مصر تشدد على ضرورة حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر

عبد العاطي قال إن بلاده تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة

حاويات تعبر قناة السويس (رويترز)
حاويات تعبر قناة السويس (رويترز)
TT

مصر تشدد على ضرورة حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر

حاويات تعبر قناة السويس (رويترز)
حاويات تعبر قناة السويس (رويترز)

دعت مصر إلى ضرورة حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إن «بلاده تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة»؛ بسبب التوترات الأمنية في جنوب البحر الأحمر.

التأكيدات المصرية جاءت خلال اتصال هاتفي لعبد العاطي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، تناول التطورات في البحر الأحمر، حسب إفادة «الخارجية المصرية»، السبت.

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر»، وأشار إلى «الخسائر الكبيرة التي يتكبدها اقتصاد بلاده نتيجة انخفاض إيرادات قناة السويس، وعدم استقرار الأوضاع في المنطقة».

ودفعت هجمات جماعة الحوثيين اليمنية، ضد السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2023، بدعوى التضامن مع الفلسطينيين في غزة، شركات الشحن العالمية الكبرى إلى إيقاف عملياتها في قناة السويس؛ ما تسبب في «تراجع إيرادات القناة إلى ما يزيد على 60 في المائة»، حسب تقديرات رسمية.

في السياق، أجرى وزير الخارجية المصري محادثات مع نظيره الإريتري، عثمان صالح محمد، بالقاهرة، السبت، تناولت أطر التعاون الثنائي، ومستجدات الأوضاع الإقليمية، لا سيما في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.

وهناك تنسيق بين القاهرة وأسمرة، الفترة الأخيرة، بشأن تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، من خلال «آلية التنسيق الثلاثي»، التي تضم الصومال بجانب البلدين، والتي جرى تدشينها في إريتريا، شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور رؤساء الدول الثلاث.

الخسائر الاقتصادية المصرية بسبب توترات البحر الأحمر أكد عليها أيضاً المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، عادّاً «بلاده من أكثر الدولة تأثراً بشكل مباشر من عدم الاستقرار في البحر الأحمر».

وأشار خلاف، في حديث لقناة «سي إن إن»، إلى أن «خسائر بلاده الشهرية بلغت 800 مليون دولار، وبإجمالي 8 مليارات دولار، منذ بداية العدوان على قطاع غزة»، وقال تعقيباً على الضربات الأميركية ضد الحوثيين في اليمن، إن «الطريقة التي يمكن من خلالها إنهاء تلك الهجمات هي إنهاء الصراع في قطاع غزة، ويجب إيجاد حل سياسي عبر المفاوضات لتوفير السلام في المنطقة».

وأمر الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الأسبوع الماضي، بإطلاق حملة عسكرية ضد الحوثيين، لإرغامهم على وقف تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

وبرأي عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، فإن المحادثات المصرية مع المسؤولين في إيران وإريتريا، «تأتي للتنسيق المشترك في ضوء التطورات المتسارعة التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي، وضمان عودة الملاحة للبحر الأحمر»، إلى جانب «التوتر على الحدود بين إريتريا وإثيوبيا، بسبب تمسك أديس أبابا بالوصول إلى ساحل البحر الأحمر».

وزير الخارجية المصري يستقبل نظيره الإريتري (الخارجية المصرية)

وعدَّ رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، أن «الوصول إلى البحر الأحمر مطلب وجودي بالنسبة لبلاده»، وقال في كلمته أمام البرلمان الإثيوبي، الخميس، إن «بلاده لا تريد تحقيق ذلك عبر الحرب، بل بالحوار والسلم، مع إريتريا والصومال».

وأوضح حليمة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحركات الإثيوبية تُقابل بموقف مصري واضح، يتمثل في رفض أي وجود لدول غير مشاطئة على ساحل البحر الأحمر»، إلى جانب «تنسيق مستمر من القاهرة مع أسمرة ومقديشو وجيبوتي، لتأمين السلامة الملاحية».

وسبق أن أكد وزير الخارجية المصري، في أكثر من مناسبة، على موقف بلاده «الرافض لوجود أي دولة غير مشاطئة للبحر الأحمر على ساحله».

وتعوّل أسمرة على دعم القاهرة في مواجهة أي تهديد لسيادتها، وفق حليمة، الذي أشار إلى «أهمية التنسيق بين البلدين لدعم الصومال في مواجهة الهجمات الإرهابية الأخيرة»، إلى جانب «دعم السودان ومؤسساته الوطنية في ضوء الحرب الحالية بداخله».

وكان وزير «الخارجية المصرية» قد زار أسمرة، مطلع شهر مارس (آذار) الحالي، وناقش خلال الزيارة مع الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، «تعزيز العلاقات وتطويرها في مختلف المجالات»، إلى جانب مستجدات الأوضاع الأفريقية، لا سيما في الصومال والسودان، والبحر الأحمر، حسب «الخارجية المصرية».

