هل تعزز تهنئة السيسي للشرع مسار التقارب بين مصر وسوريا؟

في ظل تساؤلات حول «مستقبل العلاقات بين البلدين في الفترة المقبلة»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع سابق مع وزير الخارجية بدر عبد العاطي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع سابق مع وزير الخارجية بدر عبد العاطي (الرئاسة المصرية)
TT
20

هل تعزز تهنئة السيسي للشرع مسار التقارب بين مصر وسوريا؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع سابق مع وزير الخارجية بدر عبد العاطي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع سابق مع وزير الخارجية بدر عبد العاطي (الرئاسة المصرية)

جاءت تهنئة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لأحمد الشرع، بمناسبة توليه منصب رئيس الجمهورية العربية السورية خلال المرحلة الانتقالية، بعد فترة من «مواقف متحفظة للقاهرة على الانخراط في العلاقات مع دمشق»، وهو ما يطرح تساؤلات حول «مستقبل العلاقات بين البلدين في الفترة المقبلة».

غير أن هذه الخطوة المصرية «ستعزز فرص تقارب البلدين»، وفق تقديرات رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير محمد العرابي، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي في حديثين منفصلين لـ«الشرق الأوسط»، ولم يستبعدا حدوث انطلاقة في العلاقات، وربما زيارة مسؤولين لدمشق حال استمرت الأخيرة في بناء مؤسسات الدولة، وأجابت عن شواغل القاهرة.

وبعد يومين من إعلان الإدارة السورية الجديدة تسمية الشرع رئيساً انتقالياً، وتفويضه بتشكيل مجلس تشريعي للمرحلة الانتقالية، قال الرئيس المصري، مساء الجمعة، عبر منشور بمنصة «إكس»: «أتوجه بالتهنئة للسيد أحمد الشرع لتوليه منصب رئاسة الجمهورية العربية السورية خلال المرحلة الانتقالية، وتمنياتي له بالنجاح في تحقيق تطلعات الشعب السوري، نحو مزيد من التقدم والازدهار».

وجاءت تهنئة الرئاسة المصرية، التي نقلتها «وكالة الأنباء السورية» الرسمية، بعد مواقف متحفظة للقاهرة تجاه إدارة دمشق الجديدة، منذ الإطاحة ببشار الأسد قبل شهر، وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، خلال تصريحات متلفزة، رداً على سؤال حول زيارة دمشق: «نأمل في أن تكون سوريا مستقرة، وكل شيء يتم دراسته، وقد أجريت اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية (سلطة الأمر الواقع) في سوريا، أسعد الشيباني، وعلى استعداد للانخراط (في مشاورات)، ولدينا بعض الأمور والشواغل التي تحتاج لمعالجة ومناقشة».

وكان توصيف عبد العاطي للشيباني يختلف مع ما نشرته وزارة الخارجية المصرية في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بأنه «وزير الخارجية المعين بالحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا»، وذلك عقب اتصال هاتفي تضمن إعلان القاهرة محددات للعلاقات، أبرزها «أهمية أن تتبنى العملية السياسية مقاربة شاملة، وأن تبني (دمشق) مؤسساتها، وأن تكون سوريا مصدر استقرار بالمنطقة».

وتزامن التوصيف المصري المغاير وقتها مع ظهور دعوات من سوريا، يتزعمها شخص يدعي أحمد المنصور، تعده مصر «إرهابياً»، بعد أن حرض ضد القاهرة، قبل أن تعلن تقارير إعلامية توقيف دمشق للمنصور، ما عدّه مراقبون آنذاك مغازلة للقاهرة وطمأنتها.

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ويعتقد العرابي أن تلك التهنئة «تعزز التقارب مع الجانب السوري، خاصة بعد فترة من تأكيد مسؤولين عرب للقاهرة حرص دمشق على تقاربها مع مصر، وفتح صفحة جديدة»، وقال بهذا الخصوص: «سوريا تسير الآن في بناء الدولة، وهذا كان الهم الأساسي لمصر الذي تحرص عليه، وخطوة التهنئة ضمن خطوات مدروسة لفتح صفحة جديدة مع دمشق، ستكون مفيدة للدولة السورية، واحتضان العالم العربي لها».

ويرى حجازي أن تلك الخطوة المصرية ستعزز تقارب البلدين أيضاً، لافتاً إلى أن مصر لم تبتعد عن المشهد السوري، وأنها تعد دمشق في قلب وعقل الدبلوماسية المصرية، وقدمت لها الدعم والمساعدة الإنسانية، ودعت لإقامة دولة المؤسسات، وترجمت القرارات الانتقالية السورية تلك الرغبة المصرية، التي تعد تحولاً مهماً، وخطوة مشجعة لمضي دمشق في إقامة دولة المؤسسات.

