إسرائيل تتحصن بتأييد أميركي... ولبنان يطالب واشنطن بإلزامها بالانسحاب

احتفاظها ببعض المواقع يعني الاحتلال المقنّع للجنوب

جنود لبنانيون وآليات تتبع «يونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود لبنانيون وآليات تتبع «يونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تتحصن بتأييد أميركي... ولبنان يطالب واشنطن بإلزامها بالانسحاب

جنود لبنانيون وآليات تتبع «يونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
جنود لبنانيون وآليات تتبع «يونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بعدد من المواقع التي تحتلها في جنوب الليطاني وتحويلها نقاط مراقبة، يشكل تحدياً للولايات المتحدة الأميركية ويهدد مصداقيتها أمام المجتمع الدولي؛ لأنها الضامنة تطبيق القرار «1701»، وكانت رعت التوصل إلى اتفاق إنهاء الحرب في الجنوب بين «حزب الله» وإسرائيل، وذلك ما لم تبادر إلى تبرئة ذمتها من ادعاء رئيس حكومة تل أبيب، بنيامين نتنياهو، بأنها توفر له الغطاء السياسي للإبقاء على هذه المواقع تحت سيطرة جيشه لضرورات أمنية... وهذا ما تصدّر جدول أعمال اللقاء الطارئ الذي عُقد في الساعات الماضية بين رئيس المجلس النيابي اللبناني، نبيه بري، ورئيس «هيئة الرقابة الدولية» المشرفة على تطبيق الاتفاق، الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، العائد من إسرائيل، بحضور سفيرة بلاده لدى لبنان، ليزا جونسون، للوقوف منه على حقيقة الموقف الأميركي.

فلقاء «بري - جيفرز» كان لا بد منه ليكون في وسع لبنان أن يبني على الشيء مقتضاه في ضوء خلاصة الحصيلة النهائية للموقف الأميركي حيال إصرار نتنياهو على عدم التقيد بانسحاب جيشه من الجنوب، في نهاية المهلة الأولى للانسحاب التي لم يعد يفصلنا عنها سوى أيام معدودة، وهو تلازم مع إجراء رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، اتصالات واسعة، بدأها بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ لأن بلاده شريكة إلى جانب الولايات المتحدة في التوصل إلى الاتفاق، وبدعوته إلى الضغط على إسرائيل لإلزامها بكل مندرجاته، وامتدت لتشمل العدد الأكبر من دول الاتحاد الأوروبي.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن التواصل بين عون وبري، إضافة إلى رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، استمر بغية مواكبة ردود الفعل الدولية والعربية على عدم تقيد نتنياهو بالاتفاق، ويأتي تحضيراً للموقف اللبناني الرسمي الذي من المفترض أن يصدر بين ساعة وأخرى، واضعاً النقاط على الحروف، وآخذاً في الحسبان ما سيتوصل إليه لقاء «بري - جيفرز»، ومحملاً واشنطن مسؤوليتها بإلزام إسرائيل الانسحاب الكامل من الجنوب.

وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي بارز لـ«الشرق الأوسط» إن لقاء «بري - جيفرز» يأتي عشية اجتماع «هيئة الرقابة»، وقبل ساعات من عودة مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، إلى بيروت، التي كانت طمأنت الرؤساء الثلاثة في زيارتها الأولى لبيروت بأن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب حاصل فور انتهاء التمديد الأول لتاريخ الانسحاب يوم 18 فبراير (شباط) الحالي، وبأن واشنطن تمارس الضغط على تل أبيب لإلزامها التقيد بالاتفاق دون تعديل.

وكشف المصدر عن أن أورتاغوس «لمحت في لقاءاتها بالرؤساء الثلاثة إلى وجود نية لدى إسرائيل للاحتفاظ بعدد من المواقع لضرورات أمنية لضمان أمن مستوطناتها الواقعة في الجزء الشمالي من حدودها مع لبنان، وللتأكد من أن (حزب الله) يلتزم وقف النار، وأن الجيش اللبناني تمكن من إطباق سيطرته بمؤازرة (قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - يونيفيل) على البلدات الخاضعة لسيطرته ولم يعد فيها من بنى عسكرية وأنفاق لـ(الحزب)».

وقال إن أورتاغوس «نأت بنفسها عن الدفاع عن وجهة نظر إسرائيل في ضوء ما سمعته من أحد الرؤساء بأن إسرائيل ليست في حاجة للاحتفاظ بهذه المواقع وتحويلها إلى نقاط مراقبة، ما دامت تأتي في مصاف الدول المتقدمة في علوم التكنولوجيا الأمنية وتملك أقماراً اصطناعية، ومناطيد متطورة مزودة بأحدث معدات التصوير والمراقبة، وأسطولاً من طائرات الاستطلاع التي لا تغادر الأجواء اللبنانية وتنفذ مسحاً جوياً للمناطق تركّز فيه على تلك الخاضعة لسيطرة (حزب الله) ونفوذه».

ومع أن المصدر نفسه لم يستبعد أن تكون إسرائيل طوال مدة احتلالها معظم البلدات الواقعة في جنوب الليطاني قد تمكنت من زرع أجهزة إنذار مبكر في عدد من المرتفعات المطلة على مستوطناتها والواقعة في القطاعين الغربي والشرقي، فإنه في المقابل يتعامل مع إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بعدد من المواقع، وتحديداً تلك الموجودة في الخط الثاني لحدود لبنان مع إسرائيل، على أنه احتلال مقنّع لجنوب الليطاني، «انطلاقاً من أن الوصول إليها يتطلب من جيشها إنشاء ممرات آمنة لإيصال تموين للوحدات العسكرية الموجودة فيها، أو لاستبدال أخرى بها».

جرافة عسكرية تفتح الطريق بعد انتشار الجيش اللبناني لعودة أهالي قرية رب ثلاثين بجنوب لبنان إلى بلدتهم يوم 9 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

وبكلام آخر، فإن مجرد كشف الجنرال جيفرز عليها، سيجعله متأكداً، كما يقول المصدر، من أن «بعض هذه المواقع موجودة في قرى تبعد كيلومترات عن الحدود، وهي على مقربة من الأماكن السكنية، وبالتالي، فإن الدخول والخروج منها يحتم على الجيش الإسرائيلي إخلاء هذه القرى من سكانها ومنع الدخول إليها، وهذا ما ينطبق على تلة العويضة الواقعة بين بلدتَي كفركلا وعديسة وعلى مشارف بلدتَي الطيبة ومركبا؛ مما يستدعي منع الجيش الإسرائيلي سكانها من الدخول إليها»، حتى إن أحد الرؤساء الثلاثة كان صارح أورتاغوس، كما يقول المصدر، بقوله إن بقاء هذه المواقع تحت سيطرة جيش الاحتلال يعني أن تل أبيب لا تتقيد بوقف النار، وأنها تبحث عن الذرائع للالتفاف على القرار «1701»؛ «وإلا فما الموانع التي تتمسك بها لرفضها إخضاع التلال والمواقع المطلة على مستوطناتها لسيطرة قوة مشتركة من الجيش اللبناني و(يونيفيل)، رغم أن احتلالها يستوجب المقاومة ويوجد الذرائع لـ(حزب الله) للانخراط فيها؛ لأنه من غير الجائز مطالبته بالتقيُّد بالاتفاق فيما تمعن إسرائيل في خرقه وتتمادى في تجريف وتدمير المنازل؟».

لذلك يبقى السؤال: هل إسرائيل تقايض تخليها عن هذه المواقع بأن يشمل نزع السلاح غير الشرعي شمال الليطاني أسوة بجنوبه؛ أم إنها تضغط لإرغام لبنان على الموافقة على التمديد الثاني لمهلة الانسحاب في انتظار انتهاء الحكومة من وضع بيانها الوزاري ونيلها ثقة النواب على أساسه، للتأكد من أن تطبيق القرار «1701» لن يقتصر على حصر نزع السلاح غير الشرعي في جنوب الليطاني، من دون أن يشمل شماله وصولاً إلى كل لبنان، مع أن الولايات المتحدة تدرك جيداً أن عدم إلزامها بالانسحاب من الجنوب سيفتح الباب أمام إقحام البلد في تجاذبات سياسية يمكن أن تحضر على طاولة اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري، وتوفر الذرائع لـ«الحزب» لتبرير احتفاظه بالسلاح ما دامت إسرائيل تتمرد على الإرادة الدولية وترفض التقيد باتفاق وقف النار تمهيداً للشروع في تطبيق الـ«1701»؟

جنود من الجيش اللبناني أمام آليات تتبع قوات «يونيفيل» جنوب لبنان (صفحة الجيش اللبناني على إكس)


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون ملتقياً أعضاء وفد مجلس الأمن في القصر الرئاسي (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

بدأ وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زيارة إلى بيروت، حيث التقى المسؤولين، في توقيت بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
TT

سلام يلتقي الشرع وتأكيد على تطوير العلاقات الثنائية

سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)
سلام ملتقياً الشرع (رئاسة الحكومة على «إكس»)

التقى رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الرئيس السوري أحمد الشرع، في مستهل «منتدى الدوحة»، اليوم (الثلاثاء).

وبحسب بيان صادر عن رئاسة الحكومة، فإنه خلال اللقاء تم التركيز على سبل تعزيز التعاون وتطوير العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويأتي لقاء سلام مع الشرع ضمن جهود دبلوماسية متواصلة لتعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

ويُعد «منتدى الدوحة» منصة إقليمية مهمة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الثنائية والإقليمية، حيث يشارك فيه مسؤولون كبار لمناقشة آليات التعاون المشترك وتعزيز الروابط بين الدول العربية.


مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)

قُتل فلسطيني وأُصيب 3 آخرون برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة شمال غربي قطاع غزة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية اليوم.

وأشارت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إلى أن القوات الإسرائيلية استهدفت مجموعة من المدنيين في محيط المنطقة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.


مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية اليوم (السبت)، إن مصر ترحب بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة 3 سنوات.

وأضافت «الخارجية» المصرية في بيان نشرته في صفحتها على «فيسبوك»، إن مصر تشدد على أن دور وكالة الأونروا محوري، ولا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله.

ودعت المجتمع الدولي إلى توفير التمويل المستدام لوكالة «الأونروا»، لضمان «استمرار خدماتها الحيوية».

وأشارت إلى أن وجود «الأونروا» يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجوهر قضية اللاجئين ذاتها، وبالمسؤولية الدولية تجاه إيجاد حل دائم لها، وفق قرارات الشرعية الدولية.