار عن الفشل الذريع للمشروع الانقلابي»، الذي أوصل ضباطاً عسكريين إلى الحكم عام 2022، فيما أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية غلق مجالها الجوي أمام مالي اعتباراً من الاثنين.
وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان الاثنين، أنها أخذت علماً ببالغ الامتعاض، بالبيان الصادر عن الحكومة الانتقالية في مالي، وكذا بالبيان الصادر عن مجلس رؤساء دول اتحاد دول الساحل، الذي يضم النيجر وبوركينا فاسو إلى جانب مالي، في إشارة إلى إعلان هذه الدول رفع شكوى لدى هيئات دولية، بزعم «تعرضها لاعتداءات من طرف الجزائر».
وأوضح البيان ذاته أن الحكومة الانتقالية في مالي برئاسة العقيد عاصيمي غويتا، «وجهت اتهامات خطيرة إلى الجزائر ترفضها بقوة، وهي محاولات يائسة تتجلى في مختلف السلوكات المغرضة التي لا أساس لها من الصحة، والتي تحاول من خلالها الطغمة الانقلابية المستأثرة بزمام السلطة في مالي أن تجعل من بلدنا كبش فداء للنكسات والإخفاقات التي يدفع الشعب المالي ثمنها الباهظ».
من جهتها، قالت وزارة الدفاع الجزائرية إنها قررت غلق مجالها الجوي أمام دولة مالي اعتباراً من الاثنين. وأضافت الوزارة في بيان مقتضب «نظرا للاختراق المتكرر من طرف دولة مالي لمجالنا الجوي، قررت الحكومة الجزائرية غلق هذا الأخير في وجه الملاحة الجوية الآتية من دولة مالي أو المتوجهة إليها، وهذا ابتداء من اليوم الموافق لـ 7 أبريل (نيسان) 2025».
واتهمت مالي، الأحد، جارتها الجزائر، بإسقاط طائرة استطلاع مسيرة تابعة لها قرب حدودهما المشتركة، في 31 الشهر الماضي، وذلك في بيان تلاه وزير الأمن على التلفزيون الرسمي. وفي وقت لاحق، أعلنت مالي، وحليفتاها بوركينا فاسو والنيجر، في بيان مشترك منفصل، استدعاء سفرائها لدى الجزائر للتشاور بشأن الواقعة.
ووصف بيان «الخارجية» الجزائرية، نظام الحكم في مالي، بأنه «زمرة غير دستورية أثبتت فشلاً واضحاً وجلياً على كل المستويات؛ السياسية منها والاقتصادية والأمنية. فالنجاحات الوحيدة التي يمكن لهذه الزمرة أن تتباهى بها، هي نجاحات إرضاء طموحاتها الشخصية على حساب التضحية بطموحات مالي، وضمان بقائها على حساب حماية بلادها، وافتراس الموارد الضئيلة لهذا البلد الشقيق على حساب تنميته».
وأضاف أن «مزاعم الحكومة المالية اليائسة بخصوص وجود علاقة بين الجزائر والإرهاب، تفتقر إلى الجدية، إلى درجة أنها لا تستدعي الالتفات إليها، أو الرد عليها. فمصداقية الجزائر والتزامها وعزمها على مكافحة الإرهاب ليست بحاجة إلى أي تبرير أو دليل. ومن جانب آخر، فإن التهديد الأول والأخطر الذي يتربص بمالي، يتمثل اليوم في عجز الانقلابيين عن التصدي الحقيقي والفعال للإرهاب، إلى درجة إسناد ذلك إلى المرتزقة الذين طالما عانت منهم القارة الأفريقية في تاريخها المعاصر».
والعام الماضي ألغت باماكو «اتفاق السلام» مع المعارضة الطرقية، الموقع في 2015، بحجة أن الجزائر التي ترعاه تدعم الإرهاب، في إشارة إلى عناصر المعارضة الذين يتم استقبالهم في الجزائر في إطار تطبيق الاتفاق. وتسببت هذه الخطوة في إحداث قطيعة بين البلدين. كما أن موقف الجزائر الرافض للانقلاب في النيجر عام 2023، تسبب في غضب الحكام الجدد.
وتابع البيان بخصوص إسقاط مسيَّرة مالية، أن وزارة الدفاع الجزائرية سبق أن تناولت القضية، مؤكداً أن «جميع البيانات المتعلقة بهذا الحادث متوفرة في قاعدة بيانات وزارة الدفاع الوطني الجزائرية، لا سيما صور الرادار التي تثبت بوضوح انتهاك المجال الجوي الجزائري»، مبرزاً أن «هذا الانتهاك ليس الأول من نوعه، فقد سُجل ما لا يقل عن حالتين مُماثلتين في غضون الأشهر القليلة الماضية؛ الأولى بتاريخ 27 أغسطس (آب) 2024، والثانية بتاريخ 29 ديسمبر (كانون الأول) 2024. ووزارة الدفاع الوطني تحوز على كل الأدلة التي توثقهما».
ووفق البيان ذاته، «تظهر بيانات وزارة الدفاع أن الحادث الذي وقع ليلة 31 مارس (آذار) إلى 01 أبريل (نيسان)2025، يمثل انتهاكاً للمجال الجوي الجزائري بمسافة 1.6 كم، بالتحديد في الدقيقة الثامنة بعد منتصف الليل، حيث اخترقت الطائرة من دون طيار المجال الجوي الجزائري، ثم خرجت قبل أن تعود إليه في مسار هجومي»، عادّاً ما وقع «مناورة عدائية صريحة ومباشرة، وبناءً عليه، أمرت قيادة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم الجزائرية بإسقاطها».
كما عبَرت الجزائر عن «أسفها الشديد للانحياز غير المدروس لكل من النيجر وبوركينا فاسو للحجج الواهية التي ساقتها مالي. كما تأسف أيضاً للغة المشينة وغير المبررة التي استعملت ضد الجزائر، والتي تدينها وترفضها بأشد العبارات». وقالت إنها «مضطرة إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل واستدعاء سفيريها لدى مالي والنيجر للتشاور، وتأجيل تولي سفيرها الجديد لدى بوركينا فاسو لمهامه».