اختيار الناقد لأفضل أفلام العام

أفلام عربية وأجنبية في الميزان

«إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)
«إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)
TT

اختيار الناقد لأفضل أفلام العام

«إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)
«إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)

أعلنت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية قبل يومين قائمتها القصيرة لترشيحات «أوسكار» أفضل فيلم روائي ناقلةً البهجة والأمل لبعض المخرجين والخيبة لبعضهم الآخر.

من المتفائلين خيراً، المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي الذي كان تقدّم بفيلمٍ من إنتاجه بعنوان «من المسافة صفر»، وهو مشروع توثيقي سينمائي يضم 22 فيلماً قصيراً من إخراج عددٍ كبير من المواهب الفلسطينية الجديدة، جمعها مشهراوي في فيلم طويل واحد يدور حول معاناة أهل غزّة خلال الأشهر الأولى من الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع.

بعض الأفلام الأخرى في قائمة يوم الأربعاء الماضي، كانت متوقعة مثل: «أنا ما زلت هنا» (البرازيل)، و«الفتاة ذات الإبرة» (الدنمارك)، و«إيميليا بيريز» (فرنسا)، و«بذرة التين المقدّسة» (ألمانيا للمخرج الإيراني اللاجئ محمد رسولاف)، و«سانتوش» (بريطانيا).

«نوكس يغادر» (بروكستريت بيكتشرز)

من التقليدي أيضاً اختلاف قائمة «الأوسكار» ليس فقط عمّا يفضّله الجمهور عادة، (قائمة «توب تِن» للعام الحالي يتقدمها فيلم «Inside Out 2» الذي جمع ملياراً و689 مليوناً و641 ألف دولارٍ)، بل عن اختيار غالبية النقاد أيضاً. اختلافٌ يكبر ويصغر حسب اختيارات الفريقين (الأكاديمية والنقاد) للأفلام.

من الطبيعي أيضاً اختلاف قوائم النقاد فيما بينهم، ولو أن غالبية الأفلام المُنتقاة غرباً تتشابه في إجماعٍ لا يستثني الجانب الترفيهي. فمنذ سنوات بات معتاداً قراءة آيات الإعجاب بأفلام تَسُرّ الجمهور، على الرغم من تواضعها الفني. أما بالنسبة للنقاد العرب فيتوقف ذلك على قُدرة كلٍّ منهم على حضور ما يكفي من المهرجانات ليتمتع بالكم الكافي لتكوين قائمته.

قائمة هذا الناقد لأفضل الأفلام العربية وأفضل تلك الأجنبية التالية هي من بين 247 فيلماً روائياً وتسجيلياً/ وثائقياً طويلاً شاهدها ما بين مطلع السنة وحتى كتابة هذا الموضوع قبل أسبوعين من نهاية العام. وهي مبنيّةٌ على تقييمٍ فني في الدرجة الأولى وقبل أي عنصر آخر، منها الموضوع أو مصدر الإنتاج.

العنوان (أبجدياً) متبوعاً باسم المخرج والبلد، ومن ثَمّ نبذةٌ مختصرة عن سبب اختياره.

«صف ثانِ» (نَن فيلمز)

* أفضل الأفلام الناطقة بالعربية •

1- «إلى أرض مجهولة» | مهدي فليفل (بريطانيا، اليونان، السعودية)

مُهاجران عربيان في اليونان يعيشان وضعاً صعباً وحُلماً بهجرة أخرى لن يتحقق.

2- «أما بعد» | مها الحاج (فلسطين)

حياة زوجين فلسطينيين وديعة وجميلة إلى أن تكشف المخرجة عن مفاجأة أحاطتها بعناية.

3- «المرجة الزرقاء» | داوود ولاد سيّد (المغرب)

ينطلق من فكرة رائعة ويزداد إجادة عن صبي يعشق التّصوير، وهو أعمى في رحلة صوب مرجة يصوّرها ولا يراها.

4- «ثالث» | كريم قاسم (لبنان)

في قرية لبنانية نائية شخصيات تعيش حاضراً مشتّتاً يُهيمن عليه واقعُ العوز والعزلة.

5- «ثقوب» | عبد الله الضبعان (السعودية)

دراما عائلية تُتابع خلافاً بين شقيقين وتتميّز بمعالجةٍ فنية مختلفة تعبّر عن موهبة تَنشُد التميّز.

6- «سلمى» | جود سعيد (سوريا)

أفضل أفلام المخرج في السنوات الأخيرة. جميلٌ وواقعيٌ في تناوله حياةً قروية ناقدة للوضع المجتمعي.

7- «في حدا عايش؟»| عمر العماوي (فلسطين)

فيلم قصير مبهر عن أبٍ تحت الرّكام يُنادي ابنه المدفون بدوره. الجو مطبق والفيلم له دلالاته.

8- «مندوف» | كريم قاسم (لبنان)

فيلم آخر للمخرج نفسه يقصّ فيه حكاية أخرى عن شخصيات معزولة يُعايش متاعبها بدقّة وإيقاعِ حياةٍ واقعي.

«إنسايد آوت 2» (ديزني)

* أفضل 10 أفلام أجنبية •

1- All We Imagine as Light | باڤال كاباديا (بريطانيا)

مومباي كما لم نرَها من قبل على هذا النحو الشعري المتوّج بموضوعٍ مجتمعي لافتٍ تدفعه للصدارة عناية المخرجة بتقديم شخصياتها النسائية في بيئة من الأزمات والمصاعب.