ولاقت تهنئة الرئيس المصري اهتماماً إعلامياً، إذ قال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه عبر شاشة «إم بي سي مصر»، مساء الجمعة، إنه شعر بالارتياح بالتهنئة، وعبر عن أمله في أن يجري مسؤول مصري رفيع المستوى زيارة دمشق في الفترة المقبلة، لتبدأ الأمور في التحسن وتكون العلاقات طبيعية.

غير أن الخطوة المصرية الإيجابية لا يمكن أن تكون حاسمة في التنبؤ بما ستكون عليه علاقات البلدين، وفق العرابي، الذي أكد أن لديه «تفاؤلاً حذراً بشأن المستقبل، لأن المنطقة متغيرة بشكل سريع»، فيما لم يستبعد أن تكون التهنئة «بداية لتحرك مصري قد يشمل زيارة مسؤول مصري لدمشق».

أما حجازي فيتوقع أن تكون العلاقات المصرية - السورية مهيأة لانطلاقة طيبة حال استمرت سوريا في مسار تأسيس دولة المؤسسات، وأجابت عن شواغل القاهرة في ملفات عديدة.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي: قلقون إزاء الاشتباكات العنيفة وحالات القتل في منطقة الساحل السوري

المشرق العربي صورة ملتقطة في 7 مارس 2025 في اللاذقية بسوريا تظهر توجه قوات الجيش السوري إلى قرى ريف اللاذقية والساحل السوري بالأسلحة الثقيلة لمحاربة المقاتلين المرتبطين بالرئيس المخلوع بشار الأسد (د.ب.أ)

المبعوث الأممي: قلقون إزاء الاشتباكات العنيفة وحالات القتل في منطقة الساحل السوري

أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، الجمعة، عن بالغ قلقه إزاء التقارير الواردة بشأن الاشتباكات العنيفة وحالات القتل في منطقة الساحل السوري.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي قوات الأمن السورية تنتشر في اللاذقية (أ.ب)

تركيا تحذّر من تحول «استفزازات» اللاذقية تهديداً لأمن سوريا والمنطقة

أكدت تركيا ضرورة عدم السماح للتوترات في اللاذقية ومناطق بالساحل السوري بتهديد سلام سوريا والمنطقة ودفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى شرق حلب.

سعيد عبد الرازق
المشرق العربي سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» (إكس) play-circle

سهيل الحسن يشعل الساحل السوري... ما نعرفه عن «النمر» مبتكر البراميل المتفجرة

يعرف الضابط السابق سهيل الحسن الذي يُلقب بـ«النمر» أنه الضابط المقرب من بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
تحليل إخباري عاصمة القرم سيفاستوبول مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود (إ.ب.أ)

تحليل إخباري صدمات جيوسياسيّة تغيّر الجغرافيا السياسيّة

من يسأل فلاديمير بوتين قبل الذهاب إلى الحرب؟ أجاب لافروف: يسأل القيصر إيفان الرهيب، والقيصر بطرس الأكبر، والقيصرة كاترين الكبرى.

المحلل العسكري

تعويل مصري على إشارات مبعوث ترمب «الإيجابية» بشأن «إعمار غزة»

دخان تصاعد في وقت سابق على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان تصاعد في وقت سابق على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

تعويل مصري على إشارات مبعوث ترمب «الإيجابية» بشأن «إعمار غزة»

دخان تصاعد في وقت سابق على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان تصاعد في وقت سابق على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

بين الإشادة والانتقاد... أرسلت واشنطن إشارات متضاربة بشأن «الخطة العربية» لإعادة إعمار غزة، عدّها خبراء مصريون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، انعكاساً لتضارب «متوقَّع» في المواقف، مُولين أهمية أكبر للتصريحات الصادرة من مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مؤكدين «إمكانية البناء عليها لإقناع الإدارة الأميركية بـ(الخطة العربية)».

التضارب الأميركي بدا واضحاً عقب تصريحات المتحدثة باسم «الخارجية الأميركية» تامي بروس، للصحافيين، الخميس، التي قالت فيها إن الاتفاق المقترَح «لا يلبي الشروط ولا طبيعة ما يطالب به ترمب»، مضيفة أنها «ليست على قدر التوقعات». وجاء حديث بروس، عقب إشادة ويتكوف بجهود مصر «دون أن يؤيد تفاصيل الخطة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس.

