بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع وزير خارجية إريتريا عثمان صالح، في القاهرة، الأحد، سبل حماية البحر الأحمر وتعزيز جهود الدول المشاطئة في حوكمته وتأمينه، مجددين رفضهما «اضطلاع أي دول غير مشاطئة بدور في هذا الإطار».
وتأتي رسالة القاهرة وأسمرة، بعد تصريحات لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الخميس، أكد فيها أن «الوصول إلى البحر الأحمر مطلب وجودي» بالنسبة لبلاده. وقال، في كلمته أمام البرلمان الإثيوبي، إن «بلاده لا تريد تحقيق ذلك عبر الحرب، بل بالحوار والسلم، مع إريتريا والصومال».
وناقشت محادثات السيسي، ووزير خارجية إريتريا، «الأوضاع في القرن الأفريقي، وسبل تعزيز الاستقرار في المنطقة، من خلال الجهود المشتركة، أو آلية التنسيق الثلاثي مع الصومال»، وفق بيان الرئاسة المصرية.
ودشّنت مصر وإريتريا والصومال «آلية للتنسيق الثلاثي»، خلال قمة جمعت رؤساء الدول الثلاث، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بهدف «تعزيز التعاون الإقليمي ودعم الأمن والاستقرار بالقرن الأفريقي»، وناقش اجتماع وزاري عُقد في القاهرة، في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، آليات تفعيل التنسيق بين الدول الثلاث.
وأكدت القاهرة وأسمرة «الالتزام بالعمل على دعم مقديشو، في مكافحة الإرهاب، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الصومالية». كما تناول اللقاء «سبل استعادة السلم والاستقرار في السودان».
يأتي ذلك في وقت، حذّر فيه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، من استمرار التوتر في منطقة البحر الأحمر. وقال في مؤتمر صحافي مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، بالقاهرة، الأحد، إن «العسكرة والتصعيد لا يخدمان أي طرف».
وشدّد عبد العاطي على «ضرورة الوقف الكامل للاعتداءات على السفن بالبحر الأحمر»، وقال: «لا يوجد مبرر للتصعيد واستهداف السفن، ويجب الحفاظ على حرية الملاحة البحرية».
وعادت جماعة «الحوثيين» اليمنية لاستهداف الملاحة الدولية في جنوب البحر الأحمر، بعد أن استأنفت إسرائيل عدوانها على قطاع غزة، مع نهاية المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار، منتصف شهر مارس (آذار) الحالي.
وأمر الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الأسبوع الماضي، بإطلاق حملة عسكرية ضد «الحوثيين»، لإرغامهم على وقف تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
ويأتي التنسيق المصري - الإريتري في توقيت هام، يشهد توترات متسارعة في منطقة القرن الأفريقي، وفق تقدير مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السابق، السفير محمد حجازي. وأشار إلى أن «القاهرة وأسمرة ترفضان إقحام أي أطراف أو استراتيجيات من خارج البحر الأحمر على ساحله، حفاظاً على سيادة الدول المشاطئة».
ويعتقد حجازي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التشاور المصري - الإريتري ضروري، لوقف التصعيد والهجمات المسلحة في مضيق باب المندب، إلى جانب احتواء أي نزاع قد يتصاعد في المنطقة، كما فعلت القاهرة وأسمرة في دعم موقف الصومال، والحفاظ على سيادته، في مواجهة تحركات إثيوبية، للحصول على منفذ بحري، عبر اتفاق مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي، العام الماضي».
ورفضت القاهرة وأسمرة الاتفاق المبدئي الذي وقّعته أديس أبابا مع إقليم «أرض الصومال» العام الماضي، الذي يتيح لها استخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية.
وتتصدر قضية أمن البحر الأحمر أولويات التنسيق المصري - الإريتري في هذه المرحلة، وفق تقدير مديرة البرنامج الأفريقي، بمركز الأهرام للدراسات السياسية، أماني الطويل، وقالت: «التحركات الإثيوبية للحصول على منفذ بحري تشكل تهديداً وجودياً بالنسبة لإريتريا، من منطلق تاريخ النزاع المستمر بين أديس أبابا وأسمرة».
وفقدت إثيوبيا سواحلها على البحر الأحمر مع استقلال إريتريا عام 1993.
وتتجه القاهرة إلى التفاعل مع الأطراف المؤثرة كافة في أمن البحر الأحمر، لاستعادة الهدوء في المنطقة، وتأمين الملاحة في قناة السويس، وفق الطويل. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تراجع إيرادات قناة السويس، بسبب توترات البحر الأحمر، يشكل تحدياً كبيراً للمصالح الاقتصادية المصرية. وتسعى الحكومة المصرية إلى حشد دولي لوقف التصعيد بالمنطقة».
وتشكو مصر من خسائر اقتصادية كبيرة، نتيجة إيقاف شركات الشحن العالمية عملياتها الملاحية في قناة السويس بسبب التوترات في البحر الأحمر، التي أدّت إلى تراجع إيرادات القناة إلى ما يزيد على 60 بالمائة، حسب تقديرات رسمية.