مصر تُعزز حضورها أفريقياً عبر التعاون في مجال السياحة

ضمن جهود القاهرة لتشجيع مشاركة القطاع الخاص بالمشروعات

معالم الأقصر الأثرية تجتذب آلاف السائحين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
معالم الأقصر الأثرية تجتذب آلاف السائحين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT
20

مصر تُعزز حضورها أفريقياً عبر التعاون في مجال السياحة

معالم الأقصر الأثرية تجتذب آلاف السائحين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
معالم الأقصر الأثرية تجتذب آلاف السائحين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تستهدف مصر تعزيز حضورها الأفريقي عبر التعاون في مجال السياحة، من خلال زيادة الاستثمارات في القارة، ومشاركة القطاع الخاص في المشروعات سواء بمصر أو بدول أفريقية.

وتناولت محادثات بين وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، والمدير الإقليمي لـ«مؤسسة التمويل الدولية» لمنطقة شمال أفريقيا والقرن الأفريقي، عمر سيلا، في القاهرة، الجمعة، «التعاون المشترك لزيادة مشاركات القطاع الخاص في قطاع السياحة بمصر». وتسعى الحكومة المصرية لزيادة الاستثمارات في قطاع السياحة بالقارة، و«التسويق والترويج للمقاصد السياحية المصرية».

ووفق مستشار وزير السياحة المصري الأسبق، وليد البطوطي، فإن «مصر تولي اهتماماً لسوق السياحة الأفريقية»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «السياحة في أفريقيا واعدة، لا سيما مع ازدياد رحلات السائحين الأفارقة لزيارة (مسار العائلة المقدسة) بمصر».

و«مسار العائلة المقدسة» أعلنت عنه في وقت سابق وزارة السياحة والآثار المصرية، ويتضمن 25 نقطة في 8 محافظات بمسافة تصل إلى 3500 كيلومتر، بكل ما تحويه من آثار في صورة كنائس أو أديرة أو الأيقونات القبطية الدّالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع؛ وفق ما أقرّته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر.

ورحب وزير السياحة المصري بالتعاون مع «مؤسسة التمويل الدولية»، وقال إن «بلاده تسعى لتحقيق الاستدامة في مجال السياحة، وتحويله لقطاع صديق للبيئة، بما يضمه من منشآت سياحية وفندقية ومراكز للغوص».

وتدرس وزارتا السياحة والتخطيط في مصر مع «مؤسسة التمويل الدولية» أوجه التعاون، سواء في مشروعات سياحية بأفريقيا، أو في مصر.

وحققت مصر رقماً قياسياً في تدفقات السائحين العام الماضي، باستقبالها نحو 15.7 مليون سائح خلال 2024، رغم الاضطرابات الإقليمية، حسب «مجلس الوزراء المصري».

وزير السياحة المصري خلال محادثات مع المدير الإقليمي لـ«مؤسسة التمويل الدولية» لمنطقة شمال أفريقيا والقرن الأفريقي (السياحة المصرية)
وزير السياحة المصري خلال محادثات مع المدير الإقليمي لـ«مؤسسة التمويل الدولية» لمنطقة شمال أفريقيا والقرن الأفريقي (السياحة المصرية)

المدير الإقليمي لـ«مؤسسة التمويل الدولية» لمنطقة شمال أفريقيا والقرن الأفريقي، من جانبه أكد، الجمعة، «استعداده التعاون مع القاهرة في مجال السياحة»، وعدد مسارات التعاون مع الحكومة المصرية، التي تشمل «تقديم المشورة، والاستشارات الفنية للبرامج التي تتبناها مصر»، مشيراً إلى أن ذلك «يسهم في زيادة مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، سواء في دول القارة الأفريقية أو في مصر».

ويعد قطاع السياحة «ركناً أساسياً للاقتصاد المصري، ومصدراً مؤثراً في توفير العملة الصعبة وفرص العمل». وناقش رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أخيراً، مع «لجنة استشارية لقطاع السياحة»، سبل «تطوير القطاع، لتحقيق أقصى عوائد دولارية، بأسرع وقت ممكن، وزيادة أعداد السائحين الوافدين للبلاد».

