مصر توسّع مناقشات «الحوار الوطني» وتدرج أزمة «تهجير الفلسطينيين»

مدبولي قال إن تحديات خارجية وداخلية تستدعي تواصلاً مستمراً

اجتماع رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي مع مسؤولي «الحوار الوطني» (مجلس الوزراء)
اجتماع رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي مع مسؤولي «الحوار الوطني» (مجلس الوزراء)
TT
20

مصر توسّع مناقشات «الحوار الوطني» وتدرج أزمة «تهجير الفلسطينيين»

اجتماع رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي مع مسؤولي «الحوار الوطني» (مجلس الوزراء)
اجتماع رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي مع مسؤولي «الحوار الوطني» (مجلس الوزراء)

تعمل الحكومة المصرية، بتوجيهات «رئاسية»، على توسعة مناقشات «الحوار الوطني» مع القوى السياسية، بإدراج قضايا جديدة على طاولة الاجتماعات، من بينها أزمة «تهجير الفلسطينيين»، التي تفجرت عقب مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لمصر والأردن باستقبال غزيين، وهو ما رفضه البلدان.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأحد، خلال اجتماعه مع المنسق العام للحوار الوطني الدكتور ضياء رشوان، ووزير الشؤون النيابية والقانونية، رئيس الأمانة الفنية للحوار، المستشار محمود فوزي، إن «هناك ملفات سياسية وتحديات داخلية وخارجية تستدعي تواصلاً مستمراً مع مجلس أمناء الحوار الوطني، والتشاور كي يتسنى الاستماع لمختلف الآراء والمقترحات».

وأشار مدبولي إلى أن «هناك توجيهاً من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتوسيع دائرة الحوار الوطني، وأن تشمل العديد من القضايا والملفات السياسية»، فضلاً عن «تحديات اقتصادية خارجية وداخلية؛ وقضايا اجتماعية مختلفة».

وقبل نحو عامين دعا السيسي لـ«حوار وطني» يضم جميع الفصائل السياسية، باستثناء تنظيم «الإخوان»، الذي تصنفه السلطات المصرية «إرهابياً».

وفرضت قضية «التهجير» نفسها بقوة على اجتماع مدبولي مع قيادات «الحوار الوطني»، وقال رشوان إن «مجلس أمناء الحوار الوطني خصص الجلستين الأخيرتين لمناقشة ملفات الأمن القومي؛ تواكباً مع التطورات الأخيرة، وتم طرح عدد من الإجراءات والخطوات بشأن أهم القضايا والتحديات السياسية الآنية، خاصة ما يتعلق بملف غزة، ورفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم».

وأثارت دعوة ترمب غضباً واسعاً في مصر، أدى إلى ما وصفه مراقبون بـ«حالة اصطفاف وطني»، حيث شمل الرفض كل الأطياف السياسية المصرية، كما نظمت أحزاب مصرية مظاهرات أمام الجانب المصري لمعبر رفح (الجمعة) الماضي، للتأكيد على رفض مصر مقترح «تهجير الفلسطينيين».

ويرى عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» الدكتور عمرو هاشم ربيع أن الاتجاه إلى توسيع نقاشات الحوار الوطني سببه الرئيسي «تدعيم الجبهة الداخلية في مواجهة الدعوة الأميركية لتهجير الفلسطينيين».

واعتبر ربيع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» توسيع النقاشات «محاولة للحشد الداخلي، وتعزيز حالة الاصطفاف الوطني التي شهدتها مصر خلال الأيام الماضية رداً على دعاوى التهجير»، وهو ما يره «آلية سياسية لمواجهة أي ضغوط أميركية محتملة على مصر».

بدوره، قال مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر الدكتور أيمن عبد الوهاب، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحوار الوطن هو آلية مصرية ممتدة لتعزيز فكرة التماسك بشكل عام، كما يعد جزءاً من السياسات الإصلاحية التي تتبناها الحكومة، ومناقشة قضية التهجير تعبير عن الاتجاه الحكومي الرامي إلى الاستماع لكل وجهات النظر المختلفة».

وخلال الاجتماع، أكد وزير الشؤون النيابية والقانونية «أهمية زيادة الوعي في هذه الفترة التي تتسم بسرعة الأحداث، خاصة السياسية، التي ترتبط بالأمن القومي المصري، مع ضرورة وضع سيناريوهات للتحرك في مختلف الأحداث، التي تتعامل مع الأخطار المختلفة».

بينما تطرق رشوان إلى الشأن الداخلي مؤكداً أن «هذا العام سيشهد استحقاقات سياسية مهمة (في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية)، ومن ثم فهناك عدد من التوصيات التي رفعها الحوار الوطني للحكومة، وهناك مطالب بسرعة حسمها، تتعلق ببعض التعديلات المهمة في قانون مباشرة الحقوق السياسية».