ويشكل أمن البحر الأحمر أولوية بالنسبة للقاهرة وأسمرة، وفق الخبير المصري في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، الذي أكد على أهمية «التنسيق الأمني بين البلدين لحماية مصالحهما بالمنطقة»، إلى جانب «متابعة بوادر الصراع المتصاعدة في إقليم (التيغراي) في إثيوبيا، الذي يشكل تهديداً مباشراً لإريتريا».

ويعتقد زهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك فرصاً للتكامل بين القاهرة وأسمرة، في منطقة القرن الأفريقي»، إلى جانب «توحيد الرؤى بشأن تطورات إقليمية أخرى، مثل الوضع في السودان والصومال»، إضافة إلى «تبادل الدعم لمواقف البلدين في المؤسسات الدولية والإقليمية».


مقالات ذات صلة

حديث أميركي متكرر عن «مرور مجاني» في قناة السويس و«صمت مصري»

تحليل إخباري تراجع لافت في إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

حديث أميركي متكرر عن «مرور مجاني» في قناة السويس و«صمت مصري»

للمرة الثانية خلال الأسبوع نفسه، كررت واشنطن حديثها عن «ضمان مرور مجاني لسفنها التجارية والعسكرية في قناة السويس المصرية»، وهو الأمر الذي لم تعلق عليه القاهرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان في لقاء سابق بالقاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري اتصالات عقب كل جولة... ماذا تنتظر مصر من مفاوضات أميركا وإيران؟

تحرص القاهرة على إجراء اتصالات مع أطراف المفاوضات الأميركية - الإيرانية الجارية برعاية عمانية عقب كل جولة تفاوض، فماذا تستهدف مصر؟

هشام المياني (القاهرة)
العالم العربي سفينة شحن تعبر قناة السويس (رويترز) play-circle 02:34

«لولا أميركا ما كانت»... ما دور الولايات المتحدة في قناة السويس؟

أثار حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «لولا أميركا لما كانت قناة السويس»، تساؤلات بشأن دور الولايات المتحدة في القناة، وما إذا كانت هناك علاقات تاريخيّة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تُعتبر الشعب المرجانية في البحر الأحمر من أكثر النظم البيئية صموداً في العالم (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر الدولية» تكشف عن مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام

أعلنت «البحر الأحمر الدولية» عن اكتشاف مذهل لمستعمرة مرجانية ضخمة من نوع «بافونا» في البحر الأحمر، تقع داخل مياه وجهة «أمالا» شمال غربي السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض:)
العالم العربي تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

مصر: تجاهل رسمي ورفض شعبي لطلب ترمب «عبوراً مجانياً» بقناة السويس

فجّر حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب بجعل عبور السفن الأميركية في قناتيْ بنما والسويس مجانياً، حالة غضب واسعة بمصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بدائل الدبيية لرفع الدعم عن المحروقات تثير مخاوف الليبيين

رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)
TT

بدائل الدبيية لرفع الدعم عن المحروقات تثير مخاوف الليبيين

رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)
رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

على الرغم من طرح رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، «ثلاثة بدائل»، سيتم اللجوء إليها حال «رفع الدعم عن الوقود»، فإن ذلك لم يبدد حالة القلق المتزايدة لدى قطاعات واسعة من الليبيين.

وقوبل مقترح الدبيبة الأسبوع الماضي بتحول الدعم العيني للمحروقات إلى نقدي، بهدف تقليل الأعباء الاقتصادية، والحيلولة دون تهريب الوقود، بانتقادات واسعة من قبل نخب سياسية واقتصادية.

وطرح الدبيبة ثلاثة بدائل، تبدأ بمنح دعم نقدي للمواطنين، أو زيادة الرواتب، أو تخصيص حصة لكل مواطن من الوقود المدعم، تُصرف ببطاقات، وقال إن السعر المدعوم للبنزين راهناً «يشجع على تهريبه إلى دول الجوار، ودول أوروبية».

الحديث عن رفع الدعم عن الوقود يثير مخاوف الليبيين (الشرق الأوسط)

وانتقد عضو المجلس الأعلى للدولة، علي السويح، البدائل المطروحة، وقال إن العمل على إضافة أي بديل نقدي للرواتب سيتبعه ارتفاع أسعار السلع، مشيراً إلى أن «الغالبية لا تضمن استمرار الحكومة في توفير تلك الزيادة؛ والأهم أن تطبيق القرار بمنطقة نفوذ حكومة ما دون الأخرى سيؤدي للتهريب الداخلي للوقود».

