عودة ترمب تخيّم على أعمال «دافوس»

«رسومه الجمركية» تربك الأوروبيين... ومؤسس المنتدى يدعو إلى «التفاؤل البنَّاء»

TT

عودة ترمب تخيّم على أعمال «دافوس»

جانب من مشاركة ترمب في منتدى دافوس يناير 2020 (رويترز)
جانب من مشاركة ترمب في منتدى دافوس يناير 2020 (رويترز)

قبل ساعات من انطلاق حفل افتتاح الدورة الـ55 للمنتدى الاقتصادي العالمي مساء الاثنين في دافوس، سيتسمّر مئات المشاركين وراء شاشاتهم لمتابعة مراسم تنصيب الرئيس دونالد ترمب. ولن تكون درجات الحرارة تحت الصفر العامل المشترك الوحيد بين واشنطن ودافوس، إذ إن عودة ترمب إلى البيت الأبيض تحمل معها تغييراً جذرياً في أولويات عالم المال والأعلام بلغت أصداؤه لقاء النخبة في أعالي جبال الألب السويسرية.

تنطلق فعاليات منتدى دافوس مساء الاثنين (إ.ب.أ)

ويجمع المنتدى هذا العام قرابة 3 آلاف مشارك، من القادة ورجال الأعمال وصانعي السياسات وممثلي المجتمعات المدنية، تحت شعار «التعاون من أجل العصر الذكي». ومثل كل عام، يندرج برنامج المنتدى تحت مظلّة «روح دافوس» التي أرادها مؤسس المنتدى كلاوس شواب في سبعينات القرن الماضي رأسمالية مبنية على «الانفتاح والتعاون». إلّا أن ولاية ترمب الثانية تلقي بظلال ثقيلة على هذا النوع من الرأسمالية، لا سيّما وسط مخاوف تفاقم السياسات الانعزالية، وتعزيز الحواجز التجارية بين الحلفاء والخصوم على حد سواء.

عهد ترمب

من المتوقع أن تنضمّ نخبة من المشاركين الأميركيين إلى أعمال «دافوس» بشيء من التأخير هذا العام، إذ اختار بعضهم التوقف في العاصمة الأميركية لـ«مبايعة» العهد الأميركي الجديد عبر المشاركة في مراسم التنصيب، أو تنظيم فعاليات موازية في اليوم نفسه. ومن المتوقّع أن ينضم كبار قادة شركات التقنية إلى منصة التنصيب، بعد مساهمتهم بملايين الدولارات في الحملة الرئاسية الجمهورية، والمراسم المرافقة لحفل التنصيب.

يعود ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير في تزامن مع بدء منتدى دافوس السنوي الـ55 (رويترز)

واتّسعت دائرة الأعمال التي تدعم الرئيس الأميركي الـ47 بشكل ملحوظ، مقارنة بولايته الأولى، وتغيّرت معها القيم التي يحرص رأس المال الأميركي على استعرضها بعيداً عن المثلث الذهبي لـ«المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة»، نحو قيّم تُفضل التركيز حصراً على الربحية والإبداع والنمو والقيم الاجتماعية المحافظة.

كما أن برنامج ترمب الاقتصادي، وتلويحه المتجدّد بفرض رسوم جمركية، يدعم سياسة «انعزالية» تتناقض في جوهرها مع قيم التجارة الحرة والتعاون الدولي والاستدامة، التي يستميت المنتدى في الدفاع عنها سنوياً.

ووسط هذه التحديات، تترقّب نخبة «دافوس» خطاب ترمب، الذي سيلقيه عبر تقنية الفيديو الخميس، وما سيحمله من مؤشرات على مستقبل التعاون الدولي، وعوائق التجارة الحرة، وتحديات عصر الذكاء الاصطناعي.

ترحيب رؤوس الأموال... والعملات الرقمية

في مقابل مخاوف بعض النخب الاقتصادية، يرحّب جزء كبير من المشاركين في المنتدى هذه السنة بعودة ترمب، ومعها وعود التخفيضات الضريبية وتخفيف القيود التنظيمية على المصارف.

وصول المشاركين في المنتدى إلى دافوس 19 يناير (إ.ب.أ)

ووسط انتقادات سنوية يواجهها رواد «دافوس» على خلفية اتساع الفجوة بين فقراء العالم وأثريائه، يعود عشرات المستثمرين إلى القرية السويسرية البيضاء هذا الأسبوع بثروات أكبر من العام الماضي، إذ ارتفع مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» بنسبة 23 في المائة العام الماضي، مدعوماً بأسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. كما استقبلت أسواق الأسهم فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية بتحقيق أرقام قياسية، متفائلة بأجندته الاقتصادية، ومقللّة من مخاوف الرسوم الجمركية على أداء الأسواق الأميركية.

وبدا هذا الحماس مضاعفاً في أسواق العملات الرقمية، التي حقّقت بدورها أرقاماً غير مسبوقة مع تجاوز قيمة «بتكوين» 100 ألف دولار في ديسمبر (كانون الأول). ويأتي هذا الأداء التاريخي مدفوعاً بالتزام ترمب بتحويل الولايات المتحدة إلى «عاصمة العملات الرقمية». حتى أن الرئيس الـ47 أطلق عملته الرقمية قبل 48 ساعة من تنصيبه.

ولا شكّ أن مستقبل هذا القطاع المالي الناشئ سيكون محور اهتمام مئات رواد المنتدى، الذين سيشاركون في جلسات يحتضنها كبار اللاعبين في صناعة العملات الرقمية، وفي مقدّمتها «كوين بيز» ومنصّة «سيركل».

تأقلم النخب

ليست هذه المرّة الأولى التي يجد فيها «دافوس»، ونخبته الأوروبية على وجه خاص، نفسه أمام «تحدي ترمب». ففي عام 2017، وبينما كان العالم يتابع تنصيب ترمب لولايته الأولى، قدّم الرئيس الصيني شي جينبينغ مقاربة بديلة للسياسات الحمائية و«شبح الحروب التجارية»، ودافع عن عولمة «أكثر توازناً» تواكب النظام العالمي الجديد.

متظاهرون يطالبون بفرض ضرائب على الأغنياء في دافوس 19 يناير (أ.ف.ب)

لكن قيادة «دافوس» بدت، هذه المرة، مدركة للتغيرات التي ترافق ولاية ترمب الثانية، ومستعدّة للتأقلم معها، مع الحفاظ على موقف ثابت من أهمية التعاون الدولي لـ«حماية المصالح المشتركة». فنظّم المنتدى أعماله لهذه الدورة وفق خمسة محاور تركّز على «إعادة تصوّر النمو» لبناء اقتصادات أقوى وأكثر مرونة، وتكييف الصناعات مع متطلبات «عصر الذكاء الاصطناعي»، وتطوير «رأس المال البشري»، و«حماية الكوكب» عبر توسيع التقنيات البيئية الرائدة، و«إعادة بناء الثقة» على المستوى الدولي وداخل المجتمعات.

وفيما سيكتفي ترمب بمداخلة عبر الفيديو، يتوقع أن يتّجه بعض المسؤولين في إدارته، والمقرّبين منه، إلى دافوس الأربعاء للمشاركة في أعمال المنتدى. بينما عبّر مسؤولون عن تنظيم المنتدى عن أملهم في أن يكون صاحب منصّة «إكس» إيلون ماسك بين المشاركين، رغم انتقاداته العلنية السابقة للمنتدى «الممل».

ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

كما يخصّص «دافوس» هذا العام جلسة حوارية خاصّة مع خافيير ميلي، الرئيس الأرجنتيني المقرّب من سيد البيت الأبيض الجديد. ويخرج ميلي عن نمط القادة الذين يحتفي بهم المنتدى عادة، فهو يُمثّل جيلاً جديداً من «الشعبوية» الاقتصادية والسياسية، وينفّذ سلسلة سياسات مالية غير تقليدية أثارت دهشة، وأحياناً سخرية، بعض القادة حول العالم. ولا شكّ أن جلسة ميلي ستحظى باهتمام واسع بين الحضور، ولا سيّما أنه سيتّجه لدافوس بعد حضور فعاليات تنصيب ترمب، أسوة بالرؤساء التنفيذيين لشركات مثل «أوبر» و«بلاكستون» و«غولدمان».

تفاؤل بنَّاء

في الوقت الذي يبحث فيه منتدى «دافوس» سبل التأقلم مع واقع دولي جديد يتحدّى مسلّمات ما بعد الحرب العالمية الثانية، من المتوقع أن يبحث أصحاب الأعمال، الأوروبية خاصةّ، تداعيات الرسوم الجمركية التي قد تتكبّدها خلال ولاية ترمب الثانية.

ويقرّ مؤسس المنتدى، كلاوس شواب، بطبيعة التحديات التي تواجه المنتدى وهدفه المعلن. وفي مقتطفات من خطاب الافتتاح، الذي سيلقيه صباح الثلاثاء وحصلت عليها «الشرق الأوسط»، من المتوقع أن يُذكّر شواب بضرورة إيجاد «توازن جديد بين المصالح الوطنية والعالمية».

كلاوس شواب يخاطب موظفي المنتدى قبل مؤتمر صحافي في كولوني 14 يناير (إ.ب.أ)

ويقول شواب: «في حين نأتي جميعاً إلى (دافوس) بأهدافنا الخاصة، فإن التأثير الحقيقي لهذا الاجتماع ينبع من اتحادنا حول المهمة المشتركة المتمثلة في الالتزام بتحسين حالة العالم». ويتابع: «قادت هذه المهمة المنتدى منذ تأسيسه قبل 54 عاماً، وتبقى هدفنا النهائي، خاصة في عالم يبحث عن توازن جديد بين المصالح الوطنية والعالمية».

ويأمل شواب، الذي انتقل هذا الشهر إلى دور استشاري في المنتدى، في أن يعتمد المشاركون في «دافوس 2025» مبدأ التفاؤل البنَّاء. ويرى أنه «على مرّ التاريخ، كانت البشرية مدفوعة بالطموح إلى خلق مستقبل أفضل لأنفسنا وللأجيال القادمة. وإذا تعثرت هذه الرواية، فإننا نخاطر بالانحدار إلى سلوكيات أنانية وقصيرة النظر، تُقوّض التقدم الجماعي وتؤدي إلى تحولات مجتمعية سياسية عميقة».

جانب من مظاهرات ضد المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 19 يناير (أ.ب)

ويعتبر شواب أن الحلّ الوحيد لمكافحة «تآكل الأمل والثقة في مستقبلنا»، يتمثّل في «تشكيل المستقبل بشكل استباقي بطرق استراتيجية ومبتكرة وبناءة، على الرغم من الضغوط الشديدة القصيرة الأجل التي نشعر بها».

وعلى غرار غالبية القادة الذين سيعتلون منصّة «دافوس» هذه السنة، وبينهم المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، سيعيد شواب التأكيد على المكاسب التي حققتها العولمة والتجارة الحرة. ويرى هذا المهندس الميكانيكي الذي وضع أساس «دافوس» في 1971، أنه «على الرغم من التغيرات الهائلة والأزمات الخطيرة والنكسات الحتمية، تظل الحقيقة أن أغلبية كبيرة من سكان العالم يعيشون اليوم في ظروف أفضل مما كانت عليه في عام 1971، على الرغم من تضاعف عدد السكان».


مقالات ذات صلة

100 يوم على رئاسة أحمد الشرع... سوريا في ميزان الربح والخسارة

خاص سوريون يتابعون كلمة أحمد الشرع في مقهى الروضة الدمشقي (الشرق الأوسط) play-circle

100 يوم على رئاسة أحمد الشرع... سوريا في ميزان الربح والخسارة

أثار سقوط نظام الأسد آمالاً كبيرة بمستقبل أفضل لسوريا. فما التقييم السياسي للسلطة الحاكمة الجديدة برئاسة أحمد الشرع وحلفائه بعد 100 يوم في الحكم؟

جوزيف ضاهر
الاقتصاد وفد السعودية رفيع المستوى في ختام «منتدى دافوس» مع المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى كلاوس شواب (واس)

السعودية تدعو من دافوس إلى إعادة صياغة نهج الاقتصاد العالمي

دعت السعودية إلى «إعادة صياغة نهج الاقتصاد العالمي»، الذي يمر باضطرابات شديدة وتوترات تجارية؛ ما يؤثر على معدلات النمو العالمية ومن ثم مستوى معيشة الفرد.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
الاقتصاد جلسة «آفاق الاقتصاد العالمي» في اليوم الأخير من اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي (إ.ب.أ)

السعودية تعلن استضافة اجتماع دوري للمنتدى الاقتصادي العالمي

أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن المملكة، بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، سوف تعقد اجتماعاً دولياً رفيع المستوى للمنتدى.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
خاص وزير السياحة السعودي متحدثاً في جلسة حول «مستقبل السفر» في دافوس 22 يناير (المنتدى الاقتصادي العالمي)

خاص وزير السياحة السعودي: الفعاليات الرياضية استقطبت 2.5 مليون سائح

قال وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب إن قطاع السياحة أصبح يساهم بنحو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

نجلاء حبريري (دافوس)
المشرق العربي رأى رئيس العراق الحديث عن تأثير إيران على الفصائل المسلحة «مبالغة كبيرة» (الشرق الأوسط)

الرئيس العراقي لـ«الشرق الأوسط»: الحديث عن التأثير الإيراني مبالغ فيه

رأى الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، أن الحديث عن التأثير الإيراني في بلاده يحمل «مبالغة كبيرة»، مؤكّداً أن «جميع الفصائل المسلحة تقع تحت سيطرة الحكومة».

نجلاء حبريري (دافوس)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.