العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

بعد أيام من زيارة ماكرون... «فيلا الحجر» تختتم أول برنامج ثقافي بمشاركة «أوبرا باريس»

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
TT

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)

وسط أجواء من العراقة التي تتمثّل بها جبال العلا ووديانها وصحرائها، شمال السعودية، احتفلت، الجمعة، «فيلا الحجر» و«أوبرا باريس الوطنية» باختتام أول برنامج ثقافي قبل الافتتاح في فيلا الحجر، بعرض قدّمته فرقة باليه الناشئين في أوبرا باريس الوطنية.

«فيلا الحجر» التي جاء إطلاقها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، في 4 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية تقام في السعودية، لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي، وتعد أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين «الهيئة الملكية لمحافظة العُلا»، و«الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا».

وبمشاركة 9 راقصات و9 راقصين تراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً من خلفيات متنوعة، أدّى الراقصون الناشئون، تحت إشراف مصمم الرقصات الفرنسي نويه سولييه، عرضاً في الهواء الطلق، على الكثبان الرملية، ووفقاً للحضور، فقد نشأ حوار بين حركاتهم والطبيعة الفريدة للصخور والصحراء في العلا، لفت انتباه الجماهير.

تعزيز التبادل الثقافي بين الرياض وباريس

وأكد وجدان رضا وأرنو موراند، وهما القائمان على برنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح الموسم 2023 - 2024 لـ«الشرق الأوسط» أنه «سعياً إلى تحقيق الأهداف الأساسية لبرنامج ما قبل الافتتاح لـ(فيلا الحجر)؛ جاء (مسارات) أول عرض إبداعي للرقص المعاصر تقترحه الفيلا». وحول إسهامات هذا العرض، اعتبرا أنه «سيسهم في تحديد ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم العلاقة بأرض العلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية».

من جهتها، شدّدت فريال فوديل الرئيسة التنفيذية لـ«فيلا الحجر»، لـ«الشرق الأوسط» على التزامهم «بتقديم عروض لفنون الأداء وتسليط الضوء على الطاقة الإبداعية للمواهب السعودية والفرنسية والدولية» مشيرةً إلى أن شراكة الفيلا مع أوبرا باريس الوطنية، من شأنها أن «تعزِّز وتشجّع التعاون والحوار الثقافي بين السعودية وفرنسا، وعلى نطاق أوسع بين العالم العربي وأوروبا، إلى جانب تشكيل فرصة فريدة لصنع إنجازات ثقافية تتميز بالخبرة في بيئة فريدة ولجمهور من كل الفئات».

«مسارات»

وبينما أعرب حضور للفعالية من الجانبين السعودي والفرنسي، عن إعجاب رافق العرض، واتّسم باستثنائية تتلاءم مع المكان بعمقه التاريخي وتشكيلاته الجيولوجية، أكّد مسؤولون في «فيلا الحجر» أن عرض «مسارات» جاء تحقيقاً للأهداف الأساسية لبرنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح، حيث يعدّ أول عرض إبداعي للرقص المعاصر على الإطلاق تقترحه المؤسسة المستقبلية، وتوقّعوا أن يُسهم العرض في تحديد ما يمكن أن تسهم به هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم علاقتها بأرض العُلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية.

وانتبه الحضور، إلى أنه احتراماً للمكان الغني بالتنوع البيولوجي وبتاريخه الممتد إلى آلاف السنين (العلا)، جاء العرض متحفّظاً وغير تدخلي، فلم تُستخدم فيه معدات موسيقية ولا أضواء، بل كان مجرد عرض مكتف بجوهره، في حين عدّ القائمون على العرض لـ«الشرق الأوسط» أنه حوارٌ مع البيئة الشاسعة التي تحتضنه وليس منافساً لها.

15 لوحاً زجاجياً يشكّلون عملاً فنياً معاصراً في العلا (الشرق الأوسط)

«النفس – لحظات طواها النسيان»

والخميس، انطلق مشروع «النفس – لحظات طواها النسيان» بعرض حي، ودُعي إليه المشاركون المحليون للتفاعل مع المنشأة من خلال التنفس والصوت؛ مما أدى إلى إنتاج نغمات رنانة ترددت في أرجاء الطبيعة المحيطة، ووفقاً للقائمين على المشروع، فإن ذلك يمزج العمل بين التراث، والروحانية، والتعبير الفني المعاصر، مستكشفاً مواضيع خاصة بمنطقة العلا، مثل العلاقة بين الجسد والطبيعة.

وكُشف النقاب عن موقع خاص بالمنشأة والأداء في العلا، حيث يُعدّ المشروع وفقاً لعدد من الحاضرين، عملاً فنياً معاصراً من إنتاج الفنانة السعودية الأميركية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي.

يُعرض العمل في موقعين مميزين بالعلا، حيث تتكون المنشأة في وادي النعام من 15 لوحاً زجاجياً مذهلاً يخترق رمال الصحراء، بينما تعكس المنحوتات الزجاجية المصنوعة يدوياً جيولوجيا المنطقة في موقع «دار الطنطورة».


مقالات ذات صلة

فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

عالم الاعمال فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

افتتح فندق شيدي الحجر أبوابه في مدينة الحِجر الأثرية في السعودية المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق يمثل العرض الفني فرصة لاستكشاف العلاقة بين الحركة البشرية والطبيعة المحيطة (الشرق الأوسط)

تعزيزاً للتعاون الثقافي السعودي الفرنسي... عرض فني لأوبرا باريس الوطنية في العلا

تستضيف «فيلا الحجر» في العلا، فرقة «باليه الناشئين» لأوبرا باريس الوطنية، لتقديم عرض فني في 13 و14 ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي خلال جولته في منطقة «الحِجر» التاريخية في العُلا (واس)

الرئيس الفرنسي يزور معالم العُلا الأثرية ومكوناتها التاريخية

زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محافظة العلا شهدت إطلاق مشروع «فيلا الحِجر»، أول مؤسسة ثقافية فرنسية - سعودية على أرض المملكة.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف في مركز إكثار النمر العربي التابع للعلا (واس)

ولادة 3 توائم من هراميس نادرة للنمر العربي في «مركز العلا»

وُلِدت مجموعةٌ نادرة من التوائم الثلاثية للنمر العربي المهدد بالانقراض، في ظل التحديات المتعلقة بالحفاظ على هذه الأنواع وإعادة تأهيلها في البرية.

«الشرق الأوسط» (العلا)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)

«أبي سرجة»... فيلم وثائقي يُبرز رحلة العائلة المقدسة في مصر

إحدى الأيقونات في فيلم «كنيسة أبي سرجة» (يوتيوب)
إحدى الأيقونات في فيلم «كنيسة أبي سرجة» (يوتيوب)
TT

«أبي سرجة»... فيلم وثائقي يُبرز رحلة العائلة المقدسة في مصر

إحدى الأيقونات في فيلم «كنيسة أبي سرجة» (يوتيوب)
إحدى الأيقونات في فيلم «كنيسة أبي سرجة» (يوتيوب)

فوق المغارة التي لجأت إليها العائلة المقدسة خلال رحلتها في مصر، وتحديداً بالمنطقة المعروفة حالياً بمصر القديمة «مجمع الأديان»، بُنيت كنيسة القديسين سرجيوس وباخوس المعروفة بكنيسة «أبي سرجة» التي يبرزها فيلم وثائقي يحمل اسمها أنتجته مكتبة الإسكندرية.

الفيلم الذي يحمل عنوان «كنيسة أبي سرجة» يرصد إحدى المحطات المهمة التي استقرت فيها العائلة المقدسة في حصن بابليون، بعد لجوئها إلى مصر هروباً من بطش الحاكم الروماني في فلسطين.

ويأتي الفيلم ضمن سلسلة أفلام وثائقية بعنوان «عارف»، وتصل مدته إلى نحو 3 دقائق، ليقدم شرحاً مفصلاً لكل جوانب الكنيسة المعمارية وما تتضمّنه من فنون قبطية مميزة وأيقونات تدل على تاريخها الطويل وقيمتها التاريخية والروحية.

ويوضح مدير مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري في مكتبة الإسكندرية، المشرف على مشروع الأفلام الوثائقية، الدكتور أيمن سليمان، أن «كنيسة القديسين سرجيوس وباخوس، المعروفة بـ(أبي سرجة)، من أقدم الكنائس في مصر، وتشتهر بارتباطها العميق بتاريخ المسيحية في المنطقة».

الفيلم تضمن شرحاً مفصلاً للكنيسة بما تتضمنه من روائع الفن القبطي (لقطة من الفيلم على يوتيوب)

مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»: «سُمّيت الكنيسة على اسم الشهيدين سرجيوس وباخوس، وهما ضابطان رومانيان اعتنقا المسيحية في القرن الثالث واستشهدا دفاعاً عن إيمانهما، وبُنيت الكنيسة في القرن السابع الميلادي في عهد الخليفة الأموي عبد العزيز بن مروان، فوق المغارة التي مكثت فيها العائلة المقدسة تباركاً بالموقع؛ حيث كانت المغارة ملاذاً للسيدة العذراء مريم والسيد المسيح عليهما السلام ويوسف النجار، خلال رحلتهما إلى مصر».

وأكد سليمان أن الكنيسة «تتميز بعمارتها الفريدة وبنائها بالطوب الأحمر المحروق، على الطراز البازيليكي، وهو عبارة عن صالة عرضية تفتح على قاعة الكنيسة المقسمة بصفين من الأعمدة إلى 3 ممرات: الممر الأوسط وهو صحن الكنيسة، وممران جانبيان يُطلق عليهما الأجنحة، وفي النهاية هيكل الكنيسة ويحجبه عن قاعتها الحجاب الخشبي أو حامل الأيقونات أسفل هيكل الكنيسة، التي يقع في شرقها المكان الذي تبارك بالعائلة المقدسة، وبئر المياه التي استخدمتها السيدة العذراء طوال إقامتها، كما تحتضن الكنيسة كثيراً من الكنوز الأثرية، بالإضافة إلى مجموعة قيمة من الأيقونات والمخطوطات والمنسوجات».

لوحة أيقونية للقديسين (لقطة من الفيلم على يوتيوب)

وأعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية عن خطة لإحياء مسار العائلة المقدسة، خصوصاً بعد إدراج الرحلة على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو» في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2022. ويتضمّن المسار 25 نقطة على مسافة 3500 كيلومتر أقرّتها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وتمرّ في 40 مدينة مصرية من سيناء إلى جنوب مصر.

ويأتي الفيلم التسجيلي «كنيسة أبي سرجة» بعد أفلام عدّة قدّمها مشروع «عارف» الذي يطمح لتقديم 100 فيلم وثائقي تتنوع بين التراث الحضاري والطبيعي من بينها «الكنيسة المعلقة»، و«الملك الذهبي توت عنخ آمون»، و«مصر القديمة»، و«المحميات الطبيعية»، و«المطبخ القديم»، و«حديقة الأورمان».