2- The Brutalist | برادي كوربت (الولايات المتحدة/ بريطانيا)

قصّة نصف حقيقية لمهاجر يهودي حطّ في أميركا خلال الأربعينات، مسلحاً بأحلامِ تصميمٍ معماريٍ غير معهود رغم تباين الثقافات.

‫3- Conclave | إدوارد برغر (الولايات المتحدة)‬

دراما كاشفة لمجتمع الڤاتيكان إثر وفاةٍ غير متوقعة للبابا. تمثيل راف فاينس، وإخراج برغر، يضمنان نوعيةَ تشويق مختلفة.

4- Dune: Part Two | دنيس ڤيلنوڤ (الولايات المتحدة)

لدى هذا المخرج عينٌ على الجماليات البصرية حتى في المشاهد الموحشة. يكاد الفيلم أن يوازي سلسلة «Lord of the Rings»

5- The Great Yawn of History عليار راستي (إيران)

فيلمُ طريقٍ عن كنز مدفون يقوم به اثنان مُتناقضا الرؤية في كل شيء. في طيّات ذلك نقدٌ منفّذٌ بإجادة لوضع مجتمعي صعب.

6- Juror 2| كلينت إيستوود (الولايات المتحدة)

دراما محاكم من أستاذ السينما إيستوود (94 عاماً). عضو في هيئة محلّفين ارتكب الجريمة التي يُحاكم بريءٌ فيها. لغزي ومشوّق.

7- Limonov: The Ballad of Eddie| كيريل سيريبرينيكوف (إيطاليا، فرنسا، أسبانيا)

سيرة حياة الشاعر الروسي ليمونوف الذي عانى في بلاده، وأكثر في أميركا التي هاجر إليها بحثاً عن المجد.

8- Megalopolis | فرانسيس فورد كوبولا (الولايات المتحدة)

نافذة واسعة على ملحمة مستقبلية ممزوجة بأحلامٍ صعبة التحقيق تتمتع برؤية وفن كوبولا الذي لا يشيخ.

9- Second Line | حميد بن عمرة (الولايات المتحدة/ فرنسا/ سوريا)

فيلمٌ آخر ممتاز من المخرج بن عمرة الذي يمزج بمهارته المعهودة الفن والشعر والسياسة وجماليات الحياة بأسلوبه الفريد.

10- Story of Souleymane | بوريس لويكينو (فرنسا)

أحد أفضل الأفلام التي تحدّثت عن الهجرة. سليمان أفريقي يحاول الحصول على إقامة شرعية وسط بيئة صعبة.

«ليمونوف، أنشودة إدي» (وايلد سايد)

* أفلام الجوائز •

من معايير المهرجانات الثلاثة الأولى، التنافس على عرض أفلامٍ قد تتوجّه بعد ذلك لحفل «الأوسكار». السبب في ذلك هو أن الفيلم الذي سيصل الترشيحات الرسمية سيكون إعلاناً للمهرجان الذي عُرض الفيلم فيه عرضاً عالمياً أولاً، ما يدفع صانعي الأفلام لاختياره على أساس أنه السبيل الأفضل للوصول إلى «الأوسكار» و«الغولدن غلوبز» و«البافتا» بعد ذلك.

جوائز المهرجانات الرئيسة الثلاثة، وهي حسب تواريخها، «برلين» (فبراير/ شباط)، و«كان» (مايو/ أيار)، و«ڤينيسيا» (سبتمبر/ أيلول) توزّعت هذا العام على النحو التالي:

- «برلين»: «Dahomey» وهو فيلم تسجيليٌّ فرنسي للمخرجة السنغالية أصلاً ماتي ديوب.

- «كان»: «Anora» كوميديا عاطفية عن شاب روسي ينوي الزواج من أميركية لمصلحته. الفيلم إنتاج بريطاني/ أميركي.

- «ڤينيسيا»: «The Room Next Door» للإسباني بيدرو ألمودوڤار. دراما عن امرأتين إحداهما مصابة بالسرطان والثانية صديقة كاتبة ترضى بأن تكون إلى جانبها في أيامها الأخيرة.

في غير مكان (ولا يمكن تعداد نتائج أكثر من 3 آلاف مهرجانٍ يستحق التّسمية) منحت المهرجانات العربية الرئيسة جوائزها على النحو التالي:

- «مهرجان البحر الأحمر»: «الذراري الحمر» للطفي عاشور (تونس)، نال ذهبية الفيلم الروائي، في حين نال «فقس» لرضا كاظمي وبانتا مصلح ذهبية الفيلم التسجيلي.

- «مهرجان الجونة»: «Ghost Trail» لجوناثان ميليه، نال ذهبية الفيلم الروائي، وذهبت الجائزة الأولى في نطاق الفيلم التسجيلي إلى «نحن في الداخل» فيلم لبناني/ قطري/ دنماركي من إخراج فرح قاسم.

- «مهرجان القاهرة»: حصد الفيلم المصري «أبو زعبل» لبسام مرتضى ونال الفيلم الروماني «The Year Never Came» لبوغدان موريشانو جائزة موازية في مسابقة الفيلم الروائي.

- «مهرجان مراكش»: نال الفيلم الفلسطيني/ الإسرائيلي «Happy Holidays» لإسكندر قبطي الجائزة الأولى في دورة المهرجان الـ21.