وجاءت مصر ضمن قائمة أفضل 10 وجهات سياحية في أفريقيا خلال 2025، وفق تقرير لمنصة «بيزنس أفريكا»، في يناير (كانون الثاني) الماضي.

استعدادات مكثفة لافتتاح «المتحف المصري الكبير» (وزارة السياحة والآثار)
استعدادات مكثفة لافتتاح «المتحف المصري الكبير» (وزارة السياحة والآثار)

وعدّ البطوطي الاستثمار السياحي لمصر في دول القارة الأفريقية «فرصة كبيرة»، مشيراً إلى أنه يقابل ذلك فرص مهمة للمستثمرين الأفارقة لإقامة مشروعات سياحية بمصر، خصوصاً مع تنوع عناصر الجذب السياحي في البلاد.

وقال إن «إعلان القاهرة افتتاح (المتحف المصري الكبير) مطلع يوليو (تموز) المقبل، يشكل فرصة لزيادة الاستثمارات، خصوصاً في القطاع الفندقي، بما يمكن استيعاب أعداد السائحين المتوقعة».

ويضم «المتحف المصري الكبير» آثار الحضارة المصرية القديمة، ويقع بالقرب من أهرامات الجيزة (غرب القاهرة)، على مساحة 117 فداناً، ويحتوي المتحف على أكثر من مائة ألف قطعة أثرية، تمثل فترات تاريخية مختلفة، أبرزها المجموعة الكاملة للملك الذهبي توت عنخ آمون.

وتقدم الحكومة المصرية تسهيلات غير مسبوقة للاستثمار السياحي، وفق البطوطي، الذي قال إن من بينها «نظام الشباك الواحد، لسرعة إصدار تراخيص ممارسة النشاط السياحي، وتوافر المواد الخام والعمالة»، وأشار إلى أن «التوسع في إقامة غرف فندقية، ومشاركة القطاع الخاص، سيسهم في تحقيق الاستراتيجية المصرية، التي تهدف إلى جذب 30 مليون سائح سنوياً».

وكانت مصر تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 عبر استراتيجية أعلنتها الحكومة سابقاً، لكنها عادت وعدلت الاستراتيجية ورحّلت هدفها إلى عام 2031، ورهنت تحقيق ذلك بعدم حدوث «متغيرات جيوسياسية جديدة في المنطقة»، بحسب وزارة السياحة المصرية.


مقالات ذات صلة

زيارة بري إلى لاسعانود... مقديشو إلى «تباين أكبر» مع «أرض الصومال»

شمال افريقيا رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري (وكالة الأنباء الصومالية)

زيارة بري إلى لاسعانود... مقديشو إلى «تباين أكبر» مع «أرض الصومال»

زيارة رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري إلى مدينة لاسعانود العاصمة الإدارية لإدارة «خاتمة» الانتقالية تفتح سيناريوهات كثيرة للعلاقة بين مقديشو وأرض الصومال

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من الاجتماع الوزاري لـ«عملية الخرطوم» بالقاهرة (الخارجية المصرية)

«وزاري عملية الخرطوم» بالقاهرة يشدد على مكافحة تهريب المهاجرين

شدد الاجتماع الوزاري الثاني لـ«عملية الخرطوم» المعنية بمكافحة «الهجرة غير المشروعة»، في القاهرة، على ضرورة مجابهة تهريب المهاجرين، والاتجار في البشر.