وقال ويتكوف، للصحافيين في البيت الأبيض: «نحتاج إلى مزيد من النقاش بشأنها؛ لكنها تشكل خطوة حسن نية أولى من جانب المصريين». وأضاف أن «الرئيس الأميركي نجح حالياً في تشجيع أشخاص آخرين في الشرق الأوسط (...) على تقديم مقترحات نشطة يمكننا أن ننظر فيها».

كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد اقترح «تهجير الفلسطينيين» من قطاع غزة، وأن تتولى بلاده السيطرة على القطاع، وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط»، وقُوبل المقترح بانتقادات دولية وعربية واسعة.

وفي مواجهة المقترح الأميركي، أعدّت مصر، بالتعاون مع فلسطين ومؤسسات دولية، خطة للتعافي المبكر، وإعادة إعمار قطاع غزة، من خلال إنشاء صندوق ائتماني، اعتمدتها «قمة فلسطين» العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء الماضي، «خطة عربية جامعة».

مواطن فلسطيني متأثراً عقب مقتل أحد أقاربه في غزة (أ.ف.ب)
مواطن فلسطيني متأثراً عقب مقتل أحد أقاربه في غزة (أ.ف.ب)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أولى أهمية كبرى لتصريحات ويتكوف، وقال: «ما قاله ويتكوف يُعد خطوة يمكن البناء عليها لبدء محادثات مع الإدارة الأميركية بشأن الخطة».

وأوضح أن «ويتكوف مقرَّب من الرئيس الأميركي، وفي موضوع غزة الكلمة الأولى ستكون لترمب»، مشيراً إلى أن «موقف (الخارجية الأميركية) يمكن تعديله بالحوار والمفاوضات»، واصفاً التضارب بأنه «توزيع أدوار بين الإدارات الأميركية المختلفة».

واتفق معه عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، وقال إن «تصريح ويتكوف هو الأهم والأقرب للدقة بشأن موقف أميركا»، مشيراً إلى أن «الخطة المصرية أُعِدّت استناداً لدراسات مؤسسات دولية، وتتضمن مشروعاً بديلاً وواقعياً لمقترح ترمب».

وأضاف أن «النقطة التي لم تتطرق لها الخطة وكانت الولايات المتحدة، وحتى أوروبا، ترغب في طرحها، هي ما يتعلق بمستقبل حركة (حماس) في قطاع غزة». وأوضح أن «هذه نقطة يمكن التباحث بشأنها مع الأطراف المعنية، والوصول لحل يُرضي جميع الأطراف»، مؤكداً أن «الخطة المصرية (العربية) مرنة وقابلة للتطوير».

وبشأن التضارب الأميركي بين البيت الأبيض و«الخارجية الأميركية»، قال سعيد: «المهم هنا هو تصريحات ويتكوف؛ فهو الأقرب لترمب، أما (الخارجية الأميركية) فمعرفتها بالواقع مبنية على السمع»، على حد قوله.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)
إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

يُذكر أن ويتكوف أكد، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، مساء الخميس، اطلاعه على «الخطة العربية»، وقال إنها «تتضمن عناصر جاذبة وتعكس نيات طيبة»، مُبدياً ترحيبه بـ«التعرف على مزيد من التفاصيل بشأن الخطة، خلال الفترة المقبلة»، وفق إفادة لـ«الخارجية المصرية».

في حين عَدّ عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحنفي، تضارب التصريحات الأميركية «أمراً متوقعاً»، وربطه بـ«مدى إحاطة الأطراف المختلفة بتفاصيل (الخطة العربية) لإعادة الإعمار».

وقال الحفني إنه «يجب ألا نبني مواقف على هذا التضارب؛ بل نترك الأحداث تتفاعل في الداخل الأميركي، مع التركيز على اتخاذ خطوات عملية نحو استكمال اتفاق وقف إطلاق النار، تُمهد الطريق لإعادة الإعمار».

وأضاف أن «مصر لديها من الحكمة ما يمكّنها من التعامل مع مختلف الأطراف»، مشيراً إلى أن «هذا كان واضحاً في الخطة التي قدّمتها استناداً لتقارير مؤسسات دولية، والتي أكدت أنها مرنة وقابلة للتطوير».

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أوضح، في كلمته، خلال «القمة العربية» في القاهرة، الثلاثاء الماضي، أن «بلاده عملت، بالتعاون مع دولة فلسطين والمؤسسات الدولية، على بلورة خطة شاملة متكاملة لإعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير للفلسطينيين، تبدأ بعمليات الإغاثة العاجلة والتعافي المبكر، وصولاً لعملية إعادة بناء القطاع».