«المحلّف 2» (وورنر)

* الأفضل حسب النوع •

كعادتها، شهدت الإنتاجات السينمائية مئات الأفلام، عددٌ منها توزّع بين أنواع مختلفة. التالي جردة حول بعض الأفضل تبعاً لأنواعها الحكائية أو الإنتاجية.

تاريخي:

Bonzo | مارغريتا كوردوسو (البرتغال):

طبيبٌ في جزيرة أفريقية يبحث في معاناة العبيد التي تدفعهم للانتحار. إضافة إلى ذلك، هناك بحثه عن هويّته الخاصة.

تسجيلي:

Riefenstahl | أندرس ڤييَل (ألمانيا)

عن المخرجة الألمانية ليني ريفنستال التي حقّقت أهم فيلمين تسجيليين عن النشاطات النازية في الثلاثينات.

بوليسي:

Knos Goes Away | مايكل كيتون (الولايات المتحدة)

قاتلٌ محترف يبدأ بفقدان ذاكرته لكن عليه إنقاذ مستقبل صبي كان من المفترض قتله قبل فوات الأوان

دراما عاطفية:

Rude to Love | يوكيهيرو موريغاكي (اليابان)

مواقف آسرة عن حياة امرأة تحاول عبثاً الحفاظ على عائلتها عندما يقرّر زوجها طلاقها.

دراما مجتمعية:

I‪’‬m Still Here| وولتر سايلس (البرازيل)

وضع زوجة اعتقل الأمن البرازيلي في السبعينات زوجها وقتله. يتناول الفيلم مراحلَ ما قبل الاعتقال وخلاله وبعده.

حربي:

Civil War | أليكس غارلاند

خلال حرب أهلية أميركية يحاول فريق إعلامي مقابلة الرئيس الأميركي قبل اجتياح القصر الرئاسي.

رسوم:

Flow | غينتس زيلبالوديس (لاتفيا. بلجيكا)

قطٌ هاربٌ يلجأ إلى قارب محمّلٍ بحيوانات أخرى خلال فيضان جامح. جيدٌ في تحريكه وألوانه، وسَلسٌ في إيقاعه، وحيواناته ليست من صنع «ديزني».

رعب: A Quiet Place‪:‬ Day One | مايكل سارنوسكي (الولايات المتحدة)

يتبع سلسلة «مكان هادئ» مع اختلاف أن إطار الخطر يتّسع ليشمل المدينة. بطلة الفيلم وقطّتها اثنان من الباحثين عن طَوقِ نجاة صعب.

سيرة حياة

Maria | بابلو لاراين (إيطاليا)

حياة المغنية ماريا كالاس كما يراها المخرج التشيلي بفنِّها ومتاعبها في الأيام العشرة الأخيرة من حياتها.

ميوزيكال:

Joker‪:‬ Folie à Deux| تود فيليبس (الولايات المتحدة)

مفاجأة الجزء الثاني هو أنه موسيقي. مشاهدٌ بديعة لجوكر ولليدي غاغا يغنيان في السجن وخارجه.

وسترن:

Horizon‪:‬ An American Saga‪-‬ Chapter Two

بصرف النظر عن إخفاق الفيلم تجارياً، الجزء الثاني أفضل من الأول في سبرِ غور الحياة في الغرب الأميركي البعيد.

«كل ما نتخيله ضوءاً» (لوكسبوكس)

* أنجح أفلام 2024 •

الجمهور السائد، وليس جمهور المهرجانات ولجان تحكيمها أو حتى النقاد، هو الذي يوجّه السينما ويدفع بالإنتاجات العالمية لاتّباع منهج التفكير الاقتصادي الصرف.

حالتان تقعان تبعاً لذلك، الأولى أن المنهج المادي يعني الإكثار من إنتاج الأفلام نفسها بعناوين مختلفة أو عبر أجزاء من سلسلة. يكفي نجاح فيلم واحد إلى حدٍ كبير، أو أعلى من المتوسط حتى يُنسخ أو يُطلِق سلسلةً متواصلة حتى الرّمق الأخير منها.

الحالة الثانية هي حالة الحصار الإنتاجي والتوزيعي التي يفرضها هذا الوضع على السينما المستقلة أو سينما المؤلف. التّوجه الطبيعي لهذه الأفلام هي المهرجانات السينمائية، بيد أن جمهور هذه المهرجانات محدودٌ ولا يصل إلى جيوب المنتجين، كما أن نجاح الفيلم إعلامياً في مهرجان ما، قد يُفيد انتقاله إلى المواقع بكثرة، وإلى مهرجانات أخرى وربما حتى إلى جوائز، لكنه لا يضمن له النجاح التجاري.

رغم هذا كانت هناك نجاحات تجارية في الدول الأوروبية ولو محدودة في نهاية الأمر.

الأفلام العشرة الأولى لعام 2024 حسب نجاحاتها الدولية (أي في شتّى الأسواق العالمية التي وصلتها) تؤكد ما سبق. كلّها معتدلة القيمة فنياً، باستثناء «Dune 2» الذي احتل المركز الخامس بإيراد دولي وصل إلى 714 مليوناً و444 ألفاً و358 دولاراً.

أما الفيلم الأول على القائمة فهو رسوم من ديزني عنوانه «Inside Out 2» جلب إيراداً عملاقاً جعله أكبر نجاحٍ للشركة في مجال أفلام الأنيميشن. الرقم النهائي لإيراداته هو مليار و698 مليوناً و641 ألفاً و117 دولاراً.