ويرى السويح أن «حجم إنفاق الحكومتين المتنازعتين على السلطة بلغ العام الماضي نحو 224 مليار دينار»، رافضاً تحميل المواطن مسؤولية تعويض تلك الأموال المهدرة عبر قرار رفع الدعم. (الدولار يساوي 5.45 دينار في السوق الرسمية).

وقال السويح لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن إقناع المواطن بصحة أي إجراءات تقشفية تستهدفه، تحت ذريعة الإصلاح الاقتصادي؛ فيما يتواصل إهدار المال على كم كبير من السفارات والقنصليات الليبية، دون حاجة فعلية لها»، وتحدث عن «تمتع كبار الموظفين برواتب كبيرة وامتيازات عديدة؛ دون وجود خطة رشيدة لإدارة موارد البلاد من عوائد النفط ومكافحة الفساد». عادّاً أن «عدم وجود ثقة بين المواطن والحكومتين الموجودتين، نظراً لارتفاع الأسعار وتكرار الأزمات المعيشية، يعيق أي محاولة للتفكير في البدائل، التي طرحها الدبيبة».

في المقابل، تبنى رؤية الدبيبة بعض الأصوات السياسية، من بينهم زياد دغيم، مستشار رئيس المجلس الرئاسي للشؤون التشريعية، الذي دعا في تصريحات صحافية إلى الاستبدال بدعم الوقود دعماً نقدياً مباشراً في حدود 10 ألف دينار لكل فرد سنوياً.

السويح أكد أنه لا يمكن إقناع المواطن بصحة أي إجراءات تقشفية تستهدفه تحت ذريعة الإصلاح الاقتصادي (أ.ف.ب)

ولم يكتف عضو مجلس النواب رئيس غرفة التجارة، محمد الرعيض، بحصر رفع الدعم عن الوقود، بل طالب أيضاً بأن يمتد الأمر للمياه والكهرباء، مما أثار موجة استياء حادة، سرعان ما تحولت لحملة مقاطعة شعبية لمنتجات شركة غذائية يمتلكها.

من جانبه، سلط أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي، أيوب محمد الفارسي، الضوء على افتقاد الساحة الليبية للشروط المطلوبة لإحداث الإصلاحات المتعلقة بدعم الطاقة، وفي مقدمتها تحقق استقرار سياسي واقتصادي، وعدم وجود شبكة قوية للحماية الاجتماعية.

وتساءل الفارسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن «جدية البدائل التي طرحتها حكومة الوحدة، لافتاً إلى «تضخم بند الرواتب في الباب الأول بالميزانية العامة، الذي يلتهم أكثر من نصفها، حيث تبلغ 67 مليار دينار، فكيف ستعمد الحكومة إلى زيادتها؟».

وأضاف الفارسي موضحاً: «تطبيق البدل النقدي يحتاج إلى دولة مستقرة ونظام مؤسساتي قوي... وفكرة البطاقة الإلكترونية تحتاج إلى حكومة معنية ومهتمة بالتكنولوجيا؛ ورقمنة محطات توزيع الوقود؛ أي أن الأمر يحتاج إلى سنوات حتى يطبق».

ودعا الأكاديمي الليبي إلى ضرورة «مراعاة نظرة الليبيين لأنفسهم بوصفهم أبناء دولة، تملك ثاني احتياطي نفطي بالقارة الأفريقية، دون أن يتمتعوا بمستوى معيشي يوازي هذه الثروة»، منوهاً إلى أن «دعم الوقود يعد امتيازاً وحيداً يشعرهم بالمساواة مع غيرهم من أبناء الدول الريعية».

ورغم إقراره بأن كلا الحكومتين أعلنت موافقتها على مقترح «رفع الدعم»، استبعد الفارسي حدوث توافق بينهما على تطبيقه، وقال بهذا الخصوص: «إذا شرعت أي منهما في إقراره بشكل رسمي فستسارع الأخرى إلى انتقاد الأمر لتعزيز وضعيتها، والظهور بصورة الطرف المراعي لأوضاع المواطنين».

وتعتمد الميزانية الليبية على عوائد تصدير النفط، إلا أن نحو ثلث الإنتاج تمت مبادلته بالمحروقات بالمخالفة للقانون المالي للبلاد، ووفقاً لتقرير ديوان المحاسبة فقد تجاوزت تكلفة المبادلة أكثر من 40 مليار دينار.

ويباع لتر الوقود بنحو 0.150 دينار، مما يجعله ثاني أرخص سعر في العالم وفقاً لموقع «غلوبال بترول برايسيز».

من جهته، شكك رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، أسعد زهيو، في إقدام حكومة الدبيبة على تنفيذ هذا المقترح، بسبب ما يواجهه من رفض وتحفظات من قبل قطاع من أعضاء مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، وكثير من الأصوات السياسية وخبراء الاقتصاد.

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة» التي تتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن الجنوب، بقيادة أسامة حماد.