ورد مدبولي على التساؤلات بشأن التوصيات السابقة للحوار الوطني بتأكيده أن «الحكومة تعمل بالفعل على هذه الملفات، وسيتم التوجيه بسرعة البت فيها، وأنه سيتم قريباً عقد اجتماع موسع مع أعضاء مجلس أمناء الحوار الوطني لمناقشة مختلف القضايا والملفات».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي نازحون فلسطينيون يتدافعون للحصول على وجبة إفطار رمضاني من مطبخ خيري يوم الاثنين (إ.ب.أ)

إفطار نباتي ولا سحور... الجوع يهدد غزة مجدداً

يعاني قطاع غزة شحاً في المواد الأساسية وتفاقماً لسوء الوضع الإنساني بعد مرور 10 أيام على تشديد الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي لقطة عامة للثروة الحيوانية البدوية الفلسطينية بعد أيام قليلة من اتهام المستوطنين الإسرائيليين بسرقة الماشية من قرية عين العوجا في الضفة الغربية (رويترز)

في الضفة... تجمّع بدوي يتهم مستوطنين إسرائيليين بسرقة مئات الأغنام

كشف سكان أن مستوطنين إسرائيليين مسلحين سرقوا مئات الأغنام من تجمع بدوي في غور الأردن، في واحدة من أكبر الهجمات التي تحدث عنها البدو في المنطقة أخيراً.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي مسلحون من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في مخيم النصيرات وسط غزة 22 فبراير الماضي (إ.ب.أ)

«حماس»: لم نلتزم مع أي طرف بنزع سلاحنا

قالت مصادر مطلعة من حركة «حماس»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحركة لم تلتزم لأي طرف بأنها ستقبل بنزع سلاحها، وتعدّ الأمر شأناً فلسطينياً»، مضيفة أنه «يمكن قبوله.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص مقاتلون من «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في خان يونس فبراير الماضي (إ.ب.أ) play-circle 03:03

خاص مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: لم نلتزم مع أي طرف بنزع سلاحنا

وصفت مصادر مطلعة من حركة «حماس»، محادثات أجرتها مع ممثلين للإدارة الأميركية مؤخراً، بأنها «إيجابية»، لكنها ما زالت في حاجة إلى مزيد من الوقت حتى تنجح.

«الشرق الأوسط» (غزة)

وفيات الكوليرا في اليمن ترتفع 37 %

نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)
نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)
TT
20

وفيات الكوليرا في اليمن ترتفع 37 %

نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)
نقص التمويل في اليمن أغرق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية (إعلام محلي)

زادت الوفيات بالكوليرا في اليمن بنسبة 37 في المائة، في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات حكومية وأخرى أممية ارتفاع عدد الإصابات بمرض حمى الضنك إلى أكثر من 1400 حالة خلال أول شهرَيْن من العام الحالي، إذ احتلّت محافظة حضرموت الصدارة في عدد الإصابات المسجلة.

ووفق بيانات منظمة الصحة العالمية، تمّ رصد 1456 حالة اشتباه بحمى الضنك في المحافظات الجنوبية الشرقية من اليمن منذ بداية هذا العام، ولهذا دشنت حملة جديدة لمكافحة الحمى في 8 محافظات بدعم من إدارة الحماية المدنية وعمليات المساعدات الإنسانية التابعة للاتحاد الأوروبي، وبهدف القضاء على مواقع تكاثر البعوض الناقل للمرض.

وتظهر بيانات المنظمة أن المحافظات الجنوبية الشرقية من اليمن سجلت العام الماضي 9901 حالة إصابة بحمى الضنك، من بينها 9 وفيات، في حين أكدت دائرة الترصد الوبائي في مكتب الصحة في منطقة ساحل حضرموت تسجيل 331 حالة اشتباه بالإصابة بحمى الضنك والكوليرا والحصبة، منذ بداية هذا العام وحتى 4 مارس (آذار) الحالي.

وحسب بيان دائرة الترصد الوبائي، فإن أغلب حالات الإصابة كانت بحمى الضنك بعدد 167 حالة، وتصدّرت مدينة المكلا عاصمة المحافظة القائمة في عدد الإصابات المسجلة بـ68 حالة، تلتها مديرية بروم ميفع بـ40، وغيل باوزير بـ19، ثم حجر بـ15، وأرياف المكلا 14، وتوزّعت بقية الحالات على مديريات الديس وغيل بن يمين، والشحر.