أحمد إمبابي (القاهرة )
أفريقيا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (رويترز)

الصومال يعرض على أميركا سيطرة حصرية على قواعد جوية وموانٍ

قال الرئيس الصومالي، في رسالة إلى نظيره الأميركي، إن الصومال مستعد لعرض السيطرة الحصرية للولايات المتحدة على قواعد جوية وموانٍ استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي وزير خارجية إريتريا (الرئاسة المصرية)

مصر وإريتريا ترفضان مشاركة دول غير مشاطئة في تأمين وحوكمة البحر الأحمر

بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع وزير خارجية إريتريا عثمان صالح، في القاهرة، الأحد، سبل حماية البحر الأحمر وتعزيز جهود الدول المشاطئة في حوكمته وتأمينه.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عمليات عسكرية للجيش الصومالي بإقليم شبيلي الوسطى ضمن ولاية هيرشبيلي الإقليمية (وكالة الأنباء الصومالية)

«معارك شبيلي»... الصومال يُضيق الخناق على حركة «الشباب»

دخلت وتيرة المعارك بين الجيش الصومالي وحركة «الشباب» الإرهابية في إقليم شبيلي الوسطى مرحلة جديدة، مع زيادة العمليات ضد «الإرهابيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

زيادة أسعار الوقود تفاقم تكلفة المواصلات في مصر

شهدت المواقف إجراءات تفتيش مكثفة (محافظة أسوان)
شهدت المواقف إجراءات تفتيش مكثفة (محافظة أسوان)
TT
20

زيادة أسعار الوقود تفاقم تكلفة المواصلات في مصر

شهدت المواقف إجراءات تفتيش مكثفة (محافظة أسوان)
شهدت المواقف إجراءات تفتيش مكثفة (محافظة أسوان)

في رحلتها الأسبوعية من المنصورة في دلتا مصر إلى العاصمة القاهرة، تستقل هالة مصطفى، الموظفة بإحدى شركات القطاع الخاص، السيارة الأجرة بسعر 60 جنيهاً (الدولار يساوي 51.3 جنيه في البنوك)، لكن هذه الرحلة قبل زيادة أسعار المحروقات التي دخلت حيز التنفيذ، صباح الجمعة.

وأعلنت وزارة البترول المصرية زيادة أسعار الوقود بأنواعه المختلفة بواقع جنيهين ضمن المراجعة الدورية لأسعار المحروقات، في إطار خطة رفع الدعم الكامل عنها تدريجياً، وفق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة مع «صندوق النقد الدولي».

تقول هالة وهي فتاة عشرينية لـ«الشرق الأوسط» إن «السائقين يتم إجبارهم على الالتزام في الأيام الأولى من أي زيادة بالأسعار المعلنة، لكن بعد أيام قليلة يبدأون وضع السعر المناسب لهم، ويحددون سعراً أعلى عند استخدام الطريق الدائري الإقليمي الذي أنشئ، أخيراً، بدلاً من الطريق الزراعي الذي يستغرق وقتاً أطول».

وأضافت أن الشركة التي تعمل بها في القاهرة لن تقوم بزيادة راتبها الذي يقل عن 5 آلاف جنيه، مشيرة إلى أنها ستكون مضطرة على التأقلم مع الزيادة الجديدة على حساب ما تشتريه من احتياجات خلال إقامتها بالقاهرة، بجانب البحث عن ساعات عمل إضافية لزيادة دخلها الذي لم تعد تستطيع الادخار منه بسبب زيادات الأسعار المتتالية، وفق قولها.

وتراوحت زيادات أسعار الوقود بين 11.76 و14.81 في المائة على مجموعة واسعة من منتجات الوقود، إذ ارتفع بنزين 80 إلى 15.75 جنيه للتر الواحد، وزاد بنزين 92 إلى 17.25 جنيه، وارتفع بنزين 95 إلى 19 جنيهاً، بزيادة مقدارها جنيهان لكل نوع.

تبدو إسراء محمد، الفتاة العشرينية التي تعمل بفرع لإحدى الشركات الدولية في مصر، أفضل حالاً من هالة، فالشركة التي تعمل بها في القرية الذكية بالجيزة توفر لها وسيلة انتقال في موقع قريب من منزلها.

تستقل إسراء سيارة أجرة بالقرب من منزلها إلى مكان تجمع سيارة الشركة بـ5 جنيهات، لكن السعر زاد مع زيادة البنزين ليكون 7 جنيهات، وفق تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أنها لا تعرف ما إذ كانت الزيادة ستستمر بهذا المقدار أم لا؟

تبدو إسراء أكثر حظاً من غيرها مع تحديد أجرها بالشركة وفق سعر صرف اليورو؛ الأمر الذي سيجعلها تحصل على زيادة في الراتب نهاية الشهر الحالي بسبب انخفاض قيمة الجنيه، أمام العملات الأجنبية.

وسجّل الجنيه المصري تراجعاً خلال الأيام الماضية من مستوى 50.40 جنيه لكل دولار، إلى متوسط 51.3 جنيه لكل دولار في البنوك المصرية.

وأكدت إسراء أن عدداً من زملائها الذين كانوا يستقلون سياراتهم للشركة سجلوا أسماءهم للانتقال عبر الأتوبيسات التي توفرها مجاناً للموظفين، بديلاً عن استخدام سياراتهم، خصوصاً مع شكواهم في الفترة الأخيرة من ارتفاع تكلفة صيانة السيارات وزيادة أسعار قطاع الغيار.

يختلف الوضع قليلاً بالنسبة لياسر محمود الذي يعمل عن بعد من الزقازيق بمحافظة الشرقية مع التوجه إلى القاهرة يومين في الأسبوع. الشاب الثلاثيني الذي يعول طفلين يقول لـ«الشرق الأوسط» إن شركته لن تزيد راتبه بسبب زيادة المواصلات، مشيراً إلى أنه سيحاول مع زملائه الضغط على المدير للاكتفاء بالحضور ليوم واحد، نظراً لارتفاع تكلفة السفر من المحافظات المختلفة إلى القاهرة.

محافظ القاهرة خلال تفقد الحركة في موقف عبد المنعم رياض (محافظة القاهرة)
محافظ القاهرة خلال تفقد الحركة في موقف عبد المنعم رياض (محافظة القاهرة)

وأضاف أن «الأجرة ستزيد على الأقل 3 جنيهات بخلاف زيادة المواصلات الداخلية بالقاهرة التي أستقلها من الموقف للشركة، وكذلك زيادة تعريفة الميكروباص الذي ينقلني من منزلي إلى موقف سيارات القاهرة»، متوقعاً أن تصل تكاليف رحلته بعد الزيادة الجديدة لأكثر من 150 جنيهاً، بعدما كانت تتراوح بين 100 و120 جنيهاً عن اليوم الواحد، بينما راتبه الشهري لا يزيد على 8 آلاف جنيه.

وعدّ أمين لجنة «الخطة والموازنة» بمجلس النواب (البرلمان المصري) عبد المنعم إمام «الزيادات الأخيرة استمراراً لسياسات الحكومة في تجاهل مشاكل المواطنين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرار تنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية الخاطئة نفسها تؤدي لإثقال كاهل المواطن وتجعله يعمل للإنفاق على الحكومة».

وتوقع إمام إخفاق الحكومة في ضبط الأسعار وغياب الرقابة والتفتيش على الأسعار بعد أيام فقط من إعلان الأسعار؛ لتترك المواطنين يواجهون مصيرهم مع الزيادات من دون تدخل كما حدث في المرات السابقة، وفق تعبيره.

وأبدى متابعون على «السوشيال ميديا» تعجبهم من إعلان الزيادة الجديدة في أسعار الوقود، على الرغم من تراجع أسعار النفط عالمياً.

وقال مدير مركز «العدل للدراسات الاقتصادية» كريم عادل إن التراجع المستمر في سعر الصرف يغيّب أي استفادة حقيقية من انخفاضات أسعار النفط عالمياً، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «استمرار تراجع الجنيه سيجعل الاقتصاد المصري بعيداً عن الاستفادة من انخفاض الأسعار العالمية». وتابع أن «المؤشرات تتجه إلى استمرار انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار حتى نهاية العام الحالي ليسجل الدولار ما بين 55 و58 جنيهاً؛ الأمر الذي قد ينذر بزيادة أخرى يتحملها المواطن في أسعار المواصلات وغيرها من الخدمات والسلع».