الفيلم الثاني هو أيضاً من إنتاج «ديزني» لكنه حيّ (ليس رسوماً)، «deadpool and wolverine» في حقيقته من أسوأ ما ظهر في 2024 من أفلام. وقد جلب ملياراً و338 مليوناً و073 ألفاً و645 دولاراً.

في المركز الثالث، فيلم رسومٍ آخرَ هو الجزء الرابع من «Despcable Me»، وهو من إنتاج يونيڤيرسال. لم يبلغ المليار لكنه اقترب منه: 969،459،798 دولاراً.

يتبعه في المركز الرابع «Moana 2» وهو بدوره رسوماً لديزني، أنجز نحو 700 مليونَ دولارٍ إلى الآن ولا يزال معروضاً بنجاح ما قد يرفعه إلى مركز أعلى.


مقالات ذات صلة

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

يوميات الشرق «الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر الحالي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

تؤكد المخرجة المصرية سارة جوهر أن قوة فيلمها تكمن في قدرته على التأثير في المشاهد، وهو ما التقطته «فارايتي» بضمّها لها إلى قائمتها المرموقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

رغم التحديات الأمنية واللوجيستية وعزلة القرية في غامبيا، فإن المخرج البلجيكي يشعر بالرضا عن التجربة التي خلّدت اسم «باتيه سابالي».

أحمد عدلي (الدوحة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

«ما بقي منك» لشيرين دعيبس (ملف مهرجان البحر الأحمر)
«ما بقي منك» لشيرين دعيبس (ملف مهرجان البحر الأحمر)
TT

«البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

«ما بقي منك» لشيرين دعيبس (ملف مهرجان البحر الأحمر)
«ما بقي منك» لشيرين دعيبس (ملف مهرجان البحر الأحمر)

افتتح مهرجان «البحر الأحمر» دورته الخامسة، يوم الخميس، بفيلم بريطاني الإنتاج عنوانه «عملاق» (Giant)، ويستمر حتى 13 من الشهر الحالي، كاشفاً عن 139 فيلماً تتوزّع على 13 قسماً، من بينها مسابقات لأفلام طويلة وأخرى قصيرة تهدف إلى نيل جوائز المهرجان الرسمية حال إعلان النتائج في الليلة الأخيرة من الدورة.

«عملاق» اختيار صائب على مستويين: الأول أنّه العرض الثاني فقط عالمياً، إذ سبق لمهرجان «لندن السينمائي» أن كشف عن الفيلم في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. والثاني أنّه فيلم يعجب المشاهدين العرب كونه يتحدّث عن ملاكم من أصول يمنية نشأ في بريطانيا، وما مرّ به من معاناة منذ صباه ليصبح بطلاً عالمياً في الملاكمة معروفاً باسم «ذَ برنس». كون الحكاية حقيقية وليست مؤلَّفة، والشخصية مسلمة وممثلها (أمير المصري) كذلك، وكون الفيلم يتحدّث إيجابياً عن عربي شقّ طريقه من القاع إلى القمّة، كفيل بأن يحقّق بين الحاضرين اهتماماً كبيراً، إن لم يكن إعجاباً أيضاً.

أمير المصري في «عملاق» (ملف مهرجان البحر الأحمر)

قسم سعودي خاص

لكن باقي الأفلام المنتخبة لا تقلّ إثارة للاهتمام، وهي موزّعة على الأقسام الثلاثة عشر على النحو التالي: 18 فيلماً في المسابقة الدولية، 12 فيلماً في قسم «اختيارات عالمية»، 5 أفلام في قسم «روائع عربية»، و46 فيلماً قصيراً من بينها 22 فيلماً سعودياً و24 في مسابقة عالمية.

هناك 10 أفلام في قسم «رؤى البحر الأحمر»، و3 في «السينما العائلية» (بينها فيلمان كرتونيان).

الأفلام السعودية الطويلة لها قسم خاص مؤلّف من 5 أفلام جديدة هي: «رأيت رسم الرمال» لعبد الله الحمدي، و«دوائر الحياة» لخالد الدسيماني، و«نور» لعمر المقرّي، و«سبع قمم» لأمير الشنّاوي، وفيلم آخر من إنتاج سعودي ناطق بالإنجليزية هو «المدّ البشري» (Human Tide) لديڤيد وورد.

تحت قسم بعنوان «كنوز البحر الأحمر» تطالعنا 6 أفلام، من بينها «عايدة» لأحمد بدرخان (1946). ثم هناك ما يُعرف بـ«عروض خاصة»، وهو عبارة عن فيلمين يشهدان اهتماماً دولياً حالياً، هما «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية و«صراط» لأوليڤر لاكس.

تحت اسم «روائع عالمية» 6 أفلام، بينها فيلم الافتتاح. ومنها الفيلم الفرنسي «ساحر الكرملِن» أوليڤييه أساياس، والفيلم السعودي الناطق بالإنجليزية «محاربة الصحراء» (Desert Warrior) لروبرت وايات، ومن بطولة أنطوني ماكي وعائشة هارت وغسان مسعود وبن كينغسلي.

افتتح المهرجان دورته الخامسة أمس بالفيلم البريطاني «عملاق»

إطلالات عربية

بعض هذه الأقسام، مثل مسابقتي الأفلام الطويلة والقصيرة وقسم «الأفلام السعودية» و«روائع عربية»، تتميّز بأن ما تعرضه ينتمي فعلاً إلى عنوانه. لكن هناك أقساماً أخرى كان يمكن الإقلال من عددها، لأن الأفلام التي تعرضها تستطيع التمركز في أقسام شبيهة. على سبيل المثال، ما يتكوّن منه قسم «رؤى البحر الأحمر» لا يختلف كثيراً عن «عروض خاصة» أو «روائع عالمية».

هذه الملاحظة وردت هنا قبل عامين، لكنها ما زالت مطروحة، خصوصاً أنّ الناتج بالنسبة للجمهور هو الالتفاف حول عنوان الفيلم وليس حول القسم الذي يُعرض فيه. وكلما توحّدت العناوين تحت أقسام أقلّ، سَهُل اكتشافها واختيارها.

أما من حيث التنوّع في موضوعات الأفلام، فإن ذلك مؤمّن بالاختيارات التي عملت عليها إدارة المهرجان طويلاً.

فيلم شهد أمين «هجرة» (ملف مهرجان البحر الأحمر)

ولأنّ القضية الفلسطينية بقيت على محكّ الاهتمام العربي والعالمي طوال العام الحالي، فمن الطبيعي أن يستقبل المهرجان السعودي الفيلمين اللذين يقدّمان تعريفاً للعالم بأصول هذه القضية، كما يفعل «فلسطين 36» لآن ماري جاسر المعروض في قسم «روائع عربية»، و«صوت هند رجب» لكوثر بن هنية «عروض خاصة».

هناك فيلم ثالث عن الموضوع الفلسطيني هو «اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، الذي يعرض دراما تقع أحداثها في فلسطين ما بين 1948 و2022.

هذا يدلف بنا إلى أفلام عدّة من المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة التي تحفل بأعمال مهمّة.

المخرجة السعودية شهد أمين تودِع المسابقة فيلمها الروائي الطويل الثاني «هجرة»، الذي سبق عرضه في مهرجان «ڤينيسيا».

المخرج العراقي محمد جبارة الداجي يعرض «إكالا حلم كلكامش» في المسابقة الرئيسية، ويشاركه طموح الفوز كلٌّ من اللبنانية سيريل عريس عبر «نجوم الأمل والألم»، والمصري أبو بكر شوقي في «القصص»، و«اللي باقي منك» لشيرين دعيبس (إنتاج مشترك ألماني - قبرصي - فلسطيني)، و«يونان» لأمير فخر الدين، و«غرق» لزين الدريعي (إنتاج سعودي - أردني - قطري - فرنسي مشترك). ومن الصومال فيلم «بارني» الفيلم الروائي الطويل للمخرج محمد شيخ.

أما قسم «روائع عربية»، المشكَّل من 5 أفلام من بينها «فلسطين 36» كما تقدّم، فيعرض 4 أفلام أخرى تستحق الاكتشاف، هي: «المجهولة» لهيفاء المنصور (السعودية)، و«جوازة ولا جنازة» لأميرة دياب (مصر)، و«رهين» لأمين الأخنش، و«مسألة حياة أو موت» لأنس باطهف (والفيلمان سعوديان).


شاشة الناقد: عن الزمن والطبيعة في فيلمين أحدهما أنيميشن

«نيموندايو» (أنايا برودكشنز)
«نيموندايو» (أنايا برودكشنز)
TT

شاشة الناقد: عن الزمن والطبيعة في فيلمين أحدهما أنيميشن

«نيموندايو» (أنايا برودكشنز)
«نيموندايو» (أنايا برودكشنز)

NIMUENDAJÚ ★★★★

* إخراج: تانيا أنايا

* البرازيل | أنيميشن

* عروض 2025: مهرجان أنيسي للرسوم

تُحيك المخرجة البرازيلية تانيا أنايا فيلمها الأنيميشن بعيداً عن معظم التجارب في هذا النوع من الأفلام. هو ليس عن حيوانات ناطقة ولا بطولات بشرية خارقة. ليس عن عالم آخر بعيداً عن الأرض ولا عن مخلوقات تخرج من البحر. ما هو عليه دراما مستوحاة من واقع الاضطهاد الذي عانى منه المواطنون الأصليون للأمازون، وكيف تم إقصاؤهم بعيداً عن مواطنهم، وارتُكبت بحقهم مجازر وحملات تهجير إحدى القبائل الهندية (بباشتسبا) على الأراضي التي عاشوا فوقها منذ تاريخ بعيد.

تقع الأحداث في مطلع الأربعينات (ثم تنتقل عبر أزمنة وتواريخ أخرى)، وبطلها عالم ألماني في التاريخ البشري اسمه كيرت أونكل، زار في مطلع الأربعينات من العقد الماضي بعض مواطني منطقة الأمازون، ووقع في حب الحياة البسيطة وتعلّم اللغة ودافع عن حقوق القبائل أمام السلطات البرازيلية المتعاونة مع أصحاب النفوذ والمشروعات الاستثمارية.

«نيموندايو» هو الاسم الذي أطلقه المواطنون على كيرت الذي يواصل السعي للدفاع عن حقوقهم. خلال العيش في قراهم الطبيعية تعلّم لغتهم ومارس شعائرهم وأصبح واحداً منهم. أبيض البشرة نعم، لكنه كسب احترامهم وتقديرهم لما يقوم به.

كان يمكن للمخرجة سرد حكاية من بطولة أحد أفراد تلك القبائل، لكن ذلك كان سينقل الفيلم إلى وضع آخر. اختيارها تقديم حكاية كيرت أونكل صائب، من حيث إنه الصوت العقلاني في مواجهة أترابه من البيض الذين يرتكبون حرب إبادة. بذلك هو فيلم يحمل قضيته في قلبه ويتحاشى المبالغة فيها من خلال ربطها بوقائع فعلية.

كل ذلك كان يمكن أن يمر بتأثير أقل كثيراً مما جاء عليه الفيلم، لولا أن ما ترسمه المخرجة أنايا مذهل في فنه. صورها دقيقة في تفاصيلها وجميلة في تموضعها الانسيابي المتوافق مع طبيعة المكان. هو فيلم روائي مُمارَس في رسمه وتوليفه كما لو كان فيلماً حيّاً مع ممثلين من البشر. وهي تجيد لا رسم الطبيعة فقط، بل رسم البيئة البشرية لأبناء تلك المناطق وبأسلوب يدفع المُشاهد صوب متابعة بصرية فريدة.

TRAIN DREAMS ★★★ و1/2

* إخراج: كلينت بنتلي

* الولايات المتحدة | دراما

* عروض 2025: موسم الجوائز الحالي

تكشف قراءة رواية دنيس جونسن المنشورة سنة 2011 التي استلهمها المخرج بنتلي لفيلمه هذا عن اختلافات عدّة؛ أولها يكمن في مطلع الكتاب عندما يجرُ عدد من عمال قطع الأخشاب عاملاً صينياً (أدّاه ألفرد سينغ) إلى حافة الجبل ورميه من علٍ حيث لقي حتفه. بطل الرواية غرانيير (جووَل إدغرتون) يشترك في عملية القتل، لكن المخرج يؤثر أن يتابع غرانيير ما يدور من دون الاشتراك فعلياً فيه. لاحقاً، على صفحات الكتاب، يعبّر غرانيير عن شعوره بالذنب، وهذا الشعور هو الذي يبقى في الفيلم رغم أن لا يد لبطله فيما حدث. العامل الصيني يتراءى له، لكن بما أن غرانيير لم يشارك في الجريمة فإن تكرار ظهور ذلك الصيني ونظرته العاتبة، كونه لم يفعل شيئاً للحؤول دون مقتله، يُثير بعض التعجّب عوض الإعجاب.

«أحلام قطار» (بلاك بير بيكتشرز)

الرواية والفيلم يقعان في رحى الأربعينات، ويدوران حول ذلك الرجل الذي وُلد يتيماً في بعض جبال ولاية واشنطن وترعرع منتقلاً من عمل إلى آخر إلى أن بدأ يعمل في قطع الأشجار في جبال الولاية الشمالية الباردة.

تزوّج وأنجب، لكن حريقاً كبيراً التهم الكوخ الذي عاش فيه. حين تفقّد المكان لم يجد أثراً لزوجته أو لابنته، فينعزل منتظراً عودتهما إلى أن يدرك، بعد سنوات، أنه كان حالماً.

هي قصة حزينة صنع منها المخرج فيلماً شجونياً مستفيضاً وهادئاً ومقنعاً. هناك تعليق صوتي من الراوي (كما في الكتاب) يتكفّل بشرح موجز لمراحل زمنية لا يرغب المخرج في تخصيص الوقت لها، وفي هذا الإطار يعمد إلى إيجاز ناجح. الفيلم بأسره متابعة لحياة رجل ما إن وجد السعادة ممثّلة في أسرته الصغيرة حتى فقدها ليعود إلى العزلة الداخلية التي كان يشعر بها. هو شخص محمَّل بما يوخز ذاكرته وضميره. ذاكرة تحتوي موت بعض رفاق العمل الآتين، مثله، من خلفيات مقفرة من البهجة، ويموتون على هذا الوضع.

هناك مجال في الفيلم للحديث عن الزمن والطبيعة وقطع الأشجار التي وُلدت قبل مئات السنين والتغيير البيئي الذي تُحدثه. لكن قطعها هو سبيل رزق وحيد لمجموعة من الرجال عليهم التعايش مع هذا الوضع ضمن ظروفه الصعبة على الجسد والروح.

ما لا يحققه الفيلم هو الغاية من وراء سرد حكايته. فيلم جميل عن رجل وحيد، بمعالجة دافئة وتمثيل ممتاز من بطله. وهو فيلم وجداني، لكن المفاد الذي تضمنته الرواية (وهو مفاد اجتماعي وسياسي وزّعه جونسن على شخصيات مختلفة) غائب في الفيلم رغبة من مخرجه في الالتزام فقط بمأساة بطله في مراحل مختلفة. ينجح في هدفه هذا ويخفق في تعويض ما قرر تغييبه.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


أسرار في علاقة مهرجانات السينما والأوسكار

لقطة من فيلم «فلسطين 36» (آي إم دي بي)
لقطة من فيلم «فلسطين 36» (آي إم دي بي)
TT

أسرار في علاقة مهرجانات السينما والأوسكار

لقطة من فيلم «فلسطين 36» (آي إم دي بي)
لقطة من فيلم «فلسطين 36» (آي إم دي بي)

قبل زمن غير بعيد، لنقل نحو 23 سنة، لم تكن العلاقة بين المهرجانات السينمائية الدولية وحفل الأوسكار بمثل هذه المتانة التي تتجلى اليوم.

كانت جوائز الأوسكار المخصصة للأفلام ومخرجيها تبدو أكثر استقلالاً عما هي عليه الآن. كانت حفلاً أميركياً منفصلاً إلى حد كبير عن جوائز المهرجانات والمناسبات الأخرى.

على سبيل المثال، لم يمر الفيلم الفائز بالأوسكار سنة 1996 «قلب شجاع» (Braveheart) على أي من المهرجانات الأوروبية الثلاث برلين، وكان وڤينيسيا. كذلك حال الأفلام الأربعة التي نافسته وهي «أبوللو 13» و«بايبي» و«ساعي البريد» و«العقل والعاطفة» (Sense and Sensibility). رغم أن بعض هذه الأفلام عرضت في مهرجانات أميركية محدودة الشهرة والإقبال مثل «لوس أنجليس فيلم فستيڤال» و«سياتل فيلم فستيڤال».

في 1998 تم اختيار خمسة أفلام للتنافس على جائزة «أفضل فيلم أجنبي» لم يكن من بينها ما عرضه مهرجان أوروبي كبير بما في ذلك الفيلم الفائز حينها «كاركتر» (Character) الآتي من هولندا. بقية أفلام تلك الدورة في هذا القسم كانت الفيلم الروسي «اللص» والفيلم البرازيلي «أربع أيام من سبتمبر» والإسباني «أسرار القلب» والألماني «ما بعد الصمت». هذه كلها انتقلت من بلدانها على نحو مباشر باستثناء ما عُرض منها في مهرجانات صغيرة.

هذا المنوال استمر حتى منتصف العقد الأول من القرن الحالي. بعض الأفلام المتسابقة في الفئتين، «أفضل فيلم» و«أفضل فيلم أجنبي» (تغيير اسمها إلى أفضل فيلم عالمي) شهدت عروضها الأولى في «ڤينيسيا» أو «كان» لكن على نحو محدود.

لقطة من فيلم «فلسطين 36» (آي إم دي بي)

تغيير اسم مسابقة «أفضل فيلم أجنبي» كشف عن محاولة أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الإعلان بأنها أكثر عالمية مما كانت عليه، وتبع ذلك الإكثار من الأفلام الأجنبية في المسابقة الأساسية لأفضل فيلم.

أربع مزايا

ما نشهده حالياً هو أن النسبة الغالبة من الأفلام التي تدخل سباقات الأوسكار تم عرضها المهرجانات الدولية خصوصاً «كان» الفرنسي و«ڤينيسيا» الإيطالي. المنافسة بين هذين المهرجانين لتبوأ المركز الأول في عدد الأفلام التي أطلقها كل منهما وحطّت في سباق الأوسكار، حاضرة بزخم غريب كما لو أن الأوسكار هو ذراع لهما وأن ما يعرضه أي من هذين المهرجانين (وإلى حد أقل برلين) هو بالضرورة ما يجب على أكاديمية العلوم والفنون السينمائية قبوله.

إليهما (كان وڤينيسيا) ينضم مهرجانا صندانس الأميركي وتورنتو الكندي و-نظرياً- أي مهرجان آخر اختارته الأكاديمية لقبول أفلامه حين إرسالها إليه.

هناك أربعة شروط لانتخاب المهرجان- الشريك:

* أن يكون ذا تاريخ بالغ النجاح حجماً وإقبالاً.

* أن يكون مهرجاناً مُقاماً في عاصمة أو مدينة كبيرة في بلد معروف بوفرة إنتاجه وتعدد ثقافاته.

* أن يتم عرض الفيلم في صالات المهرجان المتاحة للجمهور.

* أن يتمتع المهرجان بالقدرة على جذب محترفي العمل السينمائي من مخرجين ومنتجين ونقاد سينما.

بذلك، لا عجب أن المهرجانات العربية ليست في هذا النطاق. وهي ليست وحدها، فمن بين أكثر من 5 آلاف مهرجان وتظاهرة ثانوية هناك 50 أساسية لبلدانها وأقاليمها ومن بين هذه هناك 10 أكثر أهمية من سواها، ومن هذه لدينا تلك المهرجانات التي باتت تؤلف الشريان الرئيسي لما يختاره الأوسكار لدخول مسابقاته وهي ڤينيسيا وكان وتورنتو وصندانس وبرلين (أحياناً لوكارنو ونيويورك).

مسافة زمنية فقط

في تصريح للمدير الفني لمهرجان مراكش، ريمي بونوم، على أعتاب دورته الجديدة التي انطلقت في الثامن والعشرين من هذا الشهر ذكر أن موعد إقامة المهرجان في نهاية كل عام يجعله على مسافة قريبة من سباق الأوسكار وأن دورة المهرجان الثانية والعشرين الحالية التي تستمر حتى السادس من ديسمبر (كانون الأول)، تحتوي على العديد من الأفلام التي دخلت سباق الأوسكار المقبل في فئة الأفلام العالمية.

«زنقة مالقا» (فيلمز بوتيك)

بالفعل، هناك، مثلاً، «فلسطين 36» لماري آن جاسر و«كعكة الرئيس» لحسن هادي و«زنقة مالقة» (Calle Malaga) لمريم توزاني التي دخلت المرحلة الأولى من الترشيحات. لكن المسافة القريبة بين مهرجان مراكش والأوسكار هي فقط زمنية وهذا حال كل المهرجانات العربية التي تعني باختيار أفلام يتم الإعلان عنها مسبقاً كاحتمالات دخول مسابقة «أفضل فيلم عالمي» وقد لا تدخل. في هذا النطاق فإن مهرجانات السينما كافّة تنتظر إعلان القائمة الكاملة للدول التي أرسلت ترشيحاتها من الأفلام وتم قبولها. عند هذه النقطة يبدأ شغل مهرجانات الأشهر الأخيرة من السنة لعرض ما تم قبوله عند تلك المرحلة الأولى.

من ڤينيسيا إلى الأوسكار: «فرنكنستاين» (نتفلكس)

في أفضل الأحوال فإن عرض أفلام من هذه القائمة الأوّلية أقرب لتحية تلويح باليد من المهرجان العربي، أياً كان، للأوسكار. هذا، بدوره، لن يلحظ هذه التحية ولن ير إلا تلك المهرجانات الغربية الرئيسية المعتمدة لديه.

ما يستفيده المهرجان العربي المنشغل بعروض أفلام عربية أو أجنبية قد تصل إلى الشوط الثاني من السباق الأميركي هو إتاحة الفرصة أمام الجمهور المحلي للتعرّف على هذه الأفلام وتسجيل دعاية إعلامية لا تُغادر المنصّات العربية.

حلقات

المقارنة بين هذا المنوال المتواضع من العلاقة بين المهرجان العربي والأوسكار، وبين ما يحدث في إطار العلاقة بين هذا الأخير والمهرجانات الدولية موضوع لا بد من طرحه.

مهرجانات السينما ذات الحجم والأهمية الدولية تمتلك، تلقائياً، عدة مقوّمات تساعدها على تبوؤ هذه المكانة.

على سبيل المثال، استقبال عشرات المنتجين والموزّعين والفنانين والمخرجين يشكّل عملياً اللقاء الأول بين أصحاب المشروعات ومنفّذيها المحتملين. هذا ينعكس، لدى الأكاديمية، حين تنظر إلى أهمية هذا المهرجان أو ذاك بالنسبة إليها.

هناك أيضاً حقيقة أن المهرجانات الكبيرة تكتسب مكانتها بقدر ما تعرضه من أفلام تنتقل بعد ذلك إلى مهرجانات أخرى وصولاً إلى موسم الجوائز في الأشهر الثلاثة المقبلة مثل جائزة الاتحاد الأوروبي وجائزة بافتا البريطانية وجائزة غولدن غلوبز الأميركية انتهاءً بالأوسكار.

بذلك يجد المخرج وصانعو الفيلم أنفسهم في بؤرة اهتمام ونشاط متواصل وثري. هذا يتم بإسهام من الصحافة العالمية ونقادها الذين يواكبون تلك الأفلام بدءاً من عروضها الأولى.

في حين كانت صناعة مخرج ما تتم بفضل الفيلم الذي حققه أساساً، بات ذلك يتحقق بفضل ذلك الإعلام الواسع الذي يضعه على السدّة ويمنحه ما يبحث عنه من تنافس شركات التمويل والإنتاج على أعماله اللاحقة خصوصاً إذا ما فاز هو أو فيلمه بجائزة أولى من مهرجان أو بجائزة الأوسكار.

شكل الأوسكار المقبل

ما يستفيد منه المهرجان كذلك هو التموضع على رأس تلك المناسبات التي تستطيع دفع الأفلام المشتركة فيها إلى سباق الأوسكار. بالنسبة لصانعي الأفلام المشاركة في المهرجانات الكبرى ذلك يعني وضع الفيلم على سكّة الأوسكار على نحو مضمون النتائج أكثر مما كان الوضع عليه سابقاً. وهو ما يفسّر التنافس القائم بين مهرجاني ڤينيسيا و«كان» على تأكيد أهميتهما كسبيل لإيصال الأفلام إلى السباق الأكبر المتمثل في جوائز الأوسكار.

هذا العام نجد أن المهرجان الإيطالي (الأكثر اهتماماً بفن الفيلم من فن تجارته) يدفع بأفلام عرضها في دورته الأخيرة سبتمبر (أيلول) باتجاه الأوسكار. في المقدّمة «فرانكنستاين» لغييرمو دل تورو و«صوت هند رجب» لكوثر بن هنية و«منزل الديناميت» لكاثلين بيغيلو و«بوغونيا» ليورغوس لانتيموس والفيلم الذي خطف جائزته الذهبية هذا العام وهو «أب أم أخت أخ» لجيم جارموش.

في المقابل، نجد حفنة أخرى من الأفلام دفعها المهرجان الفرنسي صوب الأوسكار بينها فيلم جعفر بناهي الفائز بالذهبية في «كان» وهو «مجرد حادث» لجانب «قيمة عاطفية» ليواكيم تراير و«تاريخ الصوت» لأوليڤييه هرمانوس و«صِراط» لأوليڤر لاكس و«العميل السرّي» لكايبر مندوزا فيلو.

في خضم المصالح المتبادلة بين كل هذه الأطراف، فإن الناتج هو تحويل جزء كبير من أفلام الأوسكار إلى استكمال لعروض المهرجانات التي سبقته.

إنه صراع لا ينتهي وتنافس على الأفضل ومصالح مشتركة تجعل الأوسكار يبدو اليوم عالمياً أكثر مما قد يتمناه البعض منا.