التصدي للكوليرا في اليمن يتطلّب تدخلات عاجلة وشاملة (الأمم المتحدة)
التصدي للكوليرا في اليمن يتطلّب تدخلات عاجلة وشاملة (الأمم المتحدة)

وأظهرت البيانات الحكومية ارتفاع حالات الاشتباه بالكوليرا إلى 81 حالة، سجلت أغلبها في مديرية حجر بعدد 36 حالة، ثم مديرية بروم ميفع 32، ومدينة المكلا 4 حالات، ومثلها في غيل باوزير، في حين بلغت حالات الاشتباه بالحصبة 83 حالة، أغلبها في عاصمة المحافظة 23 حالة، ثم مديرية غيل باوزير بـ21، ثم مديرية الديس بـ17، والشحر 11 حالة، وتوزّعت بقية الحالات على بقية مديريات ساحل حضرموت.

تعافي الحالات

مع ذلك، أكدت دائرة الترصد الوبائي أن نحو 99 في المائة من حالات الإصابة المسجلة بهذه الأمراض تماثلت للتعافي، بعدد 329، في حين تبيّن أن 57 في المائة من حالات الحصبة كانت لمصابين غير مطعّمين ولم يتلقوا أي جرعة من اللقاحات.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد ذكرت أن اليمن يتحمّل العبء الأكبر من حالات الإصابة بالكوليرا على الصعيد العالمي، مشيرة إلى أن البلاد عانت من سريان الكوليرا بصفة مستمرة لسنوات عديدة، وسجلت بين عامي 2017 و2020 أكبر فاشية للكوليرا في التاريخ الحديث.

57 % من حالات الإصابة بالحصبة في اليمن كانت لأطفال غير مطعّمين (الأمم المتحدة)
57 % من حالات الإصابة بالحصبة في اليمن كانت لأطفال غير مطعّمين (الأمم المتحدة)

وبيّنت أنه حتى 1 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغ اليمن عن 249 ألف حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا، وحدوث 861 وفاة مرتبطة بهذا المرض منذ بداية العام الماضي. وذكرت أن هذا العدد يشكّل 35 في المائة من العبء العالمي للكوليرا، و18 في المائة من الوفيات المبلغ عنها عالمياً.

وقالت المنظمة الأممية إن عدد الحالات والوفيات المبلغ عنها ارتفع قبل نهاية العام الماضي بنسبة 37 في المائة و27 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه، وأعادت أسباب ارتفاع أرقام الإصابات والوفيات إلى إضافة بيانات أكثر تفصيلاً من جميع المحافظات اليمنية.

نقص التمويل

أكد ممثل منظمة الصحة العالمية ورئيس بعثتها لدى اليمن، أرتورو بيسيغان، أن فاشيات الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا والإسهال المائي الحاد، تفرض عبئاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من فاشيات أمراض متعددة.

وقال إن على المنظمة والجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني أن تبذل جهوداً مضنية لتلبية الاحتياجات المتزايدة في ظل النقص الحاد في التمويل. ونبه إلى أن «عدم الحصول على مياه الشرب المأمونة، وسوء ممارسات النظافة العامة في المجتمعات المحلية، ومحدودية فرص الحصول على العلاج في الوقت المناسب؛ تزيد من عرقلة الجهود الرامية إلى الوقاية من المرض ومكافحته».

صغار السن أكثر عرضة للإصابة بالإسهالات الحادة والكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)
صغار السن أكثر عرضة للإصابة بالإسهالات الحادة والكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)

وذكر المسؤول الأممي أن التصدي للكوليرا في اليمن يتطلّب تدخلات عاجلة وشاملة تشمل التنسيق، والترصد، والقدرات المختبرية، والتدبير العلاجي للحالات، ومبادرات المشاركة المجتمعية، والمياه والصرف الصحي والنظافة العامة، والتطعيمات الفموية ضد الكوليرا، مشيراً إلى أن الاستجابة للكوليرا في اليمن تواجه فجوة تمويلية قدرها 20 مليون دولار.

تدريب وتطعيم

وفق بيانات المنظمة الأممية، أُغلق 47 مركزاً لعلاج الإسهال و234 مركزاً للتغذية الفموية، بسبب نقص التمويل خلال العام الماضي، وقد دعّمت المنظمة أكثر من 25 ألف بعثة لفرق الاستجابة السريعة لاستقصاء الإنذارات وبدء تدابير المكافحة على المستوى المحلي، ووفّرت الكواشف واللوازم المختبرية لدعم جهود تأكيد حالات العدوى في 12 مختبراً مركزياً للصحة العامة.

وقالت المنظمة إنها اشترت الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية وإمدادات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة والوقاية من العدوى ومكافحتها ووزّعتها على المرافق الصحية، ومنها مراكز علاج الإسهال الثمانية عشر المدعومة من المنظمة.

وإلى جانب ذلك، درّبت منظمة الصحة العالمية أكثر من 800 عامل، ودعّمت وزارة الصحة العامة والسكان بحملة تطعيم فموي ضد الكوليرا لتوفير الحماية لنحو 3.2 مليون شخص في 34 مديرية في ست محافظات